(حكايات من زمن فات) .. ع الحلوة والمرة !
بقلم : سامي فريد
كانت مفاجأة كبيرة لم تخطر ببال الشاعر الكبير ومؤلف الأغاني المعروف (مأمون الشناوي) عندما ارتدى الجاكيت الذي أحضرته لتوها (سيدة الشغالة) من عند الأسطى سيد المكوجي.
وضع مأمون الشناوي يده في جيب الجاكيت قبل أن يخرج فوجد فيه ورقة مطوية.. أخرجها وفتحها ليقرأ ما فيها.. رفعها أمام عينيه ليجد فيها كلاما كأنه أغنية.. قرأها فوجدها أغنية بالفعل.. بل وأعجبته فأتم قراءتها ليلتفت إلى (سيدة) يسألها عن هذه الورقة.. من وضعها في جيبه؟
ظهر الخوف في عيني سيدة فقالت تدافع عن نفسها:
دا لازم سيد المكوجي يا سيدي.
ويحط ورقة في جيب الجاكتة ليه.. انطقي!
والله يا سيدى اني كلمته أكثر من مرة.. وشتمته وشخطت فيه.. مافيش فايدة.
واستطردت سيدة في دفاعها عن نفسها والدموع تملأ عينيها:
صدقني يا سيدي أنا قلت له انت كده حتقطع عيشي حرام عليك.. وهو مافيش فايدة..لأ.. ويقول لي إيه : يا بت دنا قصدي شريف.
تكمل سيدة كلامها:
– أقول له يا بيه يا جدع اختشي ده أنا مخطوبة.. أنا ح اتجوز ع العيد.. وهو ولا كأنه هنا.
كل ما كان يهم مأمون الشناوي في تلك اللحظات هو أن يري (سيد مرسي) المكوجي هذا فقال يأمر سيدة:
روحي يا سيدة حالا اندهي لي الأسطى سيد ده.
وأسرعت سيدة إلى سيد في محله ليترك كل ما في يده ويحضر حالا إلى البيه الذي يريده.
ولعبت الأفكار في رأس سيد مرسي.. هل يكون البيه مأمون الشناوي يطلبه لخطأ أو أي شيء يكون قد أصاب الجاكيت؟، أم هل يكون والسبب هو ما يحلم به سيد مرسي ويتمناه ليكلمه فيها.. ولم يكن أمام سيد مرسي إلا أن يذهب مع سيدة ليعرف ماذا يطلب الأستاذ مأمون..
وسأله مأمون الشناوي وهو يريه الأغنية:
الكلام ده انت اللي كتبته؟
ورد سيد مرسي:
ثم استدرك قائلا:
بس أنا كان قصدي شريف!
وقال مأمون الشناوي:
سيبك م الكلام ده دلوقتي.. عندك غيره.. وابتدت الفرحة تلعب داخل قلب سيد مرسي.. فها هو الأستاذ مأمون الشناوي الشاعر الكبير يسأله عن غير هذه الأغنية. قال:
عندي يا بيه وكله عند سيدة
وقالت سيدة:
وأنا يعني كنت ح اعمل بيه إيه؟، أنا كنت بأقطعه وأرميه أول بأول.
ثم التفتت إلى الأستاذ مأمون وقالت:
ما انت حضرتك عارف يا بيه.. أنا لا بأعرف أقرا ولا أكتب.. يبقى ح أعمل بالكلام الفارغ ده إيه!!
على الفور وجه مأمون الشناوي كلامه إلى سيد مرسي:
هات لي كل اللي كتبته .. عايز أشوفه.. ياللاه ورد سيد مرسي:
طب ح أدور عليه.. يعني لا مؤاخذة ح أكتبه من تاني بس يا رب افتكر
ووقفت سيدة مندهشة لا تفهم مما يحدث أمامها شيئا.
وشرع سيد بأن يضع أمام الأستاذ مأمون كل ما كتبه.. وعاد إلى المحل والفرحة ترقص داخله قلبه.. وعقله يفكر: هل يكون ما كتبه قد أعجب المؤلف الكبير.. وهل يكون الحظ قد ابتسم له.. وفي المحل ترك المكوى وراح يعيد كتابة الأغاني..
رفع مأمون الشناوي سماعة التليفون ليطلب صديقه الملحن محمود الشريف ليقرأ له كلمات الأغنية لتي وجدها في جيبه.. قال:
اسمع يا سيدي الكلام ده وقل لي رأيك فيه.
اتفضل
وقرأ مأمون الشناوي:
ع الحلوة والمرة
مش كنا متعاهدين
ليه تنسى بالمرة
عشرة بقالها سنين
أيام يهون حبنا
وتروح ما تسألشي
دي العشرة عندى أنا
غالية ولا تهونشي.
بتاخد رأيي ف إيه يا مامون.. طبعا عارفين إنك مؤلف كبير.
واسرع مأمون يقول:
لأ يا محمود.. ده مش كلامي أنا.. دا كلام لقيته في جيب الجاكيته!.
في جيب الجاكتة؟!
أيوه.. عارف مين اللي كابته.. المكوجي بتاعي.
اندهش محمود الشريف وقال: اسمع .. أنا عندي دلوقتي عبدالغني السيد وعجبه الكلام.. كمل انت الأغنية وأنا ح اقرأها كلها علي عبدالغني لأنها عجباه وعايزها.. وأنا بعد ما اقفل معاك حأبدا في تلحينها..
ثم أضاف:
بس اسمع. هات لي من الجدع اللي اسمه سيد ده كل اللي عنده.. دا كلام جديد.. الولد ده موهوب.
وبدأ مشوار سيد مرسي مع كتابة الأغنية.
وغابت (سيدة) التي كانت الجسر الذي عبر عليه سيد إلى الشهرة.. غابت في ظلام النسيان بعد أن بدأ (سيد مرسي) مشوار النجومية فتصل كلماته قبل أن يتم العام الثاني من نجوميته إلى أكثر من 20 مطربا ومطربة.
فغنى له كل من:
عبدالغني السيد ومحرم فؤاد وهدى سلطان ومحمد فوزي ونادية فهمي وماهر العطار وفاطمة علي وليلى مراد وهاني شاكر وشادية وعفاف راضي ومها صبري وعصمت عبدالعليم وسعد عبدالوهاب وسعاد مكاوي وفايزة احمد ومحمد قنديل ومهذلان وميادة الحناوي ووردة لجزائرية!!
هكذا بدأ سيد مرسي مشواره والذي فتح له الطريق إليه مأمون الشناوي.
لكن المشوار انتهي عام 1995 بوفاة الشاعر ومؤلف الأغاني الذي لمع كالشهاب لينطفئ بوفاته عام 1995.
يذكر مأمون الشناوي في كل ما حدث ليعرف أنها لم تكن سيدة هي السبب.. لكنها كانت السلم الذي صعد عليه (سيد مرسي) إلى مأمون الشناوي الذي أدرك خطة سيد مرسي.. وفهم الفولة أخيرا.