بقلم : محمد شمروخ
** الزمان: ساعة متأخرة بعد منتصف الليل.
المكان: شقة سكنية.
** الشخصيات: أب وأم وابن في الثامنة عشر وابنة في الخامسة عشر وكلب وقطة
** الإضاءة: يادوبك تشوف أشباح.
** الأحداث:
** المشهد الأول:
يستيقظ الأب ليلا ويترك فراشه ويتجه إلى المطبخ ليشرب.. فيجذب انتباهه أصوات خافتة ومذبذبة كالفحيح، في البداية لم يتبين مصدرها.. ينتابه القلق.. يشعر الأب بأن شيئا مريبا يحدث في المطبخ، يتجه ناحيته وسط بقع ضوء ضعيفة منبعثة من لمبة الطرقة، يخطو الأب خطوات محسوبة كي لا يصدر صوتا حتى يجتاز باب المطبخ، يلحظ شبحا في الظلام، خمن على وجه السرعة بأن ابنه يفعل شيئا مريبا، فأسرع الأب ليمد يده نحو مفتاح النور لتصعقه المفاجأة بعد إضاءه اللمبة:
أن أن أن أن آآآآآآآه.. بوم .. بوم.. بوم.
يسقط قلبه من بين ضلوعه ودقات قلبه تتصاعد حتى يسمعها بأذنيه، لكنه ما يلبث أن يتماسك مستعيدا أنفاسه اللاهثة فقد شاهد ما لم يخطر على باله وأصابه بالخرس الموقت.
.. يالهول تلك الصاعقة!
فقد ضبط الأب ابنه الشاب الذي يتأهب لمغادرة مرحلة المراهقة، يقف في وضع يمارس فيه الجنس مع التلاجة.
التلاجة؟!
(كات…………………)
** المشهد الثانى:
غرفة كشف في عيادة طبيب نفسي يجلس الأب أمام مكتب الطبيب ليسمع منه تقريرا سريعا عن حالة ابنه الذي ينتظر في الخارج بعد انتهاء الكشف بالطبع، الطبيب نفسا عميقا من البايب وهو يقول للأب بحزم:
المصيبة ليست في اكتشافك العلاقة التى تربط بين ابنك والثلاجة ولا في أنه يمارسها مع جمادات!
يتصبب جبين الأب عرقا ويأخذ في التهتهة ليكمل الطبيب:
ولكن المرض النفسي يتأكد في أن ابنك يمارس الجنس كنوع من (العلاقات الغيرية) أى ممارسة الجنس مع نوع مغاير، بينما العلاقة الطبيعية لابد أن تكون (علاقات مثلية) أي ممارسة الجنس مع النوع نفسه واقترح أن تهيىء له الأجواء ليتفاعل ويميل نحو البوتجاز!
وهنا ينفجر الأب في البكاء وهو يقرر للطبيب بمزيد من الحسرة:
أنت لا تعرف أن المأساة صارت مأساتين.. لأنى تيقنت اليوم فقط من أن أخته الصغيرة تتبادل رسائل غرامية مع البوتجاز!.
(ستوب:).. برافووووووووو.. فركش)
هذه المشاهد (الهزلمأساوية) لا تستبعد أن تشاهدها في فيلم على (نيتفلكس) أو أي موقع آخر أو في الفيلم الفائز بالسعفة الذهبية في مهرجان (كان) أو أى مهرجان آخر، فلا تظن أن شرط المهرجانات الدولية للسينما أن يكون في الفيلم شخصية رئيسية (مثلية) سوف يقف عند ممارسة الجنس بين ذكرين أو أثيين معا.
