* بعد تخرجي في معهد الفنون المسرحية تم تعييني موظفا في مسرح (السامر) وكان زملائي (يونس شلبي وهادي الجيار وأحمد زكي وهناء الشوربجي وليلى نظمي)
* وجهي سبب لي مشكلة كبيرة في السينما، جعل النجمات يفضلن نجوم آخرين!
رشحت لبطولة أفلام (أريد حلا، والوفاء العظيم، ونغم في حياتي) ولست نادما على ضياع هذه البطولات!
* أنتجت للسينما بسبب أنور وجدي وفريد شوقي وماجدة وماري كويني
* علاء الدين أبوالشامات من أحب الأدوار إلى قلبي، وعبدالوارث عسر لم يكن يحب العمل وهو جائع
* شاركت عادل إمام والفخرني بطولة مسلسل نصفه أبيض وأسود ونصفه ألوان.
أجرى الحوار : أحمد السماحي
أطل النجم الجديد (حمدي حافظ) على جمهور السينما مع إطلالة فجر جديد طالع على البلاد يبشرنا بانتصارنا في 6 أكتوبر عام 1973، وكان ظهوره يعني تجديدا لشباب السينما، حيث كان الفتيان الأوائل في السينما (محمود ياسين، ونور الشريف، وحسين فهمى) تجاوزوا سن الشباب، ولفت (حمدي حافظ) أنظار المخرجين والمنتجين والجمهور بحيويته ووجه البشوش ووسامته، فهو يتمتع بوجه مسكون بابتسامة تتمشى في كل التقاطيع تشيع فيها ضوء البهجة، خاصة أن وجهه لم تغادره الطفولة مطلقا فبات شابا فتيا بوجه طفل ناضج الملامح.
وكان (حمدي حافظ) مؤهلا للنجاح في السينما من خلال تكوينه الجسماني ووجهه البرئ الذي يستقطب حبك لأول وهلة، ولا يمكن أن تكرهه، حتى إن اكتشفت بعد حين أنه ولد (بايظ) وفسدان ويتلاعب بالبنات، تظل تشفق عليه وتتعاطف معه، فموهبة (حمدي حافظ) تتلخص في أن جميع ملامحه تقنعك أنه ربما كان ابنك أو أخيك أو ابن أخيك يشع من عينيه المعبرتين بريق يخطف قلبك يجعلك تصدقه في كل ما يقول ويفعل، فإن اتضح لك أن ما يفعل شيئ لا تقره أنت ولا يرتاح ضميرك، أصابك في الحال ما يصيبك لو علمت أن ابنك أو شقيقك فعل نفس الشيئ ترفض الفعل لكن لا ترفض الشخص بل تلتمس له الأعذار وتدافع عنه.
في الحلقة الماضية تحدثنا عن علاقته بفضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، وصداقته للشيخ كشك، وسبب حبه للفن، وكيفيه تقديمه لأول أفلامه (شلة المراهقين)، وسبب تغيير اسمه من (حمدي عبدالحافظ) ودور العندليب في هذا، واليوم نكمل باقي الحوار فإليكم التفاصيل:
* من هم الشموع الذين أضاءوا لك طريق الفن وتتذكرهم اليوم بكل خير؟
** الحقيقة لا يوجد شموع أستطيع أتذكرهم اليوم، وأقول هؤلاء وقفوا معي أو ساندوني، ولكن كفاحي وإصراري وحبي للفن هم من أضاءوا لي الطريق، فعندما كنت طالبا في معهد الفنون المسرحية كنت أقيم في مدينة (طنطا) فكنت أركب قطار السادسة صباحا حتى أصل في ميعادي، وبعد تخرجي في معهد الفنون المسرحية تم تعييني موظفا في مسرح (السامر)، وكان زملائي وقتها (يونس شلبي وهادي الجيار وأحمد زكي وهناء الشوربجي وليلى نظمي)، وبدأت مشواري الفني وأنا طالب، حيث شاركت في أعمال مسرحية كثيرة ككومبارس حيث كان أساتذتي بالمعهد يستعينون بنا كطلبة في القيام بأدوار الكومبارس في مسرحياتهم، على اعتبار أن اختيار أفراد الكومبارس من الطلاب فإنهم يكونون أكثر طاعة في تنفيذ التعليمات ووعيا بحكم دراستهم الأكاديمية، وكنا نحصل على مقابل مادي قيمته خمسون قرشا في اليوم.
