رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

حسين نوح يكتب : ضحايا ومبدعون (2) .. ميشيل المصري أحد عباقرة الموسيقي

بقلم الفنان التشكيلي الكبير : حسين نوح

والآن وقد تراجعت بعض الصحف الورقية مع أزمة كورونا وأزمة أسعار الورق وأزمة الأعداد الكبيرة من العاملين وزيادة المصاريف وتراجع البيع، واتجه البعض إلى الصحافة الإلكترونية وبدأ يكتب بها بعض الكتاب فقط لتقديم جديد بلا مصالح وبقيت بعض الصحف الكبيرة تحاول ويكتب بها كثير من صحفيي حقائق، ولكن وسط كم كبير من مواقع إلكترونية ويضاف إليها شبكات التواصل ومحطات الأخبار المملوكة للدولة وكثير من محطات القطاع الخاص، وتوارى التليفزيون المصري العملاق إلا من قليل مما يحاولون وأصبحنا تحت رحمة ما يسمح به البعض ومنهم من يهتم بالربح، وهنا ظهرت سيطرة الترند حتى في الإعلام وامتزج عند البعض الإعلام والإعلان والنتيجة لصالح الكم وليس الكيف والضحك والسنج والنقل من السينما الامريكية.

الأكشن الممجوج ومطاردات الشوارع وكأننا نعيش في كاليفورنيا وتلاشت قيم تنمية الوعي لدولة تنطلق وفي أشد الحاجة لتنمية قيم الانتماء وإعمال العقل، لكن سيطر الكم والترند و سيطرت الورش في الكتابة ومعها بالتوازي بعض الأعمدة لبعض الصحف وأيضاً بعض البرامج قد تحولت إلى أكشاك، وأصبح عليك أن تبحث عن من مسؤل عن إدارة المكان المنوط به الإنتاج حتي تحاول أن تقترب من أحد معارفه.

أقول ذلك وقد تحدث معي منذ أيام كاتب كبير يسألني إن كنت أعرف أحد المسؤلين عن الشركة المسؤلة عن معظم ما ينتج حاليا، وكان ذلك سببا لما أكتبه الآن، وها أنا معكم أكتب متذكراً لبعض الأسماء التي تعاملت معها وأعرف قدرها وظلمت واختفت وما زال بعض المبدعين الحقائق في منازلهم قابعون يتابعون ما يحدث، وأتذكر هنا البعض علي سبيل المثال (ميشيل المصري) أحد عباقرة الموسيقي والحقائق وأحد أعمدة الفرقة الماسية، لقد شاهدت تألق هذا المبدع بعد أن أصبح في آواخر الثمانينيات شبه مقيم بالاستديو. فمعظم الوقت محجوز باسمه ويعمل مع كبار النجوم مثل (وردة الجزائرية وسميرة سعيد) ومعظم أعمال (علي الحجار).

ميشيل المصري

وأتذكر أن قدم معه واحدة من أهم اعماله أغنية (اعذريني) وكذلك غني له (محمد الحلو) ويأتي إليه كل نجوم العرب من (محمد عبده وطلال مداح ورابح صقر وميادة الحناوي)، موسيقي عبقري ومؤلف وموزع أوركسترالي وصاحب الموسيقي الخالدة لمسلسل (ليالي الحلمية) وأكثر من مائة عمل من علامات الموسيقي المصرية، ثم يختفي الرجل ولا نسمع إلا خبر وفاته، والمحزن لي ولكل من عايش فترة الثمانينيات والتسعينيات أن الحالة النقدية والمناخ الفني وخصوصا بعد أن سيطرت وسائل التواصل الاجتماعي وفقدت الصحف دورها الحقيقي وأصبحت تلهث للبحث عن حلول لمشاكلها المادية ودفع الرواتب والحوافز، وسيطرت مجموعات من أنصاف المواهب ولم نجد (سلامة أحمد سلامة) آخر ولا ناقد مثل (سامي السلاموني ولا سمير فريد ولا رفيق الصبان وأحمد صالح وحسن شاة ورؤوف توفيق) وآخرين كثر يحاولون ولكن هم قلة وسط كثير من مواقع وأدعياء الفهم والنقد والخبرة علي شبكات التباعد الاجتماعي المتاحة للجميع، وانسحب الكثيرون و فقط محاولات للبعض وهم قدرات حقيقية ولكنها تتوه وسط مهاترات صحافة الأكشاك والانطباعات والسبوبة.

