بقلم : بهاء الدين يوسف
لا أظن أن هناك شبكة للمشاهدة على مستوى العالم أو حتى شركة إنتاج سواء في (هوليوود) أو (بوليوود) أو (أرض عبود) لديها مثل هذا الإخلاص المثير للتعجب لقضية المثلية الجنسية أكثر من شبكة (نت فليكس).
الأمر ليس فقط بما أثارته من جدل واستياء وقت عرض (سريع التحضير) لفيلم (أصحاب ولا أعز) الذي يظهر من اسمه غير المفهوم أو على الأقل غير المستساغ السرعة في إعداد الفيلم وتعريبه بشكل يمكن أن يبدو لنقاد ومتابعي السينما العالمية والعربية وكأن صناع الفيلم كان هدفهم الحصول على (قرشين) حلوين من الشبكة الأمريكية التي كانت تريد بدورها تمرير قضيتها التاريخية في إدماج المثليين جنسيا في المجتمعات العربية مثلما تكافح وتخسر كل مواردها لإدماجهم في مختلف المجتمعات الغربية والآسيوية واللاتينية.
تابعت أكثر من عمل على منصة (نت فليكس) على مدار سنة تقريبا ووجدت أن العامل المشترك في أغلب الأعمال التي تنتجها الشبكة بنفسها هى قضية المثلية الجنسية، ليست فقط كما تعرضها هوليوود في افلامها لتكريس اعتقاد المشاهدين حول العالم بأنها موجودة في كل المجتمعات سواء قبلتها تلك المجتمعات على اختلاف دياناتها وثقافتها وتقاليدها أو لم تقبلها.
لكن (نت فليكس) تعاملت مع قضية المثليين بشكل جديد وبالغ الخبث، حيث أن الهدف من عرض القضية في أعمال الشبكة الأمريكية ليس فقط التأكيد على وجود المثليين وانهم جزء من المجتمعات البشرية سواء قبلنا أم لا، لكن الهدف هو إدماج المثليين في المجتمعات المختلفة، وحث المشاهدين ليس فقط على قبولهم ولكن على المحاربة من أجل أن يصبحوا أعضاء كاملين وفاعلين في مجتمعاتهم، من خلال مشاهد مصاغة بخبث شديد تقود من يشاهدها الى بعض الحقائق التي تريد الشبكة تمريرها مثل أن المثلي هو الشخص النبيل دائما بينما من يحاربون المثلية هم من الأشرار.
ولا يخفي علينا ما سعت الشبكة إلى تحقيقه في فيلم (أصحاب ولا أعز) حين عرضت الجوانب الخفية لكل أبطال العمل الذين يقيمون علاقات غير شرعية على هوامش حيواتهم الطبيعية، بينما الوحيد الذي لا يملك سوى حياة واحدة هو (ربيع) المثلي، لكنه على عكس أصدقائه أكثرهم معاناة في الحياة والعمل بسبب مثليته، مثلما لا يخفي علينا الهدف الحقيقي للمشهد الذي يتخلى فيه كل الأصدقاء عن تحفظاتهم عن المثلية الجنسية ودفع صديقهم لمواجهة المجتمع والجامعة التي فصلته من عمله لإثبات حقه في ممارسة مثليته دون أن يتعرض للنبذ أو الفصل أو حتى نظرات التعجب.
لماذا تفعل (نت فليكس) هذا؟، ولماذا تخلص لقضية المثلية هذا الإخلاص المبالغ فيه؟! حتى يمكن أن نطلق عليها (لوط فليكس) باعتبارها تشجع ما عقوب عليه (قوم لوط) عليه السلام.
حاولت البحث عن إجابات دون جدوى، فمؤسسيها (ريد هاستنج، ومارك راندولف) أشخاص طبيعيين بحسب العديد من التقارير، لديهم زوجات وأولاد ولم يعرف عن أي منهم أنه ثنائي الميول، وربما التفسير الوحيد لدي الطموحات السياسية لكلا المؤسسين خصوصا (هاستنج) المعروف بنشاطه في (الحزب الديمقراطي) وشغل في السابق العديد من المناصب السياسية في ولاية كاليفورنيا، أو ربما أن الشبكة تتلقى دعما ماليا من الجمعيات العديدة المنتشرة في الغرب لدعم حقوق المثليين، لكن ما أخشى منه أن نظل صامتين أو نستدرج لحالة الجدل العقيم المعتادة حول حقوق المثليين في مجتمعاتنا حتى نستيقظ ذات صباح وقد أصبح الشخص طبيعي الميول الجنسية هو الشاذ في مجتمعاتنا بينما المثلي هو المواطن الطبيعي الصالح!.