بقلم : محمد حبوشة
إن فننا يتطلب من الممثل أن يندمج بكل طبيعته اندماجا إيجابيا فيما يقوم به وأن يكرس نفسه كلها جسدا وروحا للدور الذي يؤديه لأنه لابد أن يحس بالدافع أو المادة ليستطيع بطريقة انعكاسية أن يؤثر في طبيعتنا الجسدية ويدفعها إلى العمل، وهذه الملكة ذات أهمية عظمى في مهارتنا الفنية العاطفية من أجل هذا كانت كل حركة نقوم بها على خشبة المسرح أو الشاشة، وكل كلمة ننطق بها هى نتيجة للحياة الصحيحة لخيالنا، وإذا كان الممثل يلقي أي كلام أو يفعل أي شيء بطريقة آلية وبغير أن يكون واعيا وعيا كاملا بمن يكون ومن أين أتى ولماذا وأي شيء يريد؟، وإلى أين يذهب وأي شيء يصنع؟، إذا ذهب ليمثل بدون أن يصدر ذلك عن أي خيال، وكان الوقت الذي يستغرقه على الشاشة طال أو قصر وقتا غير واقعي.
وضيفنا في باب (بروفايل) لهذا الأسبوع النجم العربي السوري (عباس النوري) يبدو لي واعيا بكل ما يفعله على الشاشة، ومن ثم يعمل خياله الخلاق في أداء أعقد الأدوار، وهو ليس كغيره من نجوم التمثيل في عالمنا العربي الكبير بحيث لا يزيد عن كونه آلة تتحرك وإنسانا آليا مثلهم، لإنه دوما وأبدا لابد أن يختبر إحساسه بأن يتذكر ماذا كان الناس الذين قابلهم يلبسون والطريقة التي كانوا يمشون بها، وكيف كان الجليد ينسحق تحت أقدامهم، فهو يدرك جيدا إننا في الحياة العادية نمشي ونجلس ونتكلم وننظر ولكننا على خشبة المسرح أو الشاشة نفقد كل هذه الملكات.. إننا نشعر باقتراب الجمهور منا ونتساءل: لماذا ينظر هؤلاء إلينا؟، ومن ثم يجب أن نتعلم من جديد كيف نقوم بكل هذه الأشياء أمام الجمهور.
يعيش داخل نفسه
إن جميع الأفعال التي يقوم بها (عباس النوري) وحتى أبسطها، وهى الأفعال المألوفة لنا غاية الألفة في حياتنا اليومية تغدو عسيرة عندما يظهر خلف الأضواء وأمام الكاميرا وجمهور مكون من ملايين المشاهدين، وهذا هو السبب الذي كان من أجله ضروريا له أن يصحح نفسه، وأن يتعلم من جديد كيف يمشي وكيف يتحرك وكيف يجلس ويرقد؟، انطلاقا من قناعته بأن اللسان الثرثار أو الأيدي والأرجل التي تتحرك بطريقة آلية لا يمكن أن تحل محل العين المدركة.. إن عين الممثل من وجهة نظره هى تلك التي تنظر إلى الشيء وتراه وتجذب انتباه المشاهدين وتستطيع بذلك أن تكون علامة تحدد له ما ينبغي أن ينظر إليه، أما العين الفارغة فعلى العكس من ذلك تشتت انتباه المشاهد وتصرفه عن المشاهدة.
وقد لاحظت من مشاهداتي لكل أعماله إن (النوري) كممثل إما أن يعيش داخل نفسه أو خارجها، إنه يعيش حياة واقعية أو حياة متخيلة، وهذه الحياة المعنوية تقدم موردا لا ينضب من مادة التركيز الداخلي لانتباهنا، والصعوبة في استخدام هذه المادة إنما تنحصر في أنها مادة هشة غير متماسكة، إن الأشياء المادية التي تحيط بنا على خشبة المسرح أو الشاشة تحتاج إلى انتباه مدرب، أما الأشياء المتخيلة فهي تتطلب قوة من التركيز أكثر تنظيما مما تتطلبه الأشياء المادية، لذا فإن للتركيز الداخلي عند (النوري) أهمية خاصة بالقياس إلى الممثل، وذلك لأن جزءا كبيرا من حياته يقع في نطاق ظروف متخيلة.
