عبدالعزيز أحمد .. شاعر رثى ملك العراق والريحاني، وغنى كلماته سيد درويش !
* ألف 13 أغنية لمسرحية الباروكة، كما كتب أغنيات للمطربات (ملك، ونادرة، ورجاء عبده، ونجاة علي، وفتحية أحمد)
* كتب رثاء في الملك (غازي الأول) ملك العراق فنقلته كل الصحف العربية
* أرثي نجيب الريحاني وتوفيق المردنلي فظهرت موهبته الشعرية بقوة
كتب : أحمد السماحي
من رواد الفن الأوئل في مصر الفنان (عبدالعزيز أحمد) الذي وقع عليه ظلما شديدا، فلا يذكره أحد، ولا يحتفي بمشواره برنامج أو جريدة أو مجلة فنية رغم تنوع موهبته الفنية وغزارتها، فقد قام بالتمثيل في العديد من الأفلام وصل عددها إلى حوالي 120 فيلما تقريبا، بداية من فيلمه (بواب العمارة) عام 1935 وحتى آخر أفلامه (غرام الأسياد) عام 1961، وخلال حوالي 25 عاما من بداية مشواره السينمائي وحتى رحيله في شهر يوليو عام 1964 تنوعت أدواره في هذه الأفلام لكن غلب عليها أدائه لأدوار الرجل الطيب، والشيخ التقي الورع، ورجل الأعمال الغني الشهم، من هذه الأفلام (سي عمر، عائشة، آمال، الأرض الطيبة، هذا جناه أبي، ليلة من عمري، أمير الانتقام، أنت حبيبي، إحنا التلامذة، يوم من عمري) وغيرها من أفلام الباقية في ذاكرة ووجدان عشاق السينما المصرية.
مؤلف ومخرج
لم تقتصر موهبة (عبدالعزيز أحمد) الفنية على التمثيل في السينما والمسرح والإذاعة، ولكنه قام بكتابة قصة وسيناريو وحوار العديد من الأفلام منها (زوج للإيجار، المظلومة، الريف الحزين، كازينو اللطافة، قتلت ولدي)، كما أنه أخرج للمسرح عدة مسرحيات منها (خليني أتبحبح يوم، أشوف أمورك استعجب، كلام في سرك، حماتي بوليس دولي، عشم إبليس).
الميلاد
ولد (عبدالعزيز أحمد سليمان) فى 24 أبريل 1897 لأسرة بسيطة حيث كان والده موظفًا في الحكومة وعاشقا للفن يصطحب أسرته إلى بعض مسارح الأسكندرية المنتشرة في بداية القرن التاسع عشر، وتحديدا منذا عام 1910، وفى هذه الفترة عشق الطفل (عبدالعزيز) الفن، وكان يقلد ما يراه من نجوم الفن الذين كان يطلق عليهم (المشخصاتية).
الريحاني وحجازي وفاطمة
بعد انتهاء دراسته بدأ (عبدالعزيز أحمد) حياته موظفًا بمجلس البلدية بالأسكندرية، ونظرا لعشقه للفن، بدأ يتردد على المسارح والملاهي الليلية التى كانت تقدم اسكتشات غنائية واستعراضية، ومن خلال تردده على مسارح الأسكندرية عشق المسرح حتى التحق في فترة العشرينات بالعديد من الفرق الشهيرة في هذا الوقت منها فرقة (نجيب الريحاني)، و(سلامة حجازي)، و(جورج أبيض) و(على الكسار) و(فاطمة رشدي)، وقدم من خلال هذه الفرق روائع المسرح العالمي والمحلي.
