كتب : محمد حبوشة
رحل صاحب الابتسامة العذبة النقية والإفيه الحاضر القادم من فرط فطرية أداءه الصاخب بصوته المميز، وعلى قدر حجم جسم (عهدي صادق) النحيل الذي غادرنا أول أمس الثلاثاء، إلا أنه كان قادرا على أن يملأ الكادر بأهازيج الفرح والسعادة النابعة من مصريته الطاغية وحركته الخفيفة الرشيقة التي تخطف العين من أول طلة له في أدواره الشعبية منها على وجه الخصوص، وعلى الرغم من أنه واحدا من جيل الفنانين الكبار رفع اسم وعلم مصر عاليا وجعل للثقافة والحضارة والفن من القوة الناعمة معنى وقيمة، فإن ما حدث له ولجيله مؤخرا كان هو الكارثة بكل المقاييس، خاصة أن معظم التجارب السابقة قديما تعتمد على تسلم الأجيال لبعضها البعض، لذا يبدو لي غياب رموز الفن من الكبار ونجوم الزمن الجميل عن الشاشة وعدم إسناد أدوار أدوار لهم غبا لمثيل له من جانب شركات الإنتاج والمخرجين، فلايكف أن يتم الاستعانة بهم كضيوف الشرف من حين لآخر في الأعمال الفنية، وذلك بمنح الأوفر حظا منهم تقديم عدد من الأدوار السينمائية والتليفزيونية والظهور في الإعلانات، وهو ما يعبر عن معاناة هذا الجيل من التهميش لأدوارهم والإقصاء بعد عقود من التعب والأدوار المميزة التي قدموها في مشوارهم، في الوقت الذي تعتمد فيه الأعمال الفنية على النجوم الشباب ومنحهم الملايين بدعوى تسويق الأعمال بأسمائهم، دون توفير مساحات وأدوار للنجوم الكبار.
وهذا ربما دفع كثيرين منهم لحالة من الاكتئاب والغربة وعدم التناغم والإحساس بغياب التقدير وعدم إدراك قيمتهم وما حققوه طوال مشوارهم من قبل الأجيال الجديدة ومن القائمين على صناعة الأعمال الفنية، ولعل الحالة الصارخة التي توجد أمامنا الآن هى الفنان القدير (عهدي صادق) الصامت عن الكلام طويلا، وهو الشهير بـ (خميس الخمس) في مسلسل (ليالي الحلمية)، والذي أمتعنا بأدائه التلقائي العذب كوميديا وتراجيا في أعمال ماتزال راسخة في سجل الفن المصري الأكثر جودة واتقانا، فضلا عن قيم ذلك الفن وتأثيره في حركة المجتمع بتناوله الصادق لأعقد قضايانا ومشاكلنا الاجتماعية.
إهمال المخضرمين من النجوم
ربما المشكلة ليست وليدة إهمال المخضرمين من النجوم ومجافاتهم والرفع من شأن آخرين، ولكنها نتيجة وضع أعم وأشمل، ربما يرجع في جانب منه إلى الظرف السينمائى والإنتاجى لم يعد متوفرا، وبالتحديد مسألة الجمهور فمن المعروف أن أي سلعة حين لا يصبح لها جمهور تنهار وتتلاشى، وهذا هو وضع النشاط السينمائى الآن فهناك أزمة انتاجية في السينما، ويصبح الرهان على القنوات الرقمية أو وسائل جديدة وطالما هناك شح في الإنتاج السينمائى بالضرورة العاملين في هذا الحقل يعانون ما يشبه البطالة وهذا هو الوضع الآن، ورغم أنهم لا يتصدرون تترات المسلسلات ولا يتقاضون أجورا بالملايين، لكنهم استطاعوا يثروا شاشة الدراما بأدوار البطولة الثانية ونجحوا فى أحيان كثيرة فى سحب البساط من نجوم ونجمات العمل بأداء رفيع وكاركتر مختلف.