أنيس منصور

وترجل البعض حزنآً وآخرهم (صلاح منتصر) ومن قبله (أنيس منصور وإبراهيم نافع وجمال بدوي)، وكثير من كبار القيمة والمهنية وأذكركم بآخر المترجلين من رجال المسرح (عبد الرحمن الشافعي) رائد الفنون المسرحية الشعبية، ومع ذلك مازالت مصر لديها عظماء من رجال الصحافه الحقائق ويدافعون عن تاريخ كبير لأسماء يعرف قدرها كل العالم العربي والغربي، وهل لي أن أذكركم بأسماء كانت المفروض أن تكون على سطح المشهد الفني ولكنها توارت ومنعها كبرياؤها من تسول العمل واستخدام موهبة التواجد في مكاتب المسؤلين والظهور في كل الحفلات والمناسبات والمهرجانات والجوازات وحتي اجتماعات الطلاق وترتيب التعاقدات، إنها مهارة توجد عند البعض ولا يستطيع أن يمارسها البعض.

صلاح منتصر

وأطلق علي بعضهم الفشلة الناشطين!، أين (ياسر عبد الرحمن) وأين القدير (محمد فاضل) وأين (علي عبد الخالق) مخرج (العار) المختفي، لكن أحمد ربي بعد أن حصل القدير (داوود عبد السيد) على جائزه الدوله التقديرية، انه استحقاق موفق أثلج قلوبنا، ثم أين (راجح داوود) فقط علي فترات متباعدة نجد له حفلاً في الأوبرا، المكان المنوط بالفنون الرفيعة والذي تحاول الوزيرة الفنانة (إيناس عبد الدايم) والدكتور (مجدي صابر) رئيس الأوبرا بكل الطرق أن يظل هذا الصرح يشع إبداعاً ينير العقول ويمتع المشاهدين بالعروض وكل الفنون الرفيعة، بل أصبحت أرى فنون الأوبرا تنتقل للأقاليم لنشر الإبداع الحقيقي، ويشهد الجميع وأنا منهم أن ما يحدث هو نتاج مجهود ضخم يبذل من الوزاره والدكتور (مجدي صابر) وأدعو ان تدعمه الدولة وتزيد مما تقدمه من مخصصات ماليه للثقافة بل والفنون فبهما تستنير العقول ويزداد التصالح مع الجمال وقيم تهذيب الأداء وسمو المشاعر.

كرم النجار

نعم إنها مزايا الفنون وبها يتوارى ويختفي التطرف والتصالح مع العنف فالفنون هى مفتاح تهذيب النفس وعشق الحياة وكشف جماليتها، لقد تركنا الصديق (كرم النجار) وهو من قدمت معه أول أعمالي للدراما التليفزيونية مسلسل (تمن الخوف) لنور الشريف وجميل راتب وإخراج أحمد فؤاد، تركنا الرجل بعد أن ظل بمنزله ويأتي للصالون هرباً من البقاء بالمنزل. كرم النجار الذي لم يعرف كثيرون حتي ومنهم من عمل معه فهو القبطي الذي كتب مسلسل (محمد رسول الله) وصاحب كم كبير من مسلسلات تحترم العقل، ولدي الكثير من نجوم ومبدعين فقط يشاهدون يا ساده ظل (شفيق نور الدين) عملاق التمثيل يعمل حتي آخر أيامه ويشارك في السينما والمسرح.

