بقلم الأديب الكبير : سامي فريد
سمعت ليلى مراد جرس الباب من غرفه نومها.
قامت ووضعك الروب فوقها وقالت قبل ان تخرج:
شوفي مين يا مديحه؟
وردت مديحه بعد قليل.
ده سيدي الأستاذ انور يا هانم.
خرجت ليلى تسلم على (أنور وجدي) الذي بدا على غير عادته كان حزينا أقرب في حزنه إلى الخوف.. قال أنور:
صباح الخير يا ليلى..
أهلا يا انور..
فتقدم منها كالمعتذر بقول:
فاكرة يا ليلى لما سالتيني قبل ما نطلق عند فلوسك كم معايا.. وأنا قلت يوميها كلام بايخ..
ثم استانف:
أنت لك في الشركه وفي ذمتي نصف مليون جنيه.. ثم قدم لها شيكا وقعه بامضائه أمامها قائلا:
تفضلي يا ليلى.. نصف مليون جنيه أهم مؤقتا لحد ما أرجع.. ثم بلهجه تمثيليه مؤثرة:
دا إن رجعت!!
وانزعجت ليلى مراد لكلامه وسالته:
ليه بتقول كده يا أنور؟!
قال أنور وهو يناولها الشيك: أنا رايح المطار دلوقت مسافر أعمل عملية الكلى.. وما حدش عارف الحياه من الموت.
وردت ليلى مراد على الفور وهى تمزق الشيك: ترجع بالسلامه يا أنور إن شاء الله.
نظر أنور وجدي إلى الشيك الممزقة أوراقه فوق سجاد الصاله وقال:
عموما يا ليلى انت لك فيه ذمتي نصف مليون!
أضاف وهو يستدير لينزل:
أنزل أنا دلوقتي عشان الحق الطيارة.. أيوه يا ليلى أشوف وشك بخير..
نظرت ليلى من النافذة وراءها.. كانت ليلى فوزي تنتظره في السيارة لتسافر معه إلى المستشفى حيث سيجري عملية الكلي.
دعت له ليله مراد بالسلامة، رغم ما حدث بينهما في فيلم (ليلى بنت الأكابر) عندما طلبت أن تسافر للأراضي المقدسة بغرض الحج، فصرخ في وجهها أمام كل عمال الاستوديو على اختيار هذا التوقيت للسفر وتعطيل الفيلم أسبوعين على الأقل، ليدفع هو كل هذه التكاليف لحين عودة (الهانم) من الحج.
بكت ليلى مراد وقتها بحرقه لأنها كانت بالفعل تريد أن تسافر للحج وهى تنفذ وصية جدها الباشا زكي رستم للحجاز.. القصه معروفه.. ويؤكد البعض أن أنور وجدي انتباته العصبيه جدا ما أدى إلى أن يصفعها امام الاستوديو كله..
ورغم هذا فقد كان رأي ليلى مراد فيه بعد وفاته أنه فنان لن يتكرر.. كان جريئا ومفعما بالحيوية.. كان عصبيا.. وكان يخونها، لكن هذه حكايه أخرى من حكايات حياه ليلى مراد وهى كثيرة.
مرت الأيام في الخارج بطيئه مشحونه بالأمل والياس معا، وعاد أنور وجدي محمولا في نعشه إلى مصر يوم 17 مايو 1955، حيث كانت وفاته في المستشفى بعد العمليه يوم 14 مايو 1955.
بكت ليلى مراد كثيرا على أنور، ولم تذكر شيك نص المليون الذي مزقته أمامه وهي تدعو له بالشفاء.
فقال كثير من الناس أن (ليلى فوزي) ورثته في عماره (باب اللوق) الضخمه وورثت شركة (الأفلام المتحدة أنور وجدي وشركاه)، وقد اسستها ليلى مراد من مالها معه ولم يكن نصيب فيها سوى ثمانية آلاف جنيه.
ومرت الأيام ثم تزوجت ليلى فوزي الاذاعي جلال معوض الذي أصيب في أخريات أيامه بالزهايمر، فقال حاسدوا ليلى فوزي أنها قد ورثت كل تركة (عزيز عثمان)، المطرب الفكاهي والممثل خفيف الظل المعروف الذي كان صديقا لوالدها.. وكان هو الذي ورثته، أما أنور وجدي فلم ترث منه شيئا بسبب مشاكل الميراث والورثة من أسرة أنور وأشقاؤه.. وكذلك وجلال معوض الذي عاشت معه أيامه الأخيرة كالممرضه التي تخدمه في مرضه.
هكذا كانت حياه ليلى مراد التي تزوجت بعد أنور من (وجيه أباظة)، ثم من (فطين عبد الوهاب) وظلت تتلقى التهديد بالقتل من بعض من يدعون أنهم أسرتها اليهوديه في إسرائيل فاغلقت شقتها على نفسها لا تقابل أحدا، ولا تفتح لأحد خوفا من التهديد بالقتل الذي ظل يلاحقها فترة طويلة، وهي ترفض السفر إلى إسرائيل مصممة على أنها مصرية ومسلمة.. وأنها تحب مصر وسوف تموت فيها.
وظلت – في رأيي – تحب أنور وجدي رغم كل شيء.. رغم عصبيته ورغم محاولته تجاهل أنها هى التي قدمته للسينما عندما كانت هى ليله مراد أو (ليلى) فقط في الفيلم الماخوذ عن قصة (غادة الكاميليا)، ويظل هو يلح عليها لتقبل منه قصه (ليلى بنت الفقراء)، ليبدا مشوار ليلى مراد وأنور وجدي وتبقى هى تغفر له كل شيء، ولا تنسى أنه كان فنانا لا يتكرر ولم تعرف السينما المصريه له بديل أو شبيها إلى اليوم.