كتب : محمد حبوشة
لم تعد الأحلام مستحيلة، فبعزيمة المصريين والتفافهم حول الرئيس عبد الفتاح السيسى أصبحت واقعا حيا، وذلك بعد أن بنت مصر قواعد راسخة لمشروعات عملاقة وأسست لجمهورية جديدة يعيش فيها المواطن المصرى حياة كريمة، وقطعت مصر وشعبها شوطا كبيرا وواجهنا معاناة ولولا الثقة والتمسك بالحلم ما وصلت مصر لمرحلة الاستقرار.. كانت أحلام المصريين بعودة الأمن ودحر الإرهاب ووقف الرعب والهلع والتفجيرات والخلاص من إخوان الشر الذين تفننوا فى إزهاق الأرواح وخراب المنشآت والترصد لرجال الجيش والشرطة بعيدة المنال، لكن تحول الحلم إلى واقع وانقشعت الغمة وبدأت أنوار محطات الكهرباء وشعلات الغاز فى الحقول تضىء الشوارع وتحرك ماكينات المصانع، والسواعد السمراء تبني مدن حلم البسطاء.. طريق طويل وصعب، لكن بالعمل والإصرار والتمسك بالحلم قربنا المسافات وبدأت مصر مرحلة الانطلاق ولن تتوقف.
أحلام الشعب والرئيس عبد الفتاح السيسى تحولت لواقع، ومشروعاتنا القومية فى كل شبر على أرض مصر تؤكد أن الأحلام بالعزيمة والعمل تتحول إلى حقيقة، هذا ما جسدته دراما (الحلم) بطولة الفنانة القديرة (صابرين)، ومحمد رياض، ورانيا فريد شوقي، أنوشكا، علاء مرسي، كمال أبو رية، أحمد عبد العزيز، سميرة عبد العزيز، وغيرهم من نجوم أضاءوا شاشة التليفزيون بتوقيع المخرج الكبير حسني صالح على جناح سحرية الصورة وبلاغتها، وبإنتاج سخي من جانب (الجابري ميديا بروداكشن) الرائدة في إنتاج الأعمال الدرامية الهادفة على المستويين الاجتماعي والوطني، وقد استمتعت بهذا المسلسل الذي يحوى شقين مهمين، وهما الجانب الاجتماعي والجانب الوطني في إبراز جهود القيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي حول الحلم إلى حقيقة في حي (الأسمرات) الذي بدا في صورة رائعة تكشف وعى الدولة بحقيقة وضروة توفير العيش الكريم لأبناء العشوائيات، وفي القلب منها حي (الأسمرات) الذي أصبح منارة مصرية تستحق التوقف والتأمل كثيرا.
رصد مسلسل (الحلم) الذي تنطلق أحداثه من حى (الجمالية) بأصالته وعراقته في الحفاظ على حرفه التقليدية التي تعكس براعة الفنان وصدق الإنسان الذي يعيش في هذه المنطقة من مصر القديمة بزخمها وطيبة أهلها (رغم الصراعات داخل العائلة)، والتي بدت لنا طافية على السطح مجرد قشور لاتعبر عن حالة الطمأنينة ومحاولات العيش بسلام داخل الجدران العتيقة التي تشير إلى براعة الصانع المصري الذي يتحدى فنون العالم بإبداعه الذي مازال يصيب الخيال بالدهشة، وأبرز ما في هذا المسلسل أنه عبر لنا كيف تتجدد أحلام الرئيس السيسى لينقلنا لنقطة جديدة وحلم جديد، ولم لا، فالتجربة أثبتت أن الأحلام لم تعد عصية على التحقيق.. حلم الرئيس بتحقيق بتوفير السكن الآمن والمجهز بأفضل أجهزة تكفل العيش الكريم لبسطاء هذا الوطن، كما لم ينسى التحدى الأكبر حاليا هو خلق فرص عمل جديدة، كما جاء في سياق أحداث (الحلم)، حيث نرى حركة دائبة للكاميرا وهى تنتقل من حلقة إلى أخري راصدة مشروعات وورش ومصانع صغيرة داخل الأسمرات، يبدو في قلبها شباب نابض بالحيوية والنشاط بعد أن تخلص من إرثه القديم في المناطق العشوائية التي كانوا يسكنونها في تجارة المخدرات والخطف والقتل وغيرها من موبقات تجسد أخلاق الزحام وضيق العيش، ليتحولوا إلى خلايا نحل تعمل في انتظام ودأب وإصرار على تغيير نمط حياتهم للأفضل في ظل جمهورية جديدة عنوانها العمل والإصرار والتحدي لكل أمراض العصر التي يمكن أن تعطل مسيرة البناء والتنمية.
