بقلم الفنان التشكيلي : حسين نوح
يا سيدي تحدثني كثيرًا في الدين ويزداد عدد الدعاة والبرامج ومنهم الأزهري الواعي ومنهم الكاچوال بالتيشرت والديكور المودرن يحاوطه وكثير من جموع تفترش الطرقات في المصالح، بل أحياناً في الشوارع ولا أجد لذلك مردوداً على الأخلاق والمعاملات ونتحايل جميعآً وبكل الطرق بل البعض يطالب دائماً الدولة بما ينقصه ولا ينظر لما يقدمه.
أعتقد لدينا مشكلة تحدثني كثيراً وتقدم معظم الأعمال الفنية طيبة ومليئه بالحقد والغل والعنف والمطاردات وعربات تقلب وضرب نار وسنج ومخدرات وكثير منها بلا منطق ولا أخلاق ولا أي مراعاة لمردود ذلك علي الشباب والأسرة والأخلاق، وما يحدث في الشارع وكثيراً من أعمال تعتمد علي الصدف والمبالغات فأنت تساعد على عدم إعمال العقل وتساعد على تكريس الهطل. وعليك أن تدرك يا سيدي أن لدينا مشكلة تحدثني كثيراً عن المسرح وتاريخه ورجاله، ولا أرى غير كثير من اسكتشات لا تمت للمسرح بصلة، وفقط محاولات متباعدة تتوه وسط زحام من أعمال فقط الغرض منها أن تستمر المسارح مضاءة وتتوه الأعمال الجيده والمجهود لبعض المبدعين والحقيقيين.
لدينا مشكلة.. تحدثني كثيراً عن الرياضة وفرق واتحاد وبرامج ولاعبين يتبادلون المواقع على الشاشات ومعلقين ومتحذلقين ومتخصصين وواعظين، وعلى أرض الواقع لا بطولات في أفريقيا ولا كأس العالم مجرد بطولات فردية وجمهور عاشق لفريقه وخصوصآً كرة القدم.
وفقط السادة الجهابذه والمتحدثون ليلاً في البرامج الرياضية والعارفون ببواطن الأمور يتشدقون، وعلى بسمة مصر ومثال النجاح النجم (محمد صلاح) يعلقون – لم يبذل مجهود كما في ليفربول – وكأن صلاح كان يلعب بفريق ليفربول ويورجين كلوب.
ويعلق آخر صلاح كان الحذاء ضيق، وصلاح بيخاف على نفسه وصلاح كان عنده انتفاخ من أكل الكشري، إنه العبث واللا منطق فقد تناسي الجهابذه أن صلاح هو سبب الذهاب إلى كأس العالم في روسيا، وأن صلاح حتي الآن يعاني نفسياً من نتائج المنتخب المصري ويتجاهلون دور صلاح وانتمائة لمصر ولقريته.
صلاح ياسادة واحد من أعظم واهم لاعبي العالم رغم آراء بعض الطيبين الرياضة المصرية تحتاج لكثير من مخلصين ومتخصصين غير باحثين عن مصالح إلا مصر والرياضة المصرية وإلا فلدينا مشكلة.
تحدثني كتيرآً عن النجوم في كل المجالات وأصبحت كلمة نجم تسبق معظم العاملين بمهنة التمثيل.. الكلمة التي استنزفت وامتهنت أمام كثير من أنصاف الموهوبين وكانت لا تطلق إلا بعد تاريخ حافل من الابداع، فلم تطلق مثلاً علي القدير (عبد المنعم إبراهيم) ولا علي العملاق (شفيق نور الدين) ولا على (صلاح منصور)، ولا على (زينات صدقي) ولا على (فردوس محمد ولا عبد العظيم عبد الحق ولا حسن البارودي) والعجيب ولا (عادل إمام) قبل أن يحصل علي البطولة المطلقة ومشوار طويل من تألق.
ولكن لقد امتهنت كلمة نجم ولدي سؤال؟: إذا كانت مصر مليئة بكل تلك النجوم فكيف لا نري بالله عليكم أثر الإضاءة لتلك النجوم.. فقط كثير من ظلام فبعض الأعمال طيبه ومسطحة وهنا لدينا مشكلة.
تحدثني كثيراً عن معرض الكتاب كل عام وآلاف الكتاب وملايين الشعراء، ولكن ما يظهر كل عام وخصوصاً في الدراما في شهر رمضان فقط أعمال كثيرة وبعضها شديد المهنية والوعي، ولكنها تظلم وسط أعمال السوتيه الرمضانية، وكثير منها تعاني من وجود النص والسيناريو الواعي والمنطقي رغم أنه لدينا كتاب كبار ولهم أعمال أتابعها واستمتع بها عقلاً.
