الرأي الآخر .. والنقد البناء بين التخوين والإقصاء
بقلم : على عبد الرحمن
لكل إنسان رأيه ووجهة نظره طبقا لثقافته وحاجته وتطلعاته، ويتكون مجموع أراء الجماهير من داعم ومحايد ورأي آخر، ولا أقول معارضا رغم ان المعارضة الوطنيه الهادفة أمر صحي، إلا أن لفظ معارض يثير شكوك وينبت تصنيفا ويقصي ويبعد ويهمش ويعاقب، ولأن الرأي الآخر ليس عيبا في حد ذاته ولأن النقد البناء الهادف أمرا إيجابيا وطنيا فإنه من الواجب أن ننظر إليه ونسمعه ونفكر فيه لصالح الوطن وأهله، ولايجب إطلاقا أن نصنف أو نخون أو نقصي من له وجهة نظر أخري تصب في صالح الجماعة الوطنية .
ورغم عنوان هذا المقال فإنه مقال بمذاقين مويد لما يتم إنجازه ومعارض لإختفاء الرأي الآخر، سماعا ومشاهدة،وتعبيرا، ذلك لأن مصرنا تزخر بكفاءات عظيمة منها الساكت ومنها المعتزل وكلهم بعيد عن الساحة مختفي عن المشهد العام، ذلك ترفعا عن التصنيف أو التخوين أو الإقصاء، ولأن لدينا آراء عديدة خبيرة ومفيدة وجب علينا سماعها ومناقشتها وصولا للأفضل لصالح مصر، ودون آية مجاملة فالمتجول في مصر والزائر لها يجد أن وجه الحياة فيها قد تغير للأفضل، فالإنجاز ملموس ومعالمه واضحة وهدفه بين وإستحسانه موجود، فكل مكان في مصر أصبح به شاهدا على النهضة التي تشهدها مصر منذ سنوات.
فالطرق والكباري والممرات أصبحت عصرية والعمران أصبح منتشرا والعمل مازال متواصلا والتوسع في الإنجار أصبح مشهودا له بالتحقق وتنتشر مآثر التنميه في مصر شرقا، حيث القناة الجديدة والمنطقة الاستراتيجيه والأنفاق والجامعات والمصانع والزراعات والتوطين، وغربا حيث التمدد العمراني في العلمين الجديدة وأبراجها العصرية وجامعاتها التقنيه وزراعاتها ضمن مشروع المليون ونصف فدان، وهناك الدلتا الجديده والمستقبل المنتظر وجنوبا حيث توشكي الخير وأنصبة الجنوب من مشروعات المليون وحدة سكنيه والمدن الجديدة والمليون ونصف فدان والمحاور والمعابر والمعالم، وشمالا حيث قواعدنا العسكرية ودمياط الجديدة ومشروعات الخير المتناثرة هناك.
أما عن مبادرات الصحة والتداوي وتطوير الريف وتحسين معيشة أهله والإسراع إلي حياة كريمة والسعي إلي جودة التعليم والغذاء ودعم البني التحتية وتوسيع مظلة التأمين الصحي والإجتماعي وعصر التحول الرقمي وإفتتاح العاصمة الإدارية، وعودة دور مصر الفاعل إقليميا ودوليا والإشادات الدوليه بما يحدث علي أرض أم الدنيا، واكتمال مؤسسات الوطن وتأهيل شبابه للمشاركة في تحمل المسئولية، وكل هذا الدعم والدفع بالمرأة والفتاة ودمج ذوي الهمم وكثير مما تحقق قد لاتسعفني ذاكرتي لسرده متسلسلا.
كل ذلك ماكان ليحدث بهذا الحجم وبهذه السرعة ما لم يكن لدينا إرادة سياسيه ورؤية وطنية وتفكير منظم وخطط علمية ومتابعة دورية، وتحمل أبناء الوطن نتائج وتبعات قرارات اقتصادية لإيمانهم بأهمية مايحدث وصدق ووطنية صاحب الرؤيا والإنجاز، ومع كل ماتحقق أصبح معظمنا ينتظر هذا الغد الأفضل وهذه الحياة الكريمة قريبا بفضل الخالق الحارس للمحروسة مصر، ولقد كنا في سنوات الفتنة والتآمر بعد هذا الحراك الشبابي الذي تاجر به بعض المغرضين، كنا بحق في حاجة لصوت واحد جمعا للشمل وعبورا بالوطن عبر هذه المؤامرات، وكان شعارنا: لاصوت يظهر جنب صوت الوطن الجريح الذي يئن من الترصد والتآمر.
