مافيا السلاح العالمية تنهي قصة حب مها صبري وعلي شفيق (2/2)
* حفل عيد ثورة يوليو كان بداية تعارفهما، والتليفون أشعل غرامهما
* اشترطت (مها صبري) أن يطلق (علي شفيق) زوجته ابنة نجم السينما الشهير حسين صدقي
* هزيمة يونيو تطيح بأحلام مها صبري، وأم كلثوم توسطت لإعادتها للغناء
* أحمد فؤاد نجم يشهد أن (مها) ست بألف راجل!
* المافيا تركت المليون جنيه استرليني بجواره وأرسلت رسالة: مفادها أن هدف القتل لم يكن السرقة
كتب : أحمد السماحي
بعد عرض أفلامها الثلاثة الأولى (أحلام البنات، وعودة الحياة، وحسن وماريكا) أصبح اسم (مها صبري) على كل لسان، وملأت صورها الجرائد والمجلات، وباتت أغنياتها أشهر الأغنيات التى يطلبها المستمعون في برامج الإذاعة والتليفزيون.
فى الحلقة الماضية تحدثنا عن طفولة (زكية فوزي محمود صبري) المعذبة، وعملها بحياكة الملابس والتطريز، ومقابلتها بالمصادفة عارضة الأزياء الجديدة (رجاء الجداوي) التى فتحت لها باب المجد دون أن تقصد عندما عزمتها على حضور أحد عروض الأزياء لها، وأثناء ذلك شاهدتها زوجة المنتج الشهير (شارل نحاس) الذي أعجبت بجمالها وطلبت من زوجها أن يوقع معها أول أفلامها (أحلام البنات)، وكيف غير (عبد السلام النابلسي) اسمها، كما تحدثنا عن أزواجها الثلاثة، وتوقفنا فى الحلقة الماضية عند طلاقها من زوجها الثالث (مصطفى العريف) الموظف في شركة المنسوجات بالأسكندرية والذي اتجه للإنتاج بسببها، والآن نصحبكم لمعرفة كواليس أشهر زيجاتها.
الطلاق لم يهزها
بعد أن دب الخلاف بين (مها صبري) وبين زوجها الثالث (مصطفى العريف) وفرض الطلاق نفسه للمرة الثالثة فى حياة النجمة التى نالت شهرة لم تحلم بها، لم يضايقها الطلاق فهى تعيش أجمل سنوات عمرها، الشقة التى تشبه الفيلا، والسيارة الفارهة والحشم والخدم والمال والأضواء المبهره، نست (مها) أخبار (باب الشعرية) ولم تعد تتذكرها إلا في أخبار الحوادث داخل الجرائد اليومية، ولم تكن قلقة فنجمها يتألق يوما بعد يوم، نجوم الكره والفن ورجال الأعمال يتسابقون لنيل رضاها أو الفوز بابتسامتها أو نيل الشرف العظيم من الزواج بها.
علي شفيق يظهر فى حياتها
ذات ليلة كانت على موعد مع القدر ببورسعيد، سافرت لإحياء حفل أعياد الثورة مع كوكبة من نجوم الغناء، وكان رجال الدولة يتقدمهم المشير (عبدالحكيم عامر) يجلسون بالصفوف الأولى من مقاعد الحفل، وكانت العادة أن ينزل كل مطرب بعد نهاية وصلته لمصافحة كبار المسئولين، بعد وصلة (مها صبري) صافحت الكبار واحدا تلو الآخر حتى وجدت نفسها أمام اللواء (علي شفيق) مدير مكتب وزير الحربية، لم تكن رأته من قبل ولا تعرفه، ولكنهم أشاروا لها نحوه من خلف الكواليس.
حيث كانت تريد أن تتحدث معه عن مشكلة قريب لها كلفها بأن تبحث لها عن (واسطة) تريحه من عناء التجنيد، وقفت (مها صبري) أمام اللواء (علي شفيق) تستجمع تركيزها، حكت له مشكلة قريبها في التجنيد، فمنحها رقم تليفونه وطلب منها أن تتصل به فور عودتها إلى القاهرة للتحدث بالتفصيل أكثر.
الحب الكبير
اتصلت (مها صبري) باللواء (على شفيق) دون أن تتوقع أنها البداية نحو الحب الكبير، لم تكن قد خططت لهذا الرجل، لم يشطح بها الخيال إلى الإيقاع بصاحب المنصب الكبير في بحر هواها، تكرر الاتصال كالعاده وارتاح لصوتها فى التليفون، وكان يحرص على الإتصال بها يوميا في نهاية الليل ليسمع منها تفاصيل يومها، وعندما يحاول أن يبث لها غرامه!، تتحجج بالنوم، وتغلق الهاتف، وتوعدا على اللقاء، وتكررت اللقاءات لم يلتقيا منفردين مرة واحدة، كانت تتعمد أن تقابله وسط الزحام من أصدقائها وصديقاتها.
