بقلم : علي عبد الرحمن
لا ينكر أحد أن الجهاز الإداري للدوله أصابه الترهل والتصخم في أعداد عامليه وبيئته غير الملائمه مما أثر سلبا علي جودة الخدمات المقدمة والحاله النفسية لعامليه، ومن ثم عدم الرضا الجماهيري عن ما يقدمه هذا الجهاز، وقد ظل الباب مفتوحا أمام تعيينات غير ضروريه وغير ملائمة لا لشئ سوي انه خريج لابد من تعيينه أو ذو حظوه فيجب تعيينه أو رشاوي انتخابيه لمرشحي الحزب وأبناء الدائرة وقد انطبق هذا على خدمات عديدة منها الخدمات الصحية والتعليمية والخدمات الجماهيرية والخدمات الاعلامية، وهي محور مقالنا اليوم.
فبيئة العمل في الإعلام الرسمي غير ملائمة تماما رغم كثرة الإنفاق مما افقد العاملين حماس الإعلاميين وسعيهم للسبق والتجويد، كما أن قصور الإمكانات التقنية وعدم مرونة اللوائح الإدارية بما يلائم طبيعة العمل الإعلامي المتسارعة، وأضف إلي ذلك غياب الرؤي والذي نتج عنه مواد غير جاذبة، ومحتوي لايقوي أبدا على المنافسة، ولما تحركت الدوله لنفض الغبار عن جهازها الاداري، أوقفت التعيينات منذ عام 2011 وحاولت تحسين مستوي مايقدم وإحلال ثقافة التقنيات الحديثة في عصر التحول الرقمي.
وتم رفع شعار تطوير الخدمات المؤداة في الإعلام الرسمي بهدف تطوير جزء من الجهاز الحكومي وتقديم منتج جيد تنافسي وزيادة نسب المشاهدة، ومن ثم الإعلانات وحسن الاستفادة من إعلام الدولة الرسمي، وبدأ مسلسل التطوير منذ عام 2009 تحت شعار (كله حصري ع التليفزيون المصري)، وتم إنفاق مايربو علي الـ 150 مليون جنيه في أجور وشراء مواد وديكورات وإضاءه ومعدات ودعايه ومستلزمات التطوير.
ثم جاءت المرحله الثانيه من التطوير في عام 2013 على الفضائية المصرية والقناة الأولي والأخبار تحت شعار(أنا المصري) و(دفتر أحوال مصر)، وتم إنفاق مايربو على الـ 50 مليون جنيه لتطوير الأخبار والقناتين الفضائية والأولي.
وجاءت المرحله الثالثه في عام 2017 تحت شعار (قناة مصر الأولي )، وتم إنفاق 37 مليون جنيه علي تطوير القناه الأولي مابين دعاية وأجور وشراء مواد وتجهيزات للاستديوهات والبرامج.
وجاءت المرحله الرابعه من التطوير في عام 2019 تحت شعار (مصر النهارده)، وتم إنفاق 40 مليون جنيه على نفس بنود الصرف السابقة، وفي كل مرة يتم الصرف والإستعانه بخبرات من الخارج ويثور العاملون وفي نهاية كل مرحلة تطويرلا منتج جيد تم تقديمه ولا مشاهدين تم تجميعهم أمام الشاشات الوطنية، ولا معلنين تم جذبهم لشاشات الإعلام الرسمي، ولا خبرات تم نقلها للعاملين، ولا فائدة عادت علي الدوله وخططها المنفذه،ودائما ينتهي التطوير بتخلي كل جهه أو جهاز عن مسئوليته عن التطوير والإنفاق، وتتجه ملفات التطوير إلى جهات التحقيق للبت في الإسراف دون فائدة.