أما وقد من الله علينا بسلامة الخروج من المحنهة وبدوران عجلة التنمية وببسط الأمن والاستقرار وبتقوية مؤسسات الوطن وبذارع له لا تهزم، أما وقد أيقن المخلصون بصدق النوايا وضخامة الإنجاز وبسلامة الخطط والمسيرة وغدا الكل يتوق للمساهمة بفكره في نهضة وطنه، فذلك أدعي أن نري ونسمع ونشاهد ونناقش ونفكر في آراء وطنية أخري، وان نفسح المجال لنقد وطني بناء، لنرتب أجندة الوطن حسب حاجته وحاجة أهله دون تخوين وبلا إقصاء، فليس كل رأي آخر معوقا، وليس كل نقد شكاك، وكثيرا من كوادر الوطن وخبراته لديها وجهات نظر علمية في أمور حياتية حالية ومستقبلية، وكثيرا يعصف ذهنه من أجل اللحاق بركب المسيره المتقدمة بسرعة وثقة.
فماذا يضيرنا لو سمعنا أصوات الداخل، وماذا يعوقنا لو التقطنا رؤية مفيدة؟، وماذا يؤثر علي مسيرتنا سلبا لو جلسنا نرتب أجندة الوطن ونعدد ألوياته، لأننا كلنا مواطنون نحب وطننا وليس بأحد وصي على أحد، وليس بأحد يري لغيره ما هو أفضل له، وليس بخبراتنا المتراكمة قاصر أو مشوش، لدينا خبرات نادرة ولديهم آراء جيدة والوطن بحاجة لكل فكر ورؤية، فهل مستبعد أن نجلس في منتدي مصر الوطني للرأي والرأي الآخر تحت عنوان وجهات نظر مصريه لبناء دولة عصري؟، وهل عيب أن يفسح الإعلام بكل وسائله لظهور وعرض وسماع وجهات نظر مخلصة في حب هذا الوطن؟، وهل مستبعدا تنشئة أجيالنا علي ثقافة الإختلاف البناء والنقد الإيجابي دون تصنيف أو تخوين أو إقصاء، فحب الأوطان كالعقيدة لايعلمه إلا الله، ولايمكن لأحد أن يحكم أو يقلل أو ينزع عن مواطن وطنيته، كما لايمكن أن يحكم أحد علي أحد بأنه صالح أو فاسد وكأنه يعلم نوايا البشر!.
إن مرحلة إستراد الوطن وتضميد جراحه ولم شمله وتوحيد صفوفه ودحر أعدائه وتقوية أذرعه وإعادة بنائه وتأهيله لمستقبل أفضل قد تمت بالفعل، وحان الآن وقت التجويد والتجديد والإبتكار وتنوع الأفكار وتعدد المعالجات، وهذا وقت العصف الذهني الوطني لكل من لديه رأي جاد وفكر علمي سليم ورؤية مغايرة.. المهم أنها تصب في مصلحة الوطن وأهله وتسرع من خطاه نحو الغد، وتفتح آفاقه في إتجاهات عدة ليكن النسيج الفكري متجانسا داخل الأمة، وليشعر كل ذي رأي بوطنيته وليفرح الجميع بما تحقق ولا يكن بيننا مغبونا أومنعزلا أو متقوقعا، فالوطن سفينة تحملنا وكلنا عشاق نجاة.
فأهلا بالرأي الآخر الجاد وأهلا بالنقد البناء الجيد ووداعا للتخوين فكلنا وطنيون محبون لوطننا، ووداعا للإقصاء فالمسيرة تحتاجنا جميعا والوطن بأهله يسعد والأهل بوطنهم فخورين، تعالوا إلي كلمة سواء، أن نعمل ونفكر وننفذ جميعا، فمصر وطن نعيش فيه ويعيش فينا، تلك عقيدة وإيمان لايطلع عليه سوي الخالق الحافظ لمصر المحروسة وأهلها المحبين لبلدهم، السعداء بما تحقق، المتطلعون لغدهم الأفضل، المستحقون لحياة كريمة.. وتحيا دوما مصر وطننا جميعا، وكل عام ومصر وأهلها ومحبيها وشعوب الأرض جميعا بألف خير.