الزواج بشروط
فى هذه الفترة كانت (مها صبري) تعمل فى فيلمها (بين القصرين) وكلما حاول (على شفيق) مغازلتها أو ضمها إلى صدره ابتعدت عنه هامسه وهى تقلد دورها فى فيلم (بين القصرين): (بالحلال يا سي السيد)، حاول أن ينفرد بها فتجاهلته، حاول أن يدعوها إلى زيارته فأصرت أن تستضيفه دائما، أشعلت رغباته!، وعندما علم المشير (عبد الحكيم عامر) نصحه بالابتعاد عنها، كما ابتعدت (مها صبري) عنه خوفا على مستقبله، ولكنه لم يستطع أن يبتعد عنها طويلا وسرعان ما عاد إليها.
وأدرك (علي شفيق) فى النهاية أنه وقع أسيرا في هواها، خضع لكل مطالبها رفضت الزواج العرفي فوافق على الزواج الرسمي، اشترطت أن يطلق زوجته وأم أبنائه (سوزي حسين صدقي) ابنة نجم السينما الشهير، فلم يتردد، أما هى فقد وافقت على كل شروطه مثل اعتزال السينما والغناء والظهور في الأماكن العامة، وأن تحمي منصبه الكبير من القيل والقال، وتحترم سمعة زملائه ومشاعرهم، وتم الزواج.
هزيمة يونيو
تم الزواج ومرت الأيام والشهور الحلوة سريعة، وعاشت (مها) مع زوجها حياة أسرية هادئة، وظلت الأمور تسير فى هناء وسعادة، لكن الأيام الحلوة سرعان ما تنهزم أمام صخرة الزمن، فلم تكن (مها) أسعد حظا من (برلنتي عبدالحميد) حيث وقعت نكسة يونيو 1967، وكان جناح المشير (عبد الحكيم عامر وعلي شفيق) متهما بأنه وراء الهزيمة، ووصل الخلاف الذي وقع بين (عبدالناصر) والمشير إلى حد محاصرة (عبدالحكيم عامر) في منزله بالجيزة.
أم كلثوم تتوسط لعودتها
بعد وفاة أو انتحار (عامر) – الله أعلم – أصبح الوضع سيئا جدا بالنسبة لـ (علي شفيق) وكذلك للفنانة (مها صبري) التي وجدت نفسها في أسوأ الظروف بعد أن كانت في القمة، حيث تم القبض علي زوجها، وأخرج من منصبه في فضيحة استغلال النفوذ، ودخل المعتقل تاركا (مها) للحياة القاسية، فلم تجد أمامها أحدا يقف بجوارها سوى الفنانة الكبيرة (أم كلثوم) حين ذهبت إليها تبكي وتشكو سوء الحال الذي وصلت إليه، وتوسطت (أم كلثوم) لدى كبار رجال الدولة، وجاء الرد سريعا تعود للغناء لكن في غير الحفلات العامة، ودون نشر إعلانات عنها أو صور لها فى الجرائد أو فوق أفيشات دعاية في الشوارع.
أحمد فؤاد نجم
دخل (علي شفيق) سجن القلعة، ولم تتركه (مها) فكانت حريصة على زيارته أسبوعيا، كما ذكر الشاعر (أحمد فؤاد نجم) حيث قال: مها صبري كانت تزور زوجها، الثلاثاء من كل أسبوع، وتشد من أزره وتقف إلى جانبه، ولا 1000 راجل، وذات يوم قابلت (علي شفيق) في دورة المياة، وصبحت عليه، قال لي: صباح النور، على فكرة (مها) معجبة بشغلك وبتسلم عليك، قلت له: الله يسلمك ويسلمها، وياريت تسمح لي الظروف بمقابلتها في الزيارة، قال لي: طب سيبني أنا أرتب المسألة دي، والحقيقة إنه متأخرش، حيث جاءني المخبر يوم الثلاتاء، وقال لي: اتفضل إلبس عندك زيارة، وفي مكتب الزيارة قابلتني (مها) بابتسامة ودودة، فتناولت يدها وقبلتها وأنا أقول: (الله يكرم أصلك، انتي ست بمليون راجل، فقالت وهي تضحك: وإنت راجل بمليون ست).!
