رئيس مجلس الادارة : محمد حبوشة
رئيس التحرير : أحمد السماحي

مراد مكرم .. الأكيل الذي احترف التمثيل

في بدايته التمثيلية

بقلم : محمد حبوشة

عندما يصدق الممثل ما يؤديه ويعيش الحالة بواقعية، سواء كوميدية أو تراجيدية يقتنع الآخرون بشخصيته ويصدقونه، لأن التمثيل، بكل بساطة، هو عدم التمثيل، ورغم أنه يفترض على الفنان أن يؤدي الأدوار كافة، سواء كوميدية أو تراجيدية، شريرة أم خيرة، لكن ليس لكل فنان قدرة على تقمص التراجيديا والكوميديا، لأنه يحتاج كاريزما تؤهله أداء الشخصيات كافة، وهنا لابد من توفر عنصر الموهبة التي تعني أن يتوافر فيه الإحساس وقوة التركيز للأفكار وقوة التذكر للحركة الجسمانية، بحيث يعيش في الدور ويتسلل تحت جلد الشخصية، أن تكون له المقدرة على إيجاد العلاقات الذهنية ومنطقية الإحساس والقدرة على التحليل النفسي، فإذا لم يكن هناك معين في داخله ليخرج منه هذه الأشياء عند قيامه بأحد الأدوار فهو ليس ممثلا.

التمثيل، يمنحني فرصة أن أحيا حيوات مختلفة

وضيفنا في باب (في دائرة الضوء) هذا الأسبوع الفنان (مراد مكرم) الشهير بـ (الأكيل) بحسب برامجه الإعلامية العديدة في مجال السياسة الساخرة والأكلات على اختلاف أشكالها يملك موهبة جيدة في الأداء التراجيدي والكوميدي على حد سواء، ويدرك جيدا أنه على الممثل أن يتغير تغييرا كاملا في الشكل الخارجي لهيئته و يتقمص الشخصية التي يمثلها ، كما ينبغي على الممثل أن يمتاز بعقل و جسم نشيط، ففي هذا العقل والجسم النشيط تكمن القوة الديناميكية لتكوين الشخصية، وعلى الرغم من بدانته بسبب (الأكيل) فإنه ينسى تماما ملامحه الخارجية ويخلص تماما  للدور الذي يؤديه، ويحاول الوصول في أداء السهل البسيط إلى أكبر درجة من الإتقان، وعلى هذا الأساس يمكن تحديد قوة الممثل أو ضعفه أو ما يسمونه بالموهبة الفنية .

ولأن (مكرم) إعلامي من الأساس وبحكم احتكاكه بالجماهير فإنه يملك قوة التخيل والإعداد هما ما يساعداه كممثل على أن يصب كل أفكاره في دوره بعد أن يتلقى التوجيهات من المخرج، كما أن موهبته تسمح له بإدراك الحياة حق الإدراك ويضعها في خدمة الدور عن طريق الشعور والإحساس، ومن ثم التعمق في كل لحظة من اللحظات تأدية الشخصية بملامحها و حركاتها و حواراتها و إيماءاتها و نظراتها ، وذلك على جناح تمثيل الإحساسات أو الإنفعالات التي تتولد من تلقاء نفسها عن الطريق الذي يحدث الحدث و لا يحتاج إلى تصنعها و التكلف بتمثيلها .

ملامح تحمل الطيبة المصرية

ويبدو لي أن مراد مكرم من الممثلين الذين يحبون دورهم و يخلصون للشخصيات  التي يؤدونها على نحو يهدف إلى نقل أفكار المؤلف وأحاسيسه للمشاهد، لذا تراه يعيش حتى النخاع في الشخصية التي يمثلها، فالشخصية الشريرة تختلف عن الشخصية الطيبة، ولا بد من الكشف عن ظروف الشخصية وأحوال معيشتها، فضلا عن التركيز على الهدف وليس النتيجة، وعدم إضاعة الوقت في القلق والتفكير المستمر بنظرة الآخرين؛ وذلك لتجنب التأثير السلبي على الأداء، فهو لايشعر بالإحراج من القيام بالأخطاء بل وجوب الاستفادة منها في تجنب تكرار ذلك الخطأ مرة أخرى، وعدم التراجع أو الإحباط، وذلك من خلال الحفاظ على شعور الرغبة بالتمثيل وتقديم أداء أفضل وعدم الخوف من الفشل، إلى جانب بناء الذات خطوة بخطوة، وتقديم الدعم والتحفيز للنفس للاستمرار دون تراجع.

