كتب : محمد حبوشة
برحيل الكاتب المسرحي والسيناريست الفذ (يسري الجندي) تفقد مصر واحدة من أشجارها الوارفة بالظلال في الإبداع الدرامي الحقيقيى، والذي يبقى حيا طوال الزمن من فرط روعته الآسرة للقلوب على جناح الكتابة الصادقة، ولذا ننعي أنفسنا في رحيل الصديق والأخ الأكبر الذي سافتقد شخصيا حماسه رغم صوته الواهن في آخر أيامه، وهو يحكي لي معاناته عن تراجع الدراما التاريخية في ظل فوضى الدراما الحالية، وأيضا حديثه ذو شجون حول آخر أعماله الأربعة التي تركها لنا (أمس جذور المدينة، شجر الدر، الوجه الضائع، الهانم)، والتي يخشى ضياعها في زحمة العنف والعشوائية ودراما الفانتزيا الجانحة نحو الغرائبية والتشتيت ، وننعي أهله وذويه في مصابهم الجلل الذي سيترك فراغا كبيرا في ساحة الإبداع الدرامي الذي برع فيه على مدار أكثر من 60 عاما، قضي معظمها في وظيفة حكومية بوزارة الثقافة حيث تولى العديد من المناصب القيادية.
دخل (يسري الجندي) إلى قلوب الجمهور من خلال أعماله الدرامية التليفزيونية التاريخية والاجتماعية، والتي تميز فيها باتجاهاته نحو التراث الشعبى، يستمد منه موضوعاته ليدخل بها ضمير أمته العربية من أوسع الأبواب، محاولا أن يقدم نوعا من التراجيديا العربية من خلال شخوص السيرة، ولم يتوقف عندها وإنما تجاوزها ليدخل عالم (ألف ليلة وليلة)، فيقدم مسرحية (الإسكافى ملكا)، ولهذا فهو يعتبر من رواد المسرح القلائل الذين اعتمدوا على التراث الشعبى فى كتاباتهم، لقد ألف عددا كبيرا من المسرحيات، منها ما عرض على خشبة المسرح مثل : (السيرة الهلالية، على الزيبق، عنترة، الإسكافى ملكا)، فضلا عن المسرحيات المقتبسة من المسرح الملحمى وتم تمصيرها وهى (حكاية جحا والواد قلة، بغل البلدية)، ومنها ما لم يعرض على المسرح وظل حبيس رفوف مكتبته حتى الآن.
على الرغم من انخراط الكاتب المسرحي والسيناريست (يسري الجندي) في صناعة الدراما التليفزيونية يظل يحتل مركزا مرموقا بين كتاب المسرح المصرى والعربى، وذلك بفضل ما يملكه من رؤية فى الكتابة المعاصرة التي استلهم فيها التراث الشعبى، بل إنه يعد من أهم كتاب المسرح السياسى المعاصرين، بما تميز به من أعمال مهمة تلقي الضوء على مشاكل سياسية واجتماعية مثل: (الجهل، المرض، الفساد الأخلاقى… إلخ)، والتى يرجعها في الأساس لضعف سياسى سواء كان ظلم حاكم أو استبداد مستعمر أو سطوة أصحاب رؤوس الأموال.
وهو في ذلك يحاول معالجة هذه المشاكل بجعل أبطال أعماله شخصيات شعبية مستقاة من التراث الشعبى، أمثال (أبو زيد الهلالى، على الزيبق، بغل البلدية، عنترة، حكاية جحا مع الواد قلة، ما حدث لليهودى التائه، مع المسيح المنتظر، القضية 88، عاشق المداحين، حدث فى وادى الجن، دكتور زعتر، سلطان زمانه، الإسكافى ملكا، القضية)، وهو هنا يهدف لإيقاظ الشعب الغافل أو توجيه رسالة له لكى لا يستسلم للظلم والاستعمار والعبودية.
