كتب : محمد حبوشة
قبل أسبوع تقريبا، هاجم الإعلامي إبراهيم عيسى، إهانة جماهير الأهلي للسلام الوطني وترديد أغاني للنادي الأحمر خلال عزف السلام الوطني في أثناء مباراة الفريق أمام غزل المحلة، قائلا: (جمهور الأهلي مخترق والألتراس مخترق من الإخوان قولا واحدا، ومجموعات الأهلي اللي بتروح المباريات يعرفون ماذا يفعلون؟، وخلال عزف السلام الجمهوري لمصر يقوم بإهانة السلام الوطني)، وأكد عيسى، خلال تقديم برنامجه (حديث القاهرة)، المذاع على قناة (القاهرة والناس) مساء الأربعاء الماضي، أن فعلة جمهور الأهلي من إهانة السلام الوطني لم يجرأ أي أحد على فعلها من جماهير الزمالك أو الاتحاد أو المصري أو الإسماعيلي وغيرهم من الأندية الجماهيرية، مضيفا: (لم يجرأ أحد لهذه اللحظة من هذه الأندية أن يهين النشيد الوطني ويهتف هتافات لناديه.
وانتقد الإعلامي إبراهيم عيسى، صمت مجلس إدارة النادي الأهلي المطلق على واقعة إهانة النشيد الوطني، متابعا: (مجلس الأهلي يصمت صمت مطلق ومفيش ولا بيان ينكر فعلة الجماهير وفى قوى تحرك وتخترق وتدير وتسير الأمور، وإعلام الأهلي والرياضي لا يتكلم أيضا وخائف من الجمهور واللجان الإلكترونية لألتراس الأهلي)، موضحا أنه لا يطالب بحبس المتجاوزين بل يطالب بتوعية الجمهورية وزيادة وعي الإعلام الرياضي.
والغريب أنه بعد فضيحة الغناء للألتراس أثناء عزف النشيد الوطني للمره الثانيه ومنع 347 مشجع منهم تجمع بعض أعضاء الألتراس في المباراه الاخير، ظهر نوع من التحدي الجديد وذلك عندما قاموا برفع بعلم مصر وبدون النسر لأنه بالنسبه لهم يرمز للقوات المسلحة، وهو ما يدل على أن هذا الألتراس ينفذ أجندة الإخوان المسلمين وجماعة العنف السياسي من السلفيين وغيرهم من فئات تناهض جهود الدولة المصرية في المرحلة الحالية؟
والحقيقة أن لا تفوت الجماعات الإرهابية – وخصوصا الإخوان – أي فرصة أو ثغرة في المجتمع المصري، إلا وتستغلها أقصى استغلال من أجل مواصلة مسلسلها القذر في تفتيت المجتمع والتحريض ضد الدولة وتشويه رموزها وإنجازاتها؛ والأمر تطور وأخذ منحى أكثر خطورة، عندما اخترقت الجماعات والتنظيمات الإرهابية، مثل (حركة حازمون، والإخوان)، صفوف الألتراس، وجندوهم لخدمة أهدافهم، وأصبحت نواة حقيقية لهذه التنظيمات المتطرفة، وظهروا بكثافة فى اعتصامى رابعة والنهضة، وهتفوا ضد الدولة ومؤسساتها الحامية.
وبالوقائع والأدلة، ومن خلال الممارسة على الأرض، يمكن التأكيد على أن روابط الألتراس أفسدت الرياضة فى مصر بفعل إخواني رجيم، وحولت الألعاب الرياضية المختلفة وفى القلب منها كرة القدم من التسلية والترفيه، إلى خراب ودمار وموت؛ حيث إنه في 2007 كان أولى أسباب انتكاسة الكرة المصرية بعد تكوين روابط الألتراس واستغلال الإخوان لهم لإثارة الفوضى في الملاعب، ونتذكر كوارثهم فى استاد بورسعيد أو الدفاع الجوى، ونتذكر مواقفهم السياسية بالهجوم على المشير طنطاوى فى ملعب برج العرب، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل ظهرت صور لهم مع الإخوان فى رابعة العدوية وفى ميدان النهضة، وفي أكتوبر 2012، صرح بهاء أبو رحاب رئيس اللجنة الرياضية في جماعة الإخوان الإرهابية عن تواجدهم بداخل أفراد الألتراس في مختلف الأندية وعلى رأسهم الأهلي والزمالك.
جرائم عديدة ومذابح ارتكبتها هذه الجماعة بالتعاون مع الألتراس، ودعونا نتذكر في مارس 2015 أحالت النيابة العامة المصرية 16 متهما إلى المحاكمة الجنائية بتهمة ارتكاب أحداث شغب وعنف أسفرت عن وفاة 22 شخصا من مشجعي نادي الزمالك، في ما عرف بأحداث ستاد الدفاع الجوي، ومنذ تأسيس الألتراس فى إبريل 2007، لم تعرف ملاعب كرة القدم طريقا للهدوء والمتعة، واختفت الأسرة المصرية من المدرجات، وهى التى كانت تجد فى المباريات متنفسا وفسحة ترفيهية عن الأسرة، وحل بدلا منها الشماريخ والسباب والشتائم.
