سر بكاء شادية ليلة العرض الخاص لفيلم (المرأة المجهولة) !
كان بين الفنانيين زمان علاقة أقرب إلى الأخوة الصادقة، يعيشون طوال أيام التصوير علاقات صداقة بريئة، وزمالة محترمة، بعيدة عن المصالح الضيقة، والمنافع المؤقتة، والشوائب المكدرة، علاقة قائمة على الثقة والمودة والبساطة، أساسها الصدق وفروعها الكلمة الطيبة وإحسان الظن والألفة، لهذا كانوا يجتمعون دائما فى بداية أي فيلم أونهايته ليأخذون مع بعضهم صورة تذكارية أو (سيلفي) بلغتنا الآن.
كتب : أحمد السماحي
من الأفلام التى تعتبر علامة فارقة في مشوار معبودة الجماهير (شادية) فيلمها الشهير (المرأة المجهولة) الذي عرض عام 1959، وهو مأخوذ عن مسرحية عالمية اسمها (مدام x) وقام بكتابة السيناريو محمود ذو الفقار، ومحمد عثمان، وإخراج محمود ذوالفقار، وشارك في البطولة (كمال الشناوي، عماد حمدي، زهرة العلا، شكري سرحان، سهير البابلي).
في عام 1958 قرر المنتج محمد حسن رمزي تحويل المسرحية العالمية (مدام x) إلى فيلم سينمائي، وأسند إخراجه لمخرج الروائع حسن الإمام، الذي رشح اكتشافه ونجمته المفضلة هند رستم، وبعد فترة تدريبات على الفيلم، وشراء (هند) لملابس الدور، وقع خلاف بين (الإمام) والمنتج (محمد حسن رمزي) على الأجر، فانسحب (الإمام) من إخراج الفيلم، وساندته (هند) في موقفه، واعتذرت هى الأخري عن دورها، فرشح (حسن رمزي) المخرج (محمود ذو الفقار) لإخراج الفيلم.
وأثناء اشتغال (ذوالفقار) على الفيلم قرأت زوجته النجمة (مريم فخر الدين) – كما ذكرت في برنامج (ساعة صفا) – السيناريو فعجبها دور البطلة، وطلبت من زوجها أن تقوم بالبطولة فقام وقذفها بالكرسي في وجهها، وقال لها: (متنفعيش، ما حدش هيعمل الدور ده غير شادية!)، لأنه كان يؤمن بقدرتها التمثيلية الهائلة وأنها لديها طاقات لم تكتشف، واعترض بعض القائمين على العمل على اختيار (شادية) لكونها النجمة الجميلة فتاة أحلام الشباب ليس في مصر فقط بل في الوطن العربي فكيف ستتخلي عن جمالها ويتقبلها الناس في هذا الدور الذي ستمثل في مرحلة منه دور العجوزة التعيسة التي هى أم لشاب.
كما أن (شادية وكمال الشناوي) ثنائي فني قدم العشرات من الافلام كحبيبين وعاش الثنائي الفني الجميل في وجدان الجماهير فكيف ستؤدي (شادية) دور المرأة التي راحت ضحية لظروف اجتماعية قهرية ففقدت كل شيء وصارت حطاما بعد أن كانت آية من الجمال والحيوية؟، ومأساة حياتها طبقا لأحداث الفيلم علي يد (كمال الشناوي) فكيف سيصدق الجمهور ذلك؟!
ولكن إصرار (محمود ذوالفقار، وكمال الشناوي) على إسناد الدور لشادية أسكت الجميع، أما (شادية) نفسها فقد أعجبت جدا بالدور واعتبرت الدور تحدي لها وأنه سوف يثبت للجميع قدراتها التمثيلية وسيقدمها للجمهور بشكل جديد، بعد أن ملت تمثيل الفتاة الدلوعة والشقية.
وبدأت (معبودة الجماهير) تستعد للدور بقوة وتحدثت مع (رمضان إمام) المسئول عن المكياج في الفيلم بأنها تريد مكياجا كاملا لدور العجوزة، فقد كانت بطلات السينما فى ذلك الوقت عندما يستدعي الدور أن تظهرن متقدمات في العمر يقومون بوضع خصلة بيضاء في شعرهم فقط، لتدل علي تقدم العمر حتى يظلوا بأناقتهم لكن (شادية) رفضت ذلك وأصرت علي أن يبدوا علي وجه هذه السيدة علامات الزمن والشقاء والتعاسة، وكان يتم تركيب ماسك من الجلد لها ليدل على الترهلات أسفل العينين.
وتحكي شادية للإعلامية (أمينة صبري) في برنامج (حديث الذكريات) أنها أثناء إزالتها في أحد الأيام لهذا الماسك وكان ملتصقا بشدة أسفل عينيها فؤجئت بانتزاع رموشها السفلية مع نزع الماسك، وتروي أيضا في نفس البرنامج إنها كانت تتقمص الدور من لحظة خروجها من المنزل، ويلاحظ العاملون في الاستديو ذلك ويقولون النهاردة المدام سوف تؤدي دور العجوزة عندما يجدوها محنية الظهر وليست مثل عادتها في الضحك وجو المرح الذي تشيعه في المكان، وعندما يجدوها كعادتها بخفتها وشقاوتها يقولون النهاردة المدام حتعمل دور الشابة وتضحك (شادية) عندما تسمعهم يقولون ذلك.
هذا الأسبوع في باب (سيلفي النجوم) نتوقف مع مجموعة من صور العرض الخاص لهذا الفيلم الذي أقيم في سينما (ريتس) وحضره فريق عمل الفيلم، وأثناء حضور (شادية) بكت مع السيدات والفتيات اللاتي حضرن عرض الفيلم بعد سماعهم لأغنية (سيد الحبايب يا ضنايا أنت)، كما تأثرن بشدة بسبب ظروف بطلة الفيلم المأساوية.