ولد الممثل و مقدم برنامج (الأكيل) مراد مكرم  في القاهرة، وتربى في مدارس الراهبات ودخل جامعة القاهرة وأحب التمثيل منذ كان في المرحلة الإعدادية فقد مثل على مسرح المدرسة روايات أدبية فرنسية وعربية، بحكم تربيته في مدارس الراهبات وكان بها طلاب كثيرين مسلمين و لم يتم التفرقه بين المسلم و المسيحي و الأديان لم تكن محل إختلاف بينهم، ثم عندما انتقل إلى الجامعة والتحق بكلية التجارة، حيث اكتشف عنصرية الأديان ونفر كثيرا وقال في أحد اللقاءات أنه كره الجامعة بسبب التفرقة بين الأديان وأنه صدم و تلك ليست مصر الذي عرفها وهو مسيحي و عاش كمسيحي في وسط المسلمين في مدرسة الراهبات لم يحس بالفرق أبدا بينهم .

الرياضة والميديتشان مهمتان للفنان

كان والده صاحب محلات موبيليا وقد ورث هذه المهنة عن والده هو وأخوه ووالدته، وأنه مازال يعمل بها هو وأخوه بجانب التمثيل و أيضا فتح شركة عام 1992 م أيضا خاصة بالموبيليا والأثاث، وكان حلمه أن يصبح ممثلا ولكنه بدأ حياته الإعلامية كمذيع ببرنامج ساخر في عام 1999 اسمه (بولتيكا) على قنوات النيل الفضائية، ثم انتقل إلى قنوات art  الفضائية وبعدها انتقل إلى عالم الفن والتمثيل، وعمل كممثل وجسد أدوار الشر الخفيفة و كان التمثيل من أهم طموحاته كما ذكر في بعض البرامج حيث قال انه كان محبا للتمثيل منذ الصغر، وفي صدد الحديث عن سيرته الذاتية يقول: نشأت في الزمالك التي كانت تضم أفضل مدارس في مصر في هذا الوقت، ومنها الجيزويت على سبيل المثال، وسافرت وأنا في التسعة من العمر، وهذا جانب من شخصيتي، أما الجانب الثاني فيتمثل في ملكية والدي رحمه الله لـ معرض موبيليا، كنا نذهب خلال عملنا للعمال لمتابعة العمل.

كما أن جدتي والدة أبي كانت من (سنديون) بمحافظ القليوبية وولد أبي هناك، إلى أن انتقلت أسرته إلي شبرا وهو في التاسعة من العمر، كما أن والدتي أيضا من شبرا، لذا فإن نشأتي بالزمالك لا تعطيني الحق أبدا أن أتعالى على غيري، سواء أكان رجل بسيط أو برنس، بل على العكس أنا أحب الود في التعامل مع الأخرين، وقادر على التعامل مع كافة الطبقات، وأؤمن بأن الشخصية الجميلة لاعلاقة لها بمستوى ثقافة صاحبها.

ويضيف: في السابق كنت أشاهد بمعدل ألف فيلم في العام، أي بمعدل فيلمين لثلاثة في اليوم الواحد، ولكن تغير ذلك أيضا خلال الأربع سنوات الأخيرة، وذلك لا يمنع امتلاكي لمخزون كبير من الأفلام، كما أحب القراءة جدا، خاصة خارج الصندوق، على سبيل المثال أفضل قراءة كل ما هو غير معتاد حتى تتفتح مداركي أكثر، بجانب قراءة القصص الحقيقية، وكتب التاريخ المكتوبة بطريقة قصصية، كما أنه على الممثل أن يذهب لورش تدريب، ولكن حاليًا لا يمكنني فعل ذلك لأنه يتطلب تفرغ كامل للمهنة التي بناء عليه لابد أن استطيع من خلالها تغطية كافة متطلبات بيتي المادية، (يعني مثلا لو أنا بعمل عملين في السنة وبيغطوا تكاليف حياتي ومتطلباتها هروح تدريبات من النوع ده وأدخل ورش).

وأرى أيضأ أنه لابد للشخص أن يجلس وحده خلال اليوم ساعة أو ساعتين، ينصت للموسيقى، يبحر بعقله خارج جسده، فهو نوع من أنواع التأمل (الميديتيشن) ولكن يختلف عما يسوقونه حاليا، ليفكر الشخص فكل ما هو خارجه وخارج مشاكله، وهو ما حدث بالفعل في دور (أحمد) في مسلسل فوق مستوى الشبهات، خاصة في مشهد الخيانة حيث تخيلت رد فعل الشخصية فخرج المشهد كما ظهر، وقد ساهم هذا الدور في شهرتي على نطاق واسع.

