سر اختفاء ترانيم الميلاد التى كانت هدية المطربين للجمهور فى الكريسماس !
* هانى شنوده: ألبومات أعياد الميلاد موجودة فقط فى الكنائس المصرية
* جورج كيرلس: هذه الألبومات قادرة على الفتك بكل ثعابين الفتنة
كتب : أحمد السماحي
يوم الأحد القادم تقدم فرقة (رسالة سلام) احتفالية كبرى بمركز (إبداع) في قبة الغوري بالحسين، وذلك بالتعاون مع مؤسسة (حوار لفنون ثقافات الشعوب) تحت عنوان (أغاني العام الجديد والكريسماس) بمشاركة عدد فرق هي فرقة (سماع) للإنشاد والموسيقى الروحية، مجموعة (التراتيل والألحان القبطية الأرثوذكسية)، مجموعة (أكابيلا الترانيم الكنأسية)، مجموعة (إندونيسيا للإنشاد)، بمصاحبة فرقة (سماع للموسيقى الروحية)، الإحتفالية رؤية فنية المخرج المبدع (إنتصار عبدالفتاح).
الجميل أن هذه الاحتفالية السنوية تقام بناء على طلب الجمهور المصري العاشق للفن الروحي والتراتيل الكنائسية، بعيدا عن التعصب الذي يتبناه للأسف بعض القلة القليلة التى لا تذكر وللأسف الشديد أنها من بعض المتشددين دينيا.
تلك الاحتفالية جعلتنا نسترجع ألبومات أغنيات (عيد الميلاد المجيد)، ففي مثل هذه الأيام وحتى سنوات قليلة مضت كان بعض المطربيين اللبنانيين تحديدا يحرصون على طرح ألبومات غنائية، وأغنيات تحتفل بعيد الميلاد المجيد، الذي يعتبر ثاني أهم الأعياد المسيحية على الإطلاق بعد عيد القيامة، لكن مؤخرا ونظرا لموت سوق الغناء وتردي الأوضاع السياسية اللبنانية لم نسمع مؤخرا عن مثل هذه الألبومات، أو حتى أغنيات منفردة، باستثناء ترنيمة (أؤمن) التى أنشدتها فى الماضي جارة القمر (فيروز) وأعادت طرحها العام الماضي النجمة (نسرين طافش).
قبلها وفي عام 2017 طرحت السيدة (فيروز) ترنيمة (في ملكوتك)، وعام 2018 طرحت ترنيمة آخرى بعنوان (إلى متى يارب) وظهرت (فيروز) فى مقطع الفيديو وهى تغنى الترنيمة مرتدية ثوبا أسود، بينما ظهرت في الخلفية صور للمسيح، وصور أخرى من المواجهات بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلى فى قطاع غزة.
وديع الصافي رعد وشتي
أغنيات عيد الميلاد المجيد بدأها المطرب الكبير الراحل (وديع الصافي) فى بداية الستينات حيث قدم العديد من الترانيم والتراتيل الرائعة نذكر منها ترتيلة (رعد وشتي)، وهي ترنيمة ميلادية لميلاد يسوع المسيح وتعتبر من أجمل الترانيم والصلوات المسيحية التي تطرقت لموضوع ميلاد السيد المسيح، لأنها مؤلفة من كلمات تصف العقيدة المسيحية لميلاد السيد المسيح، وبعدها قدم العديد من التراتيل منها (قدوس قدوس، ارحمنى يالله، يا سراج، باركى يا نفسى)، وتم تجميع هذه التراتيل وغيرها فى أكثر من ألبوم.
فيروز أنا الأم الحزينة
فى نفس الفترة قدم الأخوين (رحبانى) من خلال صوت الفنانة الكبيرة (فيروز) مجموعة من التراتيل والترانيم التى حققت شهرة كبيرة ومازالت من أنجح ما قدم فى هذا اللون حتى الآن منها: (أنا الأم الحزينة، يا يسوع الحياة نعظمك، يا مريم البكر، المسيح قام، قامت مريم، اليوم علق على خشبة، سبحان الكلمة، طريق أورشليم) وغيرها، والتى تم تجميعها فى ألبومى (ترانيم الجمعة الحزينة، وتراتيل أعياد الميلاد) اللذين حققا نجاحا كبيرا، وفتحا الباب على مصراعيه لكثير من المطربين اللبنانيين تحديدا لتقديم هذا اللون من الغناء الروحانى.
