ذكرى صلاح ذوالفقار .. فارس أحلام بنات مصر
كتب : أحمد السماحي
نحيي خلال الأيام القادمة الذكرى الـ 28 لرحيل فارس أحلام بنات مصر، النجم المتميز (صلاح ذوالفقار) الذي رحل عن حياتنا يوم 22 ديسمبر 1993، ورغم رحيله إلا أنه مازال موجودا بقوة من خلال أعماله الفنية التى تعرض على القنوات الفضائية على فترات متباعدة، فتكون بمثابة النسمة المنعشة في نهار صيف قائظ الحرارة، فنجمنا كان يملك بحضوره وطلته وخفة ظله القدرة على أن يبدد ظلمات الكأبة فى أشد الساعات ضيقا.
ولم لا؟!، فهو كان يمتلك قلبا مليئا بالطيبة والشجاعة، ولم تكن طيبته ادعاء ولا شجاعته اكتسابا بل ولد بهما، وكان مثال لفارس الأحلام بما يملكه من رجولة ووسامة فضلا عن الشهامة والتسامح والكرم، ولأنه كان أصيلا تجده وفيا، يضايقه أن يحرج أحدا أو يمس مشاعره، ولأنه ضابطا كان نبيلا حساسا إزاء الغير إلى أبعد حد.
هو أحد أبطال معركة الشرطة في 25 يناير 1952 التي ظهر فيها بسالة وشجاعة رجال البوليس ضد البريطانيين، ففي ذلك اليوم تم حصار قسم الشرطة الصغير المجاور لمبني محافظة الاسماعيلية من قبل قوات الجنرال (أكسهام) وكان عددهم سبعة آلاف جندي إنجليزي مزودين بالأسلحة والدبابات ومدافع الميدان، بينما كان عدد الجنود المصريين لا يزيد عن 800 جندي في الثكنات و80 جندي داخل مبني القسم والمحافظة لايتعدي تسليحهم البنادق القديمة، صمد رجال الشرطة في تلك المعركة وقاوموا ببسالة حتي استشهد منهم خمسون جندي وظل ثلاثون آخرون مصابون يقاومون القصف حتي نفذت ذخيرتهم.
وبعد انهيار جدران القسم والمحافظة طلب الجنرال (أكسهام) من الجنود والضباط الخروج من القسم رافعي الأيدي مستسلمين إلا أنهم رفضوا بشدة، وقالوا قولة شهيرة (لن نسلم إلا جثثنا)، وكان من هؤلاء الضباط والعساكر البواسل اليوزباشي (صلاح ذو الفقار)، حيث كان من أول الضباط الذين قادوا المعركة، وصنعوا بشجاعتهم ملحمة فداء ووطنية في حب مصر، كما أنه ضابط البوليس الحاصل علي نوط الواجب من الدرجة الأولي تقديراً لدوره الوطني في معارك العدوان الثلاثي.
ولد (صلاح ذوالفقار) فى بيت يجمع ما بين الفن والحزم، فوالده رجل عسكري – عميد فى وزارة الداخلية – وشقيقاه الكبيران (محمود وعز الدين ذوالفقار) أحد فرسان السينما المصرية، عشق نجمنا الفن منذ طفولته، خاصة بعد أن سمع تصفيق أهله وجيرانه وهو يمثل دوره فى مسرحية (تاجر البندقية) لشكسبير، وبعد التحاقه بكلية الشرطة، كان يقضي إجازته الأسبوعية في مشاهدة الأفلام ليرويها لزملائه عند عودته، وبعد تخرجه من كلية الشرطة ضمن دفعة الوزراء : (أحمد رشدي، النبوي إسماعيل، زكي بدر) عمل بشبين الكوم، ثم انتقل للعمل بسجن طره، واستقر به الحال ليصبح رائدا مدرساً بكلية الشرطة.
ورغم نداء السينما له أثناء عمله العسكري، إلا أن عشقه للتدريس وتولى مسئولية الطلبة الجدد فى الكلية جعله لا يفكر فى مجال آخر، لكن شقيقه المخرج (عز الدين ذوالفقار) حاول إقناعه بالتمثيل، فقال له مداعباً : (مفيش مانع .. هات لي إذن من وزير الداخلية وأنا أمثل معاك)، وبالفعل حصل (عز الدين) على تصريح له من الوزير، وبدأ مشواره من خلال فيلم (عيون سهرانة) مع شادية، ثم شارك في (الرجل الثاني) الذي اخترنا منه صورة له مع صباح في أحد المشاهد)، وبعده توالت أفلامه التى كانت تعتمد على خفة ظله ووسامته وشبابه، الذين كانوا جواز مروره إلى قلب الجمهور، فلم تعرف الشاشة الكبيرة فى عصره نجما يتمتع بروح الدعابة مثله، رحم الله النجم خفيف الظل صلاح ذوالفقار.