(دنيا تانية) .. ضجة مفتعلة وبلا معنى !
كتب : أحمد السماحي
بدأ المارثون الرمضاني منذ 4 أيام ، وبدأت معه الأزمات والمشاكل المفتعلة بالدراما المصرية، فلم يكد يمر اليوم الأول من رمضان، حتى بدأت أولى الأزمات، وكانت البداية من خلال مسلسل (دنيا تانية)، حيث قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام وقف الحلقة الأولى من المسلسل لعدم حصولها على تصريح من الرقابة على المصنفات الفنية، وتمت إذاعتها بالتحايل، وأكد المجلس ضرورة إذاعة الحلقة الحاصلة على التصريح والمحذوف منها مشاهد تتعلق بزنا المحارم!.
وأوضح المجلس في بيانه أن ذلك جاء بناءً على شكوى عاجلة مقدّمة من الدكتور (خالد عبدالجليل) رئيس الرقابة على المصنفات الفنية، الذي أكد أن الحلقة الأولى تمت مراقبتها بالفعل وإبداء بعض الملاحظات حولها، لكن قناة (النهار) تحايلت وأذاعت الحلقة التي تتضمن المشاهد المحذوفة، ومن هنا أكد المجلس الأعلى للإعلام التنبيه على جميع القنوات الحاصلة على حق العرض، بعدم إذاعة أي مصنف غير حاصل على ترخيص بالعرض.
والحقيقة أنني اندهشت مما حدث لأن الحلقة الأولى لم يكن بها مشاهد (زنا محارم)!، وكل الحكاية مشهدا واحدا وليس عدة مشاهد كما تردد!، مشهد لا يتعدى ثواني في نهاية الحلقة الأولى وهو كالتالي (علا/ مي سليم) جالسة على حافة السرير، و(حسام/ فراس سعيد) زوج شقيقتها خارج من الحمام يرتدي ملابسه كاملة عبارة عن قميص وبنطلون، وعندما يشاهد زوجته (دنيا / ليلى علوى) التى فاجأتهما يصاب بالرعب، وتفاجئ (دنيا) أن الجالسة على السرير شقيقتها (علا).
مر المشهد عند الجمهور بشكل طبيعي وعادي، لأنه تم تقديمه بشكل راقي جدا ومحترم للغاية، لكن تصريحات بعض الموظفين الذين يبحثون عن الشهرة والنجومية التى يفتقدونها، وعلى رأسهم رئيس الرقابة، جعلهم يثيرون الجدل بين الناس، ويعطوا أعداء الفن السلاح الذي يحاربونه به، وأعتقد أن غرض هؤلاء الموظفين من هذه الضجة ــ التى حققت للمسلسل دعاية مجانية ربما بشكل لافت الأنظار إلى أنفسهم أولا، وإلى مناصبهم ثانية فادعوا العفه والشرف!، حتى يوصلوا لرؤوسهم إنهم يعملون بهمة ونشاط من خلال مناصبهم، التى لو خرجوا منها لن يذكرهم أحد بكلمة!.
المثير والغريب بالنسبة لي كان موقف الشركة المنتجة للمسلسل التى سارعت وأصدرت – بياناً متعجلا متناقضا وكأنها ارتكبت جريمة كبرى ويجب أن تبررها! – تقول فيه: (أن زنا المحارم خط من الخطوط الدرامية للمسلسل، ولكنه ليس الخط الرئيسي للمسلسل، وأنه كان من المقرر أن تكشف الأحداث في منتصف الحلقات كون الشخصيتين ليستا شقيقتين!.
وأضافت الشركة المنتجة في بيانها أنها: تجنبًا لسوء الفهم الحادث ولتفهمنا للدور النبيل والمحترم لهيئة الرقابة على المصنفات الفنية، والمجلس الأعلى للإعلام وكل الهيئات الأخرى وللسادة المحترمين القائمين عليها فسيتم كشف الأمر في الحلقات الأولى من المسلسل!.
معنى بيان الشركة المنتجة أنهم سيحشرون مشهدا يقومون بتصويره في أي حلقة قادمة يعلنوا فيه أن (دنيا وعلا) ليستا شقيقتين، وبالتالي هنا لا يوجد خط عن زنا المحارم من الأساس، وليس كما جاء في البيان أن (زنا المحارم) خط من الخطوط الدرامية، وبالتالي سيفقد المسلسل خط جرئ كان له السبق في أنه تحدث عنه وهو (زنا المحارم)!.
يا جماعة الخير أحد مهام الدراما طرح قضايا حياتية مؤثرة في حياتنا، لأن دور الدراما مهم للغاية، والمسلسلات ليست وسيلة للتسلية فقط، ولكنها وسيلة تنبيه ودق جرس إنذار، وطرح ومناقشة القضايا المهمة، وقضية (زنا المحارم) كالتابو، الشائك، وربما المثير للدهشة أو الخوف معا، ولا أحد يقترب منها في الدراما المصرية، وعندما تم تقديمها فى (دنيا تانية) على استحياء وبشكل راقي، تم فتح النار على صناعها فإطار الدعاية لمسلسل ليس إلا.
فكما هو المعروف أن مشكلة (زنا المحارم) موجودة بقوة في حياتنا، وسمعنا وقرأنا عن حالات كثيرة جدا عن هذه المشكلة الخطيرة، التى أستفحلت في السنوات الأخيرة، وأصبحت ظاهرة، مما ينذر بعواقب وخيمة تهدد أمن المجتمع، والكارثة أنها تقع فى كل شرائح المجتمع، وليس بين الطبقات الدنيا فقط كما كنا نعتقد!. وقد تم معالجتها في بعض الأفلام السينمائية لعل أشهرها فيلم (يوم حلو .. يوم مر)!، بطولة سيدة الشاشة العربية فاتن حمامه، وإخراج بركات، ويومها لم يعترض أحد سواء من الرقابة أو من الجمهور!.
والسؤال الذي يفرض نفسه: أين موقف الرقابة والمجلس الأعلى للإعلام من المنصات الرقمية التي تبث طوال العام نوعيات من الدراما التي تكسر التابوهات التي تتعلق بالمثلية وزنا المحارم وغيرها من الغرائبية والعنف والقتل جهارا نهارا؟ .. أم أن دورهما يقتصر على موسم رمضان وحده؟!.
جدير بالذكر أن مسلسل (دنيا تانية) سيناريو وحوار عمرو مؤمن، وإبراهيم الصباغ، وحمدي التايه، وإشراف على الكتابة أمين جمال، وإخراج أحمد عبدالعال، والمسلسل بطولة (ليلى علوي، مجدي كامل، وفاء صادق، مي سليم، أشرف زكي، فراس سعيد) وغيرهم.