الحلقة الأولى من (الاختيار3) تعيد أجواء الأيام الصعبة !
كتب : محمد حبوشة
تصدرت الحلقة الأولى من مسلسل (الاختيار 3) الترند على مواقع التواصل الاجتماعي ليلة أمس على أثر بداية الأحداث الساخنة بمحاولة الجماعة متمثلة في الإرهابي خيرت الشاطر، بوضع قائمة لضباط الأمن الوطني، ويظهر سعي الجماعة لخروجهم من الخدمة ومن بينهم المقدم زكريا يونس، وفي اجتماع ترأسه القيادي الإخواني خيرت الشاطرأيضا، طالب بإزاحة المشير طنطاوي (يجسده الفنان أحمد بدير) من منصبه، وإزاحة المشير طنطاوي لن تكون إلا بحادث (يهز البلد) بحسب ما قاله الشاطر، واقترح القيادي الإخواني محمود عزت اسم اللواء عبدالفتاح السيسي بدلا من المشير طنطاوي، قال (عزت) إن اللواء السيسي معروف بتدينه، كما أن زوجته محجبة، وهو الأنسب للمنصب، فيعترض الشاطر على هذا الاختيار، فهو يعرف اللواء السيسي ويعلم أنه بعيد عن أفكار الجماعة، وتنتهي الحلقة باختيار الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزيرا للدفاع.
ومن هنا أثبتت وقائع الحلقة الأولى من مسلسل (الاختيار 3) التي حظيت بجدل كبير ليلة أمس بالحقائق والوقائع الدامغة أن ثورة 30 يونيو لم تكن مجرد خروج على نظام منفلت ومتحجر العقل، بل جاءت لتصحيح مسار ما كان ليحدث لولا تماسك المصريين واصطفافهم وإعطاء ثقتهم فيمن يحفظها ويعمل بها مهما كانت التضحيات، خاصة بعدما شهدته البلاد من تآكل لمؤسسات الدولة ومقوماتها وتساقط هيبتها، وهو ما كان دافعا أصيلا نحو التحرك للتغيير والتشديد على عودة هيبة الدولة، وقد تجلى ذلك من خلال أداء بطولي رائع للنجم الكبير (ياسر جلال) استأسر عقل ووجدان المصريين لشخصية الفريق أول عبد الفتاح السيسي، حيث استطاع تقمص الشخصية من الداخل (إبداء مشاعره الوطنية الفياضة)، والخارج (يتصف بسمات التوازن النفسي والقدرة على التحكم في كافة الأمور الحساسة بعقله الراجح)، ما مكنه من الوصول إلى قلب وعقل قادة الجماعة الإرهابية.
وهو الأمر الذي انعكس في اختياره وزيرا للدفاع خلفا للمشير طنطاوي الذي أرادت الجماعة التخلص منه (بحادث يهز البلد) عبر تدبير شيطاني لحادث رفح الذي راح ضحيتها 16 من جنود القوات المسلحة في أثناء لحظة إفطارهم في رمضان، وعلى الرغم من ظهور السيسي في مشاهد قليلة متفرقة خلال الحلقة إلا أن (ياسر جلال) استطاع أن يعبر بصدق عن منهج تفكيره الذي كان واضحا في التأكيد على (عودة الدولة) وتماسك مؤسساتها، مبدأ أصيلا حث عليه السيسي فيما بعد في أعقاب توليه المسئولية رئيسا للبلاد، في يونيو 2014.
الأحداث المأسوية الصارخة من جانب الجماعة في محاولات تفكيك الدولة سارت – بحسب أحداث الحلقة – على مستويين متوازيين، وذلك أولا بذهاب خيرت الشاطر إلى رئيس جهاز أمن الدولة مسلما إياه قائمة بأسماء من سيتم التخلص من تلك العناصر التي طاردتهم طوال الفترة التي سبقت توليهم الحكم، وثانيا محاولات كسر شوكة القوات المسلحة بإزاحة المشير طنطاوي جسدتها الحلقة الأولى بتوثيق حي من جانب المؤلف هاني سرحان بدمج الوثائق الحقيقية بخياله الذي رصد ما شهدته البلاد من تفكيك واضح ومقصود لتلك المؤسسات في ظل حكم تنظيم الإخوان.
وهو الأمر الذي مهد في الوقت ذاته لقدوم ثورة 30 يونيو لتطيح بأحلام البؤساء وترفع شعار العودة والنهضة من جديد، فبعد 10 أشهر فقط من رئاسة مرسى، تأسست (حركة تمرد)، تعبيرا عن حالة الرفض الشعبى لحكم الإخوان، مطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وحددت يوم 30 يونيو موعدا لانتهاء المهلة للاستجابة لهذا المطلب ودعت الموقعين للتظاهر بعد انتهاء المهلة إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم، وتجاهل (المعزول) المطالب الشعبية ووصفها بالمطالب العبثية.
ما كان ملفتا في الحقة الأولى من (الاختيار3) ليس فقط التأكيد على عودة مؤسسات الدولة وحسب، بل تحديث أطرها بمستويات تتفق والمعايير العالمية في الأداء والإنجاز، وسيمثل رحيل حكم الإخوان في الحلقات القادمة، إلى أن تلط تالخطوة هى ركيزة أساسية نحو انطلاق مرحلة جديدة، ملأى بالتحديات التي كانت عبئا ثقيلا من الضروري تجاوزها، واستعادت مصر خلالها مؤسساتها المسلوبة، ونجحت في وضع خريطة المستقبل، ودخلت عصرًا جديدًا اصطف خلاله الشعب مع رئيسه لتجاوز تلك الأزمات.