لا يأخذك العشم بأن (بشتاقلك ساعات) الفيلم الثانى شذوذا والمعروض في مهرجان (برلين) قد جاء عرضا دون قصد اختيار المخرج والمنتجين والممثلين، ولا أن مخرجه مصري وبه ممثلون وممثلات من العرب أو المصريين، أو أنه إنتاج ألمانى مصري لبنانى مشترك، ولا تصدم في أن حملة التخفيف النقدية التى صاحبته من جراء دفاع نقاد (مصريين)
لا يا صاحبي.. فقد فاضت البضاعة الجنسية الشاذة لدى الغرب وتشبع منها ولابد من تصديرها، بالذوق بالعافية، بالمؤامرات بالحروب، بالترغيب بالترهيب.
ولن يقتصر الأمر على المثلية فقد صارت مشاهد الجنس الصريح تدعو للسخرية، فقد تم تقديم كل شيء عن الجنس رجال ونساء وأطفال وحيوانات وطيور وأسماك حقيقي أو كارتون أو غيره، فقد تم تناول كل هذا سواء في السينما العادية أو سينما البورنو.
قدموا لنا كل الأوضاع والأشكال والتصورات حنى تراجعت نسب الدخول على مواقع (السكس) وصار الجنس العادى والشاذ لا يقدمان أي إثارة، فقد مضى وقت الإثارة وجاء وقت ما بعد الإثارة.
وهو ذا قد صار العالم كارها للجنس واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء!، هذا ما تمت الدعوة إليه علنا والآن جاء دور الدول العربية لتأخذ نصيبها كاملا مكملا، فلابد أن تكون أفلام المثلية مشتركة، فاليوم مصري – لبناني وغدا سورى- مغربي وبعد غد (……..- ………) .. ههههههه.. فهمت طبعا يا لئيم!
لكن الدعوة ليست للإثارة لأنها تستعد لانطلاق المجتمع العربي (الحر) الجديد المتجدد (المجدد).
وأول شروط الحرية والتحديث هو أن الذكورة والأنوثة سيصبحان عما قريب غير ذاتى أهمية للدلالة على العلاقات الجنسية وستختفيان في السينما فقد تجد بطلا اسمه (آمال) وبطلة اسمها (وحيد).
والاستمتاع بالحرية لابد أن يصير بعيدا عن الطرق التقليدية ولا تتحكم فيه الموروثات الدينية والاجتماعية المتخلفة والتى تقف ضد (سعادة الفرد ورفاهيته) وذلك لتحقيق حلم الكائن الجديد الذي سيصنعه الإنسان بنفسه ليمارس فرض الحرية على الوجود الجديد!
أنت تظن أننى أهزل.. لا يا سيدى يمكنى أن أراهنك أن هذا الذي سبق سيحدث يوما وقد يكون حدث بالفعل، ولكن ما تم تقديمه في سيول الأفلام الغربية يمكن أن يكون قد تجاوز هذا الذي رأيته هزلا وستراه عما قريب حقيقة!.
ولا تظن أن الأمر مرض نفسي، فبعد حين سيكون فعلا مرضيا عنه وقد لا توسم بالتحضر إلا بإيمانك بحرية الآخر في أن يمارس الجنس مع التلاجة وإياك أن تراه مريضا حتى لو بات في الفريزر!
ولعلك تعلم أن منظمة الصحة العالمية قد أخرجت ممارسة الشذوذ الجنسي في سنة 2005 من الأمراض النفسية واعتمدت وصف (مثلية)، أي ممارسته مع النوع المماثل ليخرج الشذوذ ويصبح سلوكا حرا، ثم ما لبث أن تحلت كلمتا (سلوك) و(حر) بألف ولام لتصبحا (السلوك الحر).
ولابد أن تشعر بالدهشة عندما تسمع محاضرة مسجلة للمرحوم الدكتور عبد الوهاب المسيرى وهو يحدثك ساخرا عن أن مفكرا أمريكيا مارس المثلية (خصوصي) دون ظهور أى ميول سابقه عليه، فقط ليدلل بذلك على إيمانه بالحرية ، ولا تفاجأ عندما تسمع في المحاضرة نفسها أن أستاذا شاذا في الجامعة التى كان يدرس فيها المسيري، قد عرقل حصوله الدكتوراه لأن الباحث عبد الوهاب المسيري لا يعترف بالشذوذ!.
