هشام إسماعيل .. موهبه جبارة في الكوميدي والتراجيدي
بقلم : محمد حبوشة
الموهبة هى التي تظهر أولا فهي أساس الفن أيا كان نوع الفن سواء تمثيل أو غيره، ويظهر بعد الموهبة التنظير وكيفية تنظيم الموهبة، وهذا بالنسبة لكل الفنون، وبالنسبة للتمثيل بشكل خاص فلابد أن يكون الممارس موهوبا أولا، ولكن يمكن أن يكون هذا الموهوب لا يدرك كيفية استغلال الموهبة أو توظيفها، لذا تأتي الدراسة العلمية أو الأكاديمية للفن، فهي تعلمه كيف يستخرج كل ما بداخله وكيف ينظمه وكيف يستخدمه؟ ومتى؟ وما المقدار المحدد للاستخدام؟ ومع ذلك تبقى تلك مسألة نسبة وتناسب، فقد يكون الشخص لدية الموهبة لكنه يسيء استخدامها فيظهر أداؤه مبالغ فيه أو يبدو أداؤه خارج نطاق الشخصية.
وضيفنا هذا الأسبوع في باب (في دائرة الضوء) الفنان الكوميدي (هشام إسماعيل)، بحسب قول الدكتور كمال عطية السابق عن الموهبة، يعرف كيف يستخرج كل ما بداخله من طاقة إبداعية تعتمد على الموهبة؟، وكيف ينظمها وكيف يستخدمها؟، ومتى؟، وما المقدار المحدد للاستخدام؟، فكلما زاد هذا الإدراك والوعي لدي الممثل كلما كان تعبيره أعلى وأفضل عما يجسده، لأن الفنان يعبر عما يفهمه من الحوار، والفنان كلما كان فهمه أعلى كلما كان تعبيره أقوى والعكس صحيح، فمهما كان موهوبا لوكان فهمه ضعيفا فسيكون تعبيره ضعيفا عن الشخصية التي يؤديها، والموهوب الأقل في الموهبة قد يمكنه إذا تدرب جيدا ودرس جيدا ونما وعيه ونضج يمكن أن يعبر أفضل من آخر أعلى منه في الموهبة لأن الأخير لا يعرف كيف يستخدم إمكاناته.
لذا يمتلك (هشام إسماعيل) أدوات الممثل التي يتم تطويرها دائما من جانبه، مثل جسمه وحركته وشكله وصوته، كل هذا يتطور من خلال التدريب الذي أولاه منذ البداية أهمية قصوى، وكل هذا ليس له علاقة بمسألة أنه عندما يدرس هل سيكون أفضل من غير الدارس أم لا؟، يوجد فنانون لم يدرسوا الفن مثل (هشام إسماعيل)، لكنهم أفضل من آخرين درسوا الفن، وهذا موجود في العالم كله وعلى مستوى المشاهير أيضا، كما أن هذا ليس له علاقة بسوق العمل أو النجومية، يمكن أن يكون الفنان خريج معهد لكنه لا يعمل جيدا، لأن هذا موضوع آخر له محددات ومعايير أخرى بغض النظر عن الدراسة أو الموهبة.
وفي هذا الصدد يقول الدكتور عمرو دوارة: لا يوجد لها معيار أو مقياس ثابت لبراعة ممثل دون غيره، وذلك ببساطة لأنها نتيجة تضافر عدة عناصر أو عوامل يصعب فصلها عن بعضها البعض، فهي نتيجة عدة مزايا أو هبات من الله تؤثر وتتأثر بالأبعاد الثلاث لكل إنسان (المادي والاجتماعي والنفسي)، ومن عناصرها المتداخلة: القدرة على الفهم والاستيعاب، عشق القراءة والمتابعة للفعاليات الفنية والأدبية، القدرة على التحليل والاستفادة من التجارب السابقة، والتعامل مع المواقف المختلفة، والقدرة على الحفظ سواء للنصوص أو للصور التي تمر أمام العين أو الأصوات التي تلتقطها الأذن، وكذلك الثقة في النفس وامتلاك طاقة الصبر والإصرار، وهذا مايحرص عليه (هشام إسماعيل)، وذلك بخلاف بعض العوامل المادية الأساسية كاللياقة الجسدية والقبول المريح والوجه المعبر المحبب للكاميرا، وطبقات الصوت المناسبة ومخارج الألفاظ السليمة.