ومازال الإعلام الرسمي بعافية يصارع حتي الآن وسط مشاكل إدارية ومالية وسط غياب الرؤي والتخطيط لخدمة الوطن وأهله ومعلنيه، واتجهت الدولة لإعلام شبه رسمي، إعلام موازي يدعم رسالة الدولة وصورتها ويرضي أهل مصر وتطلعاتهم، وظهرت القنوات شبه الرسمية وتم الإغداق عليها في الإنفاق حتي تجاوزت المليارات، بل وتم توفير كل شئ لإنجاح هذه التجربة من كوادر ودعايه ومعدات واحتكار للبث والإنتاج والتوزيع والأخبار والإعلانات.
وأفرزت التجربه قنوات متشابهة ومضامين محدودة، وأصاب سوق العمل الإعلامي والفني ركود وتعطيل، وتذمرت الدوله من إعلامها شبه الرسمي كما تذمرت سابقا من إعلامها الرسمي فالشاشات متشابهة والرسائل الإيجابية منعدمة والقصور واضح في المحتوي القاصر علي المنوعات والرياضة والملاسنات، واستمر إختفاء برامج التثقيف والشباب والأقاليم والدين والتاريخ والقدوه وغيرهم، ومرة أخرى حاولت الدولة تصحيح مساره فغيرت مسئوليه وبدأت تسأل عن أموالها المنفقه دون جدوي.
ولما كان الاعلام الشقيق والصديق من حولنا يقدم محتوي متنوع جاذب يدعم الهوية ويخدم أهداف القائمين عليه كان لزاما على إعلامنا أن يقدم محتوي تنافسي، خاصة بعد كل المزايا الممنوحة لهذا الإعلام الموازي، ولكن لم نر صحوة في الأفلام الوثائقيه ولا عودة للدراما الدينيه والتاريخية ولا ظهورا لبرامج ثقافية وشبابية ودينية وبرامج التنشئة ومحتوي أطراف الوطن، وأمام هذا القصور وعدم التنوع في المحتوى المقدم قفزت القنوات من حولنا قفزات ونحن مازلنا نراوح أماكننا.
ولما كان اكتشاف المواهب وتبنيها وتقديمها أمرا هاما علي مستوي خطط الوطن وتطلعات شبابه، وعلي مستوي آخر هو هذا الكم من الإنتاج الضخم إنفاقا ومجهودا،وبدأت المسيرة لاكتشاف مواهب مصر تحت شعار(مصر ولادة) فمنذ عام 2012 قدم الاعلام الرسمي بالتعاون مع وزارة الشباب برنامج المواهب (إبداع)، وبعد تصفيات وجولات وتحكيم لم يقدم البرنامج وجها جديدا للاعلام او الفن!!!.
وبعد إبداع جاءت جهود وزارة الثقافه لترفع شعار (ابدأ حلمك)، وبعد تصفيات وجولات وتحكيم وطبعا إنفاق لم أجد خريجا من هذا الحلم كما قدم برنامج (ستار أكاديمي) مثلا أصوات عديدة مازالت تملأ الأذان غناءا، ومع أن (إبداع وإبدأ حلمك) وكل محاولات التطوير لم تضف شيئا لا إلى الإعلام ولا إلي الفن!!!، وكما تم إستهلاك 4 محاولات تطوير بدون فائده تذكر، وتم إطلاق (إبداع وابدأ حلمك) ولكن لم يقدما موهبة واحده لسوق العمل الفني أو الإعلامي.
وتأتي مؤخرا مساهمة الشركه المتحدة إضافة إلي جهود الوزارات السابقة في اكتشاف المواهب من خلال برنامج (الدوم) الذي رفع شعارا وهو( الدوم .. بوابة النجوم) وطاف البرنامج ربوع مصر، ولكن هل يكون مصيره مثل (إبداع وابدأ حلمك)، أم أنه مختلف سيقدم للوطن مواهب في كل المجالات لتعود لمصر قوتها الناعمة، ولكن البرنامج تأخر كثيرا وأهمل كثيرا وأغفل كثيرا.. نذكره في المقال القادم بتوسع إن كان في العمر بقية .. وتحيا دوما مصر.