بقلم الإعلامية الكبيرة : هدى العجيمي
قد يظن البعض أنني سوف أكتب تحت هذا العنوان شيئا عن النجوم والكواكب من الفنانين، إلا انني اقصد بهذا العنوان شيئا محددا هو مجلة ( الكواكب) التي تصدرها مؤسسة دار الهلال مع مجموعة أخرى من المجلات والكتب والإصدارات العريقة التي تصدرها الدار.
(مجلة الكواكب) في مرحلة التسعينيات قيض الله لها رئيسا للتحرير من أكبر مثقفي مصر وهو الأديب والناقد الكبير الأستاذ رجاء النقاش وكان قرار تعيين رجاء النقاش كرئيس لتحرير الكواكب مثارا لدهشة مجتمع الأدباء والمثقفين في مصر علي اعتبار أن مجلة الكواكب مجلة فنية بحته تولي مسئوليتها من قبل كتاب صحفيون من أصحاب التجارب في الكتابة عن الفن والغناء والسينما والموسيقى والفن التشكيلي، لكن بمجرد أن تولي رجاء النقاش مسئولية رئاسة التحرير حتي ارتفعت نسبة توزيع المجلة التي أصبحت مجلة شاملة تجمع بين الأدب والفن وارتفعت فيها نسبة إضاءة الأعمال الفنية بشكل كبير، وكان هو من الذكاء بأن أضفي علي الأعمال الفنية سمة ثقافية، و ذلك في عملية نقد هذه الأعمال أو عرضها عرضا فنيا وثقافيا عاليا وعميقا.
وأظنني لم أنسي أبدا هذا العدد الخاص من المجلة الذي خصصه تحية منه وتقديرا للشاعر العربي الكبير (نزار قباني) بعد رحيله، و أعتقد أن احتفاظي بهذا العدد الخاص كان لأنه من أهم المراجع الدقيقة المكتملة الشاملة عن حياة (نزار قباني) وأعماله الشعرية والأغنيات التي شدا بها المطربون والمطربات من أشعار نزار قباني، وكلمات تلك الأغاني وأسرار الغناء والتلحين وما وراء الكواليس وحكاية اختيارها من قبل الفنانين، وأيضا كل شيء عن حياته وعلاقاته وصداقاته وزواجه، ورحيل زوجته و مسيرته الحياتية والمهنية والأدبية، فنجد أن صفحات العدد تبدأ بصفحة عنوانها كل شيء عن (نزار قباني) من بداية تاريخ مولده وحتي رحيله، والصفحة الثانية مباشرة بعنوان: (من أنا؟)، ومانشيت يقول أفضل من يتحدث عن نزار قباني هو نزار قباني لانه أحسن من يقدم نفسه ويحلل شخصيته ويغوص في تجاربه الإنسانية، خاصة وهو صاحب أسلوب في النثر لا يقل عذوبة وسحرا عن أسلوبه في الشعر.
ثم يضم العدد شهادات الكتاب والفنانين الذين التقوا به وعملوا معه وانطباعاتهم عنه، ثم لم يتجاهل العدد الإبداعات الشعرية التي لم تنشر من قبل للشاعر الكبير، فخصص عددا من صفحات المجلة للشعر تحت هذا العنوان (عشر قصائد حب. لنزار قباني)، وصفحات أخري للأشعار التي تغني بها المطربون حكايات المطربين عنها، ونشر كلمات تلك الأغنيات.
من الإنجازات التي ركز عليها رجاء النقاش أيضا هى إلقاء الضوء على كل جديد من الإبداعات الفنية وتشجيع الشباب من الفنانين ورعايتهم، ومن هؤلاء الفنانين الشباب كانت موهبة المطرب الجديد (محمد حمام) الذي اهتمت المجلة بفنه عند ظهوره وأغنياته و صوته الجميل المتفرد، وفي لقاء مع الأستاذ رجاء النقاش تحدث معي عن موهبة وصوت (محمد حمام) فاستمعت إليه وأعجبني فقمت بتسجيل سهرة طويلة معه قدم فيها عددا كبيرا من أغانيه الجميلة بصوته المتفرد وبشخصيتة المميزة.
وبعد إذاعة السهرة فوجئت برد فعل المستمعين كما لم يحدث من قبل، فقد وصلت للإذاعة مئات البرقيات والرسائل تحيي هذا المطرب الجديد القادم من أعماق الجنوب ليسمعنا فنا يهز مشاعرنا ويطرب أسماعنا ويقتحم قلوبنا، وطالبت تلك البرقيات والرسائل باعادة تلك السهرة مرة أخرى للاستماع إلى الصوت الجديد وتسجيل الحلقة، ونظرا لنجاح هذا اللقاء تلقيت شكرا من رؤسائي في الإذاعة، وتحية وامتنان من أستاذي رجاء النقاش الذي أراد أن يشكرني علي طريقة الصحافة وطلب أن أوافق على أن تنشر صورتي علي غلاف مجلة الكواكب المقروءة،إلا أنني رفضت هذه التحية الكريمة نظرا لأسباب خاصة ومهنية أيضا، ولم أندم علي ذلك.