كتب : أحمد السماحي
كانت النجمة الراحلة (سهير البابلي) تجيد وتتقن ببراعة تقديم تعويذة السعادة للآخرين، لأنها كانت تؤمن أن الضحك يفتح الشرايين، يجعل العينين جميلة، والأسنان حلوة – على حد تعبيرها – ، وكانت تحاول التوقف أمام محطات الفرح لأطول فترة ممكنة، وأن تطرزها بالسعادة، وتغوص في بحيرة الضحك حتى نهايتها، تضحك لتعيش، وليعيش الآخرين، قدمت الراحلة على مدى خمسة وعشرون عاما العديد من الروائع المسرحية سواء لمسرح القطاع العام أو الخاص، لسنوات طويلة كانت تصعد خشبة المسرح كل يوم، فامتلكت تفاصيله الصغيرة الممكنة وغير المعلنة، خمسة وعشرون عاما من التوهج والحركة والانطلاق، والضحك في مسرح القطاع الخاص لا يهدأ لحظة واحدة، والأيادي لا تكف عن التصفيق.
ورغم هذا كانت (سهير البابلي) – وكما ذكرت لي فى حوار نشر في مجلة (الأهرام العربي) ــ ترتعد أمام خشبة المسرح، وترتجف كلما تحركت من وراء الكواليس إلى نقطة الضوء، تشعر عندئذ أنها تدخل هذا العالم للمرة الأولى، وأنها ما تزال تتعلم حروف الهجاء، تتحرك وكأنها تمضي فوق سلك رفيع نهايته تلك البقعة اللامعة التى تردها إلى العشق النبيل والفرح الفني، وقالت لي: أنا أخاف جدا قبل أن أدخل المسرح، أقف خلف الكواليس لأقرأ الفاتحة، لهذا لا أحب المشاكل بين الكواليس لكي أدخل سعيدة مائة في المائة.
من أعمالها الناجحة جدا والتى قدمتها إلى الجمهور ورسخت اسمها مسرحية (نرجس) المأخوذة عن مسرحية (المتوحشة) لجان أنوي، وتقدم لنا المسرحية (نرجس) الفتاة الغجرية التى أحبها أحد الأثرياء، فأراد أن يعلمها طقوس عالمه الأرستقراطي لتدخله كسيدة راقية، وبالفعل تدخل (نرجس) عالم حبيبها، وفى هذا العالم تواجه (نرجس) ابتزاز زوج أمها الدائم لها وتهديده بفضحها أمام هذا العالم، وتتوالى الأحداث.
هذه المسرحية المحفورة في أذاهننا جميعا والتى اكتشفت لنا الفنان الكبير الراحل (حسن عابدين)، كان من المقرر أن تلعب بطولتها النجمة الكبيرة (سهير المرشدي) وكان مخرج المسرحية الراحل (عبدالرحيم الزرقاني) لا يرى واحدة من النجمات غير (سهير المرشدي) لتجسد دور (نرجس) بضعفها وطموحها وقوتها وعشقها وضياعها، وبالفعل اتصل بالنجمة (سهير المرشدي) التى رحبت بالعمل مع هذا العملاق المسرحي في واحدة من روائع المسرح العالمي، لكن الفنانة (سميحة أيوب) المسئولة عن المسرح فى هذه الفترة رأت أن (سهير البابلي) مناسبة أكثر للدور، وعلى الرغم من تحمس (الزرقاني) لكنه وافق على مضض على أن تلعب (سهير البابلي) الدور ومن خلاله نجحت نجاحا كبيرا وغيرت وجهة نظر (الزرقاني) فيها حيث كان يرى أنها لن تستطيع أن تعبر عن كل المراحل التى تمر بها (نرجس).!