* رجاء عبده أنقصت وزنها حوالي 15 كيلو في 10 أيام حتى تفوز ببطولة الفيلم أمام عبدالوهاب.
* كانت (ليلى فوزي) تحافظ على مواعيد العمل، فهي أول من يحضر إلى الاستديو، وأول من يعمل المكياج، لكنها كانت ضعيفة في التمثيل.!
* عيون مديحة يسري سبب اشتغالها في الفيلم، وغيرت اسمها فى هذا الفيلم.
* ناقد آخر ساعة: إن (عبدالوهاب) نفسه الذي كان في أفلامه السابقة صنما أبكم يتحرك كالآلة قد تدردح حتى أصبح ممثلا لا بأس به بل ممثلا خفيف الروح
كتب : أحمد السماحي
نحيي خلال الأيام القليلة القادمة وبالتحديد يوم 4 مايو الذكرى الـ 31 لرحيل موسيقار الأجيال (محمد عبدالوهاب)، أسطورة الغناء والموسيقى العربية بلا منازع، وواحد من أبرز الفنانين الذين صاغوا وجدان أمة بكامله، آثر أن ينتشل اللحن الشرقى الخالص من براثن عصر السلاطين والملوك والأمراء، ليمتزج مع روح سيد درويش وعبده الحامولي، وليسير على درب التجديد فى شكل وملامح الأغنية المصرية التى ظلت أسيرة الصالونات والقصور المخملية إلى فضاء الشارع الرحب.
وليصوغ منها لحنا رومانسيا خالصا يمزج بين الأصالة والمعاصرة، فى ثوب يتحلى بالموضوع الاجتماعى والسياسى والوطنى، وتغلب عليه فى ذات الوقت روح الفكاهة والدعابة والسخرية اللاذعة فى وقار غير معهود، مستمدة من روح الشخصية المصرية البسيطة، وهى نفس الروح التى جعلت منه، ليس فنانا عظيما فحسب، بل ملكا للحن ومتوجا على عرش اللحن العربي، والموسيقار الأول والأخير لكل الأجيال.
إنه الفتى الرشيق النحيل الذى غدا أيقونة الحب والعشق الرومانسى فى زمن الفتوة الفنية والاجتماعية والسياسية، والتى جعلته حلما للفتيات والفتيان لأجيال متعاقبة، على جناح فنه الذى اقترب من حد الأسطورة وتجاوزها.
هذا الأسبوع قررنا في باب (فيلم لا ينسى) أن نتوقف مع فيلمه الخامس (ممنوع الحب) ونظرا لغزارة المعلومات والكواليس عن هذا الفيلم، فقررنا الاستغناء عن رواية الأفلام التى عرضت عام 1942، والأحداث الفنية التى عرضت في نفس العام، وتركنا مخرج الفيلم (محمد كريم) يحكي لنا بعض كواليس هذا الفيلم الذي أخرج (عبدالوهاب) من وقاره السينمائي، فتعالوا بنا نقرأ ماذا كتب محمد كريم عن كواليس فيلم (ممنوع الحب) في مذكراته:
في البداية يقول كريم : على مدى شهور كنت أبحث عن قصة جديدة لـ (محمد عبدالوهاب) لتصلح لتقديمها في السينما وتكون هى موضوع الفيلم الخامس بيننا، بعد (الوردة البيضاء، دموع الحب، يحيا الحب، يوم سعيد) وذات يوم دق جرس التليفون، وكان المتحدث (عباس علام) الأديب والقصاص المعروف، وحددنا موعدا للقاء، وفي شرفة منزله التى تطل على حديقه مهجوره في حي شبرا عرض موضوعا طريفا يمتاز بالرقة والقوة والحركة، ويدور حول فكرة الثأر عندما يجنح به أصحابه إلى مواقف من التعصب المضحك الذي يضيع فيه العقل والاتزان، فقد حدث خلاف بين أسرتين يرجع عهده إلى أيام بعيدة لا تذكرها الأجيال الجديدة من أفراد الأسرتين، وعندما نقب عنها الراسخون في العلم تبين أن سببها كما ورد على لسان والد البطل: (أن دكر حمام من عندهم لاف على حمامه من عندنا، وأصبحت مسألة عرض وشرف، نعمل ايه؟، موتنا دكر الحمام الفلاتي وهدمنا البرج بحاله، ومن هنا بدأت قضايا القتل والنهب والسرقة).
