أبرز نجوم المسلسلات المصرية والعربية لعام 2021
كتب : محمد حبوشة
شهد ماراثون مسلسلات عام 2021 تميز العديد من النجوم والنجمات في لفت الانتباه لأدائهم وثناء الجمهور على ما يمتلكون من موهبة خاصة ظهرت على الشاشة والمنصات العربية، كشفت عن ما يتمتعون به من مخزون بارز على مستوى الأداء الاحترافي، وما زال لديهم الكثير وأكثر ليقدموه في أعمال تمتع جمهورهم، ونسرد في السطور التالية النجوم والنجمات العشرة الأوائل، الذين استحقوا بالفعل الإشادة والثناء على موهبتهم طوال عام كان هو الأكثر نضجا على مستوى الأفكار والموضوعات والأداء مقارنة بالسنوات الثلاثة الماضية.
1- كريم عبد العزيز
ما يتصف بها النجم المصرى الرائ تمثيلا وخلقا رفيعا (كريم عبد العزيز)، قد صنع له بصمة خاصة مكنته من تصدر المشهد الرمضانى بجدارة أدائه العذب فى مسلسل (الاختيار 2)، ويبدو لى أن براعته تلك ونضجه فى الأداء ناجمة عن توافر الإحساس وقوة التركيز للأفكار وقوة التذكر للحركة الجسمانية لديه، ومن ثم فهو يعيش فى الدور ويتسلل تحت جلد الشخصية، كما حدث مع (زكريا يونس)، فقد رسم لنفسه منذ اللحظة الأولى مسار وروح ونظرية أداء خاصة بدت أكثر شفافية وعمقا وإدراكا ومصداقية بجناحيها (الجاد والإنساني)، وكشفت قدرة وبساطة (كريم) الفائقة فى التعبير عن مفردات تلك الشخصية وحضورها الطاغى من نظراتها التلقائية الحاسمة، وطريقة المحاكاة، والحوار الرصين الهادئ الخالى من الافتعال، سواء فى طبيعة عمله وهو يتعقب ويحقق مع الجناة والارهابيين، أو فى علاقته بالآخرين وتعامله مع الأصدقاء والأسرة والزوجة والبنات.
2- أحمد عز
أثبت أحمد عز في مسلسل (هجمة مرتدة) أنه فنان مدهش بعفويته وبساطته، بتصرفه العادي والسلس، لا يتصنع طريقة أداء، ولا يبالغ في سلوك، يحافظ دوما على هدوئه طوال الوقت لإظهار براعته، فالحماسة تدفعه إلى هذه البراعة، بل وتجعله متألقا، وتمنحه الرغبة في إثبات الذات على جناح العفوية التي يتمتع بها، والتي تتيح له التصرف بحرية كبيرة، وبتحرر واضح من قواعد وتقنيات الأداء التقليدي الذي يخلو من المشاعر، لذا يبدو لك أداءه مدهشا في قدرة فائقة على كشف الانفعالات، مشوقا في بساطته الشديدة حين يلعب الشخصية المراد تجسيدها، حيث يعيش مسارها وتحولاتها حتى تبدو لنا في النهاية مثيرة للمتعة البصرية، ومن ثم أصبح مثار جدل شديد في خلطه الأداء الكوميدي بالأكشن والتراجيدي في آن واحد، لكن لا ننسى أنه واحد من الممثلين القلائل الذين يبحثون عن قيمة الدور، لذلك يبقى دائما ما يختاره من أدوار يرتبط بالعمق والوعي الكبير في عدم الوقوع في اختيار شخصيات نمطية ومستهلكة، بل متنوعة على مستوى الشكل والمضمون، لذا تبقى أدواره مفاجئة لجمهوره في العادة.
