(تيم حسن) لم يخدش الحياء .. إنها ازدواجية الجمهور العربي !
كتب : أحمد السماحي
خلال الأيام الماضية تابعت عن قرب حالة الجدل على السوشيال ميديا التى أثارها مشهد في الجزء الخامس لمسلسل (الهيبة .. جبل)، حيث بدأت الحلقة 16 بمشهد لـ (جبل) كان مستلقيا فيه على السرير وهو عاري الجسد داخل بيت (سارة) التي تؤدي شخصيتها اللبنانية (إيميه صياح) في إطار دورها الإنساني بتكليف من جانب إحدى منظمات الأمم المتحدة في مساعدة جمعيات المجتمع المدني، حيث ذهب إليها متعب للغاية فخففت تعبه بالاقتراب منه وقضاء ليلة حميمية بجواره على السرير بحسب السيناريو الذي يشير ضمنيا إلى ذلك!
وعلى الرغم من أن (تيم) قدم المشهد بمفرده إلا أنه لم يمر مرور الكرام كونه قام بحركة اعتبرها البعض خادشة للحياء، وكأن الهدف منها إحداث بلبلة لتصدر (الترند)، فقد أضاف البعض في إطار التجويد إنه لم يكن هناك داعيا للقطة من الأساس، بل هي غير مناسبة لممثل كـ (تيم) يمتلك جماهيرية كبيرة، وليس بحاجة لمثل هذا التصرف المسيء، وتداولت كثير من مواقع (السوشيال ميديا) هذا المشهد الذي انتشر كالنار في الهشيم مع نهاية الحلقة 16.
وفي إطار المبالغة بصب البنزين على النار، أكد البعض الآخر أن هذا الخطأ لا يغتفر لصناع مسلسل (الهيبة) كونه يشاهده عدد كبير من صغار السن وشريحة كبيرة من الفتيات، ومازال نفس الجدل قائما رغم إننا وصلنا الآن إلى الحلقة الـ21، والحقيقة أنى كنت لا أريد أن أتحدث عن هذا المشهد، ولا حتى عن المسلسل ككل بحكم أنه مسلسل تجاري ينال إعجاب فئة معينة من الجمهور، لكن المشكلة أن هذا المسلسل يتابعه شريحة كبيرة من الشباب العربي الذي وجد نفسه في كثير من أبطال (الهيبة).
فكان لابد من وضع النقاط على الحروف حتى لا يتسبب هذا الجدل العقيم في حرماننا من براعة نجم يقدم إبداعه وتفرده في لحظات خاصة جدا، والحقيقة أنه لا يستطيع تقديم مثل هذه اللحظات إلا النجوم العالميين الذين نتابعهم بشغف، وننبهر بأدق.. أدق ما يفعلونه حتى لو كان مشهدا إباحيا كاملا، أو مشهدا صغيرا جدا لكنه من وحي الشخصية، رغم أن هذا المشهد الصغير أحيانا يصيبنا بالتقزز أو الرعب أو قلة الأدب، لكننا نخرج ونحن نتندر بعدم وجود نجم عربي يمتلك مثل هذه الجرأة !.
والضجة التى واكبت المشهد الجدلي أو ما يدعون إنه خادش ذكرتني بمشهد الحمام للفنان (عبدالمنعم عمايري) في مسلسل (قيد مجهول) الذي اعتبره البعض أيضا مشهدا مخلا وتجاوز كل الخطوط الحمراء، رغم أن (عمايري) قدم ما يعجز عن أدائه نجوم عالميين فى أدائه لهذا الدور المركب والمميت والمهلك، والحقيقة أن (عمايري) و(تيم) هما قلة من النجوم النادرين الذين يعيشون في جلباب الشخصية التى يؤدونها بكل ذرة في كيانهما، ويحييون على الشاشة أكثر مما يحييون في الواقع، والمشاعر الخام عندهم تجد خلاصها الوجودي في التجسد، فهي كالأسير الذي ينتظر أن يفتح أمامه باب الحياة، وبالمناسبة هما رفيقان على درب بطولة (الهيبة – جبل) الذي هو موضوع الجدل الحالي بمشهد تيم المثير.
والحقيقة أن سر نجاح (تيم حسن) في أدائه المدهش على مدار رحلته الفنية المليئة بالشخصيات والأدوار المهمة هو تعلقه بشخصياته، فهى راحة له من عبء (معتقل المشاعر) الذي يسير به وسط الناس، و(تيم) بحكم معرفتي به ليس بحاجة لشهرة، وأكبر كثيرا جدا من تفاهة ركوب (التريند)، فلو كان يحتاج لشهرة كان قد وافق على إلحاحي عليه منذ سنوات أن نجري حوارا لجريدة (الأهرام) التى تعتبر أكبر جريدة في الشرق الأوسط، أو وافق على عرض مادي مغري جدا عرضته عليه أن يقدم برنامج على إحدى الفضائيات.
ومن يتشدوقون بحديث ممجوج عن الأسرة والأطفال، نقول لهم أن الأسرة والأطفال ياسادة لن يلتفتوا للمشهد إطلاقا، لأن مشهد عابر حتى أنك لا تشعر بوجوده، فقد كان وليد اللحظة ولم يستمر إلا ثانية، ولم يلاحظه إلا المرضى النفسيين الذين ينبشون موضع الرزيلة، والمشهد ككل عبر بصورة دافئة وعذبه عن لحظات حب حلوة عاشها (جبل) مع (سارة) دون أن يظهر أي شيئ أو حتى تظهر الممثلة فى المشهد، ما يدل على عدم قصديته التي رأها البعض خطيئة لاتغتفر.
وظني أن المشهد يطرح إشكالية وجودية عميقة، هل الممثل يوجد بشخصيته فى المشهد أم أنه يجسد شخصية ليس له علاقة له من قريب أو من بعيد بثقافتها وعاداتها وتقاليدها وطقوسها، و(تيم حسن) لم يكن (تيم) فى المشهد ولكنه (جبل) الخارج عن القانون بحسب الحبكة الدرامية، وإذا كنا نحاسبه على مشهد لم يتعدى الثانية، فلابد أن نحاسبه أولا على عدد القتلي الذين أزهق أرواحهم طوال الخمس أجزاء الماضية كما جاء في خيال المؤلف والمخرج!.
يا جماعة الخير اتركوا (تيم حسن) الموهوب مستغرقا في إبداعه في صمت ولا تزعجوه بأصواتكم النكراء، فـ (تيم) تزعجه الأصوات العالية، ويهرب من الضوضاء والشهرة، ويعشق الموسيقى والهدوء والعزلة، وفي النهاية لنا فنه الآسر للقلوب، وليس سلوكياته الشخصية أو حتى عبر شخصية يجسدها بحسب القصة والسيناريو والإخراج .. كفاكم تدليس وافتراء على الفن والفنانين!.