مصطفى محرم : استوحيت فكرة (الحاج متولي) من قصص زواج الرسول من أمهات المؤمنين !
كتب : أحمد السماحي
من المسلسلات التى عرضت في شهر رمضان عام 2001، وحقق نجاحا ساحقا مسلسل (عائلة الحاج متولي) تأليف مصطفى محرم، إخراج محمد النقلي، وبطولة كوكبة كبيرة من النجوم منهم (نور الشريف، غادة عبدالرازق، سمية الخشاب، ماجدة زكي، مصطفى شعبان، فادية عبدالغني، مونيا) وغيرهم من الفنانيين، وناقش المسلسل مشاكل تعدد الزوجات، ومشاكل الرجل الشرقي مع مشكلة تعدد الزوجات.
الكاتب الكبير الراحل (مصطفى محرم) خصني في حوار نشر في مجلة (الأهرام العربي) وقت عرض المسلسل عن تفاصيل مهمة للغاية، وقام بعد ذلك بنشرها في كتابه (حياتي في التليفزيون)، فتعالوا بنا نتوقف عند كواليس واحد من أيقونات دراما شهر رمضان وهو مسلسل (عائلة الحاج متولي).
يقول المؤلف الكبير مصطفى محرم: في أحد الأيام جاءني المخرج (محمد النقلي) يطلب مني موضوعا لمسلسل تليفزيوني، لكن لم يكن في رأسي فكرة جاهزة فاقترح على أن نعيد خماسية (الساقية، والرحيل، والضحية، والنصيب، والتوبة) التى كتبها (عبدالمنعم الصاوي، وأخرج بعض أجزائها (نور الدمرداش)، لكن نجاح هذا العمل في التليفزيون جعلني ابتعد عنه تماما، لكنه أوحي لي بفكرة الرجل الذي يتزوج من أربع نساء.
ومع مرور الأيام بدأت الفكرة تتكون وتكبر في ذهني، ووجدت نفسي أقرأ ما كتب عن حياة الأنبياء فقد قرأت عشرات الكتب خاصة أجزاء السيرة النبوية في مختلف الكتب وهى الأجزاء التى تتعلق بزوجات الرسول عليه الصلاة والسلام وعلاقته بهن، وبعد معاناة عصيبة استوحيت فكرتي الأساسية من السيرة النبوية وقصص زواج الرسول من أمهات المؤمنين!.
ويصرح محرم قائلا: كتبت ملخص للموضوع وقسمته إلى جزئين، كان في نيتي أن أكتب مسلسلا من جزئين وجعلت لكل جزء عنوانا الأول بعنوان (زوجات الحاج متولي) والثاني (أولاد الحاج متولي)، قدمت الموضوع إلى إدارة النصوص والرقابة وكان هناك شخص وصل لسن المعاش ولم يكن أصلا له علاقة بالنصوص وكنت اسمع عنه الكثير وأنه لا يوافق إلا إذا أخذ ثمن موافقته وهذا النوع تجده كثيرا فى إدارات الرقابة والنصوص، ولم يجد هذا الرجل في الملخصين شيئا لرفضهما سوى أن برر رفضه مستندا إلى قرار شفهي من وزير الإعلام (صفوت الشريف) بعدم إنتاج مسلسلات الأجزاء أو مسلسل سبق إنتاج قصته في فيلم سينمائي، ولكي ألتزم بقرار الوزير قمت بإدماج الملخصين في ملخص بعنوان واحد هو (عائلة الحاج متولي).
ويضيف محرم: قررت أن أختصر الطريق ولا أخضع للمساومة والابتزاز فأرسلت الملخص إلى رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون مباشرة وكان في ذلك الوقت هو المهندس (عبدالرحمن حافظ)، قرأ الرجل الملخص وبعد يومين اتصلت به تليفونيا لأعرف رأيه فأخبرني بأن الموضوع من أفضل ما قرأ، استبشرت خيرا بما قاله وعهدت بأمر تسويق هذا الموضوع إلى المخرج (محمد النقلي) فقد كانت على علاقة جيدة بمنتجي القطاع الخاص الذين يتعاملون مع قطاع التليفزيون بنظام (المنتج المنفذ)، قدم (النقلي) الملخص إلى شركة (كنج توت) وانتظرنا الرد فلم يأتي! ونسيت الموضوع نظرا لانشغالي في أعمالي السينمائية.
ويواصل محرم حدوتة مسلسل (عائلة الحاج متولي) فيقول: في أحد الأيام وجدت (نور الشريف) يسألني عما إذا كان عندي موضوع يصلح لمسلسل تليفزيوني، وبرر هذا السؤال بأن المنتجين عرضوا عليه كثيرا من المسلسلات ولكنه بعد قراءتها لم يقتنع فأخبرته بأن لدي في درج مكتبي عشر ورقات فطلب مني أن أرسلها له، فأرسلت له (عائلة الحاج متولي)، وفي صباح اليوم التالي أيقظني (نور الشريف) ليخبرني بأن هذا هو الموضوع الذي يبحث عنه، وأعطيت الموضوع لصديقي المنتج (ممدوح يوسف) ليتولى هو بقية الأمور وتقدم (ممدوح) بالموضوع إلى قطاع الإنتاج حيث كان يتولى رئاسته فى ذلك الوقت (مدحت زكي) الذي وافق على الفور على المشروع بعناصره، لكنه اعترض في بادئ الأمر على المخرج (محمد النقلي) فقد رأى أن المسلسل أكبر منه!، ويحتاج إلى مخرج متمرس، ولكني أصريت على (النقلي) لأنه بدأ المشروع معي منذ البداية.