3- طارق لطفي
ترتبط حرفية التمثيل فى الدراما التليفزيونية بالنجم (طارق لطفي) كما جاء في مسلسله (القاهرة كابول)، حيث كانت طريقته في الأداء مقننة وتتسم بالعفوية والتلقائية الخالية من أى مبالغة فى الأداء، لذا فهو يمثل حالة تمثيلية خاصة نظرا لأنه لايعرف المبالغة فى الأداء ولا يلجأ للصوت العالى، حتى فى أقوى المشاهد التى تتسم بالعنف تجد ابتسامة تحمل قدرا من الدهاء الذى يلخص الحالة العامة للشخصية التى يجسدها، ولهذا تميز الفنان طوال العمل فى الدراما التى انخرط فيها منذ بداياته الأولى بأدائه الرشيق، حيث يقدم فى كل عمل شخصية مختلفة عن الأخرى، لذا نال ثقة الجمهور خصوصا فى اختياراته لأعماله، ومنها شخصية درامية مختلفة ومركبة وفارقة فى الموسم الرمضانى 2021، حيث أطل لطفى على جمهوره بدور (رمزي) فى مسلسل (القاهرة كابول) الذى كتبه عبد الرحيم كمال، وأخرجه حسام على، ويشاركه البطولة فتحى عبد الوهاب وخالد الصاوى وحنان مطاوع ونبيل الحلفاوى.
4- منى زكي
ربما تغيب (منى زكى) طويلاً عن المشهد الدرامي، وهى في هذا تبدو لي كمن يمثل على سطر ويترك سطورا، لكن مجرد ظهورها على الشاشة ولو لمشهد واحد يبدد كل الغياب الذى لا تقصده، ولا تتمناه، وقد عادت في عام 2021 بقوة كسيدة للأداء الصعب فى مسلسل (لعبة نيوتن)، وعلى جناح تلقائيتها المعهودة، فقد جاء أداؤها بطريقة مبهرة، فهى تركز على التفاصيل الصغيرة للشخصية، ليبدو لك فى الحقيقة أنها لا تمثل بل تتوحد مع شخصية (هنا)، وهى تتحدث الإنجليزية بطريقتها المرتبكة رغم إتقانها لها، ومن خلال مشاهد بعينها استطاعت أن تحرك مشاعر الجماهير نحو التعاطف معها والتأكيد على قدرتها التمثيلية فائقة الجودة، ولعل مشهد الولادة الصعب المثير الذى أدته ببراعة كما لو كانت تعيش لحظة الولادة بالفعل، وأيضا مشهد المحكمة ودموعها المتحجرة وهى تخشى أن تحرم من طفلها، يؤكدان تفوقها المثير بأداء صادق معبر عن مخاوفها وصدماتها.
5- عبد المنعم عمايري
يأتي عبدالمنعم عمايري على مستوى الأداء الاحترافي الجيد كأبرز ممثل سوري في عام 2021 من خلال تجسيده لشخصية (أبو كرمو) تاجر الحلويات الذي يخبئ خلفه مهنته الحقيقية: تاجر (الحساس) أو حبوب (الكبتاجون) كما يسمونها في عالمها بحسب المسلسل، فقد جاء (عمايري) بتجسيد فائق الجودة للشخصية التي يلعبها بأسلوب السهل الممتنع، بحيث يذكر بذئبية رجل المافيا العجوز في السينما الأمريكية على غرار (آل باتشينو وروبرت دينيرو)، لكنه هنا يختلف أداءه في تعايشه التام مع البيئة الحاضنة لهذه النوعية من رجال المافيا الذين يستغلون ظروف الحرب بأساليب ملتوية، ولقد أبدع (عمايرى) بلغة جسد حساسة للغاية في مشاهده في مسلسل (الهيبة – جبل) قبل نهاية 2021، لغة تجلت في أبهى صورها في إيجاد أساليب خاصة للتواصل مختلفة عن التواصل اللفظي، فهناك لغات كلغة العيون، يمكن أن توصل الكثير من المعاني دون الحديث، ولقد لعبت لغة العيون هنا دورا أساسيا في الأداء، حيث رصدت الانفعالات الداخلية لدي طرفي الحديث، بل وأظهرت العين ما يخبئه كل لـ (جبل)، خاصة إذا كانا نقيضين فاعلين في الأحداث المشحونة بالغضب، كما أظهر براعة فائقة و بشكل ملحوظ في دور (سمير عبد الرحيم) في مسلسلسل (قيد مجهول).