ويبدو لي أن الممثل الكوميدي (هشام إسماعيل) مراقب جيد لذاته وكذلك للآخرين، ومن هنا يحاول دوما أن يبحث في ذاكرته عن أشياء قريبة من الإحساس المطلوب وإذا لم يجدها فإنه يبحث عنها في خياله ويضعها من خلال مشاهداته وخبرات الآخرين، ثم يضعها في السياق الخاص، وهو هنا يقوم بمحاولة الانفعال بأجزاء محددة من الوجه أو الجسد: العين – عضلات الوجه – الجسد – الجسد ككل، كما أن الانفعال عند (إسماعيل) بالأساس هو إحساس ولكنه كممثل موهوب يضعه تحت سيطرة العقل، إنطلاقا من قاعدة أن الممثل يجب أن ينمي قدراته على التخيل وعلى تجسيد خياله باستخدام الصوت، الجسد،اللغة، والتعبير، والحركة، والانفعال، وأن الممثل لايتصور كل شئ في خياله، ولكن عليه أن ينقل هذا الخيال للجمهور.
ومن خلال ملاحظاتي الدقيقة لتتبع أداء هشام إسماعيل في الفترة الأخيرة أدركت حقيقة الموهبة التي يتمتع بها عن طريق استخدام للغة الجسد، فهو الوسيلة التعبيرية والذي يتكون من عدة عناصر تتغير بفعل الأحاسيس والمشاعر الداخلية للإنسان، إضافة إلى هذا اكتسابه المرونة الجسدية ومن خلال (التكنيك بدي أي الرياضة المسرحية)، والتي هى ضرورية لأي ممثل تساعده على تكييف جسده وبموجب متطلبات الشخصية المسرحية من اتخاذ أشكال مختلفة للجسد من انحناءات في الظهر ومن تقوسات الأقدام والسيقان ومع تغيير الصوت، وبموجب متطلبات الشخصية في البعد الطبيعي (الشكل الخارجي للشخصية) ولا سيما في رسم جمالية الحركة.
إضافة إلى كل ماذكرته سابقا، يستطيع (هشام إسماعيل) الاستعانة بالمقومات الأساسية للأداء التمثيلي على نحو صحيح، والتي تساعده على تجسيد الشخصية وتسخيرها وفق ما هو مرسوم لها من حركة ومعالم رسم أبعادها، ولهذا يتوجب كما ألاحظ أنه يتناول الشخصية ويدرسها دراسة وافية محاولا تحليلها وإيجاد أبعادها الثلاثة وهى: البعد الطبيعي، البعد النفسي، البعد الاجتماعي، ومن ثم يحاول ايجاد المعنى المستتر للكلمة، ثم إيجاد ماوراء السطور!، إضافة إلى هذا، تفسير وتجسيد مضمون الكلمة وعلى ضوء ما تتضمنه من الأحاسيس والمشاعر الداخلية لتكون رد فعل صحيح، والتي تساعدها على تلوين الكلمة في الإلقاء، تماما كما تتدفق الكلمات على لسانه سهلة بسيطة من فرط أدائه الفطري الجذاب.
ولد هشام إسماعيل في مدينة مكة المكرمة بالمملكة العربية السعودية، والتحق ببداية تعليمه الجامعي بجامعة حلوان، ليدرس في كلية التجارة قسم إدارة أعمال ويتخرّج منها عام 1998، وعمل في عام 1999 موظفا في إحدى البنوك التجارية، لكنه بدأ مشواره الفني من خلال مسرح الجامعة الذي يقول عنه: كان مقياسي لموهبتي رأي الناس القريبه مني و جمهور مسرح الجامعه في حجم موهبتي وحضوري وقدرتي علي التمثيل، وذادت رغبتي في الاحتراف بسبب عشقي الكبير للأعمال الأبيض والأسود ومتابعه العظماء من هذا الجيل، مثل: نجيب الريحاني، إسماعيل ياسين، فؤاد المهندس في الجانب الكوميدي وذكي رستم، محمود المليجي، فريد شوقي.