* أستاذ حمدي في الحلقة الماضية عرفنا من حضرتك أن فيلم (شلة المراهقين) كان أول أعمالك السينمائية، ماذا عن أول أعمالك التليفزيونية؟
** بصوت هادئ قال : مسلسل بعنوان (البحث عن فردوس) تأليف عاصم توفيق، إخراج نور الدمرداش، وبطولة مجموعة كبيرة جدا من النجوم منهم (محمد السبع، عبدالرحمن أبوزهرة، سناء مظهر، ورجاء الجداوي، وميرفت العجرودي، وعزه كمال، صفية العمري، رجاء صادق)، وكان أول ظهور للنجم الكبير (محمد صبحي)، وتدور أحداث المسلسل عن الحلم الضائع لكل شخص، وبحثه عن فردوسه التى يحلم بها.
وكان دوري لشاب طموح والده ممرضا أو (تمرجي) يعمل عند دكتور مشهور وهو (محمد السبع) وأنا أحب بنت هذا الدكتور، التى جسدتها (صفية العمري)، لكن قصة الحب لا تكتمل بسبب الفوارق الطبقية.
* وما هو العمل الذي قدمته وكان سببا في نجوميتك وانتشارك بين الجمهور؟
** سرح قليلا وقال: الحقيقة أنه ليس عملا واحدا، ولكنه عدة أعمال عرضت في وقت واحد فحققت لي الانتشار الواسع، أول هذه الأعمال فيلم (شلة المراهقين) إخراج نيازي مصطفى، وفيلم (مدرسة المراهقين) إخراج أحمد فؤاد، حيث عرض الفيلمين في وقت واحد، وأمام بعضهما فكنت تجد (شلة المراهقين) في سينما مترو، وأمامه في سينما ميامي فيلم (مدرسة المراهقين).
وأثناء ذلك شاركت في بطولة سهرة تليفزيونية مهمة جدا بعنوان (عودة الروح) قصة الكاتب الكبير توفيق الحكيم، وإخراج أستاذنا محمد فاضل، وبطولة (أبوبكر عزت، وصلاح السعدني، وملك الجمل، وزيزي مصطفى)، وجسدت فيها شخصية (محسن) التى ترمز لكاتب الرواية الكاتب الكبير توفيق الحكيم.
وانتظرت أن تذاع هذه السهرة لكنها للأسف لم تذاع فور انتهائنا منها، وفي أحد الأيام وجدت التليفزيون المصري بدأ يعلن كل فترة عن استضافة الأسير الإسرائيلي (عساف ياجور) الذي قاد كتيبة دبابات في سيناء خلال حرب أكتوبر وأسره الجيش المصري، ويومها مصر كلها كانت تنتظر أمام شاشة التليفزيون المصري لتشاهد الحوار مع هذا الأسير الشهير، وفجأة وأثناء انتظارنا جميعا للحوار، عرض التليفزيون سهرة (عودة الروح) فكانت مفاجأة سارة لكل العاملين فيها، ففي الوقت الذي ينتظر الجميع (عساف ياجوري) فوجئنا بعرض السهرة، فحققت مشاهدة جماهيرية ضخمة، وشعرنا بهذا في الشارع في اليوم التالي لإذاعتها.
* رغم بدايتك السينمائية الجيدة لكنك لم تحقق فيها النجاح الكبير الذي كنا ننتظره منك لماذا؟
** بسبب وجهي!، فوجهي من الوجوه التى يطلق عليها (البيبي فيس) أي الوجه الطفولي، وهذا سبب لي مشكلة كبيرة في السينما، حيث كانت نجمات السينما لا يفضلن الوقوف أمامي! ويرشحن زملاء غيري، فمثلا كنت مرشحا لبطولة فيلم (الوفاء العظيم) تأليف فيصل ندا، وإخراج حلمي رفله، حيث رشحت لتجسيد الضابط (عادل إبراهيم) الذي جسده النجم الراحل (سمير صبري) لكن بطلة الفيلم النجمة (نجلاء فتحي) طلبت تغييري، نفس الشيئ حدث مع النجمة ميرفت أمين في فيلم (نغم في حياتي) حيث رشحت لتجسيد دور (حسين فهمي) لكن تم تغييري في اللحظات الأخيرة.
كما رشحني المخرج الكبير (سعيد مرزوق) للمشاركة في فيلم (أريد حلا) لسيدة الشاشة العربية (فاتن حمامه)، والنجم (رشدي أباظة) حيث كان من المقرر أن أجسد دور ابنهما، ورغم استعدادي للدور، وذهابي لمقابلة (فاتن حمامه) في المطار مكان تصوير المشهد الذي كنت سأقوم بتأديته، لكنها فضلت على (هشام سليم) نظرا لمعرفتها به منذ طفولته!
وكل هذه الأفلام عندما عرضت حققت نجاحا كبيرا جدا وكاسحا في السينما المصرية، وبالتالي لو كنت شاركت في بطولتها كانت ستنقلني نقلة كبيرة ومهمة في السينما.