ظني أن (عباس النوري) عندما يذهب على السرير ويطفئ نور الحجرة يحاول أن يستعيد ما حدث في يومه كله ويحاول أن يسجل كل جزئية ملموسة وممكنة، فإذا كان يستعيد تذكر وجبة غداء فيكتفي باستذكار الطعام فحسب، ولكن ليستعيد رؤية الأطباق التي قدمت إليه، وكيف كان ترتيبها العام، وليستعيد كل الأفكار والانفعالات الداخلية التي تضمنتها أحاديثه على المائدة، ويجتهد في أن يعاين بالتفصيل الأماكن المختلفة التي مشي فيها أو شرب فيها شايا، ثم يتخيل جميع الأشياء الفردية المتصلة بألوان نشاطه ويحاول أيضا أن يتذكر بقدر ما يستطيع من وضوح أصدقائه والغرباء عنه وغيرهم ممن مروا به.. إلخ.
الملاحظة الدائمة
إن أول شيء بالنسبة لعباس النوري هو أن يتعلم النظر إلى الأشياء والإصغاء إليها والاستماع إلى ما هو جميل، فأمثال هذه العادات تتسامى بعقله وتثير مشاعره التي سوف تترك آثارا عميقة في ذاكرته الانفعالية، فهو يدرك جيدا إن الحياة ليس فيها ما هو أجمل من الطبيعة، ومن المجدي حقا أن تكون الطبيعة موضوع الملاحظة الدائمة، فإذا أخذنا زهرة صغيرة أو وريقة من وريقاتها أو رسما تركه الجليد على زجاج النافذة، ثم حاولنا أن نعبر في كلمات عن الأسباب التي من أجلها تبعث هذه الأشياء السرور في النفس، رأينا أن مثل هذا المجهود سوف يجعلنا نلاحظ الشيء الذي نراه عن كثب وبإمعان أشد لكي نتمكن من تذوقه وتحديد صفاته.
ومن ثم فعلى النوري دوما الانتقال إلى المادة الانفعالية التي هى أكثر الأشياء أهمية وأشدها ضرورة وأوفرها حياة والتي يقوم عليها معظم إبداعه الفني، وهى تلك الانطباعات التي يحصل عليها، لأنها في معظمها تكون مختلطة وغير محددة ولا يمكن إدراكها إدراكا باطنيا، ولا شك أن كثيرا من تجاربنا الروحية غير المرئية تنعكس في ملامح وجوهنا وفي أعيننا وفي صوتنا وكلامنا وإشاراتنا، ولكن ليس من السهل علينا على الرغم من كونها كذلك أن ندرك أعماق غيرنا، وذلك لأن الناس في كثير من الأحيان لا يفتحون أبواب نفوسهم، ولا يسمحون لغيرهم بأن يروها على حقيقتها.
