المطرب الحقيقي يمتلك حساً استثنائياً بالكلمة التي يغنيها، فهي لابد أن تتسرب إلى أعماقه، وتذوب في وجدانه، ويجب ألا تكون زائدة، أو مكررة، أو ثقيلة على الأذن، وإلا رفضها على الفور وطلب من الشاعر مؤلف الأغنية تغيير هذه الكلمة أو ذلك المقطع، فى هذا الباب سنتوقف مع بعض الأغنيات التى تم تغيير بعض كلماتها، أوحذفها.
كتب : أحمد السماحي
نحيي هذه الأيام الذكرى العاشرة لرحيل أميرة الغناء العربي (وردة) – رحلت عن دنيانا يوم 17 مايو عام 2012 – والتى كانت تنساب الكلمات من بين شفتيها شرابا سائغا يشفي قلوب العشاق والحياري، ويداعب النسائم، ويسكن الدفء في دروب الحب ووديانه الخصبة بالمشاعر على جناح الشوق الجارف نحو بواطن الشجن المحبب.
اليوم في باب (محذوفات الأغاني) نتوقف عند تجربة فريدة في مشوارها، وفي مشوار مطربنا اللبناني الكبير (وديع الصافي)، والحكاية باختصار أنه في عام 1970 شارك (وديع الصافي) في فيلم (نار الشوق) الذي قام ببطولته (رشدي أباظة، صباح، حسين فهمي، هويدا، حمدي غيث، عبدالمنعم إبراهيم) إخراج محمد سالم، في هذا الفيلم الغنائي الرائع، قدم (الصافي) لأول مرة في مشواره أغنيتين باللهجة المصرية هما (على رمش عيونها، ودار يا دار) كلمات حسين السيد، وألحان العبقري بليغ حمدي، وبعد عرض الفيلم حققت الأغنيتين نجاحا ساحقا، ومازالتا نجاحتين ومطلوبتين حتى الآن في كل الأذاعات العربية.
وبعد زواج المطربة الكبيرة (وردة) من (بليغ حمدي) طلبت أن تعيد غناء الأغنيتين، ورحب (بليغ) بالطلب لكن على حذر، لهذا ظل يماطل في تلبية الطلب، خاصة وأن الأغنيتين حققتا نجاحا ساحقا بصوت (وديع الصافي)، وأي مطرب سيقترب منهما سيحترق بنار عذوبة وإمكانيات (الصافي)، لكن (عند) المطربة (وردة) الشهير جعلها تصمم على غناء الأغنيتين، وفي عام 1979 كان (بليغ حمدي) مشغول بإعداد ألحان للمطربة الجديدة الواعدة (ميادة الحناوي)، وحتى يُسعد زوجته (وردة) ويبعدها عن مايفعله! سمح لها بإعادة غناء الأغنيتين!.
لكن واجه المشروع مشكلة تتلخص في أن كلمات أغنية (على رمش عيونها) ذكورية، ولا تصلح أن تغنيها مطربة، لأن هذا لو حدث سيأخذ الأغنية إلى إيحاءات جنسية غير مستحبة، فلا يصح أن تغني مطربة (على رمش عيونها قابلت هوى) وإلا اتهمت بممارسة السحاق! لهذا طلب (بليغ حمدي) من الشاعر المبدع (حسين السيد) تغيير كلمات الأغنية، وكتابة كلمات أخرى تصلح لغناء (وردة) على نفس اللحن، وأعجب (حسين السيد) بالفكرة وأخذها كنوع من التحدي لموهبته وكتب على نفس الوزن والقافية أغنية (على قد ما يومها فرحنا سوا) وقامت المطربة (وردة) بغنائها هى وأغنية (دار يا دار) وطرحهما على شريط كاسيت من خلال شريكة (موريفون) في نهاية السبعينات لكنهما لم يحققا نفس نجاح الأغنيتين بصوت (وديع الصافي).
وإليكم كلمات أغنيتي (على رمش عيونها)، و(على قد ما يومها) ولاحظوا الفرق بين كلمات الأثنين، ولاحظوا أيضا روعة وإبداع شاعرنا الكبير (حسين السيد) فى كتابته لأغنية (على قد ما يومها) على اللحن.
على رمش عيونها قابلت هوى
طار عقلي مني وقلبي هوى
وأنا يللي كنت طبيب الهوى
ولأهل العشق ببيع الدوا
من نظرة لقتني صريع الهوى
يا يا باي، يا يا بوي
لها ضحكة يا ويلي بلون السهر
لما الورد بيملا شفايفه قمر
ضحكة لها بالودن ابتسامة القدر
فوق خدود العطاش فيوم المطر
وأنا يللي كنت طبيب الهوى
ولأهل العشق ببيع الدوا
من نظرة لقتني صريع الهوى
يا يا باي، يا يا بوي
على رمش عيونها قابلت هوى
طار عقلي مني وقلبي هوى
خدني شوقي لقتني بروح عندها
حد تاني سبقني وخد يدها
كان حبيبها وغايب بقى له سنة
والنهارده وصل على بختي أنا
وأنا يللي كنت طبيب الهوى
ولأهل العشق ببيع الدوا
من نظرة لقتني صريع الهوى
يا يا باي، يا يا بوي
………………………………………………..
وهذه كلمات أغنية (على قد ما يومها) غناء وردة:
على قد ما يومها فرحنا سوا
ده كلامه عجبنى فى وصف الهوى
وأنا ياللى كنت بخاف م الهوى
ولغيرى ياما وصفت الدوا
من نظرة لقيتنى بدوب ف الهوى
ياااااا يا بووووى
خدنى قلبى لقيتنى بطير ف السما
ويوميها يا عينى نسيت مين انا
ولقيتنى دايبه ف بحر الهنا
والليالى احلوت تانى لنا
دى الدقيقة الحلوه بتسوا سنه
والكلام الحلو سمعته هنا
والليالى الحلوه بنار قلبنا
تسقى كل الدنيا دفا وهنا
وانا ياللى كنت بخاف م الهوى
ولغيرى ياما وصفت الدوا
من نظرة لقيتنى بدوب ف الهوى
ياااااا يا بووووى
القمر ده ليلاتى ضيف عندنا
والنجوم بتنور ليلنا لنا
وليالى المغنى بتحلى بنا
والناس سهرانه معانا هنا
وانا ياللى كنت بخاف م الهوى
ولغيرى ياما وصفت الدوا
من نظرة لقيتنى بدوب ف الهوى
ياااااا يا بووووى
على قد ما يومها اتهنوا سوا
ده كلامه عجبنى فى وصف الهوى.