قصة اكتشاف رجاء عبده
يضيف كريم: تتابع لقائي بالمؤلف الشهير خاصة بعد إعجاب (عبدالوهاب) بالقصة، وفضل أن تكون بطلته هذه المرة مطربة بعد أن ظهر في فيلمان متعاقبان بدون مطربة، ورفضت العودة إلى (ليلى مراد) آخر المطربات في أفلامي لأنها ظهرت في أفلام أخرى، كما أن (نجاة علي) زاد وزنها زيادة كبيرة، فضلا على أن تقديم وجه جديد كلما أمكن ذلك أدعى إلى توسيع قاعدة العمل السينمائي، كانت الفتاة التى يريدها الدور الجديد لا تزيد عن الثامنة عشرة سنة، وبينما كنت أقلب في ألبومات الهواة لفت نظري صورة لفتاة اسمها (رجاء عبده) كان من المقرر أن تشترك معانا في بطولة (دموع الحب) عام 1934 لكن حال سنها الصغير عن المشاركة في البطولة حيث لم تكن وقتها تعدت الخامسة عشر.
واختفت (رجاء عبده) ولم أعد أسمع عنها، والآن وبعد ثماني سنوات تقريبا تأتي فرصة الفتاة الصغيرة ذات القوام الرشيق، والوجه المصري الجميل، واتصلت بها، فحضرت إلى شركة (بيضافون) بشارع الموسكي، وعندما رأيتها ذهلت فقد فوجئت بكتلة من الشحم واللحم تصلح للجلوس على الشلتة في بيوت القرن الماضي ولا يمكن أن تصلح إطلاقا للظهور على الشاشة، فقد كانت سمنتها مروعة مخيفة، ويبدو أن الصدمة وخيبة الأمل قد نطق بهما وجهي، ويبدو أن الفتاة قد لاحظت هذا بفطنتها، فقالت : تخينة شوية مش كده؟ فقلت لها : تخينة شوية؟! ده انتي تخينة جدا جدا، ومش ممكن تشتغلي في السينما بالشكل ده، فقالت : أخسس نفسي، فقلت لها: هو أنا مكتوب علي أني ما شتغلش مع واحدة إلا وتخسس نفسها.
ويستكمل كريم باقي كواليس فيلم (ممنوع الحب) فيقول: وبعد حوالي عشرة أيام نقص وزنها 14 كيلو، واستعادت بذلك رشاقتها، وكانت تذهب إلى في مكتب (عبدالوهاب) لحفظ الحوار، وطريقة الإلقاء وقد أظهرت ذكاء نادرا وكانت قادرة على التعبير بعينيها عندما تريد إبداء رأي، وعندما جاء دور إعداد الملابس اهتديت إلى خياطة ماهرة اسمها مدام (شارلوت) في شارع قصر النيل وقد اشترطت عليها ألا يرى أحد من عملائها ملابس الفيلم وموديلاته الحديثة على الإطلاق، وكانت تحضرها من باريس رغم نشوب الحرب العالمية الثانية وصعوباتها، وكلما انتهى أحد الأزياء أخذته معي إلى المنزل خشية العيون.
