بقلم الإعلامية الكبيرة : هدى العجيمي
في مرحلة الثمانينات كنت أقدم برنامج (مشوار حياتي)، الذي أذعنا فيه كل شيء عن مسيرة نعدد كبير من قمم الإبداع الأدبي والفني والصحفي وفي شتي المجالات، وبدأنا الحلقات بمشوار الفنان الكبير (يوسف وهبي والادب الكبير نجيب محفوظ والأديب الكبير يحي حقي)، ثم انتقلنا إلى الفنانين فكان من أهمهم المخرج القدير (زكي طليمات) الذي حدثنا عن المسرح ونشاة المعهد العالي للفنون المسرحية وعن علاقاته بالفن والفنانين، وأيضا قدمنا في هذه الحلقات مشوار حياة المخر ج القدير (نيازي مصطفي) الذي أمتعنا بحكاياته عن نشأة السينما في مصر واستغر قت شهادته مدة شهرين وليس شهرا واحدا كما حدث مع بقية الضيوف، وكان البرنامج يذاع يوميا في (البرنامج العام) بالإذاعة.
بدأ (نيازي مصطفي) مشواره منذ الميلاد، فقال أنه ولد بمدينة أسيوط في 11 نوفمبر عام 1911، وأنه كان يحب السينما من طفولته ويرتادها، فقد كان في أسيوط سينما واحدة هى (سينما مقار)، وكانت دار عرض شتوية وصيفية أيضا وكان يذهب مع والدته الساعة 3 كل أسبوع في الحفلة المخصصة للسيدات، ثم ينتقل إلى نجاحه في البكالوريا ثم سفره إلى ألمانيا للدراسة، فيحكي لنا بعض الطرائف مما شاهده هناك فيقول: إنه عندما ركب الحنطور في برلين لأول مرة لم يفهم لماذا ينظر إليه الناس ويضحكون، فعلم بعد ذلك أن هذه كانت جنازة توديع عربة الحنطور في ألمانيا وأن هذا اليوم كان اليوم الأخير لاستعمال عربات الحنطور في كل البلاد.
وهو كان يدرس في المعهد العالي للسينما في (ميونخ) واستمر بالدراسة ثلاث سنوات، وفي ذلك الوقت كانت قد ظهرت السينما الناطقة فعمل في إحدي الشركات الألمانية التي بدأت تنتج أفلاما ناطقة، وتدرب فيها وشاهد البدايات الأولي للإنتاج، يحدثنا أيضا في مشواره عن الأصدقاء السينمائيين، كان الأستاذ (أحمد بدرخان) يهوي السينما وكان يراسل (نيازي مصطفي) وهو في ألمانيا، وكان يسأل عن بعض المعلومات الفنية الخاصة بالصوت فقد كان في مصر في ذلك الوقت المهندس (سابو) الذي بدأ العمل في الصوت بالسينما المصرية، ثم سمع عن (بنك مصر) الذي أطلق مشروعه لعمل ستوديو للسينما لأول مرة في مصر وأطلق عليه اسم (ستوديو مصر) فأعحبته الفكرة وسارع بالحضور إلى مصر وترك العمل في ألمانيا.
وعندما وصل إلى مصر سارع لمقابلة (طلعت حرب باشا) الذي حدثه عن مشروع إنشاء (ستوديو مصر) وكان قد سبقه في هذا الأستاذ (محمد كريم) وكلف بعمل فيلم عن (حديقة الحيوان)، أما نيازي مصطفي فقد قام بعمل فيلم تسجيلي عن (الشباب والرياضة) ظهرت فيه لأول مرة بعض الطالبات الجامعات يذكر منهن السيدة (أمينة السعيد)، بعد ذلك قام بعمل فيلم وثائقي عن (بنك مصر) وشركاته، ثم تعرف على مخرج الواقعية المصرية (كمال سليم) الذي عمل مع (نيازي مصطفي) وسافر معه إلى مدن مختلفة لتصوير الفيلم الذي يخر جه عن (شركات بنك مصر) ومعهم المصور (حسن داهش)، ووضع أول موسيقي تصويرية للسينما خصيصا المؤلف الموسيقي (محمد حسن الشجاعي).
بعد هذا العمل بدأت المباني تظهر وأصبح (ستوديو مصر) جاهزا، يذكر (نيازي مصطفي بعض الأعمال التي أخرجها في البداية مثل الفيلم الدعائي (شاي الشيخ الشريب) ويشيد به لما فيه من نجاحات فنية مثل مطابقة الصوت للصورة تماما، ثم تبعه فيلم (سوق الملح) ويعتمد علي الرقص والغناء فقط بدون حوار، ويعتمد أيضا على فرقة (بديعة مصابني) الاستعراضية، ثم يتحدث عن شخصيات قابلها أثناء العمل منهم (محمد عبد العظيم) كبير المصورين و(مصطفي والي وجمال مدكور وعماد حمدي) الذي كان يعمل في قسم التوزيع وليس له أي ميول فنيه، راس (ستوديو مصر) في أول نشأته (أحمد سالم) ويعاونه (حسني نجيب)، وقد بدأ بعد ذلك (ستوديو مصر) في إنتاج أول فيلم مصري ناطق وهو فيلم (وداد – لأم كلثوم)، هذا حسب ما قاله (نيازي مصطفي) في مشوار حياته الذي أذيع في الإذاعة بـ (البرنامج العام) ضمن حلقات برنامج يومي هو (مشوار حياتي) إعداد (سلوي جمجوم) وتقديم (هدى العجيمي).