ويضيف: هم أكثر النجوم الذين تأثرت بهم من هذا الجيل يليه جيل العباقره وكانوا سبب عشقي للفن والتمثيل وتأثرت بهم أيضا، وتعلمت منهم الكثير ومنهم: محمود عبد العزيز، أحمد ذكي، نور الشريف، محمود ياسين، كما تابعت السينما العالميه وأكثر النجوم المؤثرين في شخصيتي هم: ليونارد ديكابريو، روبرت دينيرو، آل باتشينو، ومن الشخصيات التي لها بصمه في حياتي هو الأستاذ عبد الرحيم حسن، عندما شاركت معه عمل مسرحي من إخراجه علي مسرح الجامعة، والأستاذ نادر صلاح والذي تعملت منه كيف أقف علي خشبه المسرح، أيضا الأستاذ لينين الرملي رحمه الله تعلمت منه فن الكتابه والتمثيل المسرحي الكوميدي المنظم بدون إفيهات مرتجلة، وطبعا الأستاذ خالد جلال، والذي من خلاله خرجت إلي عالم الاحتراف فالأستاذ خالد جلال هو المكتشف الحقيقي لي وسبب دخول الكثير من النجوم من جيلي عالم الاحتراف من أوسع أبوابه.
في عام 2007 بعد التحاقه بورشة تدريب الممثلين وتأكده من مهنته المستقبلية قدّم استقالته، ومن ثم خاض الحياة المهنية مباشرة، وكان في عام 2006 ظهر كضيف شرف في المسلسل التلفزيوني (جراح) بشخصية مفسر للأحلام، وفي عام 2007 شارك في البرنامج الرمضاني الكوميدي (من غير مقص)، حيث استطاع تقليد شخصيات عديدة من خلاله مثل الممثل والمذيع المصري (طارق علام)، والداعية الإسلامي المصري (عمرو خالد)، والطبيب والمحلل الرياضي والصحفي (علاء صادق).
عام 2008 حل (هشام إسماعيل) ضيفا على الجزء الثالث من المسلسل الكوميدي المصري (تامر وشوقية)، وفي عام 2009 شارك في مسرحية (قهوة سادة)، التي تعد نقطة انطلاقه الحقيقية في العالم التمثيل ومازال صداها حتى الآن، وشارك بعدها في ثلاثة أفلام سينمائية هى (إبراهيم الأبيض، طير إنت، السفاح)، كما تواجد في المسلسل التلفزيوني (بشرى سارة) بدور شهاب رجل الأمن، ومسلسل (حكايات بنعيشها: مجنون ليلى) بدور إيهاب مرسي، وفي عام 2010 حل ضيفا على كل من فيلمي (عسل أسود، تلك الأيام)، ومسلسلات (عايزة اتجوز، الجماعة، جوز ماما”، كما شارك في الجزء الثاني من برنامج الرسوم المتحركة (القبطان عزوز)، وتواجد بشكل أساسي بكل من مسلسل (الكبير أوي) الذي مثل له نقطة تحول في حياته، وشارك بمسلسلي (حكايات وبنعيشها: كابتن عفت، وقصة حب).
عام 2011 شارك في الفيلم السينمائي (سيما علي بابا)، والجزء الثاني من المسلسل الكوميدي (الكبير أوي) ومسلسلات (الباب في الباب، الشحرورة، عريس دليفري)، وحل ضيفا أيضا على برنامج الرسوم المتحركة (قبطان عزوز)، كما كانت تجربته الأولى في التقديم من خلال برنامج (مطلوب رئيس)، وعام 2012 شارك في الفيلم السينمائي (الآنسة مامي) بدور أكرم والجزء الثاني من المسلسل الكوميدي (الباب في الباب) بشخصية عصام فتح الباب، أما في عام 2013 فقد شارك في خمسة مسلسلات تلفزيونية هى: (ذات: بنت اسمها ذات، والجزء الثالث من مسلسل (الباب في الباب)، والجزء الثالث من مسلسل (الكبير أوي)، ومسلسل (قشطة وعسل)، ومسلسل (الزوجة الثانية)، كما شارك في الفيلم السينمائي (كلبي دليلي) بدور مازن.
