بقلم الفنان التشكيلي الكبير : حسين نوح
مندهش من كثرة الحديث عن حقوق الإنسان، أسمع في كل المحافل وكثير من لقاءات البرامج المسائية وخصوصاً حين نبتعد عن برامج الطبيخ والموضة ودكاترة التعاقدات الدعائية مع بعض المحطات وكثير من برامج الكوره وافتكاسات كبار اللاعبين وتمنياتهم عموماً أرزاق وهواء لابد من إشغاله.
لكن أزعجني التشدق للبعض وكثرة الحديث عن حقوق الإنسان بكلمات وأمنيات يري أمثالي من المتابعين لما يحدث في العالم أنها كلمة أصبحت للاستهلاك وأفرغت من محتواها بسبب ما نشاهده يومياً من أحداث في كل انحاء العالم.
حقوق الإنسان يا لها من كلمة أتذكرها حين يعتدل بعض الضيوف في كثير من البرامج الليلية وينظر للكاميرا متحذلقاً ويحدثنا وكأنه استنبط المجهول ويردد حقوق الانسان.. أي إنسان يا سيد؟!، إنسان سوريا أو اليمن أو العراق أم فلسطين المحتلة أم أوكرانيا التي نراها الآن يوميا علي الشاشات بصور ومشاهد تقترب من إبادة للأخضر واليابس ونساء وأطفال تجري مذعورة؟!.
ألا تندهش مثلي وتتابع ردود الأفعال وخصوصاً في العالم المتحضر الأوروبي والأمريكي الذي يطالب البعض منهم بحقوق الحيوانات وتقام المحميات وتنتقل الشرطة لإنقاذ قطة أو بطة تسير علي الطريق بصغارها ويتوقف المرور لإنقاذ البطة، وصراخ لجمعيات ومنظمات ومجتمع مدني وحقوقي ينادي بإنقاذ الأرواح؟!، إنة أداء إنساني نجله ونقدره، ولكن نظرة لما يحدث للإنسان من قتل وامتهان وأحيانآً جوع كما في الصومال، لكنه العجب فالأطفال في فلسطين وبدون أسلحة ومجرد هتافات يطلق عليهم النار ويعذبون أمام العالم وتمتهن كرامتهم صغاراً وشيوخاً ونساءً.
ما هذا ثم ما حدث للإعلامية (شيرين أبو عاقلة) المراسلة التي اعتاد الناس عليها وهى تنقل للعالم من يحدث من مهازل تمتهن فيها كلمة إنسان بل وكرامة أصحاب الأرض، ويطلق عليها وبدم بارد النار وهى ترتدي سترة زرقاء كتب عليها بوضوح كلمة (صحافة) بالانجليزية، مما يؤكد أنها إعلامية تمارس عملها، ويري العالم ما حدث في تشييع جثمانها إلى مثواه الأخير، أي عار وتوحش بربري مذعور من مراسلة حية وميتة لم يراعي حقها بعد قتلها بدم بارد أن تدفن بكرامة؟، وقد خرج الآلاف لوداعها شباب ونساء وأطفال الكل يبكي وأعزل لا يحمل إلا الدموع على الجفون؟!.
مراسلة يعرفها العالم أجمع ويحاول أحبائها تكريم جثمانها لترقد شهيدة الكلمة في سلام ولكن كيف والجبروت العسكري الصهيوني يمارس بتوحش مذعور خائف يضرب المشيعين بلا هوادة ولا إنسانية ويرتمي الرجال أرضآً ومحاولات يراها العالم للحفاظ علي التابوت من السقوط على الأرض أكثر من مرة وتمتهن النساء؟!، ويزداد التلاسن في العالم الغربي والعربي ويحدث الشجب والرفض والاستياء وهو نفس ما يحدث مع تدمير المدن والاعتداء علي النساء والأطفال ويزيد أحياناً فقط تجويد بسيط كما يحدث مع أوكرانيا، وقد تم تدمير معظم البنية التحتيه وخرج السكان يبحثون عن ملجاء فنجد بعض الدول الغربيه تتبرع ببعض الأسلحة، وإحدي الدول الكبرى ترسل ستة مليارات من الدولارات!.
نعم ومن متابعتي أكتشف أن خسائر أوكرانيا من الحرب قد فاقت الـ (ستمائة مليار دولار)، فماذا لو استمرت الحرب وهى مشتعلة حتي الآن؟! ولن يستطيع أحد أن يتوقع القادم والمجهول، ولكن تستمر كلمة حقوق الإنسان والشجب وعقد الموتمرات، ونفس ما حدث أمامنا في سوريا وليبيا والعراق وأفغانستان ويحدث في فلسطين؟!.