مسلسل (الحلم) هو بداية الطريق نحو صناعة دراما وطنية بحس اجتماعي لترصد جهود الدولة في تطور البشر والحجر والتحول نحو آفاق جديدة تليق بمواطن جديد في دولة جديدها قوامها التطور والتقدم نحو الأفضل، وهنا لابد لي من تحية تقدير واحترام للجهة المنتجة (الجابري) في تدشين نوع جديد من الدراما الوطنية (غير العسكرية) لتفتح الشهية للشركات الأخرى في صناعة دراما من نوعية الاجتماعية التي ترصد إنجازات الرئيس والدولة في البنية التحتية من مشروعات قومية عملاقة ومنشآت ومساكن وكباري وطرق وعاصمة إدارية، وغيرها من إنجازات معجرة في 7 سنوات مضت دون أن يمسها أحد.
نعم نحن بحاجة ماسة إلى أعمال درامية على غرار (الحلم) يمكنها أن تلخص شعور المصريين دراميا تجاه الرئيس (عبدالفتاح السيسي).. سنوات سبع من المواقف الوطنية النبيلة والإدارة السياسية الواعية داخليا ودوليا، وعديد الأحلام العصية التى حققها لمصر بدأت باستعادة مصر من أنياب الإخوان المسمومة، وتتواتر مع وثبات تنموية حقيقية نشهدها كل يوم منذ تولى الحكم فى عام 2014، ولا تتوقف عند حد يستوعبه عقل فى تسارعها وإتقان تنفيذها، ذاك أن شعار الرئيس منذ تولى الحكم هو شعار رجال الفضاء حين يقودون مركبة خارج حدود الجاذبية :Failure is Not an Option الإخفاق غير مطروح.
ربما اعترى مسلسل (الحلم) بعض العيوب الفنية على مستوى القصة والسيناريو والحوار والإخفاق لازم أحداثه حتى الحلقة 30 في صناعة حبكة درامية تليق بالحلم المصري، لكن أداء القديرة (صابرين) الذي أظهرها شخصية قوية تجاهد طول الوقت في احتواء الكيان الأسري رغم التيارات العاصفة التي كانت تظهر بين الحين والآخر لإبعادها إلى مسار مختلف، لكن ذكاء الموهبة والعيش داخل الشخصية، وقوة القمص لدور المعلمة التي ورثت المهنة عن أبيها جعلتها في حالة توهج دائم، رغم قسوة الظروف المحيطة بها، وهنا لابد لي من الإشادة بصابرين المقاتلة التي تملك روح الدعابة الممزوجة بالطيبة والفطرية في الأداء العذب الذي يخلط الترجيديا بالكوميديا في ثوب مزركش بالأصالة والمعاصرة في آن واحد.
وقد عزفت على ذات أوتار الأداء العذب الفنانة الجميلة (أنوشكا) في تجلياتها الإبداعية في شخصية الأخت العائدة من أمريكا لتوها لتنصهر داخل بوتقة الجمالية بعبقها وبريقها الآخاذ، لتطل علينا في صورة إمرأة مصرية شديدة الذكاء والانحياز للبيئة التي تربت وكبرت في كنفها، ورغم التغيرات التي طرأت على حياتها تظل صاحبة القيم الأصيلة والأخلاق الرفيعة، بحيث أصبحت (أنوشكا) واحدة من عتاة التمثيل بالمشاعر والأحاسيس الصادقة التي تنبع من فيض محبة فن التمثيل الجميل.
وهاهو محمد رياض يغرد خارج السرب هذه المرة ويقدم دورا مركبا على جناح براعة التقمص والأخذ بناصية شخصية (الونش) المليئة بالتناقضات المذهلة، وقد تغلب على ضعف الحوار بحركات وإيماءات تؤكد براعته في التصرف بحنكة الممثل القدير الذي يمكنه تخطي الحواجز الصعبة والوصول بالشخصية إلى جوهر الطيبة التي تسكنه بالأساس، رغم شقائه في سنوات السجن التي أثقلت كاهله وأبعدته عن ابنه وابنته التي تحمل جيناته وجينات أمها المعذبة طوال الوقت بماضيها الأسود من خلال زوج عنيد وأخ فاسد، ولقد أذهلتي قدرة (رياض) على الحركة بخفة ورشاقة وحيوية ونشاط يثبت ثقل موهبته وخبرته في الأداء التراجيدي والكوميدي ببراعة منقطعة النظير.
أما كمال أبو رية فقد أعاد لنا صورة التاجر الطيب بهدوء لا يخلو من إبهار، وضعف وحنو رومانسي بالغ الأثر، وهو الممثل القدير الذي اشتقنا إلى أسلوبه الأدائي الهادئ، بينما تنطق قسمات وجهه بالحيوية والسكينة المحببة، وظني أن شركات الإنتاج والمخرجين لا يعون قدرات هذا الفنان الذي لم يخرج طاقته الهائلة في تجسيد شخصيات تليق بموهبته الكبيرة في الأداء العذب، خاصة الأدوار الاجتماعية ذات المسحة الصوفية، كما جاء جانبا منها في ثنايا حلقات (الحلم).