الجندي بدأ الكتابة فى أواخر الستينيات من القرن العشرين، ويتميز بأسلوبه الخاص فى الكتابة، حيث يستلهم التراث الشعبى ليجعل البطل الشعبى حاملا للفكرة أو موجها رسالة للشعب على لسانه، لذا فهو من الكتاب المتميزين الذين لم ينالوا الحظ الوافر فى إلقاء الضوء على أعمالهم والتعليق عليها وتحليلها، وذلك على الرغم من تتويج أعماله واجتهاداته فى عام 1981 بمنحه جائزة الدولة التشجيعية فى المسرح، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، إلا أنه لم يتم تقديره كما يجب ككاتب سياسى معاصر اهتم بقضايا اجتماعية وإنسانية في أعماله المسرحية والتليفزيونية، والتي تعكس بالضرورة حياته، نشأته، تعليمه، التأثير والتأثر لديه، وكذلك الأعمال التى تأثر بها سواءً من الغرب أو من الشرق.
مثلت أعمال (يسري الجندي) فى العديد من الدول العربية، كما مثلت أعماله فى عدة مهرجانات دولية وعربية، كما قدمت له اتحادات الفنانين العرب أول افتتاح مسرحى بمسرحية (واقدساه)، وقد تقلد العديد من المواقع القيادية بوزارة الثقافة وكتب للمسرح والدراما والسينما، ومن أشهر أعماله: (عنترة، ما حدث لليهودى التائه، مع المسيح المنتظر، الهلالية، رابعة العدوية، المحاكمة، على الزيبق، الساحرة، الإسكافى ملكا)، ومثلت أعماله مصر فى مهرجانات عربية، وقدم للسينما عدداً من الأعمال ذات المذاق التراثى ومنها (المغنواتى وسعد اليتيم وباحب عيشة الحرية).
ظل يسري الجندي قابضاً على جمر النص الدرامي (مسرحيا – سينمائيا – تليفزيونيا) حتى آخر أعماله محافظا على قيمته ودور الكلمة في كل أعماله حتى الآن، وذلك على الرغم من أن هذا الجيل الذي تلا جيل الستينات تفرقت به السبل؛ إذ تخلى أغلبه عن القضايا الكبرى في الواقع، واتجه إلى النقد الاجتماعي والكوميديا، بل تخلى هؤلاء عن قضايا الشكل والأسئلة التي طرحت بعد ثورة يوليو 1952، لكنه وحده جاءت غالبية أعماله تحمل في طياتها الهم العربي والمصري في صور درامية تستلهم التراث، وتعبر به نحو الحاضر والمعاصر على جناح الجدية التي التزمها طوال مسيرته الفنية الطويلة، وقد عبرت أعماله تلك عن أسلوبه وموقفه من الواقع، فهو ينتمي إلى آخر جيل ظل متمسكا ومؤمنا بقيمة النص وقضايا الواقع.
صمم الجندي على إكمال مسيرة الجيل السابق، لقد جاء وهو يعلم أن التربة تم تمهيدها من خلال ذلك الجيل الذي فتح خزائن التراث الشعبي، أمثال (ألفريد فرج، ويوسف إدريس، ومحمود دياب، وشوقي عبد الحكيم)، وغيرهم، فراح بعد (اليهودي التائه) ينهل من التراث بوعي شاب يعيش مرحلة ما بعد انهيار الحلم القومي، وتوالت أعماله التي تناقش وتستلهم التراث برؤية معاصرة، وكتب أعماله في هذا الاتجاه مستعينا بشخصيات من التراث العربي تحتل جزءا كبيرا في الوجدان العام، لتلعب دور البطولة في أعماله، ومن خلالها يطرح أسئلة اللحظة الراهنة، ويناقش الحاضر من خلال أحداث الماضي، فحملت مسرحياته أسماء (عنترة، أبو زيد الهلالي، علي الزيبق، رابعة، جحا المصري)، وغيرها من أعمال تشي بالكشف المبطن برسائل سياسية غاية في الإبهار والتحدي.