الملفت للنظر أيضا، أن بداية تأسيس روابط الألتراس واكب تأسيس حركة 6 إبريل فى نفس العام، وبعيدا عن كونها صدفة أو مرتبة، فإننا لسنا بصدده الآن، ولكن الذى يعنينا، أن روابط الألتراس بدأت كورم سرطانى، ومع مرور الأيام والشهور والسنوات، تضخم الورم وانتشر فى جسد الرياضة المصرية كانتشار النار فى الهشيم، وتسللت الفتن إلى الملاعب، ورأينا شغبا وكوارث لم تشهدها الملاعب عبر تاريخها، وامتلأت المدرجات بشباب عار من ملابسه، يحمل الشماريخ ويشعل النار، ويصوب كل الشتائم وقلة الأدب فى كل الاتجاهات، لتنال الخفير قبل الوزير وتصل إلى رأس السلطة فى 25 يناير 2011.
وتكشفت وجوه روابط الألتراس، أكثر وأكثر، وتأكد إنها ليست مجرد روابط لتشجيع كرة القدم بحكم الجرائم التي ارتكبتها، وإنما هى (تنظيمات) داعمة لجماعات متطرفة، بشكل واضح جلى، عندما رفضوا ثورة 30 يونيو، واعتبروها انقلابا، وساندوا بكل قوة جماعة الإخوان الإرهابية، ومع مرور الوقت تحولت مدرجات الملاعب إلى منصات، ومنابر لتنظيمات إرهابية، تعادى الدولة، والمؤسسات الأمنية، وتعمل على إثارة الفوضى، وإسالة الدماء، وتوظفها (الإخوان) كمظلومية يتاجرون بها فى المحافل الدولية لإحراج مصر.
14عاما حتى الآن، هو عمر روابط الألتراس، حولت فيها حياة المصريين إلى نكد وغم، وأصبحت تنظيما متطرفا، تضرب بكل القوانين عرض الحائط، ودستورها (الفوضى ودعم كل جماعة الإخوان الإرهابية) بوضوح، وقلناها من قبل عشرات المرات، ونكرر ونعيد ما قلناه، إن الألتراس لا يصلح التعامل معهم سوى بالقانون، فقد فشلت كل محاولات الحوار والنداءات والمبادرات من المؤسسات الرسمية والشعبية، والرموز والشخصيات العامة، ومع كل نداء ومبادرة يتوحش الألتراس ويشعر بذاته وأنه قوة حقيقية فوق الدولة ومؤسساتها، فيستمرون فى ممارساتهم الفوضوية، وياليت الفوضى مبعثها الغيرة الرياضية أو الحمية الشديدة للفريق الذى يشجعونه، كنا لمسنا لهم بعض العذر، ولكن للأسف الشديد أن الفوضى وإثارة الشغب، هدفها سياسى، والإساءة الشديدة لمؤسسات الدولة، ورموزها، ومساندة ودعم جماعات إرهابية.
والآن لا يجب أن نغرس رؤوسنا فى الرمال مثل النعام، ونقول إن هؤلاء الشباب أنقياء وأطهار وأبرياء، لأن النقى والبرىء لا يمكن أن يثير الفوضى والفتن ويخرب ويدمر ويحطم ويحرق المنشآت العامة في وطنه الذي ينتمي إليه، ويرفع شعارات داعمة لجماعات إرهابية وحركات فوضوية، ويزج بالسياسة بكل عنف وقوة فى ملاعب كرة القدم، نعم، ألتراس الأهلى، اخترقتهم جماعة الإخوان، وجندهم خيرت الشاطر إبان سعيه لتنفيذ مشروع أخونة الرياضة، ولا يمكن أن يتحقق أخونة الرياضة إلا من الباب الكبير، النادى الأهلى، صاحب الشعبية الجارفة، محليا وعربيا وأفريقيا، بل ودوليا، كما اخترقت (حركة حازمون، الوايت نايتس) للسيطرة على القلعة البيضاء، باعتبار الزمالك أحد قطبى الكرة المصرية.
وهل يمكن أن ننسى، ما فعله الوايت نايتس وألتراس أهلاوى، الذين لا يتضامنون وينبذون تعصبهم لناديهما، شكلا، إلا فى كراهيتهم لمؤسسات الدولة، ودعم الجماعات الإرهابية والحركات الفوضوية، عندما قرروا إحياء ذكرى ضحايا استاد الدفاع الجوى، وذلك فى حديقة الفسطاط، فى منتصف شهر فبراير 2016، حيث شاهدنا بأم أعييننا هتافاتهم ضد الدولة، وخرجوا فى الشوارع مستقلين الدرجات البخارية ورافعين شارة رابعة العدوية، لذلك فعلى الذين صدعونا ليل نهار، بنظرية الاحتواء والطبطبة لهذه الروابط المخربة، عليهم أن يتنحوا جانبا، ويصمتوا، لأن هذه الروابط لا تكترث مطلقا لا بأهمية الحوار، ولا بالخوف على استقرار وأمن البلاد!.