وفاة عبدالناصر
مع وفاة (جمال عبدالناصر) انفرجت الأمور قليلا، وعندما تولي الرئيس (محمد أنور السادات) أطلق سراح كل (شلة المشير عبدالحكيم عامر) من السجون وحصلوا علي جوازات سفر دبلوماسيه، وبعد خروجه من السجن عمل (علي شفيق) كتاجر سلاح عالمي في لندن، وفي عام 1977 تلقت (مها صبرى) عرضا مغريا للغناء في أحد ملاهي لندن.
عادل حموده يحكي النهاية
كتب الكاتب الكبير (عادل حموده) تفاصيل نهاية (علي شفيق) فقال: الخامس من يوليو عام 1977 يوم ثلاثاء عادي، لم يكن ينذر بأي جديد في العاصمة البريطانية لندن، لولا البلاغ الذي تلقته شرطة (اسكتلانديارد) يفيد بالعثور على جثة في شقة مؤجرة مفروشة في شارع (هارلي ستريت) في لندن.
وعندما وصلت الشرطة إلى موقع الحادث وجدت الشقة مقلوبة رأسا على عقب، وكانت رأس القتيل مهشمة، والدماء تغطي وجهه، ومخه إلى جواره على البلاط، كانت الجثة لرجل يرتدي البدلة كاملة ومازالت في يده حقيبة، تم فتحها فوجدوا فيها مبلغا كبيرا جدا مليون جنيه استرليني عدا ونقدا.
فشل أبرع ضباط (اسكتلانديارد) في التعرف على القاتل، لكنهم توصلوا إلى هوية القتيل، لم يكن سوى العقيد (علي شفيق) مدير مكتب نائب الرئيس والقائد العام للقوات المسلحة المصرية سابقا المشير (عبد الحكيم عامر).
ويبدو أنه كان من الصعب الإلقاء بالضحية من الشباك أو الشرفة، لأنه كان ثقيل الوزن شديد البدانة، فاكتفى الجاني – أو الجناة ـ بضربه على رأسه بآلة حادة فجرت شرايين النزيف حتى فارق الحياة، وظل ملقى على أرض الحجرة في الشقة المفروشة لمدة عشرة أيام.
ولم يتم اكتشاف الجريمة إلا بعد أن فاحت رائحة عفنة من شقته في شارع (هارلي) المتفرع من شارع (أكسفورد)، ويعرف ذلك الشارع الجانبي بشارع الأطباء، ففيه عيادات مشاهير الأطباء البريطانيين في مختلف التخصصات.
تبين من التحقيقات أن الجريمة وقعت ليلا، في وقت كانت فيه حفلة صاخبة في أكثر من شقة بالعمارة، وأغلب الظن أن هذه الضجة كانت متعمدة كي لا يسمع أحد صراخه وهو يموت بتلك الطريقة البشعة.
المبلغ المالي الضخم الذي عثروا عليه بجوار القتيل بعث رسالة واضحة للجميع، مفادها أن هدف القتل لم يكن السرقة، كانت مجرد تصفية حسابات داخلية في إحدى شبكات السلاح، كأنهم يقولون في رسالة دموية: إن المال لا يهم، المهم عدم تجاوز الخطوط الحمراء لاقتناص المزيد من المال والصفقات على حساب أحد الكبار في سوق تجارة الموت.
وهو ما فعله (علي شفيق) فقد باع سرا صفقة سلاح لفصيل من الفصائل اللبنانية وتصور أن لا أحد سيعرف بما فعل، وأنه سينجو بفعلته، لكن صدرت الأوامر لاثنين من أقرب أصدقائه في الشبكة أن يذهبا إليه ويتناولا كأسا ثم يتخلصا منه، وهو ما كان، وبالرغم من أن الجريمة وقعت على أرض بريطانية، فإن شرطة (اسكتلانديارد) لم تجد في الجريمة ما يغري بمواصلة التحقيق فيها، فأغلقت الملف وقيدتها ضد مجهول.
وعندما وصل الخبر إلى (مها صبري) تساقطت دموعها وهى لا تصدق أن (علي شفيق) قد مات داخل شقته كما تؤكد وكالات الأنباء، استلقت على أقرب كنبة بجوارها وراحت تتمتم ودموعها تلمع فوق وجهها (حسبي الله ونعم الوكيل)!
وبهذا تكون انتهت قصة غرام واحدة من أشهر قصص الحب التى ربطت بين السياسة والفن.!