حكاية أنور وجدي والمليجي والنابلسي وحسن فايق مع الفقر والجوع !
كتب : أحمد السماحي
في نهاية عام 1952 قامت مجلة (الكواكب) بعمل تقرير بعنوان (القرش الأبيض) مع أربع نجوم هم (أنور وجدي، حسن فايق، محمود المليجي، عبدالسلام النابلسي) وجاء فيه : يقول المثل العامي: (القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود) وبين أهل الفن الكثير من الذين مروا بأيام سوداء كانوا لا يجدون فيها القرش الأبيض، وفيما يلي يتحدث البعض منهم عن المآزق الحرجة التى وقع فيها كل منهم وحوجتهم إلى القرش الأبيض.
أنور وجدي والجوع
في البداية يقول الفنان أنور وجدي: عندما اشتدت الأزمة الاقتصادية العالمية سنة 1931 وما بعدها اضطرت المسارح إلى إغلاق أبوابها وتسريح ممثليها وكان علي أن أبحث عن عمل أستطيع أن أعيش منه لأن أسرتي تبرأت مني بعد أن رفضت الاستماع إلى نصائحها بترك التمثيل، وعز على أن أعود مقهورا مهزوما ففضلت أن أجوع وأتشرد على أن أعود إلى بيت الأسرة.
وفي يوم من الأيام رفضت صاحبة البنسيون الذي كنت أسكن فيه أن لا تدخلني إلى غرفتي إلا إذا سددت الإيجار المتأخر، ورفض البقال أن يبيعني ما أحتاج إليه بالشكك إلا إذا سددت المتأخر على، وكان يوما أسود حقيقة فقد أمضيته جالسا على قهوة (الفن) وأنا أحاول أن أقنع عصافير بطني التى ازداد صياحها بأن تنتظر حتى يفرجها ربنا!.
وفي الساعة الثامنة من مساء هذا اليوم أراد الله أن يفرجها عندما ساق إلى طالبا من هواة التمثيل فى إحدى المدارس الثانوية وقد جاء يطلب مني أن أخرج رواية لفرقة التمثيل المدرسية ولم أتركه إلا بعد أن أخذت العربون وقدره جنيهان مصريان.
حسن فايق غادر فرقته
أما الفنان (حسن فايق) فيقول: كنت أعمل مع إحدى الفرق المسرحية سنة 1929 وكانت الحالة المالية (مش ولابد) وقد اختلفت مع إدارة الفرقة بسبب مماطلتها في الدفع، ورفضت ذات يوم أن أستمر في العمل إلا إذا دفعت لي الفرقة جزءا من حسابي المتأخر، ولما كان هذا أمرا يستحيل تنفيذه فقد غادرت الفرقة وليس في جيبي مليم واحد.
وذهبت إلى قهوة (الفن) بشارع عماد الدين، وأمضيت فيها النهار بطولة دون أن يدخل في جوفي غير واحد قهوة، طلبه لي صديق من المعجبين بي، وفي المساء جاء صراف الفرقة وعرض على أن يعطيني ثلاثين قرشا إذا عدت إلى العمل، ولم أستطع أن أرفض هذا العرض الذي اعتبرته إنقاذا لي من الجوع الذي كدت أذهب ضحيته.
المليجي وثلاثة أيام سوداء
للفنان (محمود المليجي) قصة مع القرش الأبيض فيقول: أدركت أهمية (القرش الأبيض) يوم قضيت ثلاثة أيام سوداء مع إحدى الفرق التمثيلية في إحدى بلاد الوجه البحري، حيث جاء متعهد الفرقة معنا إلى البلد، ثم اختفى فجأة بعد أن جمع إيراد الحفلات التى تقرر أن تقيمها الفرقة في هذه البلدة، وعبثا حاولنا العثور عليه، وكان علينا أن نعمل لأننا لا نستطيع مغادرة البلد فقد كنا جميعا لا نملك أجرة السفر، وفي هذه الأيام الثلاثة السوداء عرفت قيمة القرش الأبيض.
النابلسي والفنانة التى نسيت دورها
يحكي (عبدالسلام النابلسي) قصة مع القرش الأبيض فيقول: كان ذلك أيام أن كنت ممثلا صغيرا أعمل مع الفرق المسرحية، واتفقت مع بعض الزملاء على تأليف فرقة تمثيلية وأعددنا رواية الافتتاح ولم يبق إلا قيمة إيجار المسرح، ولجأت إلى كل وسيلة وطرقت كل باب للحصول على قيمة إيجار المسرح بغير جدوى.
وفي هذه الأثناء سمعت أن إحدى الممثلات بحاجتنا إلى مبلغ صغير لنستأجر به المسرح، فعرضت أن تقرضنا هذا المبلغ بشرط أن تقوم بدور البطولة في الرواية، ووافقت على هذا الشرط، وافتتحنا الفرقة وكانت ليلة الافتتاح أشد حلكة من الهباب! فإن الممثلة المذكورة نسيت دورها و(الميزانسين) الخاص به، واضطرب العمل واضطررنا إلى إنزال الستار بين صفير الجمهور وهتافاته العدائية.