وأذكركم ان العملاق (محمود المليجي) انتقلت روحه إلى بارئها وهو يمثل مشهداً في البلاتوه مع (عمر الشريف)، وتلك أعتقد أمنية لمعظم عشاق الفن، وأدعو الله أن يبارك في صحة زعيم الكوميديا (عادل إمام) ويمتعنا كما عودنا منذ الستينيات، لقد ظل (محمد توفيق) مخرج المسرح العملاق والممثل القدير ومكتشف (محمد نوح) في دمنهوريعمل وهو يقترب من المائة عام، وهكذا المبدعون في العالم مثل (شون كونري) بطل أفلام (چيمس بوند) و(مورجان فريمان) مازال يعمل و(أنطوني هوبكنز) وكثيرون.

الفنان الحقيقي يعمل فالفن وممارسته حياة وبقاء وهكذا كان (فريد شوقي وعادل أدهم واخيراً سمير صبري)، لا يسعني أن أكمل فكثير من أسماء انسحبت والبعض مات قهراً، وأرجو أن ندرك خطورة تلك الحالة التي أصابت كثيراً من كتاب ومبدعين وصحفيين وفنانين، وعلي فترات نسمع أنين البعض منهم كما حدث مع (نجوي فؤاد) أخيرا بعد أن كانت تملأ شيراتون القاهرة وحفلات الملوك والرؤساء بهجة، إنها دعوة للزهورالفنية أن تتفتح والاهتمام بحصص الفنون من موسيقي ورسم وكل الأنشطة الفنية، فلا يمكن أن يتحول عازف يشعر بجمال النغم أو رسام يشعر بجمال اللون أن يتصالح مع عنف أو دم أو قبح.

محمد السيد عيد

الأقاليم مليئة بالطاقات والموهوبين المطلوب هو الكشف عن تلك المواهب وتقديمها من خلال الأنشطة الفنية بالمدارس والجامعات وقصور الثقافه في المحافظات وأدعو لعودة حصة التربية الوطنية لخلق الانتماء، ولي ملاحظة يعاني منها كثير من مبدعين ويدهشني حين يرسل لي صديقي الكاتب (محمد السيد عيد) صاحب الأعمال المتميزة الواعية ومنها (قاسم أمين)، وقد أرسل عملاً انتهي من كتابته منذ أكثر من سنتين يسجل فيه حياة أحد العظماء وهو (طلعت حرب)، وأكيد يعرف كل واعي مصري في مصر قيمة رجل الاقتصاد العاشق لمصر وصاحب أكبر المشاريع الاقتصادية، منها علي سبيل المثال (مصانع النسيج في المحلة وبنك مصر وبنك التسليف الزراعي ومصر للطيران ثم استديو مصر العريق) الذي تمت فيه أعمال أعظم الأفلام المصرية، لقد اهتم الرجل بالصناعة والطيران والاستثمار في الفن لمعرفته بقيمة وتاًثير الفنون علي تنمية الوعي والتنوير، ولن اتطرق إلى بعض تصرفات بعض أو قليل من رجال الأعمال الآن، هذا العملاق (طلعت حرب) ومن أكثر من مائة عام أدرك وسط مئات من مشروعات إنتاجية ومهمة أدرك قيمة السينما التي لم يكن قد مر علي ظهورها الكثير.

طلعت حرب

الأكثر عجباً أن المؤلف قدم هذا العمل لأكثر من منفذ مسؤل عن الإنتاج ولكن دون أي ترحيب بتنفيذ العمل، وكما أخبرني أن إدارة بنك مصر وعدت ان تساهم في الإنتاج.. كيف بالله عليكم ونحن في أشد الحاجة لتقديم نموذح لرجل أعمال مصري كمثال يقتدي به وبما قدمه لكل مصري يبحث أن يساهم أو يشارك في تنمية حقيقية لبلد ينطلق ويستحق.. وإلى لقاء نكمل (ضحايا ومبدعون).

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.