6- حمادة هلال
تمتع النجم (حمادة هلال) في مسلسله (المداح) في عام 2021، بقدر من الخشوع الجسدي بحيث استطاع جلب المتعة البصرية في فتنة لاتضاهى عكست ما يجول بخاطره من أفكار متضاربة وتوتر ناجم عن صراع دائم بين الخير والشر الذي يتعرض له من المحيطين به، ولعله في الحلقات العشرين الأولى كان يجد ملاذا آمنا في حبيبته (رحاب/ نسرين طافس)، عبر لقاءات عابرة تتسم بالصفاء الروحي، ما كان ينعكس على لغة الجسد عند (حمادة)، كما بدا في انحناءة رأسه وإيماءاته وتمتماته التي تحمل إشارات خاصة على شفتيه، ونظرات عينية الحائرتين وعقله المتقلب بين الحلال والحرام، ومحاولة الوصول إلى حد اليقين الذي يريحه وينقذ الناس من شرور أنفسهم ومن سيئات أعمالهم.
7- جمال سليمان
معلوم أنه لدى النجم (جمال سليمان) قناعة تامة بإن الفن الخلاق هو وحده الذي يتكلم ويقرر!، وفي هذا لاينسى إن الممثل بحاجة دائمة إلى التدريب والمران المستمرين على عدة أشياء من أهمها فن الإلقاء، وإخراج الصوت، ورشاقة الجسم (اللياقة البدنية الخاصة بالأدوار الحركية والاستعراضية)، والعمل الجماعي، وصناعة الماكياج والأقنعة، إلى جانب ضرورة اكتساب اللياقة الداخلية من خلال المخرجين الذين يعمل معهم أو من خلال المتخصصين، أو من خلال دراسته الأكاديمية لتلك المفردات والعناصر التي تعتبر مهمات مميزة في عالم التمثيل الشمولي، لذا ظهر في مسلسل (الطاووس) رمضان 2021 عبر لحظات موحية تتطلب الصمت أو التركيز لجذب انتباه الجمهور، وكان حريصا دائما على أن أي تصرف يصدر منه لايمكن أن يكون خارج عن السياق العام للمعنى، وهنا تصبح المقاييس لديه مجردة، كما جاء تمام في أدائه لدور المحامي (كمال الأسطول) وأظهر براعة فائقة في العزف على أوتار الشخصية.
8- قصي خولي
نجح قصي خولي في رسم ملامح وجهين لشخصية (صافي)، وهما وجه الشرير وزعيم العصابة المروج المحترف للمخدرات الذي استعمل دكانه البسيط لبيع الخضار كغطاء لما يجري في الطابق السفلي من توضيب وإخفاء للمخدرات في الخضار، ووجه آخر هو الإنسان المؤمن البسيط الذي يردد دائما عبارته الأثيرية (يا عفو الله)، وتمكن من أن يكون ضابط إيقاع بامتياز، حيث قام بتوزيع تفاصيل أدائه بين الشخصيتين بخفة وبراعة وتناغم، فلا يستطيع المشاهد أن يلحظ الانتقال بين الشخصية والأخرى، إلى حد يصبح الكلام أحياناً غير ضروري، لما في أداء قصي من براعة واحتراف، فقد أدى دوره بإحساس عال جدا، وطبع أحاسيسه على وجهه، بريق عينيه عندما يغضب، نظرات الإعجاب والحياء، لـ (حياة / نادين نجيم) فبدا أكثر من مبدع في الأداء، ليبرهن من جديد على أن أداءه التمثيلي يفوق الشكل، والشخصية مهما كانت فقيرة أو غنية، طيبة أو شريرة، بسيطة أو ذكية، فإنه يعطي الدور حقه، ويجتهد في الإلمام بالشخصية على المستوى الداخلي والخارجي ويأخذنا محلقا في سماء من الخيال إلى الحقيقة، تماما كما تألق في مسلسله الأخير (بارانويا) في شخصية (وزير) التي أكد من خلالها تحديه في مجال السيكودراما.