ماجدة وسلوى وباسكال
بعد السيدة (فيروز) قدمت المطربة الكبيرة (ماجدة الرومي) ألبوم يتضمن عشر ترانيم بعنوان (عيد الميلاد)، كما رتلت المطربة اللبنانية الراحلة (سلوى القطريب) ألبوم بعنوان (أجراس العيد)، وترنم (عازار حبيب) بألبوم بعنوان (حلوة الأعياد)، وتعاونت (باسكال صقر) مع الموسيقار (إلياس الرحباني) فى ألبوم بعنوان (باسكال تغنى الميلاد) الذى قام بتلحين وكتابة كل ترانيمه الراحل (إلياس الرحباني).
كما قدم مجموعة من المطربين اللبنانيين نذكر منهم (سيمون عبيد، وكارول صقر، وفريال حنا، وجوزف أبوملهب ألبوم بعنوان (تراتيل مسبحة الوردية) قام بتلحينه مجموعة كبيرة من كبار ملحنى لبنان والعالم العربى منهم (إلياس الرحبانى، إحسان المنذر، إحسان صادق، أنطوان سماحه، هادى شرارة).
جوليا ويارا ولارا
وكان آخر الألبومات التى طرحت الخاصة بأعياد الميلاد كانت عام 2012 من نصيب المطربة اللبنانية (جوليا بطرس) التى أطلقت ألبوم بعنوان (ميلادك) يتضمن عشر أغنيات هى (جايي يسوع، ميلادك، لما كنت زغيري، عيد الميلاد، ليلة عيد، يا حلا طلت، قصة بكتاب، لو أن لعبة، إذا نقص حدا، يا عذرا)، وفى نفس العام طرح الملحن والمنتج والموزع اللبناني (جان ماري رياشي) ألبوم لكلا من (يارا، ولارا اسكندر) بعنوان (كستنا)، يتضمن باقة من أجمل الأعمال الميلادية الكلاسيكية قدمها (رياشى) بقالب لبناني رائع، بمساندة ودعم الشاعر (نزار فرنسيس)، والعمل يتضمن 11 أغنية تمت ترجمتها من لغات عالمية عديدة كالألمانية والإسبانية والإنكليزية والبرازيلية إلى اللغة العربية، وهى المرة الاولى التي تترجم فيها إلى اللغة العربية وتحديدا اللهجة اللبنانية، وأعاد الموزع (جان ماري رياشي) توزيع بعض الأغنيات الميلادية ووضعها في قالب شرقي من خلال إدخال الآلات الموسيقية الشرقية عليها، كذلك اقتبس بعض الأغنيات الميلادية المشهورة وأعاد توزيعها، و(الكستنا) هى الفاكهة التي نأكلها فقط في هذا الوقت من العام.
وأدت الفنانة اللبنانية (يارا) ست أغنيات باللغة العربية في الألبوم، وأدت (لارا اسكندر) أغنية (White Christmas) باللغة الإنجليزية، وأغنيتين جمعتا التينور (مارك رعيدي وكريستين حداد) بالإنجليزية والفرنسية.
