بقلم : بهاء الدين يوسف
جذب مسلسل (الاختيار) منذ عرض الجزء الأول منه قبل عامين اهتمام المشاهدين، ليكشف عن حقيقة افتقاد المصريين لأعمال درامية أو وثائقية تعرض الجانب البطولي لرجال الجيش والشرطة، وتخلق حالة من التعادل في صورة هؤلاء أمام الصورة النمطية لهم التي يمكن وصفها في مجملها أنها غير إيجابية خصوصا رجال الشرطة.
لكن الجزء الثالث من (الاختيار) وقع في أكثر من فخ رغم نجاحه الجماهيري بفضل الأداء المميز للنجم (ياسر جلال) في تجسيد شخصية الرئيس السيسي حينما كان وزيرا للدفاع.
أول تلك الفخاخ الخلط بين الجانب الدرامي والوثائقي، حيث جاء المسلسل كما شاهدناه خليطا غير متجانس بين الاثنين، لدرجة دفعت البعض لانتقاده بدعوى أن المؤلف لجأ إلى تقديم رسائل مباشرة للجمهور لتوصيل الفكرة التي يسعى اليها المسلسل، وهو أمر يعتبر نقيصة في أي عمل فني، لأن الأصل في الحكم على أي عمل يتوقف على قدرته في إقناع المشاهدين له برسالته دون أن يفصح عنها بشكل مباشر، ولنا في السينما الأمريكية أو الهندية نموذجين يحتذى بهما، فمثلا نجحت (هوليوود) عبر سلسلة أفلام طويلة في ترسيخ فكرة (الأمريكي السوبر) الذي لا يقهر أمام أي تحديات أو صعوبات، مثلما نجحت (بوليوود) في تقديم صورة مشرقة وبراقة للهند والهنود رغم أن الحقيقة غير ذلك.
الفخ الثاني هو المبالغة في تصوير الجانب المثالي من الضباط بحيث ظهر الثلاثي (أحمد السقا وأحمد عز وكريم عبد العزيز) كأنهم ملائكة تمشي على الأرض، في حين أن جوهر الدراما كما تعلمنا اللعب على إظهار تناقضات الشخصيات داخل العمل الفني والصراعات الداخلية بين هذه التناقضات، خصوصا أن طبيعة النفس البشرية تحمل الخير والشر في آن واحد، وهي إشكالية تفتقدها الدراما العربية بشكل عام والمصرية بشكل خاص في السنوات الأخيرة، بعد رحيل مؤلفون مبدعون مثل (أسامة أنور عكاشة وصالح مرسي) وغيرهما.
الخلاصة أن سيناريو الجزء الثالث من مسلسل (الاختيار) كان عبئا عليه مقابل المشاهد الوثائقية وإبداع النجوم اللذين كانوا القاطرة التي قادت المسلسل للنجاح، وهو أمر يجب مراعاته مستقبلا إذا كانت هناك نية للاستمرار في تقديم أجزاء أخرى لضمان ألا يصل تأثير أهم عمل فني في السنوات الأخيرة إلى المستوى صفر، ويصبح بلا تأثير على المشاهدين.