كتب : أحمد السماحي
نحيي هذه الأيام الذكرى التاسعة لرحيل الموسيقار العبقري (عمار الشريعي) الذي رحل عن حياتنا فى السابع من ديسمبر عام 2012، حيث سكنت روحه القوية التى مكنته من الصمود والمقاومة والتحدي، انسابت روحه من الجسد الواهن الذي هده المرض ومشاق الرحلة في أرض تناثرت على مداها آثار معاركه مع التخلف، والجمود الفكري والعقلي حتى آخر لحظة من حياته.
جمعتني بهذا العملاق صداقة وطيدة يعلمها كل المحيطين بي منذ كنت طالبا في الجامعة، هذه الصداقة التى جعلتني أعشق الموسيقى والغناء أكثر مما كنت أعشقهما، ودائما ما كنت أتصل به لأسأله عن ظروف أغنية له سمعتها، أو ذكرياته مع شاعر أو مطرب أو ملحن، أو مسألة شخصية تحيرني، وكانت توجيهاته، ونصائحه لا تقدر بثمن، خاصة أنه كان يعطيني تعليقاته بأسلوبه الساخر الذي كان يضحكني كثيرا.
رحل (عمار الشريعي) لتطوى بذلك صفحة الرواد العباقرة الذين أحدثوا نهضة موسيقية وغنائية، رحل الذي غنت معه مصر أجمل أناشيدها، وترملت من بعده (التترات) الغنائية، فمن بعده لم يردد الشارع المصري تتر واحد، كما كان يحدث معه بمصاحبة رفيق دربه الشاعر المبدع الكبير (سيد حجاب)، أتحدى أن يذكر لي أحد (تتر) مسلسل ردده الشارع المصري كما كان يردد (تترات) عمار الشريعي.
هذا الأسبوع في باب (غلاف ألبوم) سنتوقف عند أغنيات مسلسل (أبنائي الأعزاء شكرا) الشهير بـ (بابا عبده)، لأنه كان يحب أغنياته جدا، حيث كان أول عمل يجمعه مع (سيد حجاب) الذي تم التعارف بينهما عن طريق صديقة مشتركة كانت تعمل مع (سيد حجاب) فى مسرحية (كلام فارغ جدا) عام 1978، وكما حكى لي موسيقارنا الراحل: (التعارف بيننا كان سريعا، ولم يأخذ وقت فكلانا كان شغوفا بمهنة الآخر بمعنى أن (سيد حجاب) كان عاشقا للموسيقى وأنا كنت عاشقا للشعر وكانت وجهات نظرنا في كثير من الأمور تقريبا واحدة).
ومنذ أن تعارفا (الشريعي وحجاب) لم يفترقا حتى رحلا عن الحياة، وقدما طوال مشوارهما معا العديد من (التترات) الناجحة نذكر منها (الأيام، أديب، وقال البحر، الشهد والدموع، ليلة القبض على فاطمة، عصفور النار، حلم الجنوبي، أرابيسك، سامحوني ماكانش قصدي، جحا المصري، زمن عماد الدين، أميرة في عابدين، قاسم أمين، للثروة حسابات آخرى، السلمانية، حدائق الشيطان، المصراوية، شرف فتح الباب، إمرأة في شق الثعبان) وغيرها.
وكان أول عمل يجمعهما ــ كما ذكرنا ــ هو مسلسل (أبنائي الأعزاء شكرا) تأليف عصام الجمبلاطي، بطولة (عبد المنعم مدبولي، فردوس عبد الحميد، يحيي الفخراني، صلاح السعدني، فاروق الفيشاوي، أثار الحكيم، زيزي مصطفى، مشيرة إسماعيل) وإخراج المبدع القدير (محمد فاضل)، والذي قدم عام 1979.
تضمن المسلسل مجموعة رائعة من الأغنيات التى قام بأدائها الفنان الكبير (عبدالمنعم مدبولي)، والفنانة (فردوس عبدالحميد) وهى (فتونة، الشاطر عمرو، أول درس، ون، تو، ثري، فور، هوه يا نونة، علمتني يا زمان، اخى عالدنيا، فضلا عن تتر البداية والنهاية).
النجاح الكبير الذي حققه المسلسل وأغنياته أبكى والدة (عمار الشريعي) كما أبكى الرئيس الراحل محمد أنور السادات – كما ذكر لي موسيقارنا المبدع – خاصة أغنيتي (علمتني يا زمان، إخي عالدنيا)، وهذا النجاح أغرى منتج الكاسيت الشهير (موريس إسكندر) لطبع هذه الأغنيات على شريط كاسيت متميز للغاية من حيث الغلاف والتصميم وحفظ لنا تراث غنائي مهم للغاية، وأول لقاء جمع بين (الشريعي وحجاب).
من أشهر الأغنيات في الألبوم أغنية تتر البداية التى تقول كلماتها :
حزروا فزروا مين بابا عبده؟
واسمعوا وانظروا بعدين ردوا
وانزلوا دوروا قبل ما تشتروا
واحذروا تقليد الصنف
بوبو بابا عبده
وده صنف عزيز شاحح من السوق
لكنه لذيذ ومافيش كده ذوق
شغال ما يكل، خفيف الظل
مالوش في الغل، مالوش فى اللف
بو بو بابا عبده
وده مش اراجوز ولا فى البوتيكات
لا ولا موجود فى الفاترينات
لكن بيجود أوى يا أهل الجود
والواحد منه بـ 100 وألف
………………………………….
وكانت كلمات (تتر) النهاية يقول :
واهى دنيا ودايرة فى بابا عبده
واهى عيشة وأيام بيعدوا
وساعات الدنيا بتهده
وساعات بتبوسه على خده
بو.. بو.. بابا عبده، بو .. بو بابا عبده
دنيا ولا صندوق الدنيا
فيها ناس ألماظ، وناس ألمونيا
ومُثل عليا، ومُثل دنيا
وناس ياخدوا، وناس يدوا ما ياخدوا
بو.. بو بابا عبده، بو..بو بابا عبده
………………………………….
كما كان هذا المسلسل أول عمل يحتفي بالطفل ويقدم له أغنيات خاصة به منها أغنية (فتونة، والشاطر عمرو، هوه يا نونة) يقول مطلع أغنية (الشاطر عمرو) :
كان فيه واد اسمه الشاطر عمرو
وكمان كان فيه جدو بشنبات
في ميعاد الأكل بأمر سي عمرو
جدو يقعد يحكي حكايات