والسينما كما معروف اعتمدت على الشباب منذ نشأتها، وهنا نستشهد بالنجوم الكبار الذين أثبتوا جدارتهم في أدوار ثانوية، مثل عبدالوارث عسر، محمد توفيق، زكى رستم، وكذلك حسن حسنى، وعبدالرحمن أبوزهرة، وضيفنا هذا الأسبوع (عهدي صادق) صغير الحجم مكير الأداء إلى حد الدهشة والذهول، والذي أجاد على مدار رحلته الطويلة في أدوار، ومثله يطلق عليهم في الغرب (الثقال) أي من يشبعون الجمهور ولو بمشاهد قليلة ويثقلون من العمل، تماما كما حدث معه في المسلسل الرمضاني 2020 (الفتوة) الذي جسد فيه شخصية (عم مسعد) الشعبية بتلقائية شديد عكست أداءه المبهر رغم صغر مساحة الدور إلا أننا لاننسى مواقفه الإنسانية في إثبات (جدعنة) أهل الحارة.
والحقيقة أن الفترة القليلة الماضية شهدت عودة عدد من النجوم الكبار للحياة الفنية مرة أخرى على استحياء بعد أن حُجبت عنهم الأضواء لفترة طويلة عانوا فيها من عدم الاهتمام، أو الاستعانة بخبراتهم الطويلة التى صنعوها على مدار سنوات طويلة، وهو ما دفعهم للشكوى أكثر من مرة من تجاهلهم – وبالطبع ليس منهم عهدي صادق نظرا لتمتعه بعزة نفس تأبى الشكوى – وجاء ذلك فى ظل محاولات نقابة المهن التمثيلية أن تضع حلولًا، غير أنه استمر غياب هؤلاء النجوم فترة طويلة، وهم يعانون في صمت وكأن لسان حالهم يقول : (ليت الشباب يعود يوما).
بداية مسيرته الفنية
اسمه الحقيقي (عهدي صادق بشاي)، ويرجع أصله إلي محافظة القاهرة، حيث ولد وتربى في مدارس العاصمة، وتعلم في المعهد العالي للفنون المسرحية، وكانت بداية مسيرته الفنية في فترة السبعينيات عن طريق أدائه لبعض الأدوار القصيرة، ولم يحصل على فرصة أخذه للبطولة في أي عمل فني حتى الآن، ولكن على الرغم من كل هذا إلا أن هذه الأدوار الصغيرة جعلت له مكانة مميزة داخل الوسط الفني وداخل قلوب المشاهدين، كما أن عدد الأدوار التي قام بها خلال مسيرته الفنية تصل إلى عدد أكثر من 200 عمل سينمائي ومسرحي وتليفزيوني وإذاعي، وكان له القدرة دائما على القيام بكل الأدوار في كل الأشكال وبطرق مختلفة .
بعد غياب طويل عاد (عهدي صادق) للتمثيل في مسلسل (نقل عام) في مشهد قصير، ومن قبل في عدة مشاهد بمسلسل (الفتوة) العام الماضي)، ويعتبر هذا المسلسل خلق حالة من الشوق داخل الفنان وساعد المشاهد على استعادة روائح زمن الفن الجميل، كما كان سبب موافقته على هذا العمل بالأخص هو خلق حالة من الحنين إلى الأحداث التي كانت تدور في فترة العشرينات، وخاصة أنه يقوم بالبحث عن القيم الجميلة التي نفتقدها الآن في عصرنا الحالي، وذلك في ظل فقدان الكثير من الصفات الحسنة الموجودة داخل الشعب المصري الجميل، وأن هناك كثير من أبناء الشعب لازال بداخله الفطرة الحسنة وهى أن يقف مع الفقراء وأن يأتي بحقهم مثلما كتب الأديب الشهير نجيب محفوظ عن الفتوة والأحياء الشعبية موضحا أن الكثير من الناس لا يستطيعون أخذ حقهم بسبب انعدام وجود الشهامة والجدعنة في المجتمع .