من يتأمل أعمال يسري الجندي على مدى نصف قرن بين المسرح والدراما التلفزيونية والسينما، سوف يلحظ على الفور أن لديه ثوابت وقيما لم تتغير رغم الصعوبات التي واجهها بسبب تمسكه بهذه القيم، وهى الإيمان بالنص المسرحي أو النص المكتوب دراميا للسينما والتليفزيون، ويظل العمود الفقري فيها جميعا هو الإيمان بقضايا الأمة العربية حاضرها وماضيها ومستقبلها، والتي تميز فيها باتجاهاته نحو التراث الشعبي يستمد منه موضوعاته ليدخل بها ضمير أمة باستخدام أبطال السيرة الشعبي، في محاولة منه تقديم نوعا من التراجيديا العربية من خلال شخوص السيرة.
ولم يتوقف (الجندي) عند السيرة فحسب، وإنما تجاوزها ليدخل عوالم أخرى في نصه الدرامي الفاتن، وكان تأثير التراث الشعبي قويا عليه حتى أن فكرة التراجيديا بشكلها اليوناني لم تكتمل عنده، إذ أن البناء الحكائي للقص الشعبي أثر عليه، كما أثر على معظم كتاب المسرح فتحولت التراجيديا إلى حكاية، فمسرحياتة تأُثرت بعنصرين مهمين، أحدهما داخلي من تراث الفرجة الشعبية العربية مثل خيال الظل، والأراجوز، والمحبظين، والسامر، والثاني محاولا إدخال التأُثير العربي على النص المسرحي بالأخذ من المسرح الملحمي المرتبط بـ (بريخت).
وفي هذا الصدد رأت الباحثة د. راجية يوسف في دراسة لها حول أعمال (يسري الجندي)، أنه سار على ثلاثة اتجاهات في التعامل مع التراث أو استلهامه، أولها: استخدامه الحرفي للتراث فتصبح مجرد مسرحية بلا تعديل، أو مجرد مسرحية للنص التراثي، والثاني المزاوجة بين النص التراثي مع تعديلات طفيفة لإسقاط واقع حاضر على واقع التراث بقصد نقد حاضره دون الصدام مع الرقابة، ثالثا تطويع التراث للحاضر مع نظر للمستقبل، وذلك بالاختلاف مع التراث بهدف إعادة قراءته، أي إعادة خلقه وبنائه من جديد، وقد طوع وأعاد صياغة السير الشعبية بطريقة جديدة، بحيث يجعل ما في السيرة من أحداث مشابهة للواقع تثير المتفرج أو المشاهد، لكي يأخذ منها عبرة أو يتعلم درسا قد وقع سلبا على بطل السيرة أو قدم نصيحة للقارئ بشكل غير مباشر لكي يفيق من غفلته فيرفض الظلم والاستعمار، ولا يقبل التضحية بوطنه وآدميته، لعله بهذا يوقظ روح المقاومة لدى الشعب أو الجمهور ليقاوم من أجل الحرية وتحقيق العدالة.
وفي إطار تحليلها لمسرحيات الجندي المستلهمة من التراث الشعبي أشارت الباحثة أيضا إلى أنه لجأ للحكايات الشعبية التي تستمد مادتها من أرض الواقع، لكنها تسبح في الفانتازيا لتجسد أحلام البسطاء خارج إطار التاريخ المعاصر له، وصاغ نصه الدرامي بأسلوب ملحمي ليصبح أهم ملامح نص عالمه المسرحي على اعتبار أن ثمة قضية فكرية يطرحها وملخصه هو (أن الثورة الفردية مهما كان نبل صاحبها لا تخلص المجتمع من الفساد الساري في جنباته والحل هو الثورة الجماعية)، وأضافت (يوسف)، أن الجندي قدم مسرحية (اغتصاب جليلة) – وهى مستلهمة من السير الشعبية – (علي الزيبق، الأميرة ذات الهمة)، ليكشف عن إشكالية وضعت نفسها على التراث العربي وهي من يكتب التاريخ؟، أما في مسرحية (علي الزيبق)، فنجده تخطى كثيرًا من أحداث السير، وذلك من منطلق المراجعة الذي يعد من أهم خصائص المسرح الملحمي في تعامله مع التراث!، فيبدأ مسرحيته بمشهد قتل حسن رأس الغول، على يد الكلبي، ويعد هذا المشهد من أهم مشاهد المسرحية إذ يجسد الصراع بين الخير والشر الممتد من عصر قابيل وهابيل حتى يومنا هذا.