العجيب والعجب ذاتة أن الإخوة الحقوقيين تقفل عدسات عيونهم عن مانراه يومياً وكأنهم لا يبصرون، ثم أندهش حين يتحدث البعض منهم عن بعض حقوق المدونين أو الناشطين الذين قد تم احتجازهم ليقفو أمام القضاء للحفاظ على أمن وسلام أكثر من مائة مليون مواطن ومواطنة يستنشقون الأمان في وطنهم، ولكن نسمع صراخ البعض مطالباً بالإفراج والحق في التعبير متناسيا مصلحة دولة كانت على وشك الاختطاف والعودة الي الماضي وزمن الناقة والسبي والحطب طمعاً في عودة حلم زمن (الخلافة الإسلامية).. أطماع بشريه لا تتماشي مع العصر والحداثة ولكنهم لايبصرون ولايشاهدون.
ماذا حدث مع ذوات السترات الصفراء في باريس؟، وما حدث في لندن وحين قال رئيس الوزراء البريطاني السابق (ديفيد كاميرون ): لا تحدثني عن حقوق حين تتعرض بريطانيا وأمنها القومي للخطر، ولا نتغافل عن ما حدث في تركيا مع المنقلبين والمتمردين من أفراد الجيش بل والصحفيين، ولكن للأسف تسقط جفون الناشطون والحقوقيون والمدونون وتطفأ عدسات عيونهم عما يحدث في فلسطين وسوريا والعراق واليمن، ازدواجية فاجرة لا يمكن أن تقبل في عالم أصبح على الهواء نشاهده جميعا لحظة بلحظة، فما يحدث في أوكرانيا ينقل إلينا في نفس اللحظه والناس تندهش وتكتئب، ولكن البعض يشجب وتعقد الجلسات وتتبادل الاتهامات والأبرياء تمطرهم الطائرات وتحرق بيوتهم أمام اعينهم، ويظل الحقوقي والمنظمات تطالب ولكن عبثاً.
ادعو كل مصري إلى اليقظة وإعمال العقل ومتابعة ما يحدث على الساحة، فنحن أمام مخططات وأحلام يجري السعي لتحقيقها بكل السبل والحيل دون أي اعتبار للمنطق ولا الحقوق، أعتقد أن حقوق الإنسان هى أن يحيا كلاً منا في وطنة آمن من أي اعتداء علي أرضه وعرضه ويعيش حياة كريمة من مأكل ومسكن وملبس وتعليم وصحة وحرية في ممارسة عقائده الدينية وفرصة عمل تجعله فاعلاً في مجتمعه ليزدهر ويتقدم.
للأسف يعيش البعض حالة من سيولة وخلط ولا تباين في كثير من مناحي الحياة فالكل يتحدث في السياسة ويتحذلق ولا يقتنع بالرأي الآخر ويطلق فقط كلمات مثل: ينبغي، ويجب، وحبذا، والمطلوب أن يعمل خارج الصندوق، ويتحدث في الاقتصاد كأنه خبير أو محافظ البنك المركزي ويتوقع زيادة الدولار مرة، وغلو الأسعار مرة، وكأن معظم رواد شبكات التباعد الاجتماعي خبراء في الاقتصاد، وبالمثل نجدهم في الفن هم النقاد وفي الطب هم الدكاترة وكل يتحدث وليس على (الفيس بوك وتويتر) حرج ولا رقيب ولا حساب ويزيد اللغط والتلاسن وكلها وجهات نظر شخصية.
وللأسف حتي البرامج الحوارية في بعض المحطات أصبحت تحاول ملء الهواء فاختيار الضيوف أصبح طيب دون النظر لقيمة المعروض وتقديمه لطبقات متباينة من المتابعين، فجمهور المدينة غير جمهور القرى غير جمهور (الكوباوند)، غير جمهور بقايا مواطنين العشوائيات التي دفعت الدولة المليارات لنقلهم إلى أماكن وبيوت إنسانيه يعيش بها المواطن بكرامته ويأخذ ما له ويقدم ما عليه مجهود واضح من الدولة تستحق الشكر عليه.
ياسادة: العالم أصبح مختلفا والدولة تعمل وعلينا أن ندرك خطورة المرحلة، فبعد كرونا ظهرت حرب أوكرانيا ولا يعرف أحد منا ما هو القادم فهو مجهول والقوي العظمي تحركها المصالح ومصر تدرك ويعمل بها المخلصون، ولكن مازال البعض يهرتل ولا يدرك ان العالم علي شفا حرب عالمية ثالثة، وكما قال ألبرت آينشتاين: (لا أعلم بأي سلاح سيحاربون في الحرب العالمية الثالثة؟!، لكن سلاح الرابعة سيكون العصي والحجارة، والمعني واضح إبادة التحضر .. مصر تنطلق وتستحق.