المتمرد (دواد عبد السيد ) يفوز بـ (جائزة النيل) لفرط إبداعه السينمائي
كتب : أحمد السماحي
فاز المخرج السينمائي ( داود عبد السيد)، أمس الثلاثاء بجائزة النيل في مجال الفنون لعام 2022، وهى أرفع جائزة سنوية يقدمها المجلس الأعلى للثقافة، وقد سعد جدا كل عشاق الفن السابع بفوز (عبدالسيد) بهذه الجائزة الرفيعة لأنه أحد رموز السينما الراقية في السنوات الأخيرة، وعرف هذا المتمرد على ثوابت الجيل الأسبق وذوي التجربة المغايرة للسائد والتجاري كيف يدفع بعجلتها إلى الأمام من خلال 9 أفلام روائية؟!، وكيف ينبت لها جناحي فراشة؟، وكيف يلونها بألوان قوس قزح، ويزين صدرها ورأسها بريش الطاووس الملكي؟!.
قبل فوز (عبدالسيد) بجائزة النيل بـ 48 ساعة احتفل محرك البحث (جوجل) يوم السبت الماضي 4 يونيو الماضي بذكرى ميلاد الفنان الراحل محمود عبد العزيز الـ 76 من خلال نشر صورة لأحد أشهر الشخصيات التي جسدها (محمود عبدالعزيز) من خلال شخصية الشيخ حسني في فيلم (الكيت كات) لدواد عبدا لسيد، وكان هذا بمثابة جائزة جديدة قبل جائزة النيل لهذا المخرج الذي قدم أفلام قليلة لكنها محفورة في وجداننا وضمائرنا.
وعبدالسيد صنع للسينما المصرية صورا مختلفة واتجاهات شتى كلها خرجت من أفكاره وعذاباته وأحلامه وعكسها في مرآة سحرية ذات أبعاد مختلفة الحجم فخرجت علينا بصور عجيبة لم نعتدها، فـ (دواد) يصنع عالما يضعه أمامنا بكل بساطة وبراءة وعفوية متحديا به عالمنا ورؤانا وما اعتدنا عليه وما ألفناه، لقد عشنا مع هذا المبدع الفائز بجائزة النيل رؤاه الاجتماعية ورؤاه السياسية ورؤاه العاطفية من خلال (الصعاليك، البحث عن سيد مرزوق، الكيت كات، أرض الأحلام، سارق الفرح، أرض الخوف، مواطن ومخبر وحرامي، رسائل البحر، قدرات غير عادية).
فقد نثر (دواد) أحاسيسه وعواطفه من خلال الآخرين ومن خلال أفلام مضيئة مشعة تبدو وكأنها قد سقطت في حوض مليئ بإكسير سحري فتناثرت قطراته علينا لتحملنا إلى جو مشحون غير معتاد وغير مألوف ولكنه يشع بنور السينما المقدس.
سعدنا جدا بفوز هذا المبدع بجائزة النيل وحزنا من كلاماته التى صرح بها بعد فوزه بالجائزة خلال الساعات الماضية في برنامج (يحدث في مصر) حول قراره بالتوقف عن إخراج أعمال سينمائية، حيث قال: المسألة ليس قرارى، ولكن ما هو نوع السينما التي يتم إنتاجها الآن في مصر؟!، وهل النوع الذى أخرجه يمكن أن يتم طلبه وهل له جمهور؟! ومن ثم هل هناك منتج له؟ فالقضية ليس رأى بالتوقف عن إخراج أعمال ولكن القضية أكبر من ذلك! .
دواد عبدالسيد.. قيمة كبيرة في حياتنا وتوقفه عن الإخراج الآن وعدم صنعه لأفلام جديدة طعنة في حقنا جميعا خاصة أن لديه العديد من المشاريع السينمائية المهمة التى لو خرجت للنور ستغير عالمنا السينمائي التجاري الاستهلاكي، ومن الأشياء التى أذكرها أنه كان لديه مشروع ومعالجة قصة (دستور يا سيدة) للكاتب الكبير (يوسف أدريس) وعرضها قبل إخراجه لسيدة الشاشة العربية فاتن حمامه فيلم (أرض الأحلام) ورحبت بالقصة ونالت إعجابها لكنها تراجعت عن إعجابها عندما عرض عليها فكرة فيلم (أرض الأحلام)، وقررت أن تبدأ بها حيث استحوذت الفكرة على إعجابها خاصة أن موضوع الهجرة والرغبة في البقاء بالوطن، والصراع مع الأبناء، كان جديدا وقتها ولم يقدم من قبل.
جدير بالذكر أن الكاتب والأديب (إبراهيم عبدالمجيد) حصل على الجائزة في مجال الأدب، فيما ذهبت في مجال العلوم الاجتماعية إلى نقيب المحامين المصريين (رجائي عطية) الذي توفي في مارس الماضي، وفاز بجائزة النيل للمبدعين العرب المفكر العراقي (قيس العزاوي) الذي توفي في يناير الماضي، عن عمر ناهز 71 عاماً.
وتبلغ قيمة الجائزة في كل فرع نحو 27 ألف دولار، وميدالية ذهبية تُمنح للشخصيات المؤثرة اجتماعياً وفكرياً بأعمالها وإنتاجها الأدبي، وجاء إعلان الفائزين أمس الثلاثاء عقب الاجتماع السابع والستين للمجلس الأعلى للثقافة برئاسة وزيرة الثقافة (إيناس عبد الدايم).