ألبومات في الكنائس
رغم غزارة الإنتاج اللبنانى فى هذا اللون من الغناء الروحانى إلا أنه لم يقابله فى مصر أى إنتاج يذكر، بعيدا عن ما يقدم فى الكنائس، أو بعض المكتبات القبطية، ونقصد الأنتاج الغنائى الذى يتم بيعه فى محلات الكاسيت العامة، والمثير والمدهش فى هذا الموضوع أن الكنيسة القبطية فى مصر من أغنى كنائس العالم – إن لم تكن أغناها – في فنها الموسيقى، والذي يعود في أصوله إلى العصر المبكر من عصر الأسرات المصرية القديمة، فهى الأقدم والأعرق بين كنائس العالم المسيحي المختلفة، والأصالة في الموسيقى القبطية جاءت نتيجة تناقلها من جيل لآخر دون أن تضيع، فقد وصلتنا كاملة منذ القرن الخامس الميلادى، لا تشوبها شبهة اختلاط بالموسيقى البيزنطية أو اللاتينية أو الفارسية، أو غير ذلك من أنواع الموسيقى المعروفة شرقية كانت أم غربية.
الخوف من عدم البيع
ظاهرة عدم طرح ألبومات أعياد الميلاد المجيد بأصوات مصرية منذ بدأ الغناء وحتى الآن أرجعها الموسيقار الكبير(هانى شنوده) إلى الخوف من عدم بيعها فى السوق التجارى، وتساءل: أين الشركة التى تغامر بإنتاج ألبوم دينى قبطى؟!، فى الوقت الذى لا تحقق فيه الألبومات العاطفية لكبار المطربين المصريين أى مرود مادى؟! ثم أين أصلا سوق الكاسيت الآن؟ فالسوق مات منذ سنوات للأسف الشديد ولم يترحم عليه أحد!، ولابد أن تتدخل الحكومة وتسن قانون لمنع القرصنة لحماية صناعة الكاسيت، وعندما يفعل هذا القانون وقتها يجوز يكون لدينا الرفاهية لتقديم كل الألوان والأشكال الموسيقية ومنها ألبومات أعياد الميلاد الموجودة بالفعل فى حيز ضيق فقط وهو بعض الكنائس.
عدم اكتراث المطربين
عن عدم طرح مطربيين مصريين لألبومات أعياد الميلاد قال الموسيقار والمهندس (جورج كيرلس): ربما هذه النوعية من الأغاني الميلادية لم تظهر في مصر حتي الآن بسبب عدم اكتراث المطربين الكبار بهذه المناسبة العالمية، وربما لأن خلفيتها الدينية قد طغت في أذهانهم علي القيمة الموسيقية التي يمكن أن تُخلفها مثل هذه الأعمال الفنية في الوجدان المصري بشكله العام، فمن وجهة نظري مثل هذه الأعمال الفنية الموسيقية هى قادرة علي الفتك بكل ثعابين الفتنة أكثر بكثير من عشرات البرامج، و(التوك شو) التي بها نحارب مختلقي الفتن التي تقسم ظهر الأمة التي عاشت 14 قرنا من الزمان لاتعرف أن تفرق بين لحن (يارب ارحم) وبين نغمة (الله الرحمن الرحيم).
وأكد (جورج كيرلس): أن اقتصار طرح بعض الألبومات الروحية القبطية فى مصر على بعض الكنائس وبعض المكتبات التى تبيع الكتب الدينية القبطية راجع إلى ضعف منتجي هذه الألبومات في عملية التسويق، فالتسويق هو علم وفن لم يتخصص فيه أحد من منتجي هذه الألبومات، والتعامل مع السوق العام يختلف في طبيعته ومتطلباته عن التعامل مع المكتبات الكنسية، فالغلاف الخارجي يجب أن يتخذ شكلا مختلفا وأسماء هذه الألبومات يجب أن تتحور بما يتفق مع متطلبات السوق العام، وكذلك طريقة الأداء التي أحيانا يغلب عليها الطابع الصوتي الصادر من الأنف.
وهذا اللون يضيف كيرلس: أنا بصفتي الشخصية أتعارض معه كأسلوب أدائي ضار باللحن وبالمستمع إليه، فليتخيل القارئ لو أن هناك أوركسترا قام كل عازفيه بوضع سوردين (كاتم صوت) فكيف يكون الصوت الناتج في النهاية وتأثيره علي المستمع؟!، ولو كان تأثيره الأخنف سيكون رائعا لما تردد كل قادة الأوركسترا في العالم من وضع السوردين (كاتم الصوت) في جميع آلات الأوركسترا.