أما نصه (عنترة) فقد عمق شخصيته الدرامية وصاغ منها بطلا تراجيديا معاصرا حتى بعد موت المفهوم التراجيدي بمعناه القديم بانسحاب الأقدار من ساحة الصراع مع البشر، فقدم لنا (عنترة) أو سيرة عبوديته ولونه الأسود في مجتمع قديم كان اللون في ذاته ـ فضلا عن الأسر في حروب القبائل ـ يخلق وضعا اجتماعيا متدنيا، ويشكل لدى الشخصية المتمردة حلما في الانعتاق والتحرر والصعود الطبقي اعتمادا على الذكاء وقوة الساعد، وأوضحت الباحثة أن الجندي يبعث شخصية أخرى من عمق الأمل بوجود بطل عربي يقود المجتمع (أبو زيد الهلالي) الذي يخطئ هو الآخر فيقود قومه إلى التهلكة، بينما تبرز آخر شخصيات كاتبنا التراجيدية في مرحلته الأساسية وهي “رابعة” التي تعجز عن مواجهة شرور العالم، فتلجأ إلى التصوف.
أيضا يتجلى الفلسطيني المسفوح الدم، يجاهد للتخلص من ذلك الصهيوني في مسرحية الجندي الوثائقية (ماذا حدث لليهودي التائه؟)، والتي تنزع الغلالة الأسطورية التي صنعتها العقلية اليهودية حول نفسها واستغلالها الصهيونية لسلب وطن بأكمله، وأكدت الباحثة أن أغلب مسرحيات يسري الجندي وظيفتها أو هدفها أو التيمة المؤثرة فيها هي الحرية والعدل والرغبة في توحد وتماسك الوطن العربي الإسلامي أيا كان عصر المسرحية (الهلالية، علي الزيبق، عنترة)، وأشارت إلى أن الجندي دائب البحث عن وسيلة يصل بها إلى الجمهور ومن ثم عرف بريخت، ومن أهم التيمات التي استخدمها الجندي في مؤلفاته (العدالة)، وبذل لها جهدا كبيرة لا يخطئها قارئه أو متفرجه، كما أن القيم السياسية التي دار خلالها مسرحه اهتمت بقضية “الحرية” وحرية الجموع بشكل خاص.
وتبقى التيمة الأساسية في الكتابات المسرحية للجندي من خلال مشاهداتي ومتابعتي لأعماله هى الحرية، فالحرية هى التيمة الأساسية التي يبني عليها كل أعماله، وهى تأتي على ألسنة أبطال مسرحياته سواء بإثبات الحرية أو بالبحث عنها، فالفكرة الأساسية هى الحرية بما يندرج تحت هذه الكلمة من معاني حرية القول والفعل والتفكير، وأيضا هناك تيمة أخرى تظهر في مسرحياته هى العدالة وحث الشعب على رفض الظلم سواء من سيطرة حاكم أو مستعمر مستبد، فهو كاتب يرفض الاستعمار سواء كان استعمار أرض أو استعمار فكر، فهو يرفض السيطرة على الأفكار أو الأعمال الأدبية التي تحمل فكرة معينة بغرض نقد – بشكل مباشر أو غير مباشر – الأوضاع الخطأ الموجودة في المجتمع بهدف إصلاحها أو تصحيحها، ولقد استعان بالتراث الشعبي والسير الشعبية في مؤلفاته ليتخذ من موضعها تيمة تخص عصره.
أما على مستوى مسيرته الدرامية (تليفزيونيا)، فتبقى له أعماله المهمة التي ستظل خالدة مثل: (النديم 1982، علي الزيبق 1985، شارع المواردي – الجزء الأول 1990، والجزء الثاني 1995، علي بابا والأربعين حرامي 1995، السيرة الهلالية 1997، التوأم 1997، جمهورية زفتي 1998، جحا المصري2002، ناصر2008، من أطلق الرصاص على هند علام 2008، سقوط الخلافة 2010، مصر الجديدة 2013، ، وخيبر2013)، كما كتب للتليفزيون في رمضان أيضا (فوازير ألف ليلة وليلة، معروف الإسكافي، والشاطر حسن، وعلي بابا والأربعين حرامي).
