عبدالله رشاد بعد حفله الناجح في موسم جدة التاريخية: المسرح لعبتي والجمهور صديقي
كتب : أحمد السماحي
يوم الأحد الماضي كان الجمهور السعودي يحلق في السماء مع صوت وغناء اثنين من أجمل الأصوات السعودية على الإطلاق وأكثرهما ثقافة وعلم وإلماما بأصول الغناء وهما الدكتور عبدالله رشاد، والمطرب طلال سلامه، حيث افتتحت هيئة الترفية موسم جدة التاريخية بحفلة لهما على مسرح البحر.
وسنبدأ اليوم بحفل المطرب (عبدالله رشاد) لأنه يمثل حدث فني حيث يعود للغناء بعد سنوات من الانقطاع، وبعد أن أثرى حياتنا بالعديد من الأغنيات المحفورة في الذاكرة العربية كالوشم بسبب جمال مفرداتها وقوة أفكارها وعذوبة ألحانها نذكر منها (محلاك يا لغالي، كان زمان، تدور الأرض، المعصب الأحمر، عيش يومك، أستاذ عشق) وغيرها من الألبومات التى قربته إلى أذن المستمع العربي في كثير من الدول العربية.
لهذا أعتبر (عبدالله رشاد) صديق لأنه يصدق معك في غنائه، لا يزيف عليك شعورا هو غير حاسس به، إذ هو لا يغني إلا ما يستشعر فيه صدق العواطف ورقي المعاني كلاما ولحنا، وهو صديق لأنه يستشفك، يستخلصك من (الكلاكيع) النفسية القابضة على خناقك، يسحبك من نفسك، وينتشلك من قاع الهموم، ليمددك على رمال الشاطئ تحت ظلال شمسية وارفة حيث يجري لك تمارين التنفس ويجدد لك الهواء فتشعر مع إيقاع صوته كأنك صرت إنسانا جديدا، كتلة من الأحاسيس المرهفة والمشاعر الفياضة الجياشة.
وفيه أيضا مكر الصديق المشاغب البديع في مشاغباته وشقاوته من مكره أنه يعرف بالسليقة أن أسباب الحزن عندنا كعرب كثيرة، لهذا فهو يطبق مقولة الشاعر أبو نواس التى يقول فيها (وداوني بالتي هى الداء) لذا فإن صوت (عبدالله رشاد) في عمق قرارته ولمعات جواباته الخاطفة يحقق نفس المعنى، يداوي الحزن بالحزن ذاته، إن لمسة الحزن في صوته هى المنخل الحرير بالنسبة لأحزان المتلقي، تقوم بتنقية مشاعر الحزن من سموم الكدر، وفي نهاية غنائه ينجح في تحويل الحزن إلى بهجة وتقوم البهجة بغسل النفس وتجديدها.
يوم الأحد دخل صاحب الصوت الدافىء المثقف (عبدالله رشاد) لتبدأ ليلة الأنس والجمال بين يدي (رشاد) الذي يحمل خليط من تاريخه الفني وأغانيه الخالدة وصوته الجذاب المميز، و نثر كل هذا على الجمهور ليعم السحر الموسيقي في أرجاء المسرح، وانتقل من أغنية لأغنية كفراشة على الياسمين الدمشقي يسحب الرحيق منها لينشره على شكل عسل موسيقي طيب المذاق على آذان الجمهور، فقد بدأ ليلته بأغنية (عاش من شافك) بعدها توالت الأغنيات التى انفعل معها الجمهور واهتز لها طربا في ليلة الأنس والجمال من هذه الأغنيات (كان ودي نلتقي، الليل ابو الاسرار، السمر والبيض، ليلة، ياطير ماذا الصياح، أستاذ عشق، لا لا يا الخيزرانه، هلا باللي وصل جدة، لولا المحبة، غيمة جنوبية، ياسارية خبريني، يا أهل الهوى، سليم سليم)، والأغنية الوطنية (نهتف يا محمد).
وبكل دفء نقل عبدالله رشاد جمهوره إلى حالة أخرى من الحنين للذكريات حيث اختتم ليلته بأغنية (لين نتلاقى) ليرد الجمهور على هذا الإبداع بتصفيقٍ طويل حار من القلب من شدة الطرب والاستمتاع بهذا الصوت الرائع، ويترك (عبدالله) المسرح بعد أن أشعله بصوته واختياراته الغنائية.
المطرب الكبير (عبدالله رشاد) خص (شهريار النجوم) بأول تصريحات له بعد الحفل حيث أعرب عن سعادته البالغة بهذا الحفل الذي حقق نجاحا كبيرا، وأرجعه إلى جمهوره الحبيب بعد غياب 8 سنوات عن إحياء الحفلات العامة!.
وعن الرهبة التى شعر بها من المسرح بعد كل هذه السنوات من الابتعاد قال مبتسما: لم أشعر بالرهبة نهائيا فالمسرح لعبتي والجمهور دوما صديقي، وواصل كلامه قائلا : كل الحضور الكريم آتى للحفل وهم في حالة شوق لرؤيتي بعد كل هذه السنوات من الغياب، وقال على حد تعبيره (جايين يشوفوني ومتشوقين لي)، مثل بالضبط ما تكون مشتاق لأصحابك وأصدقائك، أعتقد بأنك تكون فرحان للقياهم.