مها أبوعوف .. رحيل نسمة الفن الرقيقة العذبة
كتب : أحمد السماحي
رحلت عنا خلال الساعات القليلة الماضية الفنانة الرقيقة (مها أبوعوف) داخل أحد مستشفيات القاهرة الجديدة، وذلك بعد صراع مع مرض السرطان، حيث كانت تعانى منه خلال الفترة الماضية، وشيعت منذ ساعات اليوم الخميس جنازتها من مسجد (الرحمن الرحيم) بطريق صلاح سالم.
منذ أن علمنا بإصابتها بمرض السرطان، كنا نعرف أن ريح الموت تدور حولها وتتربص بها، لكن كان لدينا أمل أن صاحبة الابتسامة التى لا تغيب إلا لتشرق من جديد، قادرة على هزيمته، كما استطاعت من قبل أن تهزم كل الأطباء المصريين والأجانب الذين طلبوا منها أن تنسى الإنجاب، لأنها لن تستطيع الحمل، ولن تصبح أما، لكن إرادة الله ومشيئته كانت أكبر وأقوى من كل أطباء العالم، وأنجبت ابنها (شريف) الذي درس الإخراج مؤخرا، وفي طريقة ليصبح مخرجا.
نشأة في بيت فني
نشأت (مها أبوعوف) التى نعتها نقابة المهن التمثيلية في بيان لها، في بيت فني فوالداها هو اللواء والموسيقار الكبير (أحمد شفيق أبوعوف) الذي كان أحد الضباط البارزين في عهد ثورة يوليو 1952، وعضواً في مجلس الأمة عام 1959، وانتخب نائباً لرئيس جمعية المؤلفين والملحنين، كما اختير رئيساً لمركز موسيقي دول البحر الأبيض المتوسط، ورئيساً لمعهد الموسيقي العربية، ووالداتها (سميرة عبدالكريم صالح الدباغ) من أصول سورية وتركية، وكانت من أكثر الذين أثروا على (مها) فى حياتها، وعلمتها القوة، وأن تكون حنونة فى ذات الوقت.
عزت أبوعوف والفورأم
ذكرت الراحلة في أكثر من برنامج أن والداها رسخ فيها هى وأشقائها القيم والمبادئ، وكان لشقيقها (عزت أبوعوف) فضل كبير عليها وأخذ بيدها وأراها الحياة على حقيقتها وعلمها كيف تتعامل مع الناس، فضلا على أن مشوارها الفنى كله كان معه من خلال فرقة (الفور أم) التى كونها بعد توقف فرقة (البلاك كوتس)، والتى اعتمد فيها على العنصر النسائي متبعاً مثال فرقة (البوني إم) المشهورة في ذلك الوقت، وتعاون أبوعوف مع أخواته البنات (مها، منال، ميرفت ومنى)، وكان يقوم بالبروفات في قبو فيلتهم في الزمالك، ليؤسس فرقة (فور أم) في عام 1979.
جنون الديسكو ومتغربين
ذاع صيت الفرقة في مصر والعالم العربي، وقدمت مجموعة من الألبومات الغنائية أشهرها (الليلة الكبيرة، دبدوبة التيخينة، مغنواتي، لا عاجبك كده ولا كده، جنون الديسكو، خلي الستارة، متغربين، من نظرة ومن إشارة، ليالي زمان) كما قدمت مسرحيتي (عشرة على باب الوزير، وأربعة غجر والخامس جدع).
أنا لا أكذب ولكني اتجمل
كانت فرقة (الفورأم) سببا في شهرة أفرادها خاصة (مها) التى قدمت بمفردها بعد إنفراط عقد الفريق، ألبوم بعنوان (كيكا على العالي) من مختارات الموسيقى العالمية، وكتب لها كلمات الأغنيات (عنتر هلال، وجمال عبدالعزيز)، بعدها خاضت في بداية الثمانينات مجال التمثيل وكانت بدايتها في واحد من أقوى الأفلام التى قدمها التليفزيون المصري في بداية الثمانينات وهو (أنا لا أكذب ولكني أتجمل) الذي شاركت في بطولته بجوار بطلي الفيلم (أحمد زكي، وأثار الحكيم) وغيرهم من النجوم مثل (صلاح ذوالفقار، زهرة العلا، ناهد سمير، أحمد الجزيري) وغيرهم.
بعدها توالت الأفلام منها: (لا تظلموا النساء، المجنونة، الصعاليك، ممنوع للطلبة، الطماعين، زي النهاردة، معلش إحنا بنتبهدل، حالة حب، أحلى الأوقات، من نظرة عين، سوء تفاهم، من ألف إلى باء، ليلة هنا وسرور، الحفلة، وبعد الطوفان، غش الزوجية، أمير البحار) وكان آخر أفلامها كازانوفا عام 2019.
راجل وست ستات
أما في مجال الدراما فقدمت عشرات من المسلسلات منها (فوق السحاب، نسر الصعيد، هربانة منها، لا تطفئ الشمس، إمبراطورية مين، الخواجة عبد القادر، الزناتي مجاهد، يوميات ونيس، سامحني يا زمن، حقي برقبتي، هيمة أيام الضحك والدموع، راجل وست ستات، يتربى في عزو، السندريلا، أنا وهؤلاء، شمس يوم جديد، أين قلبي، فارس بلا جواد، ضبط وإحضار، مرات جوزي، الرجل الآخر، عائلة الديناصورات، شباب رايق جدا، لعبة ذكاء)، وكان آخرها مسلسل (الحرير المخملي) الذي عرض مؤخرا.
الست دي أم
لم يقتصر نشاط (مها أبوعوف) على الغناء والتمثيل فقط، لكنها قدمت عام 2015 برنامج بعنوان (الست دي أمي) إخراج نبيل عبدالنعيم، وحقق نجاحا جماهيريا كبيرا، نظرا لإنسانيته الشديدة، وتلقائية مها في تقديم البرنامج.
أقوال للراحلة (مها أبوعوف):
** برغم أننى من طبقة أرستقراطية، فإننى قمت ببيع الزهور داخل إحدى الفنادق، وبالنسبة لى أعتبر أى عمل ليس عيبا، وكانت لدى غاية فى ذلك، وهى أن أكون ملزمة بذاتى منذ كان عمرى ١٤ عاما، ولا أذهب لأى أحد من عائلتى، وأقول له أعطينى مصروفا، وكنت أريد أن أحقق مالا خاصا بى، وطوال حياتى تربيت على قيم ومبادئ، ولم أتنازل أبدا عن مبادئي.
** هناك قناعات تغيرت بسبب عملى فى مجال الفن، لأن مهنتنا مع مرور الأيام والسنين تجعلنا نعرف الجيد والسيئ، ورغم هذا العمر الذى أعيش فيه أقع فى مصائب سوداء، ولكننى أعتبرها أقل من ذى قبل، وهذا ناتج عن طيبة قلبى، وإننى أصدق أى شخص بسهولة، بالإضافة إلى أهم سبب، وهو خجلي.