رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

د. طارق عرابي يكتب : حكاية ولد تحول لفتاة بمليون دولار !

طارق عرابي

بقلم الدكتور : طارق عرابي

بالعودة إلى موضوع (النجمة التي هاجمت أمريكا وإسرائيل – سوزان ساراندون) ، وفي سياق حديثي عن محاولة إجبار مجتمعاتنا على قبول مفاهيم الحرية الغربية وثقافة الديموقراطية المزعومة والمسمومة التي يروجون لها ، أكدت عن نفسي وعن كل العرب والمسلمين على رفضنا الأبدي لما يسمى بحرية وحقوق الشواذ (المثليين) ، أما بالنسبة لهؤلاء (الجاهلين) الذين سارعوا أو سيسارعون إلى اتهامنا بالتخلف بسبب رفضنا لتلك السموم الفكرية المدمرة لمجتمعاتنا ، فسنحاول أن نشرح لهم ما يمكن لأي عاقل أن يدركه بتكوينه الفطري السليم ، وفي حال استمرار خراب أجهزة استقبالكم (الذكية!) يا من تحاولون اجتياح عقولنا بالإكراه ولا تستطيعون استيعاب حقوقنا وثقافتنا الإنسانية والأخلاقية التي نحتفظ ونلتزم بها لأنفسنا (ولا نفرضها على غيرنا!) ، عندئذٍ سننصرف على الفور إلى ما نصحنا به ربُ العالمين (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما).

أيها الغافلون ، أو المتغافلون عمداً ، عن حقيقة ديننا وثقافتنا التي تسمو فوق كل ما تَدَّعونه لأنفسكم ، إن الله خالقنا يرشدنا إلى الصواب ولا يجبرنا على اتباعه (لا إكراهَ في الدين) ورغم أنه سبحانه هو مالك الكون وما عليه ، وهو من يؤتي الملك لمن يشاء وينزعه ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء وهو الذي بيده الخير ، إلا أنه جل شأنه  قد منحنا كامل الحرية وخَيَّرَنا ما بين اتباع ما أراده منا ولنا أو اتباع الشيطان وأهوائنا (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) ، فكيف لكم أنتم يا من تتغوطون وتمرضون وتموتون مثل كل البشر إكراهنا وإكراه شعوب العالم على اتباع ما تريدون؟! ، وإن لم يفعلوا تفتحون عليهم نار أبواقكم الإعلامية الكاذبة وتكيلون لهم سيلاً من العقوبات الدولية (المملوكة حصراً لكم!) ، ما هذا الجبروت الذي منحتموه لأنفسكم دون موافقةٍ من أحد؟! ، ومن أين جئتم بهذا الكم الهائل من الحماقة والصفاقة والتبجح والفجور؟! ، ألا ترون كيف نراكم ويراكم الآخرون؟!

إنَّا نراكم منشغلين بنا إلى حدٍ مبالغ فيه ، تخرجون علينا بين حينٍ وآخر كأساتذة يلقنوننا دروساً في الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان ، وتصدرون تقاريركم الدورية (ذات النوايا الخبيثة) متهمين كل من لم يأتِ على هواكم بانتهاك حقوق الإنسان وحقوق المرأة (وحقوق الطماطم والباذنجان وحقوق أي شيءٍ يطرأ على بالكم!) ، وحقيقة الأمر أنهم انتهكوا أوامركم أنتم ورفضوا الطاعة والخضوع لما تريدون.  

أيها المتباهون بما ليس فيكم ، إن واجهتم مرآتكم بصدق ونظرتم إلى عمق التاريخ من خلف صوركم (الحنجورية الفارغة) ستكتشفون أنكم لستم أول من ناديتم بتمكين المرأة ومساواتها في الحقوق والواجبات بالرجل.