أشاهد مسلسل (المشوار) للمخرج العبقري والمبدع محمد ياسين.. تمثيل رائع ومتمكن من كل المشاركين (محمد رمضان) في أعظم حالاته و (ديناالشربيني) بعيونها المعبره وتألق لـ (ندا موسي، محمد صفوت، ومدير التصوير (عبد السلام موسي) عبقري واختيار أماكن تصوير من واقع شخوص العمل لكن بعد أربعة حلقات تقريبا تحول العمل إلى أزمة (عزة) الراقصة وقصة حبها وضاع (المشوار) في دراما مفتعلة طيبه فمثلا بمجرد أن تجد زوجه ماهر (ورد) عزة تقف تتحدث مع مع ماهر نجد حواراً واتهاماً هنديآً ساذجآً لا يحق ولا يجوز ويضيع المجهود والمال فنعيش حالة عبثية بسبب كتابة مسلوقه وشديدة الطيبة.
ماذا يحدث للدراما؟، أرجوا أن يجد المشوار طريقة وينطلق وللحق توجد أعمال عظيمة أتابعها ولكنها قليله قياساً بكم الأعمال.. هل لنا أن نتذكر حين كانت مصر متميزه بالثقافه والتنوير وعظماء الكتاب أمثال (طه حسين، نجيب محفوظ، يوسف إدريس، توفيق الحكيم، ثروت أباظه، يحيي حقي) و كثيرآً من عمالقه.
كانت لدينا أعمال مثل (ميرامار، شيئ من الخوف، قنديل أم هاشم، الحرام، الثلاثية، ثرثرة فوق النيل، في بيتنا رجل، دعاء الكروان، شباب امرأة) وكثير من أعمال تخاطب العقل وتساعد على التفكير والانتماء وإعمال العقل، لكن ما نراه الآن في كثير من أعمال الدراما رغم تألق كثير من الممثلين وبعض المخرجين، وكذلك إبداع في معظم المفردات الفنيه تظهر مشاكل الكتابة وأزمة السيناريو، وكيف بالله عليكم أن لا نجد أي عمل تاريخي أو عن عظماء التاريخ الإسلامي وسط ذلك الزخم وعدد الأعمال الكبير، وكل هذا يؤكد أننا حقاً لدينا مشكلة.
تحدثني كثيراً عن تاريخ الفنون التشكيلية والعظماء (محمود سعيد، راغب عياد، سيف وانلي، أدهم وانلي، صلاح طاهر، محمود مختار) وتاريخ إبداعي مشرف يعرفه القاصي والداني، ومعارض ومجهودات تشكر عليها وزارة الثقافة ولا يكون لذلك مردود على الشارع والتصالح مع الجمال، بل كثير من قبح يقابلنا ويمر به البعض وكأنه واقع.
لدينا مشكلة.. الدولة تعمل وواضح لكل منصف يمتلك بصر وبصيرة أن ما يحدث في مصر غير مسبوق وللأسف يفتقد البعض الإحساس والموضوعية وينظر فقط لما له وليس ما عليه، والنتيجة حالة من السيولة والتلاسن علي شبكات التباعد الاجتماعي، والكل عارف وفاهم ومدرك ومتحذلق يمتلك كل الحقائق من الكنترول وفقط تنظير، لقد أصاب العجينة البشرية عند البعض عطباً والنتيجة واضحة علي سطح شبكات التباعد فقط تلاسن وهرتلة وهنا لدينا مشكلة.
استفيقوا: مصر تنطلق وتستحق ويعمل المخلصون وعلينا أن ننظر حولنا، ونشاهد ما حدث لبعض الدول التي كانت كبيرة وكيف أصبحت، ولنا أيضا ان نشاهد ما يحدث في أوكرانيا للنساء والأطفال وكيف تهدم المنازل علي أصحابها وتشرد الاسر والأطفال والشيوخ ويبحثون فقط عن من ينقذهم، وفقط المنظمات والدول الكبرى تشجب وترسل الأماني والينبغيات والدعوات بانتهاء الحرب وأحياناً يزداد الانفعال فتضاف كلمة فوراً!، وتلك أيضاً مشكلة اللإنسانية.
هل لنا أن نتعظ.. مصر تنطلق وتستحق فنوناً واعيه تسبق مجهودات الدولة وتحلم لها.