بقلم : علي عبد الرحمن
منذ أن أطلقت مصر قمرها الصناعي الأول نايل سات 101 ودخولها عصر الفضاء الإعلامي وإطلاقها قناتها الفضائية وبدء دخول القطاع الخاص مصريا وعربيا مجال البث الفضائي، وكان حظ هذا القمر في حينه أنه (سيد الأقمار)، حيث لم يكن له منافس ولم يواجه تحديات وصاحب ذلك دخول مصر عصر مدن الإتاج وكانت آنذاك أيضا (سيدة مدن الإنتاج) بلا منافس ولا تحديات، ثم أطلقت مصر قمرها الثاني نايل سات 201 والذي واجه في أيامه تحديات كثيره من أقمار شقيقه مثل القمر الأردني (نور سات) والكويتي (جلف سات) والقطري (سهيل سات) والعربي (عرب سات) ومنصة البحرين الفضائية.
وبعد أن كانت مدينة الإنتاج الإعلامي المصرية هى بيت الخبرة في هذا المجال ظهرت مدن الإنتاج المتخصصه في دبي، فهذه مدينة إنتاج فقط بها ستديوهات وأماكن التصوير والتسجيل، وتلك مدينة بث فقط تم ستديوهات البث المباشر، والأخري مدينة إنترنت لخدمات الإنترنت الاعلامي، وظهرت مناطق التصوير المفتوحه في المغرب والتي تم التسويق لها جيدا لتجلب مشاهير نجوم السينما في العالم وتنعش السياحة في المغرب وتدر دخلا بالمليارات، وكانت مدن الانتاج ومناطق التصوير في الأردن داعمة لقمرها (نور سات) وتفوقوا عربيا في جذب القنوات التي تبث عبر الإنترنت ولاتحتاج بث مباشر وبتكلفه شهرية تراوحت بين (7 – 8 آلاف دولار شهريا)، كما واجه القمر الصناعي المصري الثاني نايل سات 201 تحديات في تسهيلات الحجز والدفع والدعم اللوجستي الذي قدمه القمر القطري (سهيل سات)، إضافة إلى تحديات التشويش والقرصنة، وتحديات الطفرة التقنية الإعلامية في المنطقة الحرة بـ (جبل علي) بدبي.
ويبدو أن مجمل هذه التحديات وجموع المنافسين جعل القائمين علي الشركة المصريه للأقمار الصناعيه وعلي رأسها معالي الوزير الوطني المخلص الفاهم (أحمد أنيس) أن تراجع خططها فتدخل عالم التسويق الفضائي عبر الشركة المصريه للتسويق الفضائي، وتدرك أهمية خدمات الإنترنت عريض النطاق بالتعاون أيضا مع القمر الصناعي المصري (طيبة 1)، وأيضا البحث عن تقنيات حديثه تواجه حالات التشويش المتعمد وحالات القرصنه التي أفقد صناع الفن المصري مواردهم التسويقية، ولقد وجدت الشركة ضالتها في الاستشاري الكندي الذي صمم وتابع تصنيع القمر المصري الثالث نايل سات 301 في جميع مراحله، والذي استغرق تصنيعه عامين ونصف بالشركة الفرنسية ذات الخبرة وصاحبة حق تصنيع أقمار مصر الثلاثة.
ولأن أمور الالتزام في مجال تعهدات الأقمار الصناعية تخضع لسلطات الاتحاد الدولي للاتصالات الذي حث مصر على سرعة إطلاق الجيل الثالث من أقمارها للوفاء بالتزاماتها في مجال التسويق الفضائي، ورغم أن القمر الصناعي المصري الثاني نايل سات 201 سينتهي دوره عام 2028، ورغم أن الوقت مبكرا فقد سارعت مصر بإطلاق قمرها الثالث يوم الأربعاء 6 يونيو الحالي ي تمام الساعه 3:11 دقيقة صباحا من قاعدة (كاب كانفيرال) بولاية فلوريدا الأمريكية علي متن الصاروخ (فالكون) المملوك لشركة (سبيس إكس) المملوكه للميلياردير الأمريكي ملك منصات التواصل الاجتماعي (إيلون ماسك)، وقد تم الإطلاق بنجاح والحمد لله، ويخضع القمر المصري نايل سات 301 لسيطرة 4 محطات لتشغيل الأقمار الصناعية، الأولي كوريا الجنوبية والثانية في إيطاليا والثالثة في فرنسا والرابعه في مصر في مدينة 6 أكتوبر حيث توجد محطة تشغيل الأقمار الصناعية المصرية، وتردد القمر الجديد (5:10) غربا، بعد أن كان تردد قمرنا الحالي 7 درجات غربا.
ويتميز القمر الصناعي المصري الثالث نايل سات 301 بتقنيات عاليه في مجال البث الفضائي وخدمات الإنترنت والتعامل ذاتيا مع محاولات التشويش وكذا تعديل الهوائيات لمواكبة نطاق التغطية في المناطق التي يصل إليها، وهى دول الجنوب الأفريقي ودول حوض النيل ودول شرق المتوسط وخصوصا حقول الغاز وعلي رأسها حقل ظهر، وأيضا المناطق النائية في أطراف الوطن، حيث مشروعات التنميه العمرانيه والزراعيه والسكانيه، والقمر 301 مجهز بـ 38 قناة قمرية مقابل 26 قناة قمرية على القمر الحالي، ومن المعروف أن كل قناة قمرية تستوعب 7 قنوات للبث الفضائي، إضافة إلى قنوات الاتصال والإنترنت وخدمات أخرى، والقمر يقدم خدمات جديدة لعمليات التليفزيون المدفوع مثل الخدمات التعليمية لوزارة التربية والتعليم.
وبعيدا عن تقنيات القمر ومميزاته ودوره في دعم خدمات الإنترنت والخدمات التعليميو وخدمات التواصل مع المتواجدين في مواقع مشروعات الوطن الكبري، وكذا ربط دول جنوب أفريقيا ودول حوض النيل، وهذا يقع ضمن الاستراتيجية المصرية للاتجاه جنويا والتوسع تقنيا، فإنني أود أن لايواجه القمر منافسة شرسة من أقمار الأشقاء، ولا دعما لوجستيا أفضل من مدن إنتاج الأشقاء، ولا حربا في التسهيلات من أقمار المنطقة، وان يكون فريقه التقني والإداري والتسويقي على مستوي التحديات والمنافسة والدعم والتسهيلات وذلك ليصمد في المنافسة، ويزداد عملائه، ويتسع نطاقه، ويكثر مريديه، ويزداد دخله، وتنجح تجربته، ويدعم عودة الريادة والقوة الناعمة، ويخدم أهداف مصر القومية، ويعلي شعار تحيا دوما مصر، ومبروك للنايل سات القمر عالي التقنية والخدمات، ولذا هو قمر 14 بين أقرانه في فضاء الله الفسيح، وإلي لقاء قادم.