بقلم الإعلامية الكبيرة : هدى العجيمي
في اجتماع عائلي مع الأبناء والأحفاد فوجئت بحفيدي شادي الذي كان وقتها في المرحلة الابتدائية يقص علينا حكاية مدرس اللغة العربية الذي شاركهم في ترديد أغنية (صورة كلنا عاوزين صورة ) لعبد الحليم حافظ، وفجاة سألني سؤالا مباغتا، قال: نانا هل تعرفين عبد الحليم حافظ ؟ .. قلت له طبعا أعرفه وزرته أكثر من مرة في بيته فضحك الطفل غير مصدق!.
هذه الحكاية أعادت لي ذكرياتي الإذاعية مع بعض الفنانين ومنهم عبد الحليم حافظ، لم نكن أصدقاء كما هو حال بعض المذبعين والمذيعات في علاقتهم بالعندليب، لكن كان بيننا أكثر من لقاء حول الميكروفون فقط، ذهبت إليه فى منزله بصحبة الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين وكنت أقدم وقتها برنامجا في شهر رمضان بعنوان (الكراسي الموسيقية)، ويدور البرنامج بين شخصين من المشاهير يأخذ كل منهما مكان الثاني ومهنته وتدور الأسئلة بينهما على هذه الوتيرة.
يعني عندما ألتقي بملحن وكاتب رواية معروف فيتقمص الملحن شخصية الكاتب ويأخذ الكاتب مكان الملحن، وفي منزل عبد الحليم حافظ حدث هذا حول ميكروفون الإذاعة فأصبح عبد الحليم حافظ هو الكاتب السياسي وأحمد بهاء الدين هو المطرب المشهور، فقام عبد الحليم بتوجيه أسئلة عن الفن والطرب إلى أحمد بهاء الدين بصفته مطربا لمدة دقائق في البرنامج وأجاب عليها، وعندما جاء دور عبد الحليم الكاتب السياسي سئل عن رأيه في المشهد السياسي فتحدث عن المشهد السياسي بصفة عامة، ثم انتقل إلى موضوع الساعة وهو الاضطرابات في لبنان.
وكانت لبنان في تلك الأيام تشهد اضطرابات سباسية ومظاهرات وفوضى سياسية عارمة فبدأ عبد الحليم في تحليل الوضع السياسي في لبنان ويتحدث عن الأحزاب السياسية هناك، ويتحدث عن أسباب الفوضى هناك وعن أسباب تدهور الوضع السياسي هناك أيضا بصراحة بالغة، ويذكر الأسماء كلها ويوجه اتهامات لمن يظنهم أفسدوا الحياة السياسية في لبنان بصراحة ولا يأخذ الأسلوب الدبلوماسي في ذلك التحليل والنقد .وأسهب في ذلك كثيرا.
وكان أثناء ذلك الأستاذ احمد بهاء الدين ينظر لي نظرات لها معني فهمتها لأنني أيضا كنت مشدوهة، وعندما انتهي الوقت الخاص بالتسجيل غادرنا منزل العندليب، وهنا سمعت صوت الأستاذ أحمد بهاء الدين موجها كلامه إلى قائلا: ياهدى اعملي مونتاج لهذا الكلام ولا تقدمي كلام عبد الحليم بنصه وحذافيره لأن هذا سوف يحدث أزمة سياسية كبيرة بين لبنان ومصر إذا أذيع كلام عبد الحليم كما هو.
فقمت بحذف الكثير مما قاله عبد الحليم وهو يحلل الوضع السياسي في لبنان كأي مواطن عادي ليس له الحساسية السياسية والدبلوماسية المطلوبة في الحديث عن الأوضاع الداخلية للدول أو التدخل فى شئونها المحلية .
هذا البرنامج (الكراسي الموسيقية) قدمته يوميا في شهر رمضان المبارك في إحدى السنوات، ومن الحلقات أيضا الحلقة التي جمعنا فيها بين الموسيقار محمد عبد الوهاب والأستاذ موسي صبري الكاتب الصحفي الكبير، وإذا كنت لا أذكر شيئا الآن من تلك الحلقة إلا أنها أصبحت ذكرى من أجمل ذكرياتي الشخصية وأنا لم ألاحظ أثناء التسجيل أن هناك تصوير للحلقة، لكن بعد سنوات فوجئت بان اللقاء بيني وبين هؤلاء العمالقة منشور صورته في الفيديو الخاص بأغنية (من غير ليه) عند صدوره، وحصلت منها علي هذه الصورة التي أعتز بها واصبحت بروفيلي على صفحات الفيسبوك الآن، وتضم ثلاثة أشخاص حول الميكروفون اثنان من العمالقة (عبد الوهاب وموسي صبري) وأنا الشخص الضعيف مذيعة برنامج (الكراسي الموسيقية).