تلك المساواة وذاك التمكين الذي تَدَّعون أنكم جئتم لتعلموننا إياه اليوم ، مارَسَتْهُ (تاريخياً) منذ زمنٍ بعيد ملكاتُ مصر الفرعونية قبل أن يأتي ذكركم في الوجود ،  وأكدته (عقائدياً) كل الرسائل السماوية والسير النبوية ، وإلا لَمَا استطاعت إمرأة نوح عليه السلام أن تملك حريتها الكاملة وتتخذ طريقاً غير الذي أراده الله ونبيه منها ولها ، ولَمَا فعلت كذلك زوجة نبي الله لوط ما فعلته ، ليس هذا فحسب ، بل إننا جسدناه (فنياً) في أكثر من عمل درامي اجتماعي في عصرنا الحديث وكان من بين هذه الأعمال ما عبرت عنه نجمتنا الراحلة (سعاد حسني) بمنتهى خفة الظل في حلقات (هو وهى) مع نجمنا الراحل (أحمد زكي) في عام 1985 من القرن الماضي ، ولم تكتف (السندريللا) بالتعبير عن هذه الحقوق بالأداء التمثيلي فقط ، بل قدمت بنفس العمل استعراضاتٍ غنائية بكلماتٍ جميلةٍ في بساطتها ورائعةٍ في معانيها من أشعار مبدعنا الراحل (صلاح جاهين) ، وقد لخصتها (السندريللا) بكل وضوح عندما قالت: (البنت زي الولد .. مهيش كمالة عدد).

عليكم يا من تدعون الريادة لأنفسكم في كل شيء أن تقرءوا التاريخ جيداً ، إقرءوا عن عصر مملكة الأسرة الفرعونية الحديثة ابتداءً من القرن الخامس عشر (قبل الميلاد) لتعرفوا أن المرأة المصرية القديمة شاركت في إدارة الدولة وساهمت في اتخاذ القرارات المصيرية لشعبها ، اقرءوا لتعرفوا أن من بينهن من تفردن بالجلوس على عرش مصر وتميزن بالقوة في إدارة شئون البلاد قبل آلاف السنين من ظهور دولكم ، إقرءوا عن الملكة نفرتاري – والملكة تي (الملقبة ببنت الشعب – زوجة أمُنْحُتُب الثالث وأم إخناتون) – ونفرتيتي – وحتشبسوت – وكليوباترا ، إقرءوا عن (شجرة الدر) التي تولت حكم البلاد في مصر بعد الفتوحات الإسلامية في عهد الدولة الأيوبية ، ثم اقرءوا بعد ذلك عن أول حركة نسائية تحررية ظهرت بالولايات المتحدة الأمريكية في عام  1917 (بعد الميلاد) والتي كان غرضها محاولة الحصول ولأول مرة على حق المرأة في التصويت للانتخابات والترشح للمناصب ، اقرءوا لتكتشفوا أن النساء الأحرار لهذه الحركة لم يسلمن من بطش السلطة وتم الزج بهن إلى السجون الأمريكية ، وإن لم يكن لديكم وقت أو رغبة للقراءة فأنصحكم بمشاهدة النجمة (هيلاري سوانك) في الفيلم التلفزيوني Iron Jawed Angels الذي أُنتج عام 2004 ويحكي القصة الحقيقية لهذه الأحداث التاريخية التي وقعت في عهد الرئيس الأمريكي الثامن والعشرين (وودرو ويلسون – رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة من 1913 إلى 1921) ، إقرءوا أو شاهدوا أو ابحثوا عن أي وسيلة تلحقكم بطابور العارفين بدلاً من تزعمكم لطابور الغافلين المختالين باختلالهم!

وعلى خلفية الأفلام التي تتناول قضية التحول الجنسي والمثلية الجنسية (كما جاء على سبيل المثال في فيلم – الأولاد لا يبكون – Boys Don’t Cry – للنجمة هيلاري سوانك عام 1999) ، فإننا قادرون على استيعاب وتفهم أقدار الله في خلل التركيب الجيني والهرموني والوظيفي عند بعض البشر ، ونحن كذلك قادرون على استيعاب وتفهم الخلل النفسي المؤدي إلى بعض السلوكيات الجنسية الشاذة وندرك دوافع هذا الخلل عند بعض الأشخاص ، ولكننا نوقن أن الحلول العلاجية (الصحيحة) موجودة ومتاحة إن أردناها على (الصراط المستقيم) ، وبالتأكيد ليس في صراطنا المستقيم ولا في منظور ثقافتنا الأخلاقية أن الحلول تكمن في تحولهم إلى شواذ (مثليين) ، وفي ذات الوقت يرفض ضميرنا الإنساني تعذيبهم أو قتلهم (كما حدث في فيلم Boys Don’t Cry المأخوذ عن قصة حقيقية) ، فهل أنتم قادرون على استيعابنا كما نحن فاعلون؟!