ونأتي إلى (علاء مرسي) ذلك الممثل العبقري، والذي جسد دور تاجر المخدرات وأحد رجال المافيا على غرار (آل باتشنو) في براعة تستحق منا الالتفات إليه في هذه المرحلة الحساسة من عمره، والتي تؤكد نضجه الفني الذي يتسع للعب أدوار من شأنها إبراز موهبته الجبارة، فقد جسد الشخصية بإتقان من خلال لغة جسد رائعة اعتمد فيها على تعبيرات الوجة وحركة العينيين بصورة فائقة الجودة، لقد بث الرعب في نفوسنا طوال وقت المشاهدة، ونقل إلينا إحساس بالتوتر وفاجئنا كثيرا بتحولاته المذهلة في الشخصية من الفقر الشديد إلى الغني الفاحش دون إخلال بقوانين الحركة والسكون، بل إنه من حلقة إلى أخرى بدية من الحلقة 30 حول أجواء الصراع في المسلسل إلى منطقة أخرى جاذبة للمتابعة والمشاهدة بمتعة خاصة.
وفي سلسلة الإجادة لابد لي من الإشادة بضيف شرف المسلسل الفنان القدير (أحمد عبد العزيز) الذي أكد أن مساحة الدور لاتنفي الاهتمام بالتفاصيل كي يصبح الدور كبيرا ومؤثر كما فعل هذا الممثل المعجون بالموهبة التلفزيونية التي لاتصدأ ولا تشيخ بفعل عوامل التعرية التي أصابت الدراما المصرية، وحسنا أنها انتبهت له مؤخرا لتضعه في مكانه الصحيح كممثل قدير يملك مفاتيح اللعبة الدرامية، ويصل إلى حالة من حالات التجلي المستحب، رغم ضعف الورق على مستوى السيناريو والحوار، ولقد أصبحت إطلالة (عبد العزيز) تقترن بالشجن المحبب لدى الجمهور المصري الذي اعتاده ممثلا تليفزيونيا له باع طويل في تجسيد الأدوار الاجتماعية عبر روائعه الكثيرة التي تعد علامات بارزة في الدراما المصرية طوال الأربعين سنة الماضية.
أثبتت رانيا فريد شوقي براعتها في الأدوار الشعبية وهى التي ظلمت طويلا في أدوار البنت الأرستقراطية، وفي الحلم بدت لنا عازفة بارعة على أوتار الشجن الداخلي لشخصية المصدومة والمعذبة بماضيها رغم قلة حيلتها وهوانها على أهلها، لكنها استطاعت أن تلعب في منطقة خاصة بها دون باقي فريق عمل المسلسل، وتفردت بأداء تراجيدي فائق الجودة، وهو ما ظهر في وجهها ولغة جسدها المعبرة للغاية، وهى تتألم من أفعال ابنتها، ويطاردها زوجها الذي كان سببا في تعاستها طوال حلقات المسلسل، رغم أنه توج حالة معاناتها بالزواج منها ثانية في الحلقة الأخيرة من الجزء الأول.
وعلى قدر إخفاق (مي كساب) في دورها حيث خلطت الكوميديا الهزلية بالتراجيدا بطريقة تجنح نحو التكلف معظم الوقت، وظني أنها الوحيدة التي لم تستطيع التغلب على ضعف الورق، فجنحت نحو منطقة تظن أنها محببة لدي الجمهور المصرية، لكنها وبدون وعي وقعت في المحظور لتكرر أداءها بطريقة هيسترية لشخصية يفترض أنها تحتاج إلى الهدوء أكثر باعتبارها مكسورة الجناح ومفجوعة في أزواجها الثلاثة الذين رحلوا عنها وتركوا لها النحس، ما كان يسلتزم أن تصدر لنا وجها معبرا أكثر من ظهورها طوال الوقت خفيفة متلهفة على الزواج من أي كلب عابر في الشارع، وعلى قدر هذا الإخفاق فلابد لي من الإشادة بأداء كل من (صلاح عبد الله، سميرة عبد العزيز، يوسف إسماعيل، مدحت تيخا، محمود الجابري، عمر زهران، سالي عبد العزيز، عمر رياض، عبد الخالق الجابري، والمطربة ياسمين على)، وهؤلاء جميعا ساهموا بأدائهم في نجاح هذا العمل الذي لم يكن لينجح أبدا سوى بأداء جيد من خلالهم جميعا.
وفي النهاية لابد لي من تحية تقدير واحترام للمخرج حسني صالح الذي حاول كثيرا التخلص من عيوب الورق بتسليط أضواء كاشفة على روعة المكان (الأسمرات، الجمالية، العين السخة، الطرق الجديدة)، وهى كلها إنجازات تعكس وعي الرئيس السيسي وقدرة الدولة المصرية على التحدي والإنجاز، كما لابد لي أيضا من تحية تقدير واحترام لشركة (الجابري ميديا بروداكشن) التي جازفت بالخروج إلى الشارع ورصد حقيقة الحلم المصري الذي تحقق على أرض الواقع في (حى الأسمرات).. مزيد من الأمنيات الطيبة لكل فريق العمل .. من أجاد منهم ومن حاول ولكن الإخفاق كان خارجا عن إرادته.