بخجل شديد اعتاد عليه الفنان (عهدي صادق) قال في آخر أيامه: (أنا موجود) مؤكدا في هذه العبارة أنه حتى الاَن لدية القدرة علي العطاء للوسط الفني وعلى الرغم من توارث الأدوار والأبطال والتغيير الكبير داخل الوسط مع تقدمه الشديد في العمر، حيث أصبح في بداية السبعينات من عمره، لكنه يؤكد على تواجده وقدرته على تكملة المسيرة مع تغير الزمان وتقدم العمر، على الرغم من فقدانه لبعض رفاق عمره، لكنه مازال صامدا وتحدث عن فترة غيابه معلقا انه لا يدري ما هو السبب في ذلك يمكن أن يكون بسبب التقدم في العمر أو تقلبات الحياة، كما أوضح أن الكثير من الأدوار التي كان يقوم بها قبل ذلك لم تعد تنفع في الوقت الحالي، ولكن رغم كل هذا تظل لديه قناعة ورضا بأنه مازال موجود وأنه محظوظ على الرغم من أنه لم يحصل علي البطولة أبدا ولكنه حصل علي حب الناس .
إنتاج شخصيات وأنماط إنسانية
الممتع في الممثل المجتهد (عهدي صادق)، هو قدرته على عرض أدواته الأدائية بطريقة خاصة وإضافة أفعال بشرية، وتوليد مشاعر إنسانية محددة وواقعية بالتأكيد (سلوك/ فعل)، بواسطة مهاراته الفنية، وضمن ظرف حياتي معطى له، وبحكم أنه من الممثلين الموهوبين فإنه يمتلك القدرة على فهم وخلق طبيعة بشرية حقيقية، وتوليد مشاعر وأحاسيس صادقة، وإعادة إنتاج شخصيات وأنماط إنسانية لا حدود لها، كما جاء ذلك في مسلسل ليالي الحلمية من خلال شخصية (خميس الخمس) التي أداها بتلقائية وكذلك بدور اليهودي في مسلسل (حرب الجوسيس) وهو ما يؤكد صفاء موهبته انطلاقا من إدراكه لفن التمثيل لا لأنه فن مركب (جسد/ نفس/ شعور/ لاشعور) فحسب؛ بل لأنه جامع لفنون متنوعة ومختلفة.
برع (عهدي صادق) في مختلف الأدوار، فمنها ما هو حي يجري فوق خشبة المسرح، أمام المشاهدين، وما هو إذاعي يتم بواسطة الميكروفون، بغياب الصورة؛ إذ نسمع فيه صوت الممثل ولا نرى جسده، وثمة فن آخر هو التمثيل السينمائي أو التلفزيوني الذي يحدث أمام الكاميرات، ويشاهده الناس صوتاً وصورة، عبر الشاشة، بعد إكمال العمليات الفنية اللازمة، وغيرها من الأنواع ذات الخصائص والشروط المتباينة من الناحية التقنية والجمالية والغايات والوسائل، إلا أن فن التمثيل كنوع عند (عهدي صادق، فن واحد لم يتغير جوهره عبر رحلته الطويلة، وسؤاله الوحيد: كيف يمكن أن أكون حقيقياً في ظروف غير حقيقية؟.
وهذا ما تحقق بالفعل من خلال أعماله الكثيرة في السينما والمسرح والتليفزيون والإذاعة، ومنها (الأزهر، الفتوة، صاحبة الأيات، ونسنى، الضاهر ، الملك لير، الجامعة، أنبياء الله، ريموت كنترول، لمعي القط، نصيبي وقسمتك، هبة رجل الغراب، بنات خارقات، ليإلي الحلمية، من القلب للقلب، الكبير قوي، بين السرايات، لهفة، من الجاني ، العملية ميسي، دهشة، الركين، أهل الهوى، تحت الأرض، شمس الأنصاري، الشوارع الخلفية، وادي الملوك، السائرون نياما، المحظوظ، المصراويه، حرب الجواسيس، راجل وست ستات ، طائر التمساح، لا احد ينام في الإسكندرية، الأمام محمد عبده، السيف الوردي، بنت من شبرا، ملاعيب شيحة، كناريا وشركاه، أميرة في عابدين، فارس بلا جواد، سكوت هنصور، يا رجال العالم اتحدوا، الرجل الآخر، أم كلثوم، حلم الجنوبي، أرابيسك، بوابة الحلواني، عالم ورق ورق ورق، رافت الهجان، فوازير المناسبات، اليوم السادس.
