بقلم : الفنان التشكيلي الكبير : حسين نوح
تذكرت مقولة لأمي الحاجة نوحة (يا منتظر السمنة من بضن النملة) تذكرت بعد مشاهدتي لبرنامج علي قناة مصرية تدعي أنها (نور وشمس وتنوير) وأضيف (وتجميل)، فالمذيعة الملونة عملت كل عمليات التجميل، فالعيون بلون مياة البحر في (بلاج مراسي)، وقد اهتمت جدا بالمظهر فذهبت للجراح لتمتلك شفايف (صوفيا لورين) وطبعا تجويدا من الجراح جعلها أكبر مرتين وطلبت خطوط جسد (كيم كردشيان) وشعر (هيفاء) وملابس من (بيجال ف باريس) وهو المعادل الموضوعي لبعض المحلات في الموسكي.
واستضافت الجميلة نجم من نجوم المهرجنات وتعاملت معه وكأنها (أوبرا وينفري) التي كتبت عن وعيها وعظمتها المقالة السابقة وتحدث النجم مبتهجاً سعيداً وانتظرت الأسئلة الطيبة وجاءت باجابات بلهاء، وأتذكر بعض الأسئلة لعل من يرغب ف العمل الاعلامي يستفيد – عندك كام عربة – وما هى ماركات العربات؟، طبعا النجم فرصته أن يعبر لجمهوره في الأفراح والسؤال الآخر (باذبهلال): ايه كمية الذهب والجنزير في رقبتك؟!، والرد بحب الدهب وكمان سلسلة من المدام والخاتم من أمي، وفيه أميرة عزمتني أنا والفرقة، بصراحه أنا استمتعت وامتدت السهرة وأنا أتابع فقد كنت منتظر مداخلة لصديق يسألني عن مسلسلات رمضان ولكني اكتفيت وأغلقت التليفون.
هل المفروض تلك النوعية تكملة أو نقل من (شيخ الحارة) وما قبله من برامج مثل (حوار صريح جدا)، فعلاً مندهش وما قيمة تلك النوعية من برامج كشف المستور وعورات البعض وبرامج الطبيخ الاستعراضية للجمبري الجامبو، والمكرونة الفوتتشيني ودريسنج الريكفورد والسلطة بعين الجمل والابرمتيف قطع السيمون، وأخشي أن يعتقد أحد أقاربي في قري محافظة البحيرة أنه سيفون ويتذكرون مشاكل الصرف التي تكبدت الدولة سبعمائة مليار للتخلص منها والعشوائيات في القاهرة والمحافظات.
والسؤال: ماذا تقدمون للناس أيها الإعلاميون؟، عشرة في المائة منكم يدركون ماذا يقدم ويقال لجموع الناس ومختلف الطبقات، ثم أين التليفزيون الوطني المصري العملاق؟، لماذا يترك لينهار وتبقي برامج الجميلات شكلاً وتحايلاً بكبار دكاترة الجلدية الذين تحولو إلي ورش للتجمل والنحت والشفط، كيف لبلد تنطلق ويعمل محبيها أكثر من اثنتي عشرة ساعة يوميا ولكنهم لا يجدوا حتي اضاءة علي ما يفعلونه؟، فقط أعمال سوتية مسلوقة طيبة وبرامج امتهان النجوم اسماً بعد أن فقدت كلمة نجم قيمتها وامتهنت وأصبحت تسبق كل من ظهر في مسلسل يكرس للهطل والبلطجة وانسحب كبار الكتاب ولم يصمد إلا القليل، ومحاولات تتوه وسط أعمال السنج والبلطجة وسرقة الآثار وأخذ التار وموازي لها أعمالا مسرحية عبارة عن اسكتشات وابتذال لمجرد أن نضحك وأحياناً يبكي أمثالي.
وأتحدث مع أصدقائي متذكرا مسرح عريق وأبطاله في كل مفردات العمل الفني، ففي الكتابة (عبد الرحمن الشرقاوي وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس ونعمان عاشور) وكم كبير من عظماء، مندهش أليس ما نعيشه ونراه في العالم من حولنا وقد تحول لغابة بكل مواصفاتها يجعلنا نتعظ ونقدم فنون تساعد علي إعمال العقل بدل أن تكون معاركنا على صفحات بقايا الجرائد القوميه العريقه، مقالة لإبراهيم عيسي أو مسرحية لإلهام شاهين تم إنتاجها في الستينيات لكاتب عطيم هو (جان بول سارتر) ولمجرد الاعلان عن العمل.