اكتشاف ليلى فوزي
وكان في فيلم (ممنوع الحب) دور لفتاة ستكون صديقة البطلة (فكرية / رجاء عبده) فبحثنا عن وجه جديد، وكلفت الريجسير (قاسم وجدي) بمعاونتنا في البحث، وفي أحد الأيام حضر ومعه فتاة صغيرة عمرها 17 سنة يصحبها أبوها وأمها وأختها، وقد راقت الفتاة لي، لقد كانت آية في الجمال، تتحلى بأدب في طبعها وليس من فعل الصنعة، كانت نظيفة المظهر بشكل تستريح إليه النفس وبدون تردد قررت إسناد الدور لها، وكان دورها سيدة متزوجة متحررة، وكان دورها يتطلب منها أن تدخن السجاير فطلبت منها أن تدخن السيجارة فقالت (ليلى) في أدب العذارى: انها لم تدخن في حياتها، وكررت طلبي واعترضت ثم تغلبت عليها طاعتها وأمسكت بالسيجارة مرتعشة كما يمسك الطفل عود ثقاب مشتعل سبق أن حرق أصابعه، وأشعلت السيجارة بطريقة مضحكة وجذبت نفسا صغيرا وفجأة تملكها سعال عنيف ودمعت عيناها، ودار رأسها وكادت تسقط مغشيا عليها، كان منظرها مثيرا للضحك والإشفاق معا لدرجة أني قررت حذف مناظر التدخين رأفة بها.
كانت (ليلى) في ثياب الفيلم الجديدة جميلة فاتنة، وكما يقول المثل (لبس البوصة تبقى عروسة) فماذا تكون النتيجة لو أننا لبسنا عروسة حقيقية من دم ولحم، وكانت عروستنا الجميلة في غاية الأدب الذي يجسم حياة وخفر العذارى، وكانت تحافظ على مواعيد العمل فهي أول من يحضر إلى الاستديو وأول من يعمل المكياج ثم تجلس في أحد أركان البلاتوه كالتلميذة الصغيرة تنتظر أن يوجه إليها المدرس سؤالا في أي لحظة، وكانت ضعيفة في التمثيل وهذا طبيعي، وكنت أمثل لها المشهد مرات وكانت تحاول محاكاتي في كل مرة، وكانت دائما تتقدم في تمثيلها إلى أن أشعر أنها أدت بالشكل المطلوب، وظهرت (ليلى) في الفيلم ونجحت نجاحا يحسدها عليه كثير من الوجوه الجديدة، وقد تحدث الجميع عن جمالها المفرط ولكن البعض قال أنها باردة وأنا على عكس هذا الرأي فجمال (ليلى) وطباعها تمثل لونا من ألوان الجمال الهادي الوديع.
اكتشاف مديحة يسري
وعن كيفية اكتشافه الفنانة مديحة يسري يقول كريم: كان من بين مشاهد فيلم (ممنوع الحب) مشهد للمهندس (محمد عزيز) الذي يجسده (عبدالوهاب) ويدخل عليه مجموعة من أصدقائه يهللون ويضحكون وقد أحضر لي (قاسم وجدي) مجموعة من الكومبارس، وكان من المشاكل التى قابلتنى عدم وجود فتاة مصرية جميلة العينين تركزعليها الكاميرا عندما يغنى عبدالوهاب (بلاش تبوسنى فى عينيه) لتؤكد معنى الأغنية، كان كل الكومبارس الذين يعملون فى السينما فى هذا الوقت معظمهم من الأجانب خاصة الفتيات، وكل أعينهم إما زرقاء أورمادية، وفى أحد الأيام فوجئت بالريجسيير الشهير قاسم وجدى يصطحب معه فتاة سمراء جميلة رائعة العينين، فصرخت على طريقة (أرشميدس) وجدتها وجدتها، وزففت الخبر إلى (عبدالوهاب)، الذى سعد جدا لسعادتى، وعندما سألت الفتاة عن إسمها قالت: (هنومة خليل)، فطلبت تغييره إلى (مديحة رفعت)، وبالفعل حملت (مديحة) هذا الاسم لمدة يوم كامل! وفى اليوم التالى طلبت هى تغييره إلى (مديحة يسرى).
