كتب : محمد حبوشة
لأنهم يشبهون الشياطين في خصالهم وسماتهم العامة والخاصة، فقد ذهبوا في غيهم الممقوت في الهجوم على مسلسل (الاختيار) الذي يكشف كل يوم جديدا في خطاياهم الآثمة في حق أمة خير أجناد الأرض، ولعل براعة تجسيد النجم (ياسر جلال) لشخصية عدوهم اللدود الرئيس عبد الفتاح السيسي على نحو احترافي قد أثار حفيظتهم أكثر، وذكرهم بماضيهم الأسود عندما كانوا يقبضون على سدة حكم مصر بالتزوير لمدة عام من الشقاء وجر البلاء على البلاد والعباد، ليسجل التاريخ أسوأ فترات حكم مصر التي كادت تخرج من التاريخ على أيديهم القذرة والملوثة بالدماء الطاهرة لشهداء هذا الوطن.
ولقد فوجئت بردود فعل غريبة من جانب أناس أعرف جيدا إنهم ضد الإخوان تماما برروا بوست (ياسر جلال) على إنه (إفيه دمه خفيف) والناس نقلته، لكن ليس شغل لجانهم الإلكترونية التي تقطر حقدا وكذب اعتادوا عليه بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وكأن لسان حالهم يشبه قول المتنبي:
لا تحسبوا رقصي بينكم طربا
فالطير يرقص مذبوحا من الألم
يا ويح أهلي أبلى بين أعينهم
على الفراش ولا يدرون ما دائي
تموت النفوس بأوصابها
ولم تدر عوادها ما بها
وما أنصفت مهجة تشتكي
آذاها إلى غير أحبابها
شن تنظيم الإخوان الإرهابي، عبر لجانه الإلكترونية، هجوما شرسا على النجم (ياسر جلال)، بعد نشر صورة له من كواليس مسلسل (الاختيار 3) تصدرت الترند من فرط لعب إجادة دور الرئيس عبد الفتاح السيسي فور إذاعة الحلقة الأولى، وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي تغريدات ووسوم تهاجم وتسخر من النجم صاحب الجماهيرية الواسعة، بسبب مشاركته في المسلسل، الذي فند بالوثائق آلاعيبهم القذرة، وبالطبع فإن شخصية الرئيس عبد الفتاح السيسي تمثل لهم (بعبعا) يقض مضجعهم عندما يرونه مجسدا على الشاشة في عمل يوثق بطولات ضابط مصري تصدى لمؤمراتهم من خلال مواجهة الجماعات الإرهابية في سيناء في فترة توليه وزارة الدفاع في عهدهم الذي شهد أسوأ مراحل مصر في تاريخها الحديث.
وهم في ذلك يحققون أيضا قول المتنبي:
سيل الكآبة موصول بأوردتي
وأنهر الحزن تجري في شراييني
قد صرت كتلة آلام تمزقني
في مصلب الجرح بين الحين والحين
لا تحسبوا أن هذا الشعر يفهمني
بل صار ينقل رسما دون تلوين
فهل تجمع في روحي وفي جسدي
آلام عيسى ويعقوب وذا النون؟
ويبدو لي أن خشية تنظيم الإخوان الإرهابي من مسلسل (الاختيار) بأجزائه الثلاثة، يرجع إلى قناعتها بأن مشاهد العمل هذا الدرامي ستدفع باتجاه تفكيك بنيتها الفكرية والتنظيمية التي أرستها منذ حسن البنا منذ ثلاثينيات القرن الماضي، فقد وثقت مشاهد دراما (الاختيار) حالة التزييف والخداع التي يعيشها أبناء جماعة الإخوان وتنظيمات العنف المسلحة، واستغلالهم والسيطرة عليهم نفسيا وذهنيا وعقليا من قبل جهلاء تحت شعارات السمع والطاعة والولاء والبراء، و(بيعة الموت)، والانجراف بهم تجاه العمل المسلح، فضلا عن توظيفهم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة لخدمة الأهداف السياسية التي تصب في نهاية الأمر لتحقيق مصالح جهات وعناصر خارجية تعمل ضد الدولة المصرية.
وظني أن الجماعة الإرهابية بلجانها وقطاعاتها الداخلية تحركت على مدار أكثر من 90 عاما لاستقطاب وتجنيد فئات المجتمع فكريا وتنظيميا تجاه مشروعاتها في احتكار الخطاب الديني والوصاية على الشريعة والهيمنة على سدة الحكم انطلاقا وتحقيقا لنظرية (أستاذية العالم)، بالتالي فإن أعمالا درامية تفضح أكاذيبهم تشكل خطرا داهما على مشروعهم، بما يجعلهم يتحركون بتلك الطريقة، وكما هو معروف فإن جماعة الإخوان الإرهابية تعتمد في بناء هيكلها التنظيمي ودوائرها، على الخطاب العاطفي داخل المجتمع لضمان اختراق مؤسسات الدولة والتغلغل في أركانها وأروقتها لتطويعها في خدمة (المشروع البنياوي القطبي) الذين فشلوا في تحقيقه على مدار سنة كاملة حكموا فيها مصر.