عام 2014 شارك في مسرحيتي (وزير من الوزراء، وعلي عليوة) وفيلمي (سالم أبو أخته، وعنتر وبيسة” ومسلسلي (إمبراطورية مين، والكبير أوي – الجزء الرابع)، وفي عام 2015 اقتصرت مشاركته على السينما المصرية فتواجد بأربعة أفلام هى فيلم (يوم ما لوش لازمة) بشخصية أكثم، وفيلم (نوم التلات)، بدور سراج، وفيلم (فزاع) الذي كتب السيناريو والحوار الخاص به وأدى من خلاله شخصية (فزاع)، وفيلم (آخر ورقة) بدور ياسين، وفي عام 2016 شارك في المسلسل التلفزيوني (أبو البنات) بدور الدكتور حاتم، والبرنامج الكوميدي الساخر (وش السعد)، ومسرحية (زي الناس، كما حل ضيفا على الفيلم السينمائي (30 يوم في العز).
في عام 2017 شارك هشام إسماعيل في المسلسل الإذاعي (كابتن فرشيحة) والمسلسل التلفزيوني (شاش في قطن)، كما تواجد في ثلاثة أفلام سينمائية هي (ياباني أصلي، دعدووش، يجعلو عامر)، وفي عام 2018 تواجد في فيلمي (الأبلة طمطم طمطم، نورت مصر)، ومسلسلات (طلعت روحي، رسايل، عفاريت عصمت)، كما شارك في عام 2019 في مسرحيتي (علاء الدين، وجوازة مرتاحة)، والمسلسل التلفزيوني الدرامي (أهو ده اللي صار) بدور الشيخ زهار، وفي عام 2020 شارك بمسلسل (القمر آخر الدنيا) حيث قام بدور خالد، وفيلم (صندوق الدنيا)، أما في عام 2021 فقد شارك بمسلسلات (ضد الكسر، حلوة الدنيا سكر، حكاية 90 يوم، ضمن سلسلة ورا كل باب، حكاية غالية، ضمن سلسلة زي القمر، وآخر أعماله الرائعة (إجازة مفتوحة) الذي انتهي قبل أسبوعين تقريبا).
ولقد ظل (هشام إسماعيل) طوال الوقت فنان يبحث عن الفكرة المؤدية للضحك؛ وليس عن الضحك من أجل الضحك؛ له وجهة نظره وأسلوبه الخاص؛ فى تقديم الكوميديا التى يراها نوعا من الفن يجب تقديمه بدقة وإحكام حتى يخرج العمل مكتمل العناصر؛ يجتهد دائما فى صنع تفاصيله الخاصة المضافة للشخصية التى يلعبها؛ حتى صار من أبرز نجوم الكوميديا، حيث لديه الكثير من الأفكار غير التقليدية ويرغب في تقديم كل ما هو مختلف، فقد أستطاع أن يظهر بألوان مختلفة وشخصيات كثيرة وأضاف لها طابعه الشخصي الذي حفر من خلاله مكانا في قلوب الجماهير.
دائما يتحدى (هشام إسماعيل) نفسه لإبراز موهبته، ويستطيع التنقل بين الأدوار بخفة، برع في تقديم الأدوار الكوميدي والتراجيدي، وبأعماله المميزة واجتهد وعافر حتى حظي بشعبية جماهيرية كبيرة، ما كتب له دائما النجاح بشكل كبير وتألق في إثبات موهبته الفذة في كثير من الأعمال، وبالرغم من موهبته الكوميدية الكبيرة إلا إنه نجح فى التحدي الأكبر من خلال الأدوار الدرامية، ولكن ظلت نظرة الجميع له ككوميديان فقط، ولذلك ظل الإصرار بداخله ليعلن عن نفسه كممثل يصلح لجميع الأدوار وليس نوعا واحدا فقط، ويضيف لنفسه نجاحا جديدا، بفضل امتلاكه موهبه جبارة وأداء مميز وملامح تستطيع تجسيد أي شخصيه بسهوله ومرونه شديده جدا، ومن هنا لانستطيع أن نطلق عليه أنه فنان كوميدي فقط، لأنه فنان شامل استطاع أن يقدم الكثير من الألوان والشخصيات الفنيه والتي تركت بصمه قويه لدي المشاهد.