* هل تشعر بالندم على ضياع هذه الفرص السينمائية الذهبية منك؟
** إطلاقا لأن كل شخص بيأخذ نصيبه في الحياة، وهذه الفرص ضاعت غصبا عني، ولم أكن سببا في ضياعها، ولكني أجبرت على الانصياع لها نظرا لتدخل النجمات المشهورات عند المنتجين أو المخرجيين لتغييري!، ورغم هذا قدمت أدوارا جيدة من خلال الفرص التى أتيحت لي مثل دوري في أفلام (ومضى قطار العمر) مع الملك فريد شوقي، الذي حقق نجاحا كبيرا في دور العرض، واستمر عرضه أسابيع طويلة، وتم رفعه من السينما بأمر من وزير الثقافة آنذاك لأنه استمر لأكثر من 17 أسبوع.
وفيلم (هذا أحبه وهذا أريده) مع النجم هاني شاكر، ونورا، وفيلم (سيقان في الوحل) مع سهير رمزي، و(بيت بلا حنان)، و(أين تخبئون الشمس) مع نادية لطفي، (وداعا إلى الأبد) مع حياة قنديل وعماد حمدي، فضلا عن الثلاثة أفلام التى قمت بإنتاجها وهى (عشماوي، الجوازة دي مش لازم تتم، وأرملة رجل حي).
* بالمناسبة هل قمت بإنتاج هذه الأفلام طمعا في البطولة المطلقة؟
** إطلاقا بدليل أنني لست بطلا في أي من الأفلام الثلاثة التى أنتجتها ففي فيلم (عشماوي) قام ببطولته فريد شوقي، و(الجوازة دى مش لازم تتم) كان بطله حسين فهمي، و(أرملة رجل حي) بطله صلاح قابيل، ولكن اتجاهي لللإنتاج نوعا من تقليد نجومنا الكبار الذين قاموا بالإنتاج مثل (أنور وجدي، وفريد شوقي، وكمال الشناوي، وسميرة أحمد، وماجدة، وماري كويني) وغيرهم من نجومنا، خاصة أن أهل الفن حينما ينتجون فإنهم يختارون الأعمال القيمة الأفضل وليست التجارية، فكنت أختار القصة مع المخرج ثم نتناقش في اختيار الأبطال وكانت قصص الأفلام وموضوعاتها هى التي تفرض أبطالها.
* إذا ابتعدنا عن السينما واقتربنا من شاطئ الدراما وسألتك ماهى الأعمال التى تعتز بها عبر مشوارك الفني في مجال الدراما؟
** أعمال كثيرة جدا والحمد الله، مثل (علاء الدين أبوالشامات) إنتاج تليفزيون قطر، وتأليف هشام يانس، وإخراج غسان جبري، وبطولة مجموعة كبيرة من نجوم مصر والأردن وسوريا، والخليج فمن مصر كان معانا (عايدة عبدالعزيز، وإحسان القلعاوي، وعثمان محمد علي)، ومن الأردن ( زهير النوباني) ومن سوريا (جيانا عيد، وهالة شوكت)، ومن البحرين (إبراهيم بحر)، ومن قطر (غازي حسين، وجبر الفياض) وغيرهم، وجسدت فيه دور (علاء الدين أبوالشامات).
ولا أنسى دوري في مسلسل (تدور الدوائر) تأليف مهدي يوسف، وإخراج حسيب يوسف، وبطولتي مع مصطفى فهمي، وإيمان الطوخي، ونجوى فؤاد، وأيضا مسلسل (وعادت الأيام) تأليف كاتيا ثابت، وإخراج تيسير عبود، وبطولتي مع يوسف شعبان، ورغدة، وشريهان، وعفاف شعيب) .
فضلا عن أعمال البدايات فكلها لها ذكريات عزيزة علي مثل (السمان والخريف، زقاق المدق، الرجل والدخان، إني راحلة، الحب الضائع، دمعة ألم، إصلاحية جبل الليمون، حصاد العمر، شجرة الحرمان) مرورا بـ (النساء يعترفن سرا، تاه الطريق، مسافرون، الامتحان، ليالي الحلمية، الوسية، الحب في عصر الجفاف، أحلام في الظهيرة) وصولا إلى مسلسل (عمر بن عبدالعزيز).
* لاحظت من خلال ذكرك لبعض المسلسلات إنها كانت إنتاج مشترك مع دول عربية عديدة كيف حدث ذلك؟
** في بداياتي استهواني السفر، وأحببته، خاصة إنني في هذه الفترة كنت عازبا، وليس لدي ارتباط بمسؤولية أسرة وأبناء، وبسبب هذا قدمت أعمال كثيرة في عدة دول عربية وأجنبية مثل قطر والأردن وعمان ودبي، واليونان، وصل عددها إلى 60 أو 70 مسلسلا، فضلا عن جودة النصوص التى قدمت لي من خلال هذه المسلسلات، وهذا هو الدافع لتقديم هذه الأعمال بالخارج.