وعندما تتضح الحياة الداخلية للشخصية التي يجسدها النوري، وهو موضوع ملاحظاته عن طريق أفعاله وأفكاره ودوافعه عادة ما يتتبع أفعاله عن كثب، ويدرس الظروف التي يجد نفسه فيها ويسأل نفسه: لماذا يفعل هذا وذاك، وماذا كان يتردد في نفسه؟، ولهذا فالصدق هو عنوانه في كل ما يمكن أن يؤمن به إيمانا حقيقيا من أفعال أو أقوال تصدر منه أو من زملائه، إن الصدق والإيمان لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر، إذ لا يمكن أن يوجد أحدهما دون وجود الثاني، ومن هنا فلديه يقين دائم أن كل ما يحدث على الشاشة يجب أن يكون مقنعا للممثل نفسه ولزملائه وللجمهور، يجب أن يولد الإيمان بأن كل ما يعانيه الممثل على المنصة من انفعالات ومشاعر يمكن أن يتحقق نظيره في الحياة الواقعية، ويجب أن تكون كل لحظة مشبعة بالإيمان والصدق والعاطفة التي يستشعرها الممثل وصدق ما يصدر عنه من أفعال
ابن حي القيميرية
ولد عباس النوري بحي القيمرية في دمشق بسوريا، والده هو توفيق النوري توفي سنة 2014 عن عمر يناهز التسعين عاماً، حصل على الشهادة الثانوية سنة 1970، ودرس التاريخ في جامعة دمشق، واهتم منذ صغره بالفن والمسرح فراح يطالع كل ما يقع تحت يده من كتب سينمائية ومسرحية ولهذا التحق بنادي (الثقافة) بالحي الذي ولد فيه، وشكل من خلال أعضائه فرقة مسرحية حملت اسم (فرقة الأضواء)، وأخرج ومثل معها عدد من المسرحيات، ومع ذلك فقد واجه (النوري) معارضة شديدة من قبل عائلته بسبب رغبته في أن يصبح ممثلا، خاصة أن جميع أفراد عائلته يعملون في مهن مختلفة ليس لها علاقة بالفن، ولكن بعد ثلاثين سنة من دخوله لعالم الفن والتمثيل اقتنع والداه وشجعاه على الاستمرار.
عشت طفلا شقيا يلعب بحي القيميرية.. مشاكس لأهله.. هناك شيء لايزال بداخله من فترة الطفولة حيث يقول على لسانه: كنت أعيش بحارة شعبية، ومنزلنا كان بالقرب من جامع القطاط، ويعود تاريخ هذا الجامع إلى المدرسة القيميرية العتيقة التي أسسها الناصر صلاح الدين الأيوبي منذ 1200 عام تقريبا، وهو من قام ببناء العديد من الأحياء الدمشقية القديمة مثل (حي القيمرية وطالع الفضة)، وعانيت كثيرا كي أقنع أسرتي بأن أحترف التمثيل، فالأسرة التي عاشت في حي القيمرية بسوريا لم تكن مقتنعة بأهمية التمثيل كإنجاز يمكن أن يستحق التعب، ومرارا حاول الشاب الصغير إقناعهم بأن تلك المهنة هى حياته ولكن بلا جدوى، حتى إنهم كانوا ينظرون لفرقة (مسرح الأضواء) التي أسسها في نادي الثقافة وكانت تمول بالجهود الذاتية بالحي على أنها لعب أولاد.
يا ولدي لا تكبر بلا طعمة
ويستطرد النوري قائلا: كنت أذهب إلى الفرن وأشتري بليرة سورية وفرنك وجبة الخبز اليومية للعائلة، وكانت للخبز في ذلك الوقت رائحة مميزة مع طعم الملح يجعلك لا تستطيع مقاومته، فكنت آكل كل يوم نصف رغيف وأنا في طريق العودة، وكنت أعاقب من قبل والدي لأن الخبز ليس للعائلة فقط بل يوزع على القاطنين، فالمنزل كان يقطنه ثمانون إنسان موزعين بين رجل وامرأة وطفل، ووالدي في ذلك الوقت كان يعمل كومسير، وكان وضعنا المادي غير جيد، وأذكر كلمة شهيرة لجدي (أبو أحمد) كان يرددها لي دائما (يا ولدي لا تكبر بلا طعمة)، وكان يقصد من نصيحته أن قيمة الإنسان بما يفعله، وجدي كان يعمل بالسوق بمواسم الخضرة، ويصطحبني معه في جولاته خاصة عند المساء، وكانت هذه الرحلة بمنزلة مكافأة ترفيهية ألا وهى ركوب (التروماي أو الترين) في ذلك الوقت، صدقوني كنت أشعر بأنني في رحلة إلى (لوس أنجيليس)، كما كان جدي يصطحبني يوميا إلى حي (باب توما) لأشاهد الأبنية الحديثة والجميلة من حيث ارتفاعها والحجر الذي يكسوها.
