بقلم : علي عبد الرحمن
يعد العالم منذ الثورة التقنيه الرابعة والتي جعلته قرية صغيرة يتأثر كل بلد بما يحدث في البلدان الأخري، وقد تداخلت المصالح وتشابكت العلاقات، وعليه فإن الإعلام الدولي العابر للحدود أصبح سمة العصر، سواء إعلام فضائى أو إلكتروني، ولأن الإعلام عنصرا مهما في تشكيل إتجاهات الرأي العام والتواصل مع الشعوب فقد أطلقت معظم الدول الكبري قنواتها الدولية الموجهة للمنطقة العربيه والناطقة بلغتها مثل (الحرة لأمريكا وrt أو روسيا اليوم لروسيا،وCCTV للصين، والـ BBC لبريطانيا، وFrance24 لفرنسا، والـ DW لألمانيا، وكلها قنوات للتواصل مع الشعوب العربيه والمفروض أن لنا قنوات دولية مثلهم كالمصرية والنيل TV، والنيل للأخبار، وهذه وسائلنا للتواصل مع جالياتنا في الخارج والتواصل مع الآخر.
ورغم انشغال العالم أجمع منذ مايربو على شهر بالوساطات الدولية من الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني لدي الرئيس الروسي لمنع الحرب في أوكرانيا، ورغم أن وسائل الإعلام من حولنا بدأت في بث التقارير والرسائل والتفسيرات والأفلام الوثائقيه عن خلفيات الحرب ومبررات روسيا وتخوفاتها من تنامي نفوذ وتغلغل حلف الناتو علي حدودها، إلا أن إعلامنا اللاهي لم يعر الأمر انتباها، فلا رسائل ولا تقارير ولا وثائقيات، وظل في مهاتراته وملاسناته بين حقيقة الإسراء والمعراج ومظاهرات ماسبيرو وأخبار الأنديه والإحتراف، وصبحية عروس الإسماعيليه ومواهب (الدوم) وغير ذلك من هموم إعلامنا الغافل.
ولم يعلم أهل الميديا شيئا عن آلاف الطلبه المصريين الدارسين في مدن أوكرانيا واللذين فاق عددهم الـ 3000 طالب موزعون على قرى مصر ومدنها، أي أن لكل بيت في مصر ابن في محطات مترو أوكرانيا، وتناسي الإعلام أيضا العلاقه الاستراتيجيه لمصر مع روسيا، وعاش غفلته المستمرة في لهوه وطبخه وأحلامه، ولأن الأسر المصريه تتوق لمعرفة مايدور على الأرض الأوكرانية، ولأن الحكومات بدأت تجلي بعضا من مواطنيها، ولأن طلابنا دفعوا أموالا وتغريبا للتعلم فأهلهم يودون الإطمئنان عليهم وعلي مستقبلهم.
وكنت أتمني من إعلامنا أن يمهد للحرب كما استعدت وسائل إعلام العالم وأن يبث تقاريرا لطلابنا وكيف يعيشون، وكيف تتواصل معهم سفارتنا؟، وهل سيتم إجلائهم أم ماذا؟.
هذا عن الشأن الداخلي هنا، أما تفسيرات مبررات قيام الحرب والبعد التاريخي لتفكك الإتحاد السوفيتي وتغلغل حلف الناتو في شرق أوروبا وتأثير تلك الحرب علي مصر ومنطقتنا والعالم أجمع، فلم يثر ذلك شهية إعلامنا، وحتي قمحنا الوارد من هناك فهو وطلابنا لهم الله، أما انعكاس تلك الحرب على قضايا منطقتنا سواء في فلسطين أو اليمن أو سوريا أو العراق أو ليبيا أو حتي سد النهضة، فالموضوع لم يبدوا كذلك لأهل الميديا في مصر، وعليه فلقد لجأ مواطنونا – مضطرون – إلة القنوات الشقيقة والصديقة التي تقدم إعلامنا مهنيا محترفا لمعرفة أخبار أولادهم وقوتهم ومستقبلهم، لأن الأمر يعنينا نحن أيضا لآننا جزء في ترس العالم المتحرك.
ولأن دور الإعلام هو إحاطة مواطنيه بأخبار الدنيا وتفسير الأمور وربطها ببعض، ولأن إعلامنا ينفق الكثير جدا فأين مراسليه، وأين ضيوفه، وأين أرشيفه، وأين محلليه؟!،إن غفلة الإعلام، أو إعلام الغفله لهي أمر مستمر في كل قضايا الوطن داخله وخارجه، وأصبح المواطن يبحث عن مصادر معلوماته أو يصنع هو إعلامه، ولكن من يشرح ويفسر ويحلل ويربط ويكشف له بواطن الأمور، وكيف ينشغل بسطاء القوم في قرانا بحرب القرم ولا ينشغل بها إعلامنا الغائب؟، وأين مجلسه الأعلي وأين هيئته ومجلسها؟، وأين قنواتنا الدوليه وأين قنواتنا الإخبارية؟ وأين منصاتنا وأين صناع الميديا وأين أهل الحل والعقد في إعلامنا؟.
تقاعستم عن هموم المواطن وأغفلتم طموحه وقزمتم إنجازاته وسفهتم موضوعاته وأقحمتموه في سفاسف الأمور وبخلتم عليه بأخبار أبنائه وتركتموه حائر أمام حرب بعيدة في المكان قريبة في التأثير، وجعلتموه دائما يلهث وراء إعلام الآخر، ويفقد مرجعيتكم وفقدتم شعبيته وزخم إعلاناته.. أفيقوا لما يحدث حولنا حرب أوكرانيا، شتاء اوربا، شكل أمريكا، تايوان والصين، وماذا يمكن أن يحدث من تطور في قضايا منطقتنا، ويكون له بالغ الأثر علينا؟.
إن القضايا الدوليه وصراعات الدول وهموم الشعوب لهو أمر متداخل ومؤثر، فماذا ينتظر إعلامنا بعد إرهاصات الحرب العالميه الثالثة لكي يفيق من غفلته؟، هل ينتظر نهاية العالم ليكون هو إعلام الأموات والفناء، لنا الله، ولإعلامنا الغفلة والغيبوبة والترنح!!.