* قدمت عدة تجارب مسرحية لكنها لم تترك أثرا لماذا؟
** لأنها لا تعرض إطلاقا في التليفزيون أو على الفضائيات، فقد قدمت أعمالا مسرحية عديدة لكنها كانت عبارة عن مسرحيات تلفزيونية لمدة يوم واحد للتصوير، فاشتركت في عدة مسرحيات أذكر منها 3 مسرحيات بتونس كانوا من إخراج السيد راضي، ومسرحية (الزوبعة) مع أمينة رزق في القاهرة، وقدمت مع الفنانة الكبيرة نعيمة وصفي مسرحيتين إنتاج النجمة برلنتي عبدالحميد هما (الصيف في ديسمبر) و(بين جيلين) وشارك في البطولة محمود المليجي، وشيرين، وأبولمعة.
* من النجوم الذين تعتز بالعمل معهم خلال مشوارك الفني؟
** كثير جدا، فالحمد الله أنني كنت محظوظا بالعمل مع نجوم كبار جدا في مجال التمثيل والإخراج، مثل النجم كمال الشناوي في مسلسل (السمان والخريف)، النجم محمود مرسي في مسلسل (دمعة ألم) تأليف وإخراج محمد كامل، وهذا المسلسل شهد أول ظهور للنجمة الجميلة (ليلى علوي) وكان مرشحا لدورها النجمة (شيرين) لكنها طلبت أجرا عاليا، ثم رشح النجم الراحل سمير غانم الفنانة آثار الحكيم، وأخيرا استقر الدور عند الوجه الجديد ليلى علوي.
ومن النجوم الذين سعدت بالوقوف أمامهم (عبدالوارث عسر) الذي كان حريصا على موعد الصلاة والأكل، فلم يكن يستطيع العمل وهو جوعان، كما عملت مع النجم (عادل إمام) في مسلسل (الرجل والدخان) إخراج محمد فاضل، وبطولة (ليلى طاهر ويحيي الفخراني، وكريمة مختار، وعبدالوارث عسر) وهذا المسلسل تم تصوير جزء منه أبيض وأسود، ثم توقف العمل وتم تكملته بالألوان.
ولا يمكن أنسى نجوم آخرين عملت معهم وسعدت بالتعاون معهم مثل (أمينة رزق، عقيلة راتب، كريمة مختار، يحيي الفخراني، صفية العمري، نعيمة وصفي، أحمد زكي) والأخير اشتركت معه في مسلسل تم تصويره خارج مصر بعنوان (إصلاحية جبل الليمون) وأتذكر أن النجمة (سناء جميل) بطلة العمل أشترت له بحوالي 300 دولار جاكت، ويومها ثار ثورة عارمة بسبب ضياع هذا المبلغ في جاكت!
وفي مجال الإخراج سعدت بالعمل مع المخرجين العظام (محمد فاضل، نور الدمرداش، إسماعيل عبدالحافظ، نيازى مصطفى، حسن الأمام، بركات) وغيرهم.
* ماذا فعلت طوال السنوات الماضية وبعد ابتعادك عن الفن؟
** بعد ابتعادي فكرت كثيرا ماذا أفعل خاصة وأنني لم أدرس سوى في معهد الفنون المسرحية؟، فعملت في الدعاية والإعلان ثم في مجال السياحة وكونت شركة سياحة دينية متخصصة في العمرة والحج وهى التي ساعدتني كثيرا على السفر كمرافق ومرشد لمجموعات الحجاج والمعتمرين، وأصبح مجالا محببا بالنسبة لي وفي نفس الوقت يتضمن تجارة مع الله سبحانه وتعالى.
* وهل مازالت هذه الشركة قائمة؟
** توقفت بسبب الظروف التى حدثت في السنوات الأخيرة والتى قللت فرص سفر الحجاج بنسبة كبيرة جدا.
عندئذ توقف الحوار مع النجم الكبير (حمدي حافظ) الذي أمتعنا بحديثة الشيق عن بفنه خلال سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، لكن أتمني على الشركات المنتجة الانتباه إلى هذا الفنان صاحب الموهبة التي لم تغادره، ولا (الكاريزما) التي ماتزال تطل في وجهه البشوش، لتؤكد قدراته على الأداء، خاصة أننا بحاجة إلى مرحلته العمرية تلك وقدراته التمثيلية التي ستكون علامة فارقة في الدراما التليفزيونية والسينما هذه الأيام.