(الأكيل) تسبب لي في خسائر صحية فادحة
في برنامج (الأكيل)

وعلى الرغم من أن الفنان مراد مكرم بدأ حياته كمذيع لبرنامج ساخر إلا أنه كان يريد أن يحترف التمثيل ولكنه لم يجد فرصة، لذلك عندما أخبره أحد أصدقائه أن هناك قنوات تريد مذيعين فدخل الاختبار ونجح وعمل كمذيع، ولكنه دائما ما كان يطمح في التمثيل، وبعد أحداث 25 يناير كان التليفزيون به بعض الإضطرابات بسبب الظروف التي تمر بها البلاد وعرض عليه برنامج (الأكيل)، والذي كان له تأثير سلبي عليه حيث أصيب بالسمنة المفرطة وارتفاع نسبة الكوليسترول، ومن المفارقات المثيرة في حياته قال أنه عندما أخبر أمه عن البرنامج وفكرته بكت وقالت له: (بعد أن كنت تستضيف الفنانين والأدباء ستقدم برنامج أكل)، ما كان له أثر سلبي عليه عليه في بداية عمله في الإعلام والتمثيل على جد سواء.

قبل أحداث  25 يناير بدأ (مراد مكرم) مشواره في التمثيل مع المخرج سمير سيف من خلال دور صغير في مسلسل (الصعود) عام 2008، ثم اشترك (مراد مكرم) في فيلم (حد سامع حاجة) بطولة الممثل رامز جلال في عام 2009 ، وفي نفس العام أيضا اشترك في فيلم (أيام صعبة)، بطولة هشام عبد الحميد، وفي عام 2010 شارك في مسلسل (ريش نعام) بطولة داليا البحيري، وبعد ذلك شارك في مسلسل (ابن موت) عام 2012، وفي عام 2014 م  اشترك في مسلسل (سرايا عابدين) و الذي تمت إذاعته في رمضان وكان من بطولة الممثل السوري قصي خولي و النجمة المصرية يسرا والذي ضم عدد كبير من نجوم الفن في الوطن العربي، وفي نفس العام عام م شارك في مسلسل (فيفا أطاطا) من بطولة الممثل محمد سعد والذي تمت إذاعته أيضا في رمضان،

في مسلسل كلبش)
مشهد من (ليالي أوجيني)

في عام 2016 م قام بالاشتراك في مسلسل (فوق مستوى الشبهات)، والذي لاقى بسببه انتشارا واسعا والمسلسل من بطولة النجمة يسرا و الممثل القدير زكي فطين عبد الوهاب و النجمة شيرين رضا و الممثلين نجلاء بدر، وأحمد حاتم و القدير سيد رجب، ويعتبر (مراد مكرم) دوره في هذا المسلسل من أهم أدواره التي قام بها على الإطلاق في الدراما المصرية، وذلك بسبب الإنتاج الضخم والإخراج المحترف، وساعدت الفنانة يسرا على نجاح المسلسل وانتشاره، وشارك في مسلسل (كلبش) من بطولة النجم أمير كرارة، والذي تم عرضه في رمضان وأيضا مسلسل (الحساب يجمع) بطولة النجمة هند صبري، وشارك أيضا في فيلمي (البس عشان خارجين، و أخلاق العبيد)، وفي عام 2018 شارك في مسلسلي (للحب قصة أخيرة، وليالي أجيني)، وبرع مكرم بعد دخوله مرحلة النضج في الأداء من  مسلسلات (لآخر نفس 2019، شبر مية)، و(زي القمر – حكاية غالية 2021)، وأخير مسلسلات (أنصاف مجانين، ليه لأ 2، وأجازة مفتوحة)، والأخير خلط فيه بين الكوميدي والتراجيد في قالب جميل ومشوق.

مع منة شلبي في (ليه لأ)
مسلسل (أجازة مفتوحة)

لا يتمنى الفنان (مراد مكرم) أن يأتي اليوم الذي يخير فيه بين العمل في التمثيل ومجال الإعلام، لكن إذا جاء هذا اليوم سيختار التمثيل، الذي يمنحه فرصة أن يحيا حيوات مختلفة عن حياته الحقيقية، ويمر من خلاله بتجارب ربما لن يستطيع أن يمر بها، وذلك على الرغم من أنه استطاع كإعلامي وممثل من تحقيق معادلة النجاح في الإعلام والتمثيل الذي أحبه منذ الطفولة والصبا، وفي النهاية لابد من تحية تقدير واحترام لهذا الفنان الذي يحمل وحه يتمتع بملامح الطيبة والنقاء، وهو ما كفل له الاستحواذ على قلوب الجماهير.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.