وفي هذا النهج هم يحققون قول المتنبي:
فلو كان سهما واحدا لاتقيته
ولكنه سهم وثان وثالث
رماني الدهر بالأرزاء حتى
فؤادي في غشاء من نبال
فكنت اذا أصابتني سهام
تكسرت النصال على النصال
لان أمسيت في ثوبي عديم
لقد بلي على حر كريم
فلا يغررك أن أبصرت حالا
مغيرة على الحال القديم
فلي نفس ستتلف أو سترقى
لعمرك بي إلى أمر جسيم
لولا الحوادث قد حططن رحالا
بحماي كنت الشاعر المفضالا
وسموت في طلب الكمال مبرزا
وتركت خلفي في الحضيض رجالا
وها هم تركوا خلفهم في الحضيض رجالا، يحاولون عبر هذا الخطاب الذي يهدف في الأساس إلى (تدمير الولاء للدولة الوطنية مقابل الولاء للفكرة الدولية التي تمثلها الجماعة بفروعها المنتشرة عبر التنظيم الدولي في أكثر من 80 دولة عربية وأوروبية، ملتحفة بعباءة الدين زورا وبهتانا، ولهذا فإن أي عمل يواجه مخططهم يسبب لهم حالة احتقان شديد)، ومن ثم مثلت دراما (الاختيار) نوعا جديدا من معركة الوعي الفكري، لكن الدولة المصرية تستكمل هذا المسار ضمن خطوط عريضة وواضحة تشكل مشروعا قوميا يسعى لتصحيح المفاهيم، ويحمي حاضرها ومستقبلها، ويوقف حالة الخداع والانتهازية الدينية من قبل جماعات التطرف بتنوعاتها.
وبعد أن وثقا الجزئين الأول والثاني من المسلسل، واستطاع العمل الدرامي الذي رصد بطولات الجيش والشرطة المصرية يعود الجزء الثالث ليوضح زيف مزاعمهم ويسلط أضواء كاشفة على حقيقة مشاعرهم المتناقضة تجاه الوطن والدين والانتماء لتراب هذا البلد المقدس، ويؤكد في الوقت ذاته أنه منذ سقوط حكم الإخوان في مصر والتنظيم يعيش حالة من التخبط والفراغ الفكري والتنظيمي، فضلا عن عجزها في إعادة ترتيب هيكلها الداخلي في ظل تجفيف الاستقطاب والتجنيد للعناصر الجديدة، لاسيما قطاع الشباب الذي يمثل المخزون الاستراتيجي لبقائها، وذلك نتيجة عوامل كثيرة، مرت بها على مدار السنوات الماضية، ربما يمثل أهمها فضح مخططها وكشف سوأتها والتمرد على مفاهيمها وأدبياتها مما يؤثر على مستقبلها ويكتب نهايتها في القريب العاجل.
إن الهجوم الإخواني على المسلسل، هو دعاية مجانية تقدمها الجماعة الإرهابية للمواطن المصري، الذي يلتف كل عام حول العمل لمتابعته بعد النجاح الساحق الذي حققه المسلسل في الجزئين الأول والثاني، ولهذا دأبت جماعة الإخوان على إرهاب كل من يختلف معها منذ نشأتها، وذلك عبر تنفيذ سلسلة اغتيالات جسدية لمعارضيها، وهي تلجأ الآن للإرهاب المعنوي بعد كسر شوكتها والسيطرة على قوتها داخليها، ولم تعد تقوى إلا على الإرهاب من خلال الذباب الإلكتروني المنتشر في أكثر من موقع دون أي تأثير حقيقي على أرض الواقع، والسبب معروف منذ ثلاث سنوات أن المسلسل كل سنه يعرض تسريبات وفيديوهات حقيقيه أول مرة نراها على الشاشة.
ومن ناحية أخرى ونكاية في الإخوان وكل جماعات التطرف، أشاد الجمهور بمسلسل (العائدون) الذي يستكمل مخططات الجماعة الإرهابية، على مستوى التصوير والقصة والإخراج، كما نال الفنان (محمد فراج) أول أمس إشادة كبيرة من رواد مواقع التواصل على أداءه في تجسيد دور (أبو مصعب) العنصر المصري الذي تم زرعه في وسط داعش، وعلق الجمهور على مشهد حرق (فراج)، بأنه صعب وقاسي لكنه يذكرهم بجرائم داعش الوحشية والدموية، وأطلق الجمهور هاشتاج باسم (#مشهد_محمد_فراج ، و #العائدون)، وانطلقت كلمات الثناء من الجمهور على فريق العمل وعلى أداء (محمد فراج)، مؤكدين أن رغم قساوة الأحداث إلا أنها تعكس حقيقة هذه الجماعات الإرهابية.. تحية تقدير واحترام لكل من يساهم في صناعة دراما وطنية تكشف زيف مزاعم تلك التنظيمات الإرهابية التي تسعى لخراب الأوطان.