أيها (الحاملون) لراياتٍ ظاهرها الحرية والديموقراطية وباطنها (الحالمون) بامتلاك وإخضاع العالم ، إنني ، بعد كل هذا الشرح ، مازلت أستشعر فيكم خراب أجهزة الاستقبال (بطيئة وضعيفة الاستيعاب) ، لذا سأقول لكم (سلاما) ، وسأنصرف إلى حديثي عن النجمة (هيلاري سوانك) الذي قد ينفع أناساً آخرين يتمتعون بأجهزة استقبال (عالية الدقة) – مثل تلك الصواريخ التي يصفها الجنرال الروسي (إيجور كوناشنكوف) في كل نشرة عسكرية له هذه الأيام!

الأولاد لا يبكون على فتاة المليون دولار!    

وُلدت (هيلاري سوانك) Hilary Swank في شهر يوليو من عام 1974 بمدينة لينكولن بولاية نبراسكا الأمريكية. عشقت التمثيل منذ طفولتها ومارسته على المسرح المدرسي ، واكتشفت موهبتها وكيلة فنية تُدعى (سوزي ساكس) التي دربتها على الأداء التمثيلي ومهدت لها الطريق وعمرها 9 سنوات لأن تلعب دور البطولة في مسرحية The Jungle Book على المسرح المحلي لمدينة بيلينجهام بولاية واشنطن الأمريكية.

بعدما انفصل والداها وعمرها 15 عاماً ، ظلت الأم مؤمنة بموهبة إبنتها وداعمة لها ، وجازفت الأم واصطحبت (هيلاري) معها للانتقال إلى مدينة لوس أنجلوس من أجل حلمها الهوليودي ، وهناك ضاق الحال بهما لدرجة أن سيارة والدتها لم تكن وسيلة نقلٍ فقط بل صارت عنوان مسكنهما معاً ، واجتهدت أمها في أكثر من عمل حتى استطاعت توفير ما يمكنها من استئجار مكان متواضع بلوس أنجلوس لتعيش فيه مع ابنتها الموهوبة.

نمر فيما يلي على تفاصيل الفيلمين الأكثر تميزاً في مسيرة النجمة (هيلاري سوانك) ، وهما الفيلمان اللذان نالت عنهما العديد من الجوائز ومن بينها جائزة الأوسكار كأفضل ممثلة في دور رئيسي.    

الأولاد لا يبكون Boys Don’t Cry – (عام 1999) – مأخوذ عن قصة حقيقية

هيلاري سوانك في شخصية براندون تينا في فيلم Boys Don’t Cry عام 1999

الشاب (براندون تينا – النجمة هيلاري سوانك) يتابع حياته كرجل رغم أنه في الأصل مولودٌ كأنثى تحت اسم (تينا براندون) ، والشاب (براندون) أصبح شخصية معروفة بين شباب وشابات البلدة الصغيرة (فولز سيتي) التي انتقل إليها مؤخراً بولاية نبراسكا الأمريكية ، ويقيم هناك صداقة مع كلٍ من (لانا/ الممثلة كلوي سيفيني) ، و(كانديس/ الممثلة أليسيا جورانسون) ، والشابين المدانين سابقاً (توم/ الممثل بريندان سيكستون ، و جون/ الممثل بيتر سارسجارد) . وتنشأ علاقة حب بين الشاب (براندون) والحسناء (لانا) ، وتأتي ليلة حميمية بينهما ويمارسان الحب ، لكن (لانا) لم تشعر سوى بحبيبها الرجل ، وتستمر الحياة مع الحبيبة والأصدقاء مع استمرار السر المخفي عنهم جميعاً . وبينما كان (براندون) يخطط مع (لانا) للانتقال إلى مدينة ممفيس بولاية تينيسي الأمريكية وعلى أن يصبح مديرها كمغنية كاريوكي هناك ، تحتجز شرطة بلدة فولز سيتي (براندون) على خلفية تهم وردت من شرطة بلدته الأصلية التي كان قد انكشف سره فيها ، وعليه يوضع (براندون) في سجن النساء ، وتسأله (لانا) لماذا وضعوه في سجن النساء بدلاً من سجن الرجال ويجيبها (براندون) بأنه في الأصل ولدٌ مخنث وأنه سيخضع قريباً لعملية إعادة ضبط الأعضاء التناسلية للذكورة فقط ، وبينما يسترسل في هذا التبرير توقفه (لانا) وتخبره بحبها له بغض النظر عن نوع جنسه .

