كتب : أحمد السماحي
آمن النجم الراحل سمير صبري الذي رحل عن حياتنا أمس الجمعة بالحب، فخلده الحب في قلوب أصحابه وكل من عرفه، كان يحمل دائما مصباح الابتسامة والصفح والعفو، ولم تخذله كل هذه الصفات لأنها تدفقت من نبع الصفاء العميق في نفسه، ولم ينطفئ المصباح أبدا لأنه كان يدرأ عنه ريح الضغينة، ولم يكن له أبدا جلد على الخصام أو شهوة للأذى، وحتى الذين اختلف معهم حملهم على كتفه ولبى معهم داعي النجدة كلما أصابهم كرب أو أذى.
رغم كثرة الحوارات التى أجراها النجم الراحل في الإذاعة والتليفزيون والصحافة، لكنه كان دائما لا يدخل في تفاصيل حياته الخاصة، لأنه كان يعتبرها شأنا خاصا به وحده، فحياته وعائلته كانوا دائما خط أحمر ممنوع الاقتراب منه، لهذا يكتسب هذا الاعتراف الذي أدلى به النجم الراحل في كتابه (حكايات العمر كله) أهمية كبيرة جدا، حيث يقول نجمنا الراحل عن قصة حبه وزواجه من زوجته الأولى وأم ابنه: (الحب الكبير في حياتي بدأ عندما كنت في السنة الأولى من كلية الآداب حيث رشحني أستاذي الإنجليزي للتدريس في مدرسة (إي جي سي) وهى مدرسة للبنات.
ذهبت للمدرسة، وقابلت السيدة (خلف الله) ناظرة المدرسة، وهى سيدة صارمة تجمع في شخصيتها ما بين (زوزو حمدي الحكيم، ونجمة إبراهيم) وقالت لي: (ستدرس للبنات الصغيرين مرتين في الأسبوع، وهتاخد 13 جنية في الشهر)، وافقت وبدأت التدريس وكان الفصل الذي أدرس فيه يطل على (حوش المدرسة) وعندما تخرج البنات الكبيرات من فصولهن، كن يقفن لمشاهدتي، وأنا أدرس للبنات الصغيرة، ولذلك استدعتني السيدة (خلف الله) وقالت لي: (البنات الكبار بيقفوا يتفرجوا عليك، أنا متأسفة مش هتكمل معانا في المدرسة خوفا عليك!).
فى الإجازة سافر أستاذي الإنجليزي وقبل سفره أعطاني خطابا لأوصله لصديقته الإنجليزية التى كانت تدرس في مدرسة البنات، ذهبت للمدرسة وأعطيتها الخطاب، وبعد قراءته وجدتها تبكي، لأن أستاذي كتب يقول لها إنه لن يعود إلى مصر مرة آخرى، بدأت أواسيها وأقابلها، ومع الوقت بدأت قصة حب بيننا، وعندما تخرجت وذهبت للقاهرة، اشترى لي أبويا شقة في الزمالك، وجاءت صديقتي إلى مصر، وأجرت لها شقة في الزمالك، وشغلتها مدرسة في مدرسة (بورسعيد) في الزمالك.
وعشت معها قصة حب ووفاء نادر جدا، وطلبت صديقتي مني الزواج ففكرت في المسألة، كيف أصارح أبويا وأمي بأنني أرغب في الزواج من خواجاية وهم يحلمون بحفل زفاف كبير لي وأبويا يأمل أن أعمل سفيرا بوزارة الخارجية، خاصة وأنني أتقن عدة لغات، وبناء على إلحاح شديد من حبيبتي، غامرت وتزوجتها في السر، وأبقيت على شقتها، في الوقت الذي انتقلت هي للعيش معي في شقتي في الزمالك في العمارة التى كان يسكنها (يوسف شاهين ونجوى وفؤاد).
كانت زوجتي جميلة جدا، وهى الحب الضائع في حياتي الذي أندم الآن ندما شديدا لأنني لم أستطع الحفاظ عليه لأن حبي للفن كان أكبر وحبي للمشوار الصعب الذي مشيته كان أكبر من أي حب ثان، كنت خارج المنزل طوال الوقت بين الإذاعة والتليفزيون والسينما التى كانت أخطو فيها خطوات بسيطة من خلال أدوار صغيرة، وهى تنتظرني في صبر وصمت!.
وعندما حملت سألتني إن كنت سأخبر والدي؟، وكنت دائما أتهرب من الإجابة وأقول لها إن شاء الله، وبعد فترة قالت لي : (اتركني أذهب إلى لندن، أنجب طفلنا هناك وتبقى تزورني بدلا من حياتي وحيدة هنا، أو تيجي تعيش معانا هناك)، وافقت خاصة أن ولادة الطفل في إنجلترا ستجعله يحصل على الجنسية البريطانية أسرع، وسافرت هي إلى لندن، والتحقت بمدرسة لتعليم الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
وظلت بيننا اتصالات وزيارات، ولا أنسى أول مرة حملت فيها ابني بين يدي، ونظرت إليه، وأنا أدرك معاناته في الحياة بعيدا عني، الطفولة المحرومة نفسها التى عشتها!، لم أستطع مواجهة أبويا وأمي بخبر زواجي وإنجابي، وبعد فترة سرقتني نداهة الفن من كل شيئ وبدأت أدوار البطولة في السينما تشغلني عن أي شيئ في الحياة، وبدأت الأحلام تتحقق وبريق الأضواء تشغلني ونجومية برامج التليفزيون تبعدني عن زوجتي وابني، وتم الطلاق بيني وبين زوجتي!.
واليوم أشعر بندم شديد لأنني لم أستطع الحفاظ على زوجتي وابني وفني، وخلال السنوات الأخيرة تزوج ابني وانجب لي أحفاد أحبهم ويحبونني.
وحكايتي مع الحب لم تنته أبدا فخلال رحلتي الطويلة مع الفن أحببت 3 من زميلاتي لن أصرح بأسمائهن، ومن كل تجربة حب استفدت أشياء كثيرة ومازلت أكن لهن كل حب واحترام وتربطني بهن صداقة وزمالة أعتز بها جدا.