بقلم الفنان التشكيلي الكبير : حسين نوح
بعد مشوارطويل والتعامل مع معظم الكيانات الفنية والثقافية وكبار رجال الأدب والثقافة والفنون والإبداع تكونت لدي قناعات ويسعدني أن تشاركوني إياها.
الثقافة
مع مجهود كبير لوزارة الثقافة والتواجد الملموس في معظم محافظات مصر الغالية من عروض مسرحية وحفلات غنائية وندوات ثقافية ومعارض ووزيرة فنانة تشارك في كل الفاعليات الثقافية بنشاط وتواجد غير مسبوق إيماناً بدور الفن والثقافة والتنوير يبقي لدي سؤال؟.
أين كثير من المثقفين ؟!
أراهم يعملون في جزر منعزلة ولم يحدث أن شكلوا تياراً مؤثراً وحقيقياً إلا في محاولات فردية قليلة، وإلا ما هذا الذي نشاهده علي سطح المشهد المصري؟.
معارك بعض المثقفين دائماً او معظمها تنافسية استعراضية غير متحابة وبعضها من منطق عبدة مشتاق أو عبدة المدعي والمتحذلق الاستعراضي العالم ببواطن الأمور والحاصل على المعلومات من الكنترول رأساً. وأدعوا الله أن لا تكون من جوجل.
وللحق يوجد البعض منهم يحمل قلمة كسيف ويحارب ضد الأفكار الظلامية وعدم الأخذ بأسلوب التفكير العلمي والمبني علي البحث والتجريب وإعمال العقل، وأرجوا لهم دوام المثابرة، ولهم فقط أن أذكرهم فكثيرون من رجال التنوير الحقائق كانت نهايتهم مؤلمة ومحزنة منذ جاليليو والحلاج إلى طه حسين حين كتب (في الشعر الجاهلي)، وعلي عبد الرازق حين كتب (الإسلام وأصول الحكم) وصولاً لنصر حامد أبو زيد إلى محاولات من البعض مشكورة، ولكنها متروكة للإهانة والقذف من بعض المتأسلمين شكلاً.
الصحافة
تعيش أزمات مالية طاحنة يحاول معها محبيها بإخلاص، وأحيانناً نجد انسحاب لبعض الكوادر الحقيقيه وظهرت مظاهر لحالات فرديه لصحافة الأكشاك والبحث عن تريند رغبة في منافع خاصة ورغبه في دوام الحال، وأعتقد انه من المحال فالصحافة في مصر تاريخ لعظماء.
ويبقي أن مصر بلد (محمد التابعي وفكري أباظه وعلي أمين ومصطفي أمين ومحمد حسنين هيكل وأحمد بهاء الدين إلى سلامة أحمد سلامة) وغيرهم حتى الآن من حقائق تدرك قيمة العمل الصحفي وغايته.
الإعلام
أندهش حين يتحول بعض الإعلاميين إلى ترديد ما نشاهدة ويحدث يومياً في محطات الأخبار، وياتي هو في المساء ليدلو بدلوه وكأننا لم نستوعب من نشرات الاخبار في الثامنة والتاسعة فيشرح لنا هو في العاشرة وكأننا لم نستوعب، وفقط يميز ذلك الصوت العالي واستدعاء بعض المسؤلين الكبار مستفسراً وباحثاً ومستعرضاً، فالمعاملة كأنه وكيل نيابة مصوباً الميكروفون للضيف إرهاباً، والمسؤل فقط يردد اسم المذيع مسبوق بكلمة يا بك، وسيادتك وحضرتك، وبطيبة يجاوب وتزداد ابتسامة المذيع، فلعل الأسره في القريه تراه وما وصل إليه من قوة مستغلاً قوة المايك وكأنهم ياسادة لم يشاهدوا القدير lary king وOprah winfirey وBarbara walters وهم حقائق إعلاميه يعرف قدرها القاصي والداني.
ولم تنتهي السهرة بعد فنجده بعد مجهود مع الضيف يقوم باستضافة بعض نجوم الترند من كائنات عجيبه ليس لها من الموهبة أي تواجد مجرد شكل مفتعل بلا مضمون واختلاف بلا هوية، ويصرخ حلمي بكر وأمثاله، ولكن عبثاً، ويستمع المذيع الطيب مذبهلاً منبهر مستكنص بلغتهم هو يمصمص شفتيه فاتحاً فمه ومصفقاً بطيبة، ويعيش معه الطيبين سهرة مع أغاني مسطحة ساذجة، وهو منبهر كأنه يستمع للأطلال لسيدة الغناء أم كلثوم وكلمات الدكتور إبرهيم ناجي العظيم!.