براندون (هيلاري سوانك) مع حبيبته لانا (الممثلة كلوي سيفيني)

أثناء وجود (براندون) في السجن تقع بيد (كانديس) وثائق تحمل اسمه الأصلي كأنثى (تينا براندون) ، وتتلقى هذه الصدمة مع باقي أصدقائه باشمئزاز وغضب ، ويدخلون لتفتيش غرفة معيشة (براندون) وهو مازال في السجن ويكتشفون كل ما يدل على أنه أنثى وليس ذكراً ، بما في ذلك أعضاء ذكورية صناعية.

لاحقاً ، يواجه الأصدقاء (براندون) بغضب وعنف شديدين ويرغمونه على خلع سرواله لفضح حقيقته وإظهار أعضائه التناسلية الأنثوية أمام الجميع ، لكن حبيبته (لانا) تدير وجهها بعيداً.

بعد هذه المواجهة يقوم (جون وتوم) بسحب (براندون – الذي اتضح أنه – تينا) ويرغمانه على ركوب سيارة (جون) ويصطحبانه إلى مكان معزول ويقومان بضربه بوحشية شديدة ثم يغتصبانه (كأنثى) ، ثم يعودان به إلى منزل (توم) ، ويتمكن (براندون) من الهرب عبر نافذة الحمام ، ويذهب بتشجيع من (لانا) إلى قسم الشرطة للإبلاغ عما فعله (توم وجون) ، لكن رئيس الشرطة يبدي اهتمامه بهوية (براندون) الجنسية أكثر من اهتمامه بالجريمة التي ارتكبت في حقه .

براندون بعد تعرضه لضرب وحشي من صديقيه جون وتوم
براندون يتعرض للاغتصاب كأنثى على يد أصدقائه

يستدل (توم وجون) على مكان اختباء (براندون) بسقيفة قريبة من منزل (كانديس) ، ويصلان إليه وهما مخموران  ويطلق (جون) النار على (براندون) ويرديه قتيلاً ، وعندما تصرخ (كانديس) عليهما يطلق (توم) النار عليها ويرديها قتيلة ، ويهرب (توم وجون) بعيداً بينما تبكي (لانا) وهي ترقد بجوار جثة (براندون) ، وتصل (والدة لانا) إلى مكان الحادث وتصطحب ابنتها معها ، وبينما تغادر (لانا) بلدة فولز سيتي فإذا بنا نسمع بالصوت محتوى رسالة كان قد كتبها (براندون).

فازت (هيلاري سوانك) عن فيلم Boys Don’t Cry بجائزتي الأوسكار وجولدن جلوب كأفضل ممثلة في دور رئيسي ، وترشحت لجائزة BAFTA كأفضل ممثلة في دور رئيسي ، بينما ترشحت الممثلة (كلوي سيفيني) لجائزتي الأوسكار وجولدن جلوب كأفضل ممثلة في دور مساعد . تكلف إنتاج هذا الفيلم 2 مليون دولار وجمع أكثر من 11 مليون دولار .    

فتاة المليون دولار Million Dollar Baby – (عام 2004) – مستوحى من قصة واقعية

ماجي فيتزجيرالد (هيلاري سوانك) الحالمة باحتراف لعبة الملاكمة

(ماجي فيتزجيرالد/ النجمة هيلاري سوانك) فتاة من أسرة فقيرة  أرادت أن تنفض عنها وعن أسرتها قهر الزمن ، ورفضت الاستسلام لتلك الظروف القدرية وتسلحت بالشغف والأمل وآمنت بضرورة الكفاح والعمل الجاد والانضباط من أجل تغيير المصير ، ولأنها أرادت أن توجه ضربة قاضية نحو شعورها بأنها (نكرة) ولا قيمة لها في الحياة، راحت تبحث عمن يتبنى رغبتها كملاكمة هاوية للتحول إلى ملاكمة محترفة تحقق الفوز والنجومية والشهرة لتشعر بقيمتها في الحياة وتوفر ما يصون كرامتها الإنسانية ويحمي أسرتها من إهانات الفقر والاحتياج.