وكشف النوري أسرارا في حديث له على إحدى الفضائيات قائلا: عندما كنا في سن المراهقة وتحديدا في الصف العاشر طردنا أنا وصديقي (نذير سرحان) من جميع مدارس سوريا، عندها لجأ النوري للعمل في مجال ميكانيكا السيارات في ورشة كان يديرها والده، بينما سرحان عمل مع إخوته في فرن (خبز الشاغور) واصفا ذلك بالقول: (هو في الفرن يعمل وسط غبار الطحين والعجين وأنا في ملابس مناسبة لوسخ الميكانيكا)، وأضاف النوري أن سرحان كان يطعمه كل يوم رغيف خبز بالجبن، ويتناولان الفطور سويا، ويتبادلان الأحاديث، ويطبطبان على بعضهما، ومن ثم يذهب كل منهما إلى عمله.
المسرح هو العشق الأول
ويظل الذي يحز في نفس النورى في فترة الطفولة والصبا تلك أن أهله لم يكونوا ينظرون له أبدا على محمل الجد، مع أن المسرح هو العشق الأول للشاب الصغير وقدم عدة أعمال مسرحية في بدايته أبرزها (رسول من قرية تميرة) للبحث عن قضية (الحرب والسلم)، وشاركه فيه حينها أبرز أبناء جيلة (نذير سرحان وسلوم حداد وبسام كوسا)، وساعده في بداية مسيرته المهنية المخرج الكبير (فواز الساجر) حيث قدمه لمسرحيات مهمة، ومن بعدها انتقل للتلفزيون بمساعدة الفنان القدير (سليم صبري) حيث اختاره لكي يشارك في خماسية تلفزيونية بعنوان (سمر) ومن ثم توالت أعماله الفنية.
وأنجز (عباس النوري) في حياته الفنية عدة أعمال مهمة في تاريخ الدراما السورية والعربية، بدأها عام 1978، حيث كانت بداياته سينمائية من خلال الفيلم الدرامي (عشاق)، وفي عام 1979 شارك في المسلسل الدرامي (في منتصف الليل)، وعام 1981 جسد شخصية (فاروق) في مسلسل (طائر الأيام العجيبة) وشخصية (نزيه) في الفيلم السينمائي السوري (حب للحياة)، وفي عام 1982 كان في الفيلم السينمائي (قتل عن طريق التسلسل) بشخصية أيمن، والمسلسل التلفزيوني (الشطار)، وفي عام 1983 اقتصرت مشاركته على المسلسل التلفزيوني (الأجنحة)، أما م 1986 شارك في المسلسل التلفزيوني (وداعا.. زمن الصمت)، والفيلم السينمائي (التقرير)، وفي عام 1987 كان في مسلسل (الهجرة إلى الوطن).
مسلسل (قلوب دافئة)
عام 1988 اقتصرت مشاركة (عباس النوري) على دور (منير) في المسلسل التلفزيوني (الطبيبة)، ليشارك في العام التالي 1989 بثلاثة مسلسلات تلفزيونية هى (لك يا شام، يوميات ضاحكة، عيون ترقب الزمن)، كما حلَ ضيفا على مسلسل (قلوب دافئة)، وعام 1990 شارك في البرنامجين التلفزيونيين (يوميات مرحة، ولعبة للمستقبل)، وفي عام 1991 جسد واحدة من أشهر الشخصيات التلفزيونية في مسيرته الفنية وهى شخصية (محمود) في المسلسل التلفزيوني (الخشخاش) إلى جانب مشاركته في كل من مسلسلات (قبض الريح، عسل الشوك، هجرة القلوب إلى القلوب، والجزء الأول من (أبو كامل).