……………………………………………..
نقد
من النقد الخفيف اللذيذ الذي كتب عن فيلم (ممنوع الحب) ووجدناه منشور في مجلة (آخر ساعة) في 15 مارس عام 1942، هذا النقد الذي نعيد نشره نظرا لطرافته ولشرحه لحالة الفيلم: (شهد مدخل سينما ستديو مصر، مساء يوم الثامن من مارس 1942، زحامًا شديدًا لم تشهده السينما من قبل فقد كان أمام الباب وفي الشارع كتل من الأجسام البشرية، واضطر كثيرون ممن كانوا قد ابتاعوا تذاكرهم إلى العودة، وقال أحدهم: (ده مش فيلم ممنوع الحب.. ده فيلم ممنوع الدخول) فإن الفيلم ظريف وخفيف في تمثيله وفي موسيقاه ولو أنه كان فيلما صامتا، أو أنه كان فيلم تمثيل من غير موسيقى أو غناء لما حال هذا دون نجاحه بل لأصاب نجاحا يفوق نجاح معظم الأفلام التي ظهرت في هذا الموسم، ولقد كان ضحك الجمهور متواصلا بل عجيبة العجائب.
إن (عبدالوهاب) نفسه الذي كان في أفلامه السابقة صنما أبكم يتحرك كالآلة قد تدردح حتى أصبح ممثلا لا بأس به، بل ممثلا خفيف الروح استطاع أن يطلق الضحكات العالية من أفواه الجمهور.
وكثيرا ما أخذ على (عبدالوهاب) في أفلامه السابقة أنه كان عاشقا باردا متكلف الحركات وكانت قبلاته أشبه بقطرات من ماء الثلج تتساقط فوق خد الحبيبة ولكنه في فيلم (ممنوع الحب) كان عاشقا حارا يعرف كيف يغازل وكيف يداعب وقالت إحدى السيدات قد شاهدت الفيلم يظهر أن (عبدالوهاب) أمضى العامين الماضيين في التمرين!.
وكذلك رجاء عبده التي عرفها الجمهور كمطربة أكدت النظرية التي أثبتت صحتها بأن المطربات اللاتي لم يظهرن على خشبة المسرح هن أصلح من سواهن للتمثيل في السينما والدليل على ذلك أن (أم كلثوم) وقد برهنت على أنها ممثلة مصر الأولى كما هى مطربتها الأولى، وأنها لو شاءت يوما أن تعتزل الغناء لكانت خير من يصلح لتمثيل الأدوار الأولى على خشبة المسرح.
فـ (رجاء عبده) كان تمثيلها طبيعيا جدا وبلغ حد الإجادة والإتقان ولا شك أنها ممثلة وفق إليها (عبد الوهاب) ليعد فيلم (ممنوع الحب) هو أقوى أفلام عبدالوهاب.
……………………………………………..
بطاقة الفيلم
إنتاج : أفلام عبدالوهاب
قصة : عباس علام عن مسرحية (روميو وجوليت).
سيناريو وحوار وإخراج : محمد كريم.
ماكيير : حلمي رفلة.
كلمات الأغاني : مأمون الشناوي وحسين السيد.
ألحان الأغاني والموسيفي التصويرية : محمد عبدالوهاب
الأغنيات هى : (بلاش تبوسني فى عينيه، يا مسافر وحدك، هليت يا ربيع، ماكنش على البال، ردي عليه، حتفوتني لمين، ياللي فت المال والجاه، أوعى تقول ممنوع الحب، يا مراكبي قدف عديني، ياللي نويت تشغلني، ح يحبني وحشغل قلبه).
بطولة : (محمد عبدالوهاب، رجاء عبده، عبدالوارث عسر، ليلى فوزي، مديحة يسري، سامية جمال، زينات صدقي، ثريا فخري، أمين وهبة، عبدالعزيز خليل، محمد أمين).