الألتراس ياسادة هم الوجه الآخر للجماعات الإرهابية.. سرطان يطارد الرياضة المصرية، فقد أظهرت الأحداث المتعاقبة أن مجموعات الألتراس لم تكن روابط لتشجيع فرق كرة القدم، بل إن تشكيلها كانت خلف تشابكات ومخططات ومصالح لعناصر وجماعات متطرفة، وبتتبع الأحداث المتعاقبة، تنكشف جليا جرائم وخطايا الألتراس التي كانت بعيدة تماما عن عالم كرة القدم، بل إنها تؤصل إلى الفوضى والإرهاب، ففي عام 2008 قام بعض أفراد التراس أهلاوي بحرق مشجع زملكاوي يدعى (محمد عبد المولي) قبل بداية ديربي كرة السلة مباشرة ما أصابه بتشوهات بالغة.. ثم جاء الرد سريعا، حيث فقد أحد أفراد التراس أهلاوي إحدى عينيه بعد أن اعتدى عليه مجموعة من (وايت نايتس) خلال مباراتي الزمالك والأهلي للشباب وأقيمت بميت عقبة بعد توجيه شمروخ إليه ما أدى إلى فقده لعينه اليمنى.
في سبتمبر 2010 اقتحمت مجموعة (الوايت نايتس) من جماهير الزمالك مقر النادى الأهلي بالجزيرة وتعدوا على رجال الشرطة والأمن بالنادي بواسطة الشماريخ، وقاموا بتحطيم بعض النوافذ الزجاجية وأشعلوا النار في البوابة الخلفية للنادي، بالإضافة إلى تحطيم صالة الأمير عبد الله الفيصل في الأهلي التي استضافت مباراة قمة كرة اليد بين الأهلي والزمالك وانتهت بفوز الأهلي 28-22 وإحداث تلفيات عديدة بها.
ولعلنا نذكر أنه فور صدور قرار المحكمة بمعاقبة 21 متهما فقط في أحداث ستاد بورسعيد بالإعدام اقتحمت جماهير ألتراس مقر اتحاد الكرة بالجبلاية، وأتلفوا بعض المتعلقات الموجودة فيه، وحرقوه بعد أن سرقوا عددا من الكؤوس التذكارية، ثم توجهوا لمقر نادي الشرطة المجاور لمقر اتحاد الكرة وحرقوه أيضا انتقاما من رجال الشرطة، مؤكدين أنهم يحصلون على القصاص من رجال الشرطة بأيديهم، ولم يسلم العامري فاروق وزير الرياضة آنذاك من بطش الألتراس، حيث اقتحم مجموعة من رابطة (وايت نايتس) مقر قاعة الفروسية باستاد القاهرة المؤتمر الصحفي الذي أقامه الوزير للإعلان عن اللائحة الجديدة وهاجموا الحضور مستخدمين الشماريخ والأسلحة البيضاء، ودمروا القاعة وتعدوا على أطقم القنوات الفضائية، وكسروا الكاميرات اعتراضا منهم على تصريحات الوزير ضد رئيس النادي ومجلسه، ولم تستمر محاولات (وايت نايتس) للدفاع عن رئيس ناديهم طويلا حيث سرعان ما انقلبوا عليه وقاموا بمحاولات عديدة لاقتحام مقر النادي.
ولا يكف الألتراس الملون بميول إخوانية إرهابية في ظل ضربات متكررة يحاول الإعلام المعادي للدولة المصرية استعادة قواه وترتيب أوراقه، في ظل نزيفه وخسائره المستمرة، أملا في إحداث أي فوضى مع كل ذكرى لـ 25 يناير أو 30 يونيو من كل عام، وهو ما يعكس حالة من التربص الزائد بعد نجاحات متتالية حققتها وتحققها مصر على الصعيدين الداخلي التنموي، وصعيد السياسة الخارجية لاسيما إقليميا، ودوليا أيضا، ولا تكف لجان الجماعة الإرهابية الإلكتروينة محاولاتها للنيل من استقرار الوطن في ظل حركة التنمية والإنجاز غير المسبوقة حاليا من جانب رأس الدولة القوية ممثلة في الرئيس البطل عبد الفتاح السيسي الذي أفشل مخططاتهم العدوانية وأحبط محاولات تحويل مصر قبلة للإرهاب الدولي، والعودة بمصر إلى طبيتعها الحضارية التي علمت البشرية منذ فجر التاريخ وحتى الآن هى تمارس دورها الإقليمي الرائد في التأكيد على مفاهيم الدولة القوية.