ويستكمل محرم كلامه قائلا: ذهبت أنا ونور الشريف وممدوح يوسف ومدحت زكي وقابلنا الوزير (صفوت الشريف) وعرضنا المشروع عليه فوافق على الفور وتمنى لنا التوفيق، بعدها مباشرة بدأت أكتب الحلقات إلى أن وصلت إلى المنتصف، فبدأنا نقوم بترشيح الأدوار، لم نختلف على (فادية عبدالغني) في دور الزوجة الأولى وكنا نخشى ألا توافق لأن الشخصية تموت في الحلقة السادسة، ولكن الدور أعجبها وقبلته، أما بالنسبة لبقية شخصيات زوجات الحاج (متولي) فكانت المفاضلة في دور الزوجة الثانية (أمينة) بين كلا من (عبلة كامل، وماجدة زكي) على أساس أنها لم تكن على درجة كبيرة من الجمال وعلى وشك أن تصبح عانسا، فمالت الكفة بالنسبة لـ (عبلة)، ولكنها كانت مشغولة فى ذلك الوقت فأسندنا الدور إلى (ماجدة زكي).
واخترنا (معالي زايد) في دور الزوجة الثالثة (نعمة الله) على أساس أن ملامحها مصرية وتجيد تمثيل شخصية (بنت البلد)، كانت (معالي) تظن أنها البطلة وأن كل من حولها من الزوجات أقل تواجدا وفاعلية، فوافقت على تجسيد (نعمة الله)، وبعد أن قرأت حوالي 17 حلقة سألتني ماذا سيحدث بعد ذلك فأخبرتها بأنني لا أعرف بالضبط، فالأحداث تتوالد أثناء الكتابة وباقي على رمضان شهور فأخذت تحدثني عن تاريخها ومكانتها وأن الدور يتساوى مع الجميع فاعتذرت وجاءت بدلا منها (غادة عبدالرازق)، وفي الواقع لم أكن شاهدت (غادة) كثيرا من قبل، بل ربما في عمل أو عملين ولذلك كنت أخشى عليها من هذا الدور وكانت المفاجأة التى أسعدتني أنها تفوقت تفوقا كبيرا.
وكانت الفنانة (بثينة رشوان) هى المرشحة لدور الزوجة الرابعة التى تعمل (مأمورة ضرائب) ولكنها لم تلتزم في حضور البروفات ولمسنا فيها عدم الحماس فصرفناها بالمعروف، اقترح المنتج ونور الشريف الفنانة (ندى بسيوني) بدلا من (بثينة) لكنها جاءتنا وكأنها (سعاد حسني) وأشترطت أن يكون اسمها بعد (نور الشريف)، وأن دورها صغير لا يليق بمكانتها ولذلك لابد وأن أزيد في دورها حتى يتلاءم مع مكانتها الفنية التى بحثت عنها فلم أجدها!، وبالطبع عندما سمعت مثل هذا الكلام ضحكت لأنني لا أسمح بأن أعطي أذني وأستمع إلى الملاحظات سوى للنجمات الكبيرات في عالم السينما، والعجيب أن (سعاد حسني) التى كتبت لها فيلمين كانت متواضعة وطيعة لم تطلب منى مثل الطلبات التى طلبتها (ندى بسيوني)، وعلى الفور طلبت تغييرها واختاروا (سمية الخشاب) ولم أكن أعلم عنها شيئا فأخبرني (نور الشريف) بأنها مجتهدة وشاطرة وملائمة تماما للدور، وختم كلامه بجملة (الخيرة فيما اختاره الله).
أما الزوجة الخامسة فكانت من نصيب (مونيا) زوجة المنتج وكان شرطي أنا والمخرج إذا ثبت أنها ممثلة ضعيفة فسوف تقوم بدور الصديقة، ورشح (محمد النقلي) الفنان (محمد نجاتي) ليلعب دور (سعيد ابن الحاج متولي) وكنت أرى (مصطفى شعبان)، ووافقت (النقلي) على ترشيحه واتصل المنتج (ممدوح يوسف) أمامنا بالفنان (محمد نجاتي) وفتح الهاتف لنسمع، فخيل إلينا أننا لا نتحدث مع (محمد نجاتي) ولكن نتحدث مع (مارلون براندو) أو (آل باتشينو)، وبدأ يشترط ويطلب ويسأل عن النجوم وأين سيكتب اسمه وأسئلة كثيرة فصحت فيه وطلبت من المنتج إنهاء المكالمة فورا مع (آل باتشينو مصر)، واستقر الأمر على (مصطفى شعبان) الذي لم يسأل عن شيئ ولا عن اسمه وحقق النجومية من وراء هذا المسلسل.
بدأ عرض المسلسل وكنت أظن أنني لن أكتب مسلسلا آخر يلقي نجاح مسلسل (لن أعيش في جلباب أبي) الذي قدمته قبل (الحاج متولي)، ولم أكن أتوقع له سوى نجاحا معقولا خاصة أنه لم يتعبني في كتابته، لكن ما حدث خلال وبعد عرض المسلسل فاق كل توقعاتي بمراحل كثيرة جدا فقد أقام الدنيا ولم يقعدها حتى الآن وقضي على شهرة أي مسلسل منذ بداية المسلسلات التليفزيونية.