9- نادين نجيم
في تجربة مغايرة خاضتها النجمة اللبنانية المتألقة نادين نسيب نجيب، من خلال مسلسلها (صالون زهرة) الذي ينتمي لنوع الكوميديا السوداء، حيث جسدت شخصية شعبية بتفوق ملحوظ على نفسها، وعلى كل قريناتها من نجمات لبنان، لتحتل صدراة المشهد الدرامى العربي حاليا، وتصبح نجمة لبنان الأولى في التمثيل عن جدارة فائقة واستحقاق مشهود، ففي تطور ملحوظ كللت خطواتها بالنجاح من عمل لآخر، بفضل اجتهادها والشغل على نفسها طوال السنوات الثلاثة الأخيرة، حيث تقلبت على مختلف الأدوار من الرومانسي إلى الأكشن والتراجيدي وأخير في الكوميديا السوداء، حيث سجلت فيها رقما قياسيا في الأداء الصعب والاحترافي يضاف إلى سجلها الحافل بالإنجاز، وذلك بعد أن قررت الانخراط في مسار فني مخالف لخيارات البداية، من نافذة الكوميديا هذه المرة حتى ولوكانت على جناح السوداوية، متجاوزة التكرار والرتابة ومتخطية حدود النقد اللاذع الذي طال أدوارها في السابق، ومن ثم نجحت في امتحان رسم الابتسامة وإقناع المشاهد بمصداقيتها التي كانت تتطور من مشهد لآخر ومن حلقة إلى حلقة بمزيج من الإثارة والتشويق، اللذين ظلا ملازمين لها طوال الوقت دون أدنى افتعال في الأداء.
10- ماجد الكدواني
في موضع وحده ظل ماجد الكداوني، يؤكد وجوده طويلاً، بأداء سهل ممتنع، من خلال شخصية (طباخ) في مسلسل (موضوع عائلي) يقدر أن يضحكك ويبكيك بأقل قدر من التعبير، لهذا أسميه رجل الأضداد، فهو بعيد وقريب في الوقت نفسه، غائب وموجود، قليل الظهور كبير الأثر، هكذا كل شيء يتعلق به، معادلة ربما كانت إجابتها في ذلك التصريح الذي أدلى به قبل أسابيع، من عرض المسلس حين قال: (أنا مش صعب، أنا دقيق)، ربما لهذا يمكن أن تعد أعماله بسهولة، لتميزها من ناحية وقلَّة عددها من ناحية أخرى، فقد بدا لي أداء ماجد في المسلسل عبقريا، للمرة الأولى يخرج ليقدم دور (أب) حقيقي، يذكرنا بتفاصيل مميزة ومختلفة ربما لم أرها من قبل على الشاشة إلا في تحفته الدرامية الرمضانية في نفس العام (ولاد ناس)، وكذلك دوره (رئيس جهاز الأمن الوطني) في (الاختيار 2)، وهو الذي قال عن (موضوع عائلي) إنه لم يشكل له سوى (فكرة لمست قلبه)، مع تأكيد أن البطولة المطلقة ليست هدفا في ذاتها، ما يجعلني أتساءل حقا: كم فكرة حقيقية تلمس القلب يمكن أن تصادف فنانا – يتصدر نسب المشاهد بمجرد الموافقة على العمل – في حياته؟.