أبرز أعماله الفنية
كما برع أيضا من خلال أدواره المميزة في (سنوات الضحك والدموع، الشهد والدموع، الكيف، رمضان فوق البركان، كعبلون، اللعبة ، المتشردان، عيون لا تعرف الدموع، الخاطبة، الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين، اللي ضحك على الشياطين، أنياب، لا تظلموا النساء، المتوحشة، المغنواتي، أيام من الماضي، الكلمة الأخيرة، راسب مع مرتبة الشرف، قطار منتصف الليل، لعبة التفكير، الغربة، بعد الغروب، مدينة الصمت، القاهرة في الف عام، أبناء القرية، أبو زيد الهلالي، سلامة، إصحى يا نائم، أصيل في السيرك الكبير، الثعبان، الدرب الجديد، الدنيا صغيرة جدا، الراهب الصامت، الضوء الأسود، المتهم البريء، المغامرون الخمسة والسفر الراسي عبر الزمن، الوجه والقناع، الوريث، الوهم، رجل في الغروب، سارق أفكاري، شارع أفراح الأحزان، شقة بدون سقف محامي كعب داير، مرة واحد صاحبنا، مطلوب زوجة فورا، ناس كده وكد، ناس وناس، نقطة مراقبة .
كما أن له أعمال مشهودة مع ديزني مثل (جيميني جدجد، ليل بينوكيو، أرنوب، لافايت، قطط ذوات، نورس، حورية البحر، أبيس مال، علاء الدين، هرميز، هرقل، تشي فو، مولان جدو، كوكب أولي، أستاذ أونطة، مزرعة في خطر، دكتور أبو الأشرار، فارس وفادي، لودو، نجمة ضد الأشرار، ميليفانت بروكس، وغيرها من الشخصيات التي ميزت أعمال ديزني، كما كان له مشاركات في الفوازير الرمضانية مع النجمتين نيللي وشريهان، فضلا عن أعماله للأطفال، مثل مسلسل (كوكي كاك) لإيمان الطوخي ومحمود الجندي، حيث قدّم شخصية (كوكي كاك)، كما شارك أيضا في مسلسل (اللي فات سات).
صناعة العصر الذهبى للدراما
عهدى صادق أحد أركان مجموعة الفنانين الذين شاركوا فى صناعة العصر الذهبى للدراما وتعاونوا مع كبار المخرجين والكتاب وقدموا أشهر وأجمل المسلسلات خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات، حيث تعاون مع المخرج الكبير الراحل إسماعيل عبدالحافظ فى (ليالى الحلمية، الشهد والدموع، ويحيى العلمى فى (رأفت الهجان)، وجمال عبدالحميد فى (أرابيسك، حلم الجنوبى، زيزينيا، والركين) وإبراهيم الصحن فى (بوابة الحلوانى)، وأيضا لمع فى (ولاد آدم، جحا المصرى، وفارس بلا جواد)، وكان ضمن المجموعة الأساسية التى كان يستعين بها الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة فى معظم أعماله، وهى المجموعة التى ربطتهم علاقات صداقة كبيرة وجمعهم التآلف الفكرى والثقافى.
والفنان المبدع المثقف عهدى صادق ربطته علاقة قوية بالشاعر الكبير صلاح جاهين واعتبره والده الروحى، والذى تميز فى كل أدواره حتى وإن ظهر فى مشاهد قليلة فى العمل الفنى، ولكنه دائما ما يترك أثره فى وجدان المشاهد الذى يحفظ عباراته التى يضيفها للسيناريو ومنها (بحب سوسو) التى كان يرددها فى مسلسل أرابيسك ، ولا يمكن أن ينسى المشاهد دور (خميس الخمس) الذى كون ثنائى مع (بسة) الذى أداه صديق عمره الفنان الراحل محمد متولى فى ليالى الحلمية، وهو أهم أدواره وأقربها إلي قلبه، ومع ذلك أكد عهدي في عدة حوارت له أنه لا يهمه حجم الدور الذي سيقدمه، ولكنه لابد أن يكون مقتنعا به للغاية ، فهو يختار أعماله بدقه شديدة، وأنه لم يقدم أي تنازلات أو يقبل أدوار لا يقتنع بها من أجل كسب المال فقط، طيلة مشواره الفني الذي يزيد على الـ 45 عاما من الزمان.