عام 1992 شارك (النوري) في مسلسل (مختصر مفيد، وأحلام مؤجلة)، كما جسد شخصية (محمود الفوال) في مسلسل البيئة الشامية (أيام شامية)، وشارك في السهرة التلفزيونية (النزاع)، وحل ضيفا في المسلسل الاجتماعي الكوميدي (الدغري)، وعام 1993 شارك في المسلسل التلفزيوني (أبناء وأمهات)، وبرنامج المقالب (منكم وإليكم والسلام عليكم)، وتواجد في ثلاث سهرات تلفزيونية هى (شركاء بالإكراه، تراب الزريعة، الانتظار)، وعام 1994 شارك في السهرتين التلفزيونيتين (منافسة شريفة، والعنوان القديم)، والمسلسل التلفزيوني (قضية تمام)، وفي عام 1995 عاد لمشاركاته السينمائية من خلال (القلب، وسهى)، إلى جانب مشاركته التلفزيونية في أربعة مسلسلات هى (نهارات الدفلي، طقوس الحب والكراهية، الصوت والصدى، أيام أبي المنقذ).
مسلسل (حمام القيشاني)
عام 1996 جسّدَ (عباس النوري) شخصية (حازم بن مطيع) في مسلسل (القصاص)، وشارك في مسلسل (كنا أصدقاء)، وفي عام 1997 كان في الجزء الثاني من مسلسل (حمام القيشاني)، وشارك في السباعية التلفزيونية (عودك رنان) ومسلسل (بنت الضرة)، وفي عام 1998 كانت أبرز مشاركاته في مجال الإخراج والسيناريو من خلال فيلم (ذاكرة صعبة) الذي أخرجه وكتب السيناريو الخاص به بعد تأليفه من قبل الممثلة السورية (سلافة عويشق)، أما في المجال التمثيلي فشارك في الجزء الثالث من (حمام القيشاني) وفي مسلسلي (دوائر الضياع، والنصية)، وعام 1999 شارك بشكل رئيسي في مسلسلي (أنشودة الأمل، ورقصة الحباري)، وفي بعض حلقات المسلسل التلفزيوني (أهل وحبايب).
دخل (النوري) الألفية الجديدة عام 2000 بتجسيد شخصية (شاكر الكوراني) في المسلسل الدرامي التاريخي (ليل المسافرين) المقتبس من رواية البؤساء لفيكتور هوجو، وفي المجال الاجتماعي جسد شخصية (شفيق) في المسلسل الاجتماعي الكوميدي السوري (فرصة العمر)، وعام 2001 شارك في مسلسلي (هروب) و(مغامرات صيفية)، وفي عام 2002 كان في أربعة مسلسلات تلفزيونية هى (ردم الأساطير، حنين، قطار المسافات القصيرة، الأرواح المهاجرة)، وفيلم (صورة)، كما ألف وأخرج في هذا العام الفيلم السينمائي (مشروع أم)، وعام 2003 تواجد في خمسة مسلسلات تلفزيونية منها (زمان الصمت، بيت العز)، وفي عام 2004 شارك في مسلسل البيئة الشامية (ليالي الصالحية)، ومسلسلات (أزواج، قتل الربيع، أبو زيد الهلالي، والجزء الرابع من المسلسل الكوميدي السوري (بقعة ضوء).