المسيري نفسه يحدثك محذرا بأن أمريكا عندما تقدم إليك الجنس فإنه تقصد شيئا آخر أبعد مما يكون عن تخيلك!
والقصة المتخيلة السابقة عن ممارسة الجنس مع الثلاجة، ليست محض هراء، فهناك مرض بالفعل اسمه (ميكانوفوبيا)، يعنى ممارسة الجنس مع الجمادات، ولعل أشهر حالة من هذا المرض كانت لشاب بريطانى يدعى (مونتى) تزوج سيارته سنة 2017 بعد قصة حب ملتهبة ربطت بينهما وظهر معها في صورة شهيرة وهو يقبل كبودها (بعد كتب الكتاب طبعا).. وبالطبع لم يكن (مونتى) هو الأول ولن يكون الأخير!
ولعل هذا المرض العصري متطور عن مرض جنسي آخر يدعى (الفيتيشية الجنسية) أو (التوثين الجنسي – Sexual fetishism ) وهو الميل الجنسي للأشياء كالملابس والأحذية.
وكما تم رفع الشذوذ المثلي من قائمة الأمراض النفسية، فانتظر قريبا أن يتم رفع الميل الجنسي للحيوانات والجمادات من قوائم الأمراض واعتبارها (حرية)، ولا تحدثنى عن الدين والأخلاق، فلابد من إرساء قيم العلمانية والمجتمع الليبرالي الحر!.
صدقنى هذا هو المصير المحتوم في تلك الهوة التى يسقط فيها الجميع بمنتهى الجنون الواعى وستجد دعوة إلى ذلك عبر أفلام ومسلسلات والمبررات جاهزة لتسويغ أي شذوذ وخد عندك:
ستجد الإعلامي الذي يعترض على اعتراضك ويتهمك بأنك داعشي وهاااااابي!، ستجد الناقد الذي ينفي النية السيئة لأى عمل درامي به ممارسة جنس مع تلاجة ويؤكد أنه ليس موضوع الفيلم الرئيسي وأنه لخدمة الدراما وجاء في السياق!.
ولكن أهم ما فيهم أنك ستجد الداعية الذي سيفاجأك بتخريجة فقهية تبيح الزواج بالثلاجة، وأنه لم يرد في الشريعة نص بتحريم الزواج بالثلاجات.. وممكن يعتبرها كمان من باب المصالح المرسلة!!
أيوه كده يا جدع.. هى مصالح مرسلة.
من الآخر كده.. فتح مخك لأننا في عصر حرية الرأى والإبداع وتجديد الخطاب الديني، وغدا الإعلامي هو هو سيعترض على خانة النوع (ذكر أو أنثى) في بطاقة الرقم القومى لأننا كلنا (واحد)، فحاول أن تنظر إلى ما بعد المقدم إليك، لا الحكاية (أصحاب ولا أعز) ولا (بشتاقلك ساعات)، ولا أن نجوما باعوا كل شيء حتى (التلاجة) إيمانا بالمبادئ المثلية والتى ستصبح المصدر الرئيسي للفنون!
فالخطوات تتم بمنتهى الدقة في التنفيذ وهناك فريق كورال جاهز للتبرير، يشير إليهم المايسترو بعصاه، فيعزفون اللحن الصاخب الذي يصيبك بالذهول ثم يرهبونك بقائمة اتهامات جاهزة ستجعلك تتهم نفسك من فرط الصخب وتوالى الأحداث.
بالأمس (أصحاب ولا أعز) واليوم (بشتاقلك ساعات) وغدا ستذهب لتتجدد بطاقتك فتفاجأ بحذف خانة النوع وتعود لبيتك وأنت تتجنب النظر إلى المطبخ حتى لا تتهم بالتخلف أو الجنون!.