كتب : أحمد السماحي
كان (عبدالحليم حافظ) مع شعراء جيله وملحنيه خاصة (صلاح جاهين، وكمال الطويل) هم مؤرخي ثورة يوليو عام 1952، وكانت أغانيه الوطنية تعبر عن مشاعر جيل الخمسينات الذي فتح عينيه على الدنيا مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وما أن وصل إلى الطفولة حتى سمع عن مأساة فلسطين التى ظلت دائما في الوجدان، وما أن تجاوز العاشرة حتى شاهد انتصار 1956، واندحار العدوان الثلاثي، وعرف منظمة التحرير وشعار (الاتحاد والنظام والعمل)، وانتقل من خيمة (الاتحاد القومي) إلى (الاتحاد الاشتراكي) وعاش انتصار الدولة الوطنية التى سرعان ما مضت نحو الاشتراكية والعدالة الاجتماعية التى تحولت إلى أحد أطراف الثالوث (الحرية، الوحدة، الاشتراكية)، وعرف هذا الجيل الطريق إلى بستان الاشتراكية.
ولذلك كان زمن (عبدالحليم حافظ) هو زمن صعود ثورة يوليو وسجلها الذي ينطوي على انتصاراتها، وأمانيها العظيمة، وكانت أغنياته السياسية أغنيات صعود هذه الثورة منذ انفجارها في يوليو 1952 إلى انكسارها العظيم والأليم في يونيو 1967، ثم غنائه لانتصارات حرب أكتوبر.
لكن رغم تأريخه لثورة يوليو منذ البداية، لكن هذا لم يمنعه في بداية مشواره وبالتحديد أثناء غنائه الأغنية السابعة في مشواره الفني أن يغني للملك (فاروق)، وهذه المعلومة يعرفها بعض المتخصصين والباحثين في المجال الموسيقي، وقد كتبها البعض، لكن لأول مرة في الصحافة العربية ننشر كلمات أغنية (تهاني) كلمات محمد عبدالغني حسن، ألحان عبدالحميد توفيق زكي، والتى قام بغنائها العندليب للملك (فاروق) يوم الثالث من مايو عام 1951.
وأذيعت يوم الخميس السادسة إلا ربعا، وجاءت فى سياق مجموعة من الأغنيات تضمنتها الحلقة وكانت جميعها مخصصة للاحتفال بعيد الجلوس الملكي، وبعقد قران الملك فاروق على زوجته الثانية الملكة (ناريمان صادق)، كانت أول أغنية فى البروجرام بعنوان (عيد الفاروق) كلمات محمد أبو يوسف، وغناء المجموعة، ثم أغنية (تهاني) لعبدالحليم، والأغنية الثالثة (يا مصر صداح الأغاني) كلمات عبدالمسيح جرجس، وغناء نادية فهمي، وبهذا يتأكد لنا أن العندليب غنى للملك فاروق.
كما قام شاعر الأغنية (محمد حسن عبدالغني) بإلقاء نفس كلمات الأغنية مع قصيدة أخرى بمناسبة احتفال الملك بعيد الجلوس، وكان معه الشعراء إبراهيم ناجي، عبدالعظيم بدوي، ومحمود رمزى نظيم، وقبلهم أذيعت أغنية لنجاة علي عن الملك بعنوان (فرحة الوادي) كلمات كمال منصور، ألحان عبدالفتاح بدر، كما جاء فى مجلة ( الإذاعة).
تقول كلمات أغنية (تهاني) التى غناها حليم للملك فاروق:
فاروق ما أحلى علاك وأكبرا
الله زانك بالجلال وصورا
لما طلعت على البلاد بهرتها
وبعثت فيها من جلالك مظهرا
استقبلتك من الشباب قلوبهم
وقلوبهم أصفى وأنقى جوهرا
يندفعون إليك من ايمانهم
وكأنما فاضوا أمامك بحرا
الحب يدفعهم لعرشك عاليا
والحب يدفع الرجال إلى الذرا
الشعب يا مولاي عيدك عيده
إنا تقاسمنا المحبة أشطرا
شعب تمكن في الجوانح حبه
لك واستقر على القلوب وسيطرا
وهبوا لك الدنيا ولم يكترثوا
ما كانت الدنيا عليك لتكثرا
يا أيها البدر المضيئ تحية
لا زلت في عرش القلوب مؤمرا
يدك الندية في الكنانة لم تزل
أندى من الصبح الجميل وأنضرا
ما زلت ترعاها ليثمر روضها
والروض إن وجد الرعاية أثمرا