كانت هناك علاقة صداقة قوية جمعت الفنان عهدي صادق والفنان الراحل القدير سعيد صالح، استمرت هذه الصداقة لمدة 50 عاما حتي رحيل سعيد صالح، وقال أنه كان يجلس معه دائما في مكتبه بالمهندسين، وقد شارك عهدي وسعيد سويا في عدة مسرحيات حوالي 7 مسرحيات ، وبعد رحيل الفنان سعيد صالح صديق عمره حزن عهدي بشده علي رحيله ورفاقه وتأثر للغاية وقال أنه حدث له ربكة شديدة في حياته بعد وفاة صديقه.
أشهر أقواله:
** الدراما فى العشر سنوات الأخيرة كان أغلبها يعتمد على تقديم أعمال لا تحمل رسالة، لكنها تعتمد فقط على ظهور النجم دون موضوع يحترم عقل المشاهد، حتى أصبحت دراما سطحية.
** افتقدنا أعمالا لها عمق والدور النابع من الممثل فيه عمق إنسانى، مثل (ليالى الحلمية وأرابيسك والمال والبنون) كلها قدمت رسائل حقيقية.
** اشتركت فى بعض الأعمال التى تعطى مساحة كبيرة فى الدراما والسيناريو مكتوب بشكل محترم يحترم الأسرة المقدم لها العمل، وكان آخر ظهور لى فى مسلسل (خط أحمر) عن مرضى السرطان.
** الفتوة أعادنى للأعمال الجميلة القديمة، التى تؤمن بأن الفن رسالة، والدور يجسد علاقة عميقة بينى وبين الفتوة، فالمقصود من الشخصية أننى أساعده لكى يكون له تأثير ايجابى فى التعامل مع المجتمع.
** أنا مش عارف غبت ليه كام سنة عن الفن، يمكن بحكم التغير اللي حصل مع تقدم السن، الأدوار اللي كنت أقدر أعملها زمان مينفعش أعملها دلوقتي، بس حاليا أنا موجود.
** أعمل منذ أكثر من 45 عاما، ولا أستطيع تقديم تنازلات لمجرد الاسترزاق، وكل ما قدمته خلال مسيرتي الفنية راضِ عنه كل الرضا.
** لا أقدم أي عمل إلا إذا كان مقتنعًا به تمامًا، بصرف النظر عن حجم الدور، فهو لا يعرف معنى دور صغير أو دور كبير، وما يفرق معه فقط أن هناك أداء جيد وأداء غير جيد.
تحية تقدير واحترام
وفي النهاية لابد لي من تقديم تحية تقدير واحترام لروح قامة فنية كبيرة في مصر هو الفنان القدير (عهدي صادق) الذي حظي مشواره بسجل هائل من الابداع لم يقدم فيه أى تنازلات لمجرد الاسترزاق، لكنه اكتفى بأن تكون ذكراه لدى محبيه بأعمال محترمة، فهو فنان يجيد تقديم الأدوار الصعبة والمركبة بحس كوميدى يحمل الكثير من التلقائية، ظهوره المتكرر كضيف شرف فى بعض الأعمال مؤخرا لم يعطه الفرصة لإظهار مساحته الإبداعية التى ارتبطنا بها فى أعمال زمان، حتى جاءه دور في مسلسل (الفتوة) ليعطيه مساحة ولو بسيطة من روح زمان، ما تتوافق مع أحداث المسلسل التى تدور فى فترة العشرينات من القرن الحالى، وربما تكون مأساة هذا الجيل المهم أنه تربى وسط نجوم زمن الفن الجميل، فأصبح كل رصيدهم فن وذكريات جميلة فقط، لم يسمعون فى حياتهم عن الأرقام الفلكية التى يتقضاها نجوم هذا الزمن، وإذا وضع أجر نجم واحد الآن مقابل أجر كل جيلهم لربحت كفة النجم وحده.. أرجوكم ترحموا على هذا الفنان الكبير والقدير وكرموه في مهرجانات السينما والدراما التليفزيونية، فالرجل قضى عمرا طويلا فى خدمة الفن والجمهور.. الرجل تعفف سؤال شركات الإنتاج، فأكرموه بالدعاء الذي قد يعيد له بعضا من حقه علينا جميعا بقدر ما أمتعنا بروائع شخصياته التي ستظل محفورة بحروف من نور في الذاكرة المصرية الحديثة.