ثم طوال اليوم التالي مذيعات جميلات طيبات وقد ضربن شعورهن بالخلاط وسيطر اللون الأصفر مع شفايف حمراء وعيون زرقاء، وهرتله وسذاجة في الأسئله تأتي بهطل في الأجوبة.. إنها الدردشه ياسادة في الموضة وتفسير الأحلام وأجمل الاكلات للضيف الهمام، وللحق تجد بعضهن على قدر كبير من الوعي والاستنارة والمهنية لكن مطلوب المزيد، فملعقة سكر لاتستطيع تحلية حمام سباحة.
وأحياناً في ليالي السهر يتم استضافة نجمة من خريجات إعلانات منتجات الجمال والسمن ومشاريع الإسكان للسادة القادرين وعلى حمامات السباحه جالسين وتصاحبنا النجمه الجميله وتتحدث وكأنها فيلسوف الزمان، وتعلق وتنتقد فقد أصبحت بقدرة قادر نجمة وقادرة علي التنظير، نعم فقد قدمت مشهد و اثنين في إحدي مسلسلات رمضان موسم ظهور النجمات الجميلات!، وبرامج الاستخفاف المدفوعة الأجر للإهانة ولا وجود إلا لنجوم الترند وبطلات النفخ والسيليكون والادعاء، وبعضهن لم تقرأن إلا ما يكتب عنهن واصفاً لجمالهن دون فن، فالفنون إرسال واستقبال ممثلة ساذجة وصحفي طيب يريد الترند الملعون وتتوه الحقائق.
المسرح
بقدرة قادر اختفي المسرح الذي أعرفه، وأشاهد تطوره فقط في لندن عاصمة الضباب فأشاهد (مس سايجون والبؤساء لفيكتور هيجو، وفانتوم أوف ذي أوبرا)، ونحن في مصر بعد أعمال كبار الكتاب مثل (توفيق الحكيم، ونعمان عاشور، ومحمود دياب، ويوسف إدريس، وَعَبد الرحمن الشرقاوي)، لا نجد (فتوح نشاطي ولا عبد الرحيم الزرقاني ولا سعد أردش ولا جلال الشرقاوي ولا سمير العصفوري ولا كرم مطاوع ولا أحمد عبد الحليم، ولا عصام السيد.
الآن لدينا مسرح الاسكتشات والمسرح الموسمي الصيفي المعتمد على نجم كوميدي طيب ونجمة ترقص وتغني وتحاول عبثاً وفقط محاولات لتوزيع الطيبه في علب الابتسامة، وللحق تبقي بعض محاولات لمسارح الدولة وقليل من أعمال لمواهب حقيقيه مثل (مازن الغرباوي) تحمل قيمة، وكذلك المجهود الضخم للمبدع (خالد جلال) من خلال مركز الإبداع، ولكن أطمع في المزيد حتي تكون الغلبة للإبداع الحقيقي فتاريخنا المسرحي عظيم ويستحق.
كل ذلك من نتائجة الحالة العبثية التي سيطرت على المواطنين الطيبين في بلد تحاول وبكل طاقلتها أن تنال ما تستحق وتحقق الخير لمواطنيها.. نعم فنحن أمة لها تاريخ وحضاره تستحق أن نبني عليها لنكون في مصاف الدول العظمى، إنه استحقاق تعمل الدولة على تحقيقه بكامل طاقتها، ومن لا يدرك ذلك فلديه مشكلة في البصر والبصيرة فالدولة تنطلق وبإذن الله قادرون.
وهنا دعوة للمثقفين والإعلاميين والفنانين أن يدركوا أن لديهم دوراً كبيراً لتقف مصر العريقه في الموقع الذي تستحقه بتاريخها الثري، ولي ملاحظة يدركها أي منصف فقد سبقت الدوله الفنون والإعلام وأصبحت أمامهما وليست خلفهما، فدائما الفنون والإعلام وتجلياتهما هما الإضاءة والتنوير وتمهيد طريق المعرفه والإبداع.. إنها دعوة لليقظه والانتماء وهما أكثر ما نحتاجه الآن.. مصر تستحق.