أعجبني جدا خلط المؤلف (هاني سرحان) الجانب الاجتماعي بطريقة ناعمة لحياة الأبطال مع الجانب السياسي بطبيعته الخشنة في ظل التحديات التي تحدق بمصر ذلك البلد الذي هب في ثورة تصحيح لمسار الحرية الجديدة بواعي وحرص شديد على عدم الوقوع في فخاخ جماعة إرهابية استهدفت العودة بمصر إلى عصور ما قبل التاريخ من خلال ممارسات همجية على جناح الغش والكذب والخداع، وما إن عادت مؤسسات الدولة بعد إجراء الانتخابات الرئاسية في 2014 وتدشين دستور جديد للبلاد، بالإضافة إلى الانتخابات البرلمانية، حتى بدأ التفكير في مرحلة (ما بعد العودة)، وهى مرحلة البناء، والخاصة بعودة التحسن التدريجي في الوضع الاقتصادي عبر مشروع الإصلاح الاقتصادي الذي انتهجته الدولة، بالإضافة إلى رصد عدد من برامج الحماية المجتمعية التي انحازت للفقراء لتمكينهم من تجاوز أعباء الحياة.
التحديات الجمة التي واجهت البلاد في طريقها نحو استعادة مؤسساتها، كانت حديث السوشيال ميديا أمس السبت بعد انتهاء الحقلة مباشرة، ويأتي في مقدمتها أعمال العنف والإرهاب التى أرادت أن تضعف كيانها وتثبط من عزيمتها، إلا أن عزيمة الرجال بالقوات المسلحة والشرطة، آثرت ألا تستمر تلك الموجات العنيفة ولو كان ثمنها دماء أبنائها، وقد أوضح صناع مسلسل (الاختيار3) من خلال أحداث تجمع بين خيال المؤلف وتوثيق الواقع على الأرض كما صوره الأرشيف، ليعكس كيف خاضت مصر شوطا كبيرا في مواجهة الإرهاب وحاصرته وقطعت كل الإمدادات إليه، ونجحت في استئصاله في كل ربوع مصر، وربما جاءت العملية الشاملة الأخيرة (سيناء 2018)، التي قامت بها القوات المسلحة لتستأصل دابرهم.
ولقد أكدت الحلقة الأولى من مسلسل (الاختيار3) أن ثورة 30 يونيو 2013 لم تكن إعلانا لرحيل جماعة الإخوان عن الحكم فى مصر فقط، بل كانت بداية حقيقية لمعرفة خريطة التطرف والإرهاب، الذى تقوده تلك الجماعة على مستوى مختلف دول العالم، وتورطها فى عشرات العمليات الإرهابية، وظهور الأجندة المتطرفة وأهداف المؤامرة التى كانت تخطط لها تلك الجماعة وأذنابها فى الداخل والخارج، بدعم من تنظيم دولى يرعى العنف والتطرف، ومؤسسات مخابراتية دولية تخطط للهيمنة على العالم، وربما جانبا من تلك الممارسات سوف تشهده الحلقات القادمة.
كما ستؤكد تلك الحلقات أن ثورة المصريين على جماعة الإخوان الإرهابية فى 30 يونيو 2013 كشفت حجم المؤامرة التى تعرضت لها مصر على مدار السنوات الماضية، وكذلك حجم المخطط الدولى الذى استهدف العديد من الدول العربية، على رأسها سوريا وليبيا والعراق، بعدما تفككت جيوش تلك الدول، وباتت غير قادرة على حسم الموقف، أو مواجهة المجموعات المتطرفة والمليشيات المسلحة، التى تمكنت من احتلال مناطق والسيطرة على مدن بأكلمها فى نطاق تلك البلدان، بعد إنهاك القوات العسكرية المنظمة، وتفكيكها استغلالا لفكرة المذهبية والطائفية التى كانت داخل بعض الجيوش العربية، وهذا بالتأكيد ما سوف نشاهده من وقائع المسلسل في طي حلقاته القادمة.
ويبقى أجمل ما تفاعل معه الجمهور المصري كما بدا على مواقع التواصل من خلال (ترند) يتحدث عن يقظة الجيش المصرى وحرصه على بقاء مصر وصمودها أمام محاولات القوى المتطرفة تحويلها إلى بؤرة لتصدير الإرهاب، كان له أكبر الأثر على أمن واستقرار المجتمع فى الوقت الراهن، فقد كان لاقتلاع جذور الجماعة الإرهابية من الحكم تبعات سلبية على المستوى الاقتصادى والسياسى، إلا أنه كان ضروريا للنجاة بالدولة المصرية، التى حاول الإخوان السيطرة على مفاصلها، وأخونة مؤسساتها وصناع القرار بها، وتحويلها إلى بؤرة للتطرف والإرهاب، كما كان مخططا لتحويل سيناء إلى إمارة جهادية حاضنة لكل التنظيمات الإرهابية المتطرفة، والقيادات الهاربة من (القاعدة) و الحركات والمليشيات المسلحة فى ليبيا وسوريا والعراق.
يذكر أن مسلسل (الاختيار 3) تأليف هانى سرحان، وإخراج بيتر ميمى، إنتاج شركة سينرجي، وبطولة كل من: (أحمد السقا وكريم عبد العزيز وأحمد عز وياسر جلال وخالد الصاوى، بيومى فؤاد، صبرى فواز، إيمان العاصى، سمر مرسى، خالد زكى، منى عبد الغنى، مفيد عاشور، أمير المصرى، محمود البزاوى، آدم الشرقاوى، دنيا المصري)، وعدد كبير من الفنانين الذين يشاركون في البطولة والذين يظهرون ضيوف شرف خلال الحلقات.