بقلم : علي عبد الرحمن
رمضان أهلا.. هذا هو عنوان ابتهال ذو الصوت الملائكي الشيخ سيد النقشبندي، ولقد عاد رمضان وعاد معه الإفلاس في أمور رمضانيه كثيرة، فلقد إنقرض عهد القراء في دولة التلاوة بعد الشيخ (رفعت والمنشاوي ومصطفي اسماعيل وعبد الباسط عبد الصمد والطبلاوي وغيرهم)، وأغفلنا البحث عن مواهب الأصوات القارئه للقرآن وأصبح معظمنا يستمع لأصوات عربيه واسلاميه لأن هذه الأصوات تسد فراغ غياب الاهتمام بدولة التلاوة في مصر، وبعد انقراض دولة التلاوة إنقرض صوت المبتهلين لعدم الاهتمام بالبحث عن واكتشاف وتبني أصوات المبتهلين كـ (النقشبندي ونصر الدين طوبار) وهما من اهم ملامح رمضان مع صوت العملاق محمد رفعت.
وبقدوم رمضان ظهر إفلاسنا واعتمادنا علي تراث من سبقونا، أصبحنا نسرف دون سد العجز الحاصل في نواحي عديدة وهامة للتنشئه ولاستراد روافد القوة الناعمة لمصر، وبعد إنقراض دولة التلاوه ومملكه الابتهال انقرضت دنيا الفوازير رغم أن التقدم التقني حاليا يدعم تقديم الفوازير والاستعراض بشكل عصري مبهر، وصاحب ذلك أيضا زوال جمهورية التسحير وإختفي صوت المسحراتي الذي طالما أمتعنا به الشيخ الموسيقار سيد مكاوي، ورافق ذلك أيضا انتهاء عالم الوثائقيات عن ظواهر رمضان وعاداته وتقاليده وحواري مصر ودروبها.
ليس هذا فقط ذهب أيضا وبلا موعد للرجوع المسلسل الديني الذي كان يجسد تاريخ الإسلام ورواته وفتوحاته وآياديه البيضاء على حضارات الدنيا وعلومها، واختفي أيضا المسلسل التاريخي الذي كان يرسخ أحداث تاريخنا ويدعم الانتماء عند شبابنا ويدفع بقوتنا الناعمه إلي الأمام، أضف إلى ذلك صالونات رمضان الدينية والثقافية وأمسياته ودوراته، ولم يعد رمضان الإعلام لسابق عهده ولا كما تعودنا عليه ولا كما أحببناه، واختفت الاغنية الدينية السمحة، والأوبريت الديني وحتي الحكايات التاريخيه لكبار مؤرخينا عن الماضي في دولة الإسلام والمسلمين،وحل محل كل ذلك سيلا مستفزا من برامج الطبخ في زمن يقتات فيه الناس بصعوبة وبرامج المنوعات والمواهب التي تعالج ما مللنا إعلاميا منه سواء الغناء أو التمثيل او غيره، ثم عن الدراما فحدث ولاحرج، درما القتل والانتقام والانحراف والسرقات والإنفلات الأخلاقي اللهم لولا مسلسل (الاختيار) لاختلاط الحابل بالنابل على شاشات الإعلام المصري.
ولما كان هذا الوضع متكررا منذ سنوات دون إصلاح، ولأن الإنفاق مستمرا دون ترشيد، ولأن الشاشات خاويه دون محتوي جاد، ولان الجماهير تزاد مللا ورفضا، ولأن المحتوي المذاع أصبح مرفوضا خاويا مكلف دون جدوي، ولأن الوطن يتغير ويسترد عافيته ولم يبخل في إنفاقه علي الإعلام، ورغم تقدم وتفوق الشاشات من حولنا بمحتواها الجيد المبهر، ورغم أننا السابقون الأوائل في كل فروع الإعلام وروافد القوي الناعمة.
فماذا ننتظر؟، وماذا يمنعنا من علاج قصور محتوانا؟، هل المشكلة في النص؟، فلتكن لدينا ورشة لكبار الكتاب والمبدعين أم المشكلة في التمويل!!!، فنحن ننفق مايفوق إنفاق البشر علي إعلامه، أم المشكلة في الكوادر؟!، فيكفي خيرة كوادر الميديا والفن القابعين في بيوتهم وعلى المقاهي ينتظرون فرصة تعيدهم إلي مضمار العمل الفني والاعلامي، أم هل تري المشكله مشكلة بث وشاشات وتسويق،وتوزيع؟!، فالحمد لله لدينا من الشاشات العشرات، وليس لدينا مشكلة في البث أو التسويق أو التوزيع، فالكل(إنتاجا،وبثا) مملوك لشركة واحدة تسطيع أن تجمع خيرة مبدعي مصر وخيرة كوادرها لتسترد لنا عرشنا المفقود في دنيا التلاوة والإبتهال والمسحراتي والوثائقيات والمسلسل الديني والتاريخي والأغاني والأوبرتات والمنوعات الجادة.
هل تنقصها الفكرة فها نحن نفكر لها أم ينقصها النصوص، فحقائب المبدعين ملأى؟، أم لايجدون كوادرا؟، فهناك الكثيرون ينتظرون ولم يطرقوا أبواب الشركه،هل ينقصها التمويل؟ .. لا أظن أبدا، فالأموال طائلة، هل تخشى التسويق والتوزيع؟، لا أظن أيضا فهى المالكة لكل شئ، الشاشات والاعلانات والاخبار والمعدات والقرارات، ليته أخر رمضان نفلس فيه من حيث المحتوي، وليت رمضان القادم نرى عودة لدولة التلاوة ومملكة الإبتهال وعالم المسحراتي ودنيا الوثائقيات ومضمار الغناء والاستعراض الجاد، وامبراطورية المسلسل الديني والتاريخي وعوالم المحتوي الجاد والرسائل المهمه.
لنخدم أهلنا وانتمائهم ونخدم قوتنا الناعمة وروافدها، ونسعد أهلنا ونرضيهم ونقدم إعلاما ذى محتوي متنوع وجاد، لتعد لمصر مكانتها وقيمتها وقامتها.. أصلح الله أمورنا وهدانا سبل الرشاد، وكل عام ومصر وأهلها بخير وسلام وإعلام جيد وجاد.. وتحيا دوما مصر.. ورمضان كريم.