أبو عصام (باب الحارة)
عام 2005 شارك (عباس النوري) في مسلسلي (رجاها، الطريق الوعر)، وفي عام 2006 كان في السهرة التلفزيونية (دموع مرام)، والجزء الأول من المسلسل السوري الشهير (باب الحارة) بشخصية (أبو عصام)، وفي عام 2007 استمر بتأدية شخصية (أبو عصام) في الجزء الثاني من (باب الحارة)، بالإضافة لمشاركته في كل من مسلسل (على حافة الهاوية، ممرات ضيقة، أشياء تشبه الحب، والجزء الأول من (الحصرم الشامي)، و(الاجتياح)، وهو مسلسل عربي عالمي استطاع الوصول لجائزة الإيمي العالمية، أما في عام 2008 ألف (النوري) المسلسل الإذاعي (شاميات عباس النوري)، ولعب من خلاله دور البطولة الإذاعية، كما كتب سيناريو وحوار المسلسل التلفزيوني (أولاد القيمرية)، وجسد من خلاله شخصية (عبد الله الفوال)، كما برز في هذا العام في مسلسل الدراما الاجتماعية (ليس سرابا)، والمسلسل التاريخي (أبو جعفر المنصور)، والجزء الثاني من مسلسل (الحصرم الشامي).
شارك (عباس النوري) عام 2009 في مسلسلي (قلبي معكم، شتاء ساخن) بالإضافة لاستمرار شخصياته الدرامية في كل من الجزء الثالث لمسلسل (الحصرم الشامي)، والجزء الثاني لـ (أولاد القيمرية)، وعام 2010 كان في المسلسل الإذاعي (حقيقة الأوهام)، والمسلسل التلفزيوني (الخبز الحرام) ورائعته المعرفة عربيا (سقوط الخلافة)، والجزء الثاني من مسلسل (أهل الراية)، وعام 2011 شارك في ثلاثة مسلسلات تلفزيونية هى (العشق الحرام، تعب المشوار، طالع الفضة) الذي كان من تأليفه أيضا، وفي عام 2012 اقتصرت مشاركته على مسلسل (الأميمي) بدور (سلامة الأسعد).
(صرخة روح) و(الغربال)
عام 2013 شارك في مسلسلي (صرخة روح – ج 1، سكر وسط، وفي عام 2014 أعاد تجسيد شخصية (أبو عصام) في الموسم السادس من مسلسل (باب الحارة)، واستمر في تأديتها حتى الموسم التاسع في عام 2017، بالإضافة لمشاركته في الجزء الثاني من مسلسل (صرخة روح)، والجزء الأول من (الغربال)، وعام 2015 كان في كل من مسلسل (عناية مشددة، شهر زمان)، والجزء الثاني من (الغربال)، وفي عام 2016 شارك في الجزء الثالث لـ (صرخة روح) ومسلسل (أحمر)، وعام 2019 شارك في مسلسل (ترجمان الأشواق)، وفي عام 2020 شارك في مسلسلات (شارع شيكاغو، دارين، انتقام بارد، ما بين حب وحب).
وعام 2021 شارك في مسلسلي (حارة القبة، وبناية هب الريح)، ويتابِع عباس النوري في العام الحالي عمله على المسلسل التلفزيوني (زعلي طول أنا وياك) والمقرر عرضه عام 2022، وهذا العمل من تأليف زوجته (عنود الخالد) وإخراجه، كما سيكون أحد أبطاله الرئيسيين إلى جانب كل من الممثل أسعد فضة والممثلة سلافة معمار.
زواج عنود الخالد
جدير بالذكر أن الفنان عباس النوري تزوج من الكاتبة السورية عنود الخالد، ورزقَ الزوجان بثلاثة أولاد هم الممثل والمخرج الشاب (ميار النوري)، وأخصائية التغذية (رنيم النوري) والشاب (ريبال النوري)، عام2007، وكرم النوري عن مسيرته الفنية من خلال إحدى جوائز مهرجان أدونيا، وفي عام 2008 فاز بجائزة أفضل ممثل دور رئيسي عن دوره في مسلسل (ليس سرابا) من مهرجان الإذاعة والتلفزيون بالقاهرة، وعام 2009 نال جائزة أفضل فنان عربي من ملتقى الإعلام العربي السادس في دولة الكويت، وفي عام 2018 أقيمت له ندوة تكريمية ضمن فعاليات مهرجان الإسكندرية السينمائي في مصر.