كاتب أغنيات (الباروكة)
اليوم لن نتحدث عن موهبته في مجال التمثيل والإخراج، ولكننا نكشف الستار لأول مرة في الصحافة المصرية والعربية عن موهبته الشعرية، حيث كانت لديه موهبة كتابة الأغاني والزجل، فقد كتب أغنيات أوبريت (الباروكة) التى وصل عددها إلى حوالي 13 أغنية، قام بتلحينها جميعا فنان الشعب (سيد درويش)، وقدم هذا الأوبريت عام 1921 وقام ببطولته (سيد درويش، حياة صبري، عمر وصفي، محمود رضا، عبدالعزيز أحمد)، من أشهر أغنيات الأوبريت أغنية (الشيطان) التى كان يعشقها الموسيقار (محمد عبدالوهاب) وأعاد غنائها بصوته والتى تقول كلماتها:
كان الشيطان بيعزم يوم على ابن الناس
عاوز يجيب له نحس اليوم، م الديل للراس
ضرب نفير، في نار السعير، أبو مين يطير
جريم عليه يشوفوا إيه، وبين إيديه، وقفم كده
كان نني عينهم يا ساتر بيدق شرار
جه راح باعتهم بأوامر من حاكم النار
نزلم على الأرض جماعة ملوا الهوى كله في ساعة
سموم حسدهم لداعة، واخداينها من عين الشيطان
ده ربنا أكبر منهم بعت ملايكة تحننهم
هبطوا من الجنة فى إيدهم هدى وغنى ورحمة وغفران
مرضى هى تشفينا، فقرا هي تغنينا
اللي مراته شردوحه، بتغجر ولا لحوحه
وعاوز يتخلص منها بالراحة تبعده عنها
دى حكاية تاريخية ورواية أزلية
سامعها من أخويا وارثها عن أبويا
شوف بختك في مراتك، زي أختك وحماتك
قلت لهم عملوها، سعادتهم لقيوها
مالناش أبدا غير بروكتنا هى حيلتنا
…………………………………………………..
وكتب في نفس الأوبريت أغنية قامت بغنائها حياة صبري بعنوان (إنس الهموم) يقول مطلعها :
إنس الهموم، أنسك يدوم، اللي يلوم يفضل يعاني
المال دا إيه، في الدنيا ليه، تسأل عليه، دا كله فاني
……………………………………………………
رثاء في ملك العراق والريحاني والمردنلي
لم تقتصر أغنياته على أغنيات الأعمال الفنية سواء في المسرح أو السينما، ولكنه كتب أيضا بعض الأغنيات لمجموعة من المطربين والمطربات منهم (نادرة، فتحية أحمد، رجاء عبده، نجاة علي، ملك) وغيرهم، وكتب أيضا العديد من الأشعار التى نشرتها الصحف المصرية والعربية منها قصيدة رثاء تزيد أبياتها على الأربعين بياتا في تأبين المغفور له الملك (غازي الأول) ملك العراق، التى نشرتها وقتها معظم الصحف المصرية والعربية.
وليست مرثية الملك (غازي) هى الوحيدة التى كتبها، ولكنه كتب رثاء في (نجيب الريحاني) يعتبر من أقوى المراثي وقال فيه:
يا مذهبا من كل نفس، ما حاق من هم وبأس
رفع الستار فهل نرى إشراق وجهك مثل أمس
أين الأكف مصفقات، هل تراها رهن حبس
أين الحناجر هاتفات هل ترى منيت بخرس
ويوصل (عبدالعزيز) مرثيته في الريحاني حتى يقول: (أنا إن بكيتك يا نجيب، ففي الخفاء بكيت نفسي).
وعندما اختطف الموت صديقه الفنان والصحفي (توفيق المردنلي) بكاه بمرثية دامعة نقتطف منها ما يلي :
رباه أي قضاه نأى بتوفيق عنا
قال الرحيل، فقلنا أنى تريد أجبنا
فلم يرد جوابا، كأننا ما سألنا
راح الأديب وخلى نقد الفنون معنى
وغاب نجم ستار فأظلم ركنا فركنا
توفيق يا خير خل على الزمان اصطحبنا
يا أعذب الناس لفظا يا أضحك الناس سنا
ماذا عن الموت لو أن قبل الهجوم تأنى
…………………………………………………..
غزل عاطفي وكوميدي
لعبدالعزيز أحمد أيضا جولاته الشعرية في الغزل الرقيق يقول في منظومة عاتبة تفيض بعزة النفس:
رآني ضعيفا فاستباح مذلتي
وليس جميلا أن يذل ضعيف
ومالي ذنب كي أذل لأجله
سوى أن مثلي في الغرام عفيف
وأرسل يوما إلى صديق له من الزملاء الممثلين وكان في رحلة بالعراق أبياتا طريفة يقول فيها :
أنساك صحبك بالعراق صحبا بمصر في اشتياق
بعد المزار وطال نايك والقلى فمتى التلاقي
الكل في لهفة على تقبيل ثغرك والعناق
ذكراك لم تبرح شفاه، الأصدقاء ولا الرفاق
رصدوا لمقدمك السعيد، خلاصة الدن العتاق
من كل خمر تشتهي و(محوجا) حلو المذاق.
رحم الله الفنان المبدع (عبدالعزيز أحمد) الذي أبدع في كل مجالات الفن سواء في المسرح أو السينما أو الأغنية.