بقلم : بهاء الدين يوسف
يقول المثل الشعبي الشهير (سكتنا له دخل بحماره)، وهو ما ينطبق على الأزمة التي أثارتها شركة (ديزني لاند) عملاق الترفيه في العالم وإحدى أكبر شركات الإنتاج السينمائي في هوليوود، بسبب مشهد غير مقبول في أحدث أفلامها (لايت يير)، وهو فيلم (انيمشن) يدور حول شخصية (باز) الذي نال شهرة واسعة حينما ظهر كشخصية رئيسية في فيلم (حكاية لعبة)، وحينها أدى الدور صوتيا الممثل الشهير (توم هانكس).
المشهد المثير للجدل في الفيلم الجديد والذي بسببه منع عرض الفيلم في مصر وعدة دول عربية يصور قبلة بين سيدتين ليعيد من جديد قضية المثلية الجنسية في الدراما الغربية، حيث يبدو أن تلك القضية ستكون المبدأ الذي تتبناه معظم شركات الإنتاج السينمائي في الغرب دون سبب مفهوم، حيث أن فكرة المثلية منبوذة ليس فقط في العالم الإسلامي ولكن في معظم المجتمعات الملتزمة، لأنها أولا منهي عنها في كل الأديان، لكنها وهذا هو الأهم من وجهة نظر مجتمعية تسبب خللا في تركيبة المجتمعات البشرية التي تقوم وتنمو بفضل العلاقات الطبيعية بين الرجال والنساء، والتي بدورها تؤدي الى التناسل وتعمير الأرض، وربما كان هذا سبب منع الفيلم في مجتمعات لا تؤمن بالأديان السماوية مثل الصين.
المثير للانتباه والاستياء في الأمر أن شركة (ديزني) متخصصة في إنتاج أفلام الكارتون، ومعنى ذلك أن هناك مخطط لغزو عالم الأطفال بالأفكار الشاذة عن العلاقات غير الطبيعية وتربية أجيال جديدة على التعامل مع المثلية الجنسية باعتبارها أمرا طبيعيا، وربما يتطور المخطط في المستقبل القريب لتصوير العلاقات الطبيعية على أنها هى المنحرفة وأن أصل الإنسانية هو الشذوذ، خصوصا في ظل ما يتردد نقلا عن (كيري بورك) رئيسة المحتوى الترفيهي لوالت ديزني أنها ترغب في وجود قصص كاملة تدور حول المثليين جنسيا من خلال المحتوى الذي تقدمه ديزني.
ما يؤكد مخاوفي تلك المعركة الشرسة التي تدور رحاها في ولاية فلوريدا الأمريكية بين الحاكم (رون ديسانتيس) وشركة ديزني، بعدما أقدم الحاكم على سن قانون يمنع تدريس مواد حول الهوية الجنسية والمثلية للتلاميذ في رياض الأطفال حتى الصف الثالث الابتدائي، وردت الشركة عملاق الترفيه في العالم بتعليق التبرعات السياسية في الولاية لمعاقبة الحاكم الجمهوري من أجل أن (يبوس القدم ويبدي الندم على غلطته في حق الغنم).
تزداد المخاوف مع إطلاق الشركة لمنصتها الجديدة (ديزني بلس) على غرار (نت فليكس) وأخواتها، ما يعني أن (شربة المثلية) لن يتجرعها فقط من يخاطر بدخول أفلام ديزني في دور السينما وهو تصرف اختياري، ولكن الشربة سوف تطاردك وتطارد أسرتك وأولادك حتى المنزل.
لكن المشهد ليس كله مظلما، ففي الجانب الإيجابي تبرز المواقف الرافضة في عديد البلدان العربية وغير العربية حول العالم لحماس (ديزني) غير المبرر للقضية، ما يمكن اعتباره مؤشرا على حيوية المقاومة الإنسانية لفكرة المثلية الجنسية، التي لم تعد فقط حقا مشروعا للمثليين مثلما كان يتم الترويج لها في بداية انتشارها قبل عقود، ولكنها تحولت مع الوقت الى معركة لفرض ثقافة الشذوذ الجنسي على المجتمعات باعتباره الأصل بينما العلاقات الطبيعية هى الاستثناء.