ويعرف عباس النوري بثقافتِه الواسعة ومعرفته التاريخية والسياسية تحديدا التي تطغى دائما على لقاءاته الإعلامية، وفي بعض الأحيان تشكل تصريحاته في هذين المجالين جدلا واسعا عند متلقيها، كتصريحه في عام 2018 بأن (صلاح الدين الأيوبي) كذبة تاريخية رجَ لها في سوريا لتخدمَ مصالح معينة.
أشهر أقوال عباس النوري:
** أنا لا أؤمن بالسياسة لذلك لا أعمل بها، إرضاء الناس غاية لا تدرك، والسياسة أبعد ما يمكن عن الفنان، أنا أؤمن بالمشروع الثقافي لأنه الأبقى.
** السينما السورية تأثرت سلبيا في زمن الحرب، فكان هناك عديد من الأعمال التي يجري إنتاجها في جميع مجالات الفنون بصفة عامة والسينما بصفة خاصة، ولكن عند اندلاع الحرب في سوريا أثر ذلك سلبيًا على جميع المجالات وتحديدا في السينما والدراما.
** شخصية (إحسان عبد القدوس) مغرية لأي ممثل، خاصة أنها مليئة بالأحداث والتفاصيل المختلفة وتشتمل فيها عبق التاريخ المصري.
** التاريخ يجب أن يقدم على الشاشة بكل حقائقه سواء كانت سلبيات أو إيجابيات، وليس هناك رموز تاريخية بعيدة عن الاقتراب منها.
** هناك الكثير من النجوم السوريين الذين استطاعوا تحقيق نجاحات كبيرة فى الفترة الأخيرة وعبروا عن أنفسهم فى الدراما المصرية.
** بعد هذه السنوات لابد من شغف مستمر، إذ أن كل فنان يقدم تجربته والجمهور هو الذي يقوم بتقييم هذه التجربة فيرفعها أو ينزلها للأسفل، هناك ممثلين أتابعهم وأبحث عن أعمالهم وللأسف هم ليسوا عرباً، ولكن هناك فنانون لهم الفضل الأكبر على مسيرتي كالفنان (عبد اللطيف فتحي، والفنان (تيسير السعدي).
** المسؤولية كبيرة على الفنان والمثقف، والفنان الذي لا يتمتع برؤية ثقافية، هو كمن يحفر بحثاً عن الماء في بئر جافة، لا ينتج عنها سوى الرمال.
وفي النهاية لابد لي من تحية تقدير واحترام لهذا النجم السوري العربي (المعتق)، والذي استطاع أن يكون محط أنظار المخرجين وشركات الانتاج منذ بداياته في عالم مثقل بالتحديات، فإما أن تكون له بصمة فنية لا تمحى، أو أن يحمل الاسم دون معنى أو أثر، لكنه اجتمعت فيه كل صفات القوة في التحمل ومواجهة الأحداث والقدرة على اتخاذ القرارات، واجه بشجاعة كل ما مر به من هزات ومواقف، تحمل أن يكون طالبا خارج أسوار مدرسته، وكان النجاح حليفه، قراراته حاسمة حازمة دون تردد أو خشية، ويعترف وبعفوية بأنه (مدين بالفضل الكامل في بناء شخصيته لرجلين مهمين (أبيه وجده)، ويحتفظ في مكتبه بذكريات تعتبر من الصميم، فجده كان يعمل بمجالات متعددة ومنها صناعة (البروكار، أو القنباز الدمشقي)، والإبرة مازالت تزين مكتب النوري حتى الآن، وهو يعتز بها، حتى يشعرك دائما بأنه يتحدث لذلك الرجل الذي اشتاقه، لأنه رحل ولم يرحل من مخيلته.