تسعى (ماجي) إلى المدرب الأمريكي الآيرلندي الأصل المتميز (فرانكي/ النجم كلينت إستوود) ليقوم على تدريبها وتحويلها إلى ملاكمة محترفة ، لكنه يرفض تماماً فكرة تدريب فتيات للملاكمة فضلاً عن كونها في سنٍ متأخر على البداية كملاكمة ، وتفشل (ماجي) في إقناعه إلى أن يتغير موقفه ويوافق في نهاية الأمر بتأثير وإقناع من مساعده (إدي/ النجم مورجان فريمان).  

ينجح (فرانكي) في تدريب (ماجي) وتأهيلها لخوض مباريات ملاكمة المحترفات ، وتتقدم (ماجي) يوماً بعد الآخر ، وتتحسن حالتها المالية بشكل ملحوظ ، وبدأت تغدق بالخيرات على عائلتها وحققت لهم قفزة كبيرة في مستوى معيشتهم.

وكانت (ماجي) تقسو على نفسها بمزيدٍ من التدريبات حتى وافق (فرانكي) أخيراً ، وبعد اعتراضه المتكرر ، على ترتيب مبارة لها على أكبر لقب في الملاكمة النسائية والفوز بجائزة مالية قيمتها مليون دولار ، ويحين موعد مباراتها مع الملاكمة الشرسة عديمة الرحمة والأخلاق ( بيلي أوسترمان/ الملقبة بالدب الأزرق) ، وتبدأ (ماجي) المباراة بإحراز تقدم على منافستها ، وبعدما دق جرس إنهاء الجولة وذهبت (ماجي) نحو ركنها الخاص بالحلبة تندفع منافستها بكل حقارة وتوجه لها ضربة غير قانونية وتسقط (ماجي) بقوة وتصاب بكسر في العنق يؤدي إلى شللها الدائم .

ماجي في صالة التدريب مع مدربها المحترف فرانكي (النجم كلينت إستوود)
ماجي في صالة التدريب مع المساعد إدي (النجم مورجان فريمان)

تدخل (ماجي) المستشفى وتوضع على جهاز تنفس صناعي ، وأثناء رقودها الطويل بالمستشفى تصاب بتقرحات الفراش ، ويزداد حالها سوءً بصدمتها من عائلتها التي حضرت إلى المستشفى من رحلة تنزه في ديزني لاند ولم يبدُ عليهم أي حزن أو اهتمام بما هي فيه ، بل جاءوا ومعهم محامي وكان كل ما يشغلهم هو توقيع (ماجي) بالموافقة على وثيقة نقل كل أملاكها لهم .

فرانكي يضمد جروح ماجي بين الجولات

تتطور حالة (ماجي) المرضية وتخضع لعملية بتر لإحدى ساقيها ، حتى تصل إلى مرحلة يأس تام من الحياة ، وتطلب من (فرانكي) أن يساعدها بالتخلص من حياتها عن طريق حقنها بجرعة من الأدرينالين ، ويرفض (فرانكي) ، وعندما وصل يأس (ماجي) إلى حد عضها للسانها وقطعه بأسنانها ، رضخ (فرانكي) لمطلبها وتسلل إلى المستشفى ليلاً وحقق لها ما أرادت ، وتغادر (ماجي) الحياة بعد رحلة بين الكفاح والنجاح واليأس.