ظهرت السيوف للتقطيع ولمجرد الاسم ونار تشتعل معارك وتلاسن و خلافات ثم فيلم لـ (مني ذكي)، وتعلو الأصوات ويزيد اللغط وجواز ممثله وطلاق نجمة وحوادث وقتل وأزمات من مسلسل وعمل فني ياسادة (فينسيا ريد جريف) في أوائل الستينات خلعت ملابسها في فيلم (انفجار) لانطونيوني، ولم تشتعل معارك الصحافة مشهدا في فيلم إخرج السلفيين وبقايا الإخوان من جحورهم وبعض المتعاطفين وحماة الدين الاسلامي العظيم من فيلم يا سادة سنة 2022، ألا تبصرون؟، ألا تشاهدون ما يحدث في أوكرانيا التي كانت تمتلئ شوارعها بالتماثيل والفرق تعزف في الشوارع والمسارح مضاءة ثم جاءت الحرب ونري النساء والأطفال والشيوخ وهم يحاولون النجاة من ويلات الحرب؟، ولكن التلاسن على شبكات التباعد وبرامج تكريس الهطل، رغم محاولات محمودة وأعمال جيدة، وقد أكد (الاختيار) أن لدينا جمهور ينتظر بشغف الأعمال التي يقف خلفها مبدعون، حقائق كما حدث في (بطلوع الروح، وفاتن أمل حربي، وجزيرة غمام لعبد الرحيم كمال).
أندهش وأتأكد من مدي ما وصلنا إليه من فراغ حين أجد معارك البعض عن حالة واضحة كالشمس، (محمد صلاح) سبب من أسباب تعلقي بكرة القدم بعد أن كنت أعرف الفرق بين الأهلي والزمالك بلون الفانلة أحمر أهلي وأبيض زمالك، ودخلت الاستاذ مرة واحده في حياتي حين كنت مع (محمد نوح) نغني (مدد شدي حيلك يابلد) في ماتش تونس الشهير، ثم جاء بسمة مصر شاب مكافح متواضع عاشق لأمه وأبيه فعشق (نجريج) ومصر وعشقه العالم، وأصبح بمثابة وزير خارجيه مصري مشرف جعل الجمهور الإنجليزي يتغني به مو صلاح.
إنه فاعل الخير المتواضع، ولكن هل يترك للنجاح ونفتخر به وهو من أعظم لاعبي العالم، لا لقد أقسم البعض وكتائب بقايا الخرفان ويصرح بعضهم صلاح لا يلعب بحماس صلاح حزين وكأن الأهطل كان معه أمس ويكرر، ولماذا ينزل ليلعب وهو غير مقتنع، وأنام مندهشا وأردد: ماذا حدث للمصريين كلمة جلال أمين؟، ولكن لحسن الحظ أن (بسمة مصر مو صلاح) منطلق ولا يستمع ويتحسس ألفاظه في أي لقاء حتي لا يقع في شباك أعداء النجاح.
يا ساد: من من نجوم العالم تغنت الجماهير باسمه غير صلاح العظيم الملك المصري .. كفانا تدمير وتقليل مما يفعلة البعض حاول يا جهبذ المعرفة وخبير المعلومات وفارس التوقعات أن تكون موضوعي، ولكن كيف وأنت تحكم علي نجم يلعب بقدمة بكرة تنطلق بين الأقدام ويلعب الحظ فيها دوراً كبيرا، ثم أطالبك أن تكون حكيماً فناناً أو كاتباً مثقفاً يعرض مجرد وجهة نظر أو مجتهداً في تفسير ديني لابي هريرة والبخاري ومسلم أوسياسي لحكومة تعمل وتجتهد ويرى معظمنا انجازاتها علي الارض ومازال البعض يشكوا الغلاء، ويتغاضى عن الإنجازات التي تحدت أمام عينيه .. حاول أن تكون منصفا فتلك بلدك وأرضك وعرضك، ولعل ما يحدث لدول يعيش أهلها في مخيمات ودول أخري تحارب بعضها البعض، وتاة الحق والمصلحة العامة تحت أقدام الجشع الإنساني والتلاسن الطيب، ورغم كل ذلك مصر تنطلق إلى الأمام وتستحق.