وحول مسلسله البديع (سقوط الخلافة) الذي يعد من أبرز الأعمال الدرامية التاريخية التي عرضتها الفضائيات العربية، لفت نظري قوله: (إن هذا المسلسل إنصاف للماضي وإسقاط على الحاضر، حيث يعالج مرحلة تاريخية في حياة الشعبين العربي والتركي أودت بخلافة العثمانيين ومن خلاله يعيد تقييم فترة انهيار دولة الخلافة الإسلامية الأخيرة الممثلة في الإمبراطورية العثمانية) كما يضم المسلسل إسقاطا واضحا على الواقع العربي، ويضيف: في هذا المسلسل نعيد تقييم فترة انهيار دولة الخلافة الإسلامية الأخيرة من خلال شخصية أحد أواخر سلاطينها عبد الحميد الثاني، وأبرز الشخصيات التي عاصرته وحاولت معه إعادة تجديد الامبرطورية العثمانية، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل
وعلى جانب آخر يبدو الجندي في هذا المسلسل مثلما كان في المسرح واحدا من المهتمين بالقضية الفلسطينية حيث يعرض المسلسل للقضية الفلسطينية من الجذور من خلال الضغوط التي مارستها الحركة الصهيونية ومؤسسها (تيودور هرتزل)، وموقف السلطان عبدالحميد الصلب في رفض السماح بالهجرة اليهودية الى فلسطين أو في بيع أراض فلسطينية لبناء مستوطنات يهودية رغم الضغوط الأوروبية التي مورست عليه، وهي الضغوط التي وقفت وراء انهيار الامبراطورية العثمانية إثر هزيمة الجيوش التركية أمام الجيش الروسي والتي مهدت للقضاء على الخلافة الإسلامية.
ويبقى الأهم في هذا المسلسل البديع إنه قد تكون هذه المرة الأولى التي يتم تناول الدولة العثمانية بطريقة مغايرة لما تعودناه، إذ درجت العادة في المسلسلات العربية على تصويرها قوة استعمارية استنزفت العالم العربي، مع التركيز على صعود الحركة الوطنية العربية بداية القرن العشرين وتولي السلطان عبد الحميد الثاني الحكم،كما يضم المسلسل في الوقت ذاته إسقاطا واضحا على الواقع العربي المعاش لأن العوامل التي أدت الى سقوط الخلافة الإسلامية أبرزها التربص الغربي بها الذي يراهن دائما على الضعف الإسلامي وهو نفس الواقع الحالي.
مسيرة طويلة شهدت بالابداع الحقيقي للكاتب المسرحي والتليفزيوني والسينمائي (يسري الجندي)، بحس سياسي واقعي لرجل عرف أهم قضايا أمته العربية، وعالجها باستلهام وقائع التاريخ على جناح اللجوء للتراث، وقدمها لنا في أشكال فنية قادرة على التأثير إيجابيا في وجدان أمة تعبر حاليا من منعطف الخطر إلى بوابة مستقبل بمحفوف بمخاطر وتحديات أكبر، ومن ثم تسلتزم منا استلهام العبر من التاريخ كما فعلها (الجندي) من قبل .. فتحية تقدير واحترام لفكر وعقل وروح هذا الرجل الذي ظل قابضا على جمر النص الدرامي الحقيقي حتى النفس الأخير.. رحمه الله واسع بقدر ما قدم لنا كتابات لايشق لها غبار في لوحة الدراما التي تعيش المأساة حاليا، بعدما وقعت في براثن التردي والعنف والعشوائية التي تخاصم القيمة والمعني الحقيقي الذي يقوم عليه جوهر الفن ولي رجاء خاص أتوجه له للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية أن ترعى أعماله كي تخرج للنور تحية لروحه الوطنية الصادقة.