تعرف على أغنية (هند رستم) التى اعترض عليها يحيي حقي، بسبب الإيحاءات الجنسية !
كتب : أحمد السماحي
كان جمهور السينما في الماضي عاشقا للغناء ولا يتخيل وجود فيلم سينمائي بدون أغنية ضمن أحداثه لهذا كنا نجد في معظم أفلامنا السينمائية وحتى حقبة الستينات أغنية أو أكثر بصوت بطل أو بطلة الفيلم حتى لو كان هذا البطل أو تلك النجمة ليس لهما علاقة بالغناء من قريب أوبعيد!، حيث كان المنتجين والمخرجين في هذه الفترة يستعيرون أصوات مطربات ومطربين الإذاعة المصرية غير المعروفين تحديدا ليغنوا بدلا من نجوم التمثيل في المشاهد التى تتطلب الغناء.
ومن أشهر النجمات التى كانت تغني بطريقة الدوبلاج النجمة الكبيرة (هند رستم) التى كانت تغني في الأفلام التى تقوم ببطولتها بصوت مطربة الإذاعة (تيتا صالح)، ومن الأفلام التى قامت ببطولتها وغنت فيه أغنية سببت مشكلة كبيرة في الرقابة واعترض عليها الأديب والكاتب الكبير (يحيي حقي) أغنية في فيلم (عشاق الليل) قصة وسيناريو وحوار حسين حلمي المهندس، إخراج كمال عطية، وبطولة (ماجدة، ويحيي شاهين، وحسين رياض) وغيرهم.
والحكاية ببساطة وكما ذكرها المخرج والشاعر (كمال عطية) في كتابة الممتع (مذكرات أغنية) أنه تقدم للرقابة بأغنية من تأليفه، وتلحين وتوزيع الموسيقار (زكي عثمان) لفيلمه (عشاق الليل) تغنيها (هند رستم) وهى ترقص في أحد الملاهي الليلية يقول مطلعها:
عايزين ومش عايزين
عايزين ونتمنع
وانتو كمان عارفين
وسيبنا نتدلع
واحنا صحيح عايزين!
واعترض الأديب (يحيي حقي) بنفسه على كلمات هذه الأغنية بصفته مدير مصلحة الفنون التى تضم الرقابة على الأفلام، ثم تمكن بعض الرقباء من إقناعه بأنه لم ينتبه إلى معاني كلمات الأغنية (الفاجرة) لأنه رجل حسن النية!.
ويقول المخرج (كمال عطية): تلقيت اتصال هاتفيا من الكاتب (يحيي حقي) وحدث بينا الآتي:
يحيي حقي : آلوه، أنا يحيي حقي يا أستاذ كمال.
كمال عطية : أهلا يا بيه صباح الخير.
يحيي حقي: لأ النهاردة مافيش صباح الخير، أنا عاوزك تجيني دلوقت حالا، فيه حاجة مهمة لازم أبلغها لك.
كمال عطية: مادام مافيش صباح الخير تبقى الحاجة المهمة مافيهاش خير، وبما أن الشر دائما أسرع من الخير في الوصول إلى الناس تبقى المواصلة بالتليفون أسرع من المشوار لمكتبك.
يحيي حقي: كمال أنا مش مستعد اني أسمع تلاعب بالألفاظ في التليفون، كفاية التلاعب بالألفاظ في أغانيك!، تعالى بسرعة نتفاهم سوا قبل ما آخد قرار مش في مصلحتك.
كمال عطية: حاضر أنا جى، ماهي مصلحتي مهمة عندي زي مصلحة الفنون ماهي مهمة عندك.
ويضيف (عطية): الحقيقة أني اندهشت فليس من عادة (يحيي حقي) أن يتراجع عن قرار يكون قد اتخذه لأنه دائما يتأكد من صحة وضع إمضائه قبل أن يوقع حتى لا (يوقع نفسه في أي ورطة)!، ودخلت مكتبه فوجدته غير مبتسم على غير العادة، فقلت وأنا أحاول أن ابتسم أنا ابتسامة عريضة يمكن أن تحتوي ابتسامة إضافية له أيضا!.
كمال عطية: صباح الخير برغم انه مش باين فيه خير.
يحيي حقي: كمال أنا رفضت الغنوة بعد ما اقتنعت أن فيها معاني خفية غير مستحب سماعها.
كمال عطية: طيب مادام خفية، يعني مش ظاهرة يبقى مافيش منها أي ضرر أخلاقي.
يحيي حقي: حتغيرها يعني حتغيرها، دلوقت تقعد مع الرقباء اللي رافضينها وتغيرها أو تحذف منها حسب ما تتفقوا سوا.
كمال عطية: أنا أوعدك بالتغيير إذا قدرت أما إذا ما قدرتش، فأنا متمسك بحقي في تسجيل الأغنية بعد الموافقة التى صدرت منك شخصيا يا (يحيي بيه) تاركا (يحيي حقي لكم، والتمسك بحقي لي).
وبرغم نرفزة (يحيي حقي) ضحك من مداعبتي، وقال: (أنا واثق انك حتقدر تغيرها، وده كلام فارغ، وانت بارع قوي في تأليفه!) وضحكت أنا أيضا.
وبالفعل قدرت أكتب غيرها وعلى نفس الوزن الذي تم التلحين به، وقدرت في الوقت نفسه أضحك تاني على الرقابة، بس المرة دي بألفاظ لها إسقاطات ومدلالولات لم يفهموها، وكانت الكلمات الجديدة يقول :
رايحين لكم رايحين، مهما خد المشوار
جايين لكم جايين، ولحد باب الدار
رايحين لكم رايحين حد الأيدين تتباس
بس احنا مش خايفين غير من كلام الناس
بس أنتم مش عارفين
جايين لكم والشوق يقربها
وإن كنتوا مش حاسين نقعد ونحسبها.