ترشح فيلم (فتاة المليون دولار) لسبع جوائز أوسكار وفاز منها بأربع جوائز كانت من نصيب كلٍ من (هيلاري سوانك) كأفضل ممثلة في دور رئيسي ، و(مورجان فريمان) كأفضل ممثل في دور مساعد ، و(كلينت إستوود) كأفضل مخرج ، وأفضل إنتاج للنجم (كلينت إستوود – بالمشاركة مع – ألبرت رودي – و – توم روزينبرج) ، وجاءت ترشيحات الأوسكار الأخرى لكلٍ من (كلينت إستوود) كأفضل ممثل في دور رئيسي، و(بول هاجيس) لأفضل سيناريو ، و(جويل كوكس) لأفضل مونتاج سينمائي . كما ترشح الفيلم لخمس جوائز من جولدن جلوب ، فاز منها بجائزتين كانتا من نصيب (هيلاري سوانك) كأفضل ممثلة في دور رئيسي ، و(كلينت إستوود) كأفضل مخرج ، بينما كانت الترشيحات الثلاث الأخرى لأفضل فيلم (إنتاج) ، وأفضل ممثل في دور رئيسي للنجم (كلينت إستوود) وأفضل ممثل في دور مساعد للنجم (مورجان فريمان) . تكلف إنتاج هذا الفيلم 30 مليون دولار وحصد ما يزيد عن 216 مليون دولار.

فيلم (فتاة المليون دولار) مستوحى من قصة الملاكمة الأمريكية (كيتي دالام Katie Dallam) ، ورغم أن أحداث الفيلم غير متطابقة تماماً مع قصة (كيتي دالام) إلا أن كلاً من شخصية الفيلم (ماجي فيتزجيرالد) والشخصية الحقيقية (كيتي دالام) مولودتان بنفس الولاية الأمريكية (ميزوري Missouri) لأسرتين بنفس حالة الفقر ، وكلتاهما احترفتا الملاكمة في سنٍ متأخر ، وكلتاهما اعتزلتا الملاكمة كَرهاً بسبب إعاقة خطيرة ودائمة إثر ضربات وحشية من الخصم في حلبة الملاكمة ، ولكن الشخصية الحقيقية (كيتي) لم تنتحر رغم أن هذه الرغبة قد راودتها مثلما حدث مع شخصية الفيلم (ماجي).

ماجي ترقد بالمستشفى بعد إصابتها بشلل كلي

قصة إصابة (كيتي دالام) الحقيقية حدثت في عام 1996 ، وكانت (كيتي) قد مر على تدريبها شهران فقط عندما دعاها مدربها لقبول مباراة احترافية ستدر عليها أموالاً طائلة ، وحل موعد المباراة ودخلت (كيتي) حلبة الملاكمة  أمام الملاكمة الأمريكية ذات الأصول العربية (سمية عناني – الملقبة بـ The Island Girl – أي فتاة الجزيرة) ، ومع نهاية الجولة الرابعة ، كالت (سمية عناني) سيلاً من اللكمات الوحشية على رأس (كيتي) حتى أسقطتها أرضاً ، ودخلت (كيتي) في غيبوبة أثناء نقلها إلى المستشفى التي أجريت لها بها عملية جراحية في المخ ، وقد نجت (كيتي) بأعجوبة ولكن تركت الإصابة أثراً سلبياً على نظرها وذاكرتها ، وكان عليها إعادة تعلم القراءة من جديد وكذلك المشي على قدميها.

عن اليمين الملاكمة (سمية عناني) وعن اليسار بطلة التحدي الحقيقية (كيتي دالام)

حاولت (كيتي) الانتحار بسبب الاكتئاب الشديد الذي أصابها ، لكنها تجاوزت ذاك الشعور في وقت لاحق من خلال اهتمامها بممارسة هواية الرسم.

من خلال تجربتها القاسية ، أرادت (كيتي دالام) أن تنقل للناس رسالة إيجابية في تصريحاتها بعد تجاوزها لتلك الأزمة بسنوات ، وقالت: (إن الناس يستطيعون أن يكونوا أشخاصاً نافعين ومنتجين في المجتمع ويمكنهم أن يعيشوا حياة ثرية بعد أقسى وأشد الإصابات والإعاقات الكبيرة) .

النجمة هيلاري سوانك مع جائزتي الأوسكار ، الأولى في حفل عام 2000 والثانية في حفل 2005

ومن وجهة نظري الشخصية أن (كيتي) قد نالت بقصتها وتجربتها الحقيقية جائزة أعلى بكثير من كل جوائز الأوسكار التي نالها الفيلم ، إنها جائزة صناعة الأمل من أعماق الألم ، عبر أسمى قصص النضال والشجاعة والإرادة والانتصار